بسم الله الرحمن الرحيم

دير الأباة تحت حصار الطغاة والبغاة

بيان صادر عن الحكومة السورية المؤقتة

يرزح أكثر من مائة وثمانين ألفاً من أبناء دير الزور في مساحة لا تتجاوز الأربعة كيلو مترات مربعة تحت حصار خانق يفرضه تنظيم الدولة الإسلامية منذ عام كامل، ويعانون ظروفاً يندى لها جبين الإنسانية؛ إذ لا تتوفر الكهرباء منذ أكثر من تسعة أشهر، وتنعدم الخدمات الصحية التي ينوء بحمل عبئها مشفى واحد بإمكانيات متواضعة، وقد توقفت الأفران عن تقديم مادة الخبز ما عدا واحداً منها لا يكفي لتزويد المحاصرين بالحد الأدنى الكافي للاستمرار في الحياة بعد أن أوقف النظام تزويد هذه الأفران بالوقود.

قضى عشرات المحاصرين من أطفال وشيوخ ونساء نحبهم نتيجة الحصار، وأعيت السبل من يقفون على حافة الموت وهم يحاولون النجاة بأنفسهم وأطفالهم من مصيرهم المحتوم.

يتآزر في فرض الحياة الشبيهة بالجحيم على المحاصرين تنظيم داعش الذي يريد إجبار قاطني هذه الأحياء على الخروج منها ونظام الأسد المجرم الذي يمنع إيصال المواد الإغاثية عن طريق مطار دير الزور الذي يسيطر عليه. ولكن نظام العصابة المجرمة وجرياً على عادته في ابتزاز السوريين على مدى عقود حكمه يفرض على من يريد الخروج من هذا السجن مبالغ طائلة تصل إلى مليون ليرة لمن يريد الخروج جواً ونصف مليون ليرة لمن يرغب بالخروج براً.

وهذا السبيل الأخير عبر البر يلقي بمن ينتهجه إما إلى الموت على يد داعش، أو إلى فرض الخضوع لإرادة التنظيم الظلامي باتباع دورة شرعية يقرّ فيها بتوبة عن مروق لم يرتكبه، وكفر لم يخالط عقله ووجدانه. قدمت دير الزور منذ اندلاع الثورة خيرة أبنائها قرابين على مذبح الحرية، وصدح ثوارها بشعارات الثورة السورية بأعلى أصواتهم بدون وجل، وغيّبوا في غياهب زنازين الجلادين بدون أن يفتّ كلّ ذلك في عضدهم أو يثني من عزائمهم. إن دير الزور التي عانت طوال عقود حكم نظام الأسد إهمالاً متعمداً يعرف أبناؤها معرفة عميقة معنى الظلم، ويعرفون بما يملكون من أصالة عربية معنى الشهامة والنخوة، ولهذا لم يترددوا في الانخراط في الثورة المباركة منذ أن طلب أبناء درعا الفزعة واستصرخوا ضمائر السوريين.

إن الظلم المركب الذي تعانيه اليوم، والإهمال من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام خروج عن أبسط معايير الإنسانية، وانحراف عن أوضح القيم الأخلاقية.

تناشد الحكومة السورية المؤقتة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية وكلّ ذي ضمير حي في العالم أن يهبوا -اليوم وليس غداً-لرفع الحصار الظالم عن أبناء دير الزور واجتراح السبل الممكنة لإدخال المواد الإغاثية إليها. إن من أبلوا أحسن البلاء في مواجهة الاستبداد، وكانت أرضهم مصدر الخيرات إلى كل أرجاء سوريا يساكنهم اليوم شبح الموت جوعا ومرضاً، وتحلق في سمائهم أسراب النظام وحلفائه فتتقاذفهم أنواع الموت كلها بلا رحمة ولا شفقة. سيظل أبناء الفرات مؤمنين بربهم وبالقيم الإنسانية النبيلة مهما حاولت قوى الظلام والاستبداد والمضربون صفحاً عن معاناتهم أن يجعلوهم يكفرون بها، وستنكشف غمتهم بمشيئة الله الذي نادوا باسمه بشعارهم الأثير منذ انطلاق ثورتهم " يا الله ما لنا غيرك يا الله" دير الزور لك المجد والحياة، والخزي والعار لكل من يحاصرك ولكل من لا يبادر لتخفيف معاناة أبنائك.

الخلود لشهدائنا والحرية لمعتقلينا والنصر لقضية شعبنا .

رئيس الحكومة السورية المؤقتة

د.أحمد طعمة الخضر