الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.

تعليق من مجموعة الضغط الوطني على وثيقة (الأخوة الإنسانية) التي وقعت من قبل بابا الكنيسة الكاثوليكيه وشيخ الأزهر

وثيقة وتعليق:

------------

1- نص وثيقة (الأخوة الإنسانية) التي وقعت من قبل بابا الكنيسة الكاثوليكيه وشيخ الأزهر:

باسم الله الذي خلق البشر جميعا متساوين في الحقوق والواجبات والكرامة، ودعاهم للعيش كإخوة فيما بينهم ليعمروا الأرض، وينشروا فيها قيم الخير والمحبة والسلام.

باسم النفس البشرية الطاهرة التي حرم الله إزهاقها، وأخبر أنه من جنى على نفس واحدة فكأنه جنى على البشرية جمعاء، ومن أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا.

باسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والمهمشين الذين أمر الله بالإحسان إليهم ومد يد العون للتخفيف عنهم، فرضا على كل إنسان لا سيما كل مقتدر وميسور.

باسم الأيتام والأرامل، والمهجرين والنازحين من ديارهم وأوطانهم، وكل ضحايا الحروب والاضطهاد والظلم، والمستضعفين والخائفين والأسرى والمعذبين في الأرض، دون إقصاء أو تمييز.

باسم الشعوب التي فقدت الأمن والسلام والتعايش، وحل بها الدمار والخراب والتناحر.

باسم "الأخوة الإنسانية" التي تجمع البشر جميعا، وتوحدهم وتسوي بينهم.

باسم تلك الأخوة التي أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة، التي تعبث بمصائر الشعوب ومقدراتهم، وأنظمة التربح الأعمى، والتوجهات الأيدلوجية البغيضة.

باسم الحرية التي وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم بها.

باسم العدل والرحمة، أساس الملك وجوهر الصلاح.

باسم كل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، في كل بقاع المسكونة.

باسم الله وباسم كل ما سبق، يعلن الأزهر الشريف - ومن حوله المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها - والكنيسة الكاثوليكية - ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب - تبني ثقافة الحوار دربا، والتعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا.

إننا نحن - المؤمنين بالله وبلقائه وبحسابه - ومن منطلق مسؤوليتنا الدينية والأدبية، وعبر هذه الوثيقة، نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليا من حروب وصراعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي.

ونتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان.

إن هذا الإعلان الذي يأتي انطلاقا من تأمل عميق لواقع عالمنا المعاصر وتقدير نجاحاته ومعايشة آلامه ومآسيه وكوارثه - ليؤمن إيمانا جازما بأن أهم أسباب أزمة العالم اليوم يعود إلى تغييب الضمير الإنساني وإقصاء الأخلاق الدينية، وكذلك استدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية، التي تؤله الإنسان، وتضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا والمتسامية.

إننا، وإن كنا نقدر الجوانب الإيجابية التي حققتها حضارتنا الحديثة في مجال العلم والتقنية والطب والصناعة والرفاهية، وبخاصة في الدول المتقدمة، فإنا - مع ذلك - نسجل أن هذه القفزات التاريخية الكبرى والمحمودة تراجعت معها الأخلاق الضابطة للتصرفات الدولية، وتراجعت القيم الروحية والشعور بالمسؤولية؛ مما أسهم في نشر شعور عام بالإحباط والعزلة واليأس، ودفع الكثيرين إلى الانخراط إما في دوامة التطرف الإلحادي واللاديني، وإما في دوامة التطرف الديني والتشدد والتعصب الأعمى، كما دفع البعض إلى تبني أشكال من الإدمان والتدمير الذاتي والجماعي.

إن التاريخ يؤكد أن التطرف الديني والقومي والتعصب قد أثمر في العالم، سواء في الغرب أو الشرق، ما يمكن أن نطلق عليه بوادر "حرب عالمية ثالثة على أجزاء"، بدأت تكشف عن وجهها القبيح في كثير من الأماكن، وعن أوضاع مأساوية لا يعرف - على وجه الدقة - عدد من خلفتهم من قتلى وأرامل وثكالى وأيتام، وهناك أماكن أخرى يجري إعدادها لمزيد من الانفجار وتكديس السلاح وجلب الذخائر، في وضع عالمي تسيطر عليه الضبابية وخيبة الأمل والخوف من المستقبل، وتتحكم فيه المصالح المادية الضيقة.

ونشدد أيضا على أن الأزمات السياسية الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعية - التي يستأثر بها قلة من الأثرياء ويحرم منها السواد الأعظم من شعوب الأرض – قد أنتج وينتج أعدادا هائلة من المرضى والمعوزين والموتى، وأزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول، برغم ما تزخر به تلك البلاد من كنوز وثروات، وما تملكه من سواعد قوية وشباب واعد.

وأمام هذه الأزمات التي تجعل ملايين الأطفال يموتون جوعا، وتتحول أجسادهم - من شدة الفقر والجوع - إلى ما يشبه الهياكل العظمية البالية، يسود صمت عالمي غير مقبول.

وهنا تظهر ضرورة الأسرة كنواة لا غنى عنها للمجتمع وللبشرية، لإنجاب الأبناء وتربيتهم وتعليمهم وتحصينهم بالأخلاق وبالرعاية الأسرية، فمهاجمة المؤسسة الأسرية والتقليل منها والتشكيك في أهمية دورها هو من أخطر أمراض عصرنا.

إننا نؤكد أيضا على أهمية إيقاظ الحس الديني والحاجة لبعثه مجددا في نفوس الأجيال الجديدة عن طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره.

إن هدف الأديان الأول والأهم هو الإيمان بالله وعبادته، وحث جميع البشر على الإيمان بأن هذا الكون يعتمد على إله يحكمه، هو الخالق الذي أوجدنا بحكمة إلهية، وأعطانا هبة الحياة لنحافظ عليها، هبة لا يحق لأي إنسان أن ينزعها أو يهددها أو يتصرف بها كما يشاء، بل على الجميع المحافظة عليها منذ بدايتها وحتى نهايتها الطبيعية؛ لذا ندين كل الممارسات التي تهدد الحياة؛ كالإبادة الجماعية، والعمليات الإرهابية، والتهجير القسري، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، والإجهاض، وما يطلق عليه الموت /اللا/ رحيم، والسياسات التي تشجعها.

كما نعلن - وبحزم - أن الأديان لم تكن أبدا بريدا للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية و العداء و التعصب، أو مثيرة للعنف وإراقة الدماء، فهذه المآسي حصيلة الانحراف عن التعاليم الدينية، ونتيجة استغلال الأديان في السياسة، وكذا تأويلات طائفة من رجالات الدين - في بعض مراحل التاريخ - ممن وظف بعضهم الشعور الديني لدفع الناس للإتيان بما لا علاقة له بصحيح الدين، من أجل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية دنيوية ضيقة؛ لذا فنحن نطالب الجميع بوقف استخدام الأديان في تأجيج الكراهية والعنف والتطرف والتعصب الأعمى، والكف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش؛ لإيماننا المشترك بأن الله لم يخلق الناس ليقتلوا أو ليتقاتلوا أو يعذبوا أو يضيق عليهم في حياتهم ومعاشهم، وأنه - عز وجل - في غنى عمن يدافع عنه أو يرهب الآخرين باسمه.

إن هذه الوثيقة، إذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى أهمية دور الأديان في بناء السلام العالمي، فإنها تؤكد الآتي: - القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وتكريس الحكمة والعدل والإحسان، وإيقاظ نزعة التدين لدى النشء والشباب؛ لحماية الأجيال الجديدة من سيطرة الفكر المادي، ومن خطر سياسات التربح الأعمى واللامبالاة القائمة على قانون القوة لا على قوة القانون.

- أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.

- أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها.

- أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.

- أن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.

- أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.

- أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛ لذا يجب وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامي لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالميين، ويجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره.

- أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا، والتخلي عن الاستخدام الإقصائي لمصطلح "الأقليات" الذي يحمل في طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر على استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية، ويؤدي إلى ممارسة التمييز ضدهم.

- أن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛ فبإمكان الغرب أن يجد في حضارة الشرق ما يعالج به بعض أمراضه الروحية والدينية التي نتجت عن طغيان الجانب المادي، كما بإمكان الشرق أن يجد في حضارة الغرب كثيرا مما يساعد على انتشاله من حالات الضعف والفرقة والصراع والتراجع العلمي والتقني والثقافي. ومن المهم التأكيد على ضرورة الانتباه للفوارق الدينية والثقافية والتاريخية التي تدخل عنصرا أساسيا في تكوين شخصية الإنسان الشرقي، وثقافته وحضارته، والتأكيد على أهمية العمل على ترسيخ الحقوق الإنسانية العامة المشتركة، بما يسهم في ضمان حياة كريمة لجميع البشر في الشرق والغرب بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين.

- أن الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها، ويجب حمايتها أيضا من الاستغلال الجنسي ومن معاملتها كسلعة أو كأداة للتمتع والتربح؛ لذا يجب وقف كل الممارسات اللاإنسانية والعادات المبتذلة لكرامة المرأة، والعمل على تعديل التشريعات التي تحول دون حصول النساء على كامل حقوقهن.

- أن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان، وأن تدان أية ممارسة تنال من كرامتهم أو تخل بحقوقهم، وكذلك ضرورة الانتباه إلى ما يتعرضون له من مخاطر - خاصة في البيئة الرقمية - وتجريم المتاجرة بطفولتهم البريئة، أو انتهاكها بأي صورة من الصور.

- أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم.

وفي سبيل ذلك، ومن خلال التعاون المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف، نعلن ونتعهد أننا سنعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صناع القرار العالمي، والقيادات المؤثرة ورجال الدين في العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأي، وأن نسعى لنشر ما جاء بها من مبادئ على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وأن ندعو إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية، ومناهج تعليمية ومواد إعلامية.

كما نطالب بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث وتأمل في جميع المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية؛ لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين والمظلومين والبؤساء في كل مكان.

ختاما: لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة لتكن وثيقتنا نداء لكل ضمير حي ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التي تدعو لها الأديان وتشجع عليها؛ لتكن وثيقتنا شهادة لعظمة الإيمان بالله الذي يوحد القلوب المتفرقة ويسمو بالإنسان لتكن رمزا للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتعايش كإخوة متحابين.

هذا ما نأمله ونسعى إلى تحقيقه بغية الوصول إلى سلام عالمي ينعم به الجميع في هذه الحياة.

أبو ظبي، 4 فبراير 2019

شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب

قداسة البابا فرنسيس

2- التعليق:

من حيث المبدأ لا أرفض هذه الوثيقة بل أؤيدها وأشجع صدور وثائق مماثلة لها، لكم لا بد من نقدها بموضوعية ووضعها في موضعها المحدد، بما يساعد على تخفيض سلبياتها، وتعظيم إيجابياتها:

أ- تأتي هذه الوثيقة بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر أنعكاسا لموقف الدين من الصراع العالمي المتصاعد بين ( مصالح أنظمة الدول الامبريالية الغربية والعالمية التي تحتكر أسلحة الدمار الشامل والتكنولوجيا والعلم وريثة النظم الاستعمارية والتنافس الشديد فيما بينها للحفاظ على هيمنتها على دول العالم وشعوبه واستغلال موارد البشرية الطبيعية والإنسانية قاطبة لصالح الطبقة السائدة في هذه أنظمة هذه الدول من أصحاب أصحاب أسهم الاحتكارات العالمية بوحشية غير مسبوقة من قبل عبر كل العصور التي عرفتها المجتمعات البشرية، وبين (مصالح شعوب العالم ودوله النامية المضطدة الفقيرة الواقعة تحت وطأة الاستغلال والتي تناضل في سبيل عالم متعدد الأقطاب، وتغيير العلاقات الدولية الراهنة القائمة على مبدأ القوة والتهديد الدائم بإبادة كل من يناهضها، وتدميره فيما إذا فكر في الخلاص من هيمنة الدول الامبريالية )، ففي هذا الصراع تكمن الأسباب الجوهرية لأزمة العالم اليوم والتي هي استمرار لأزمات القرن القرن العشرين الذي شهد حربين عالمتيين ذهب ضحيتهما عشرات الملايين من البشر وأخرقت موارد ومنتجات سلعية وخدمية لا تقدربثمن، وليس فيما تدعيه الخلطة المثالية في الوثيقة التي تضلل البشرية من خلال إخفاء أسباب الصراع لتبرئ أنظمة الدول الامبريالية بالقول: " إن أهم أسباب أزمة العالم اليوم يعود إلى تغييب الضمير الإنساني وإقصاء الأخلاق الدينية، وكذلك استدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية، التي تؤله الإنسان، وتضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا والمتسامية". واصحاب الوثيقة يستهدفون بوعي تام تضليل الطرف المستغَل المظلوم لأن الطرف المستغِل الظالم يعرف هذه المواعظ الدينية والأخلاقية، وتخطاها، وحول المؤسسات الدينية إلى ذيل له مسخر لخدمة مصلحه منذ نهاية القرن الثامن عشر، وزاد في القرن العشرين في إخضاع المؤسسات الدينية لخدمته من خلال التدخل المباشر في الحياة الداخلية لهه المؤسسات والهيمنة عليها.

ب- إن عالم اليوم تحكمه وتهيمن عليه أنظمة الدول الامبريالية بكل مؤسساتها المادية وغير المادية، ولا يحكمه : قلة من الأفراد الأثرياء الذين يستأثرن بالثروة والسعادة، ويحرمون منهما " السواد الأعظم من شعوب الأرض – قد أنتج وينتج أعدادا هائلة من المرضى والمعوزين والموتى، وأزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول، برغم ما تزخر به تلك البلاد من كنوز وثروات، وما تملكه من سواعد قوية وشباب واعد". كما تدعي الوثيقة.

ج- الدين ليس إلا بديلا وهميا للأنظمة الدول الامبريالية المهيمنة على العالم، لذلك لا حاجة إلى أن تؤكد الوثيقة: " على أهمية إيقاظ الحس الديني والحاجة لبعثه مجددا في نفوس الأجيال الجديدة عن طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره" فكثير من الناس المظلومين المضطهدين يميلون إلى مضمون النزعة الدينية والبديل الديني التي ينطوي عليه محتوى المقبوس، حين ييأسون من اتحادهم ورسم طريق خلاصهم من الظلم والاضهاد، فإما يستسلمون وينتظرون عدالة يوم القيامة، وإما يتطرفون.

د- إن الأنظمة الامبريالية نفسها، والأنظمة التابعة لها بعامة، وفي أمريكا ومصر والهند كنماذج مدروسة، بخاصة، ومن قبل باحثين أمريكيين، تم تعيينهم في مراكز بحثية متخصصة ( ينظر: سكوت هيبارت: السياسة الدينية والدولة العلمانية مصر والهند والولايات المتحدة الأمريكية. ترجمة: الأميرسامح كريم، سلسلة عالم المعرفة، العدد 314، يونيو، الكويت 2014). هي التي عملت علنا منذ سبعينات القرن الماضي على ما في نص الوثيقة من: " استخدام الأديان في تأجيج الكراهية والعنف والتطرف والتعصب الأعمى" وهي التي لم تكف: " عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش" وهي التي ليس في مصلحة بقاء ديمومتهاالإيمان" المشترك بأن الله لم يخلق الناس ليقتلوا أو ليتقاتلوا أو يعذبوا أو يضيق عليهم في حياتهم ومعاشهم، وأنه - عز وجل - في غنى عمن يدافع عنه أو يرهب الآخرين باسمه".

ه- استمدت الوثيقة كثيرا من بنودها من نصوص إعلان حقوق الإنسان، والاتفاقات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، التي ترعاها الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية، وهي بمثابة قرارات شرعية دولية ملزمة، ولها ملحقات تنفيذية مرشدة، ويتم تقديم تقارير دورية دائمة من الدول الموقعة عليها. وقد ناضلت الدول النامية والدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق، ومنظمات المجتمع المدني، والمفكرين والفنانين والمثقفين والأدباء طوال عقود للتوصل إليها وإقرارها .. ووافقت عليها أنظمة الدول الامبريالية ولكن لتتخذ منها ما يعزز هيمنها على العالم، وإن تعذر عليها الهيمنة على منظمات الأمم المتحدة، فإنها تتصرف خارج إرادة المجتمع وقرارات الشرعيةالدولية غير آبهة بها لتحقيق هيمنتها، وهي تهدد في كل ساعة بالانسحاب من المنظمات الأممية ووقف الدعم لها، وقد انسحبت من بعض المنظمات كاليونسكو وحقوق الإنسان وغيرها، كما خفضت دعمها للأمم المتحدة.. أي: إن الوثيقة لم تأت بأي جديد في ها المجال، إنما اعتمدت عليه لتعيم الوثيقة ونشرها ، بهدف الاعتراف بها، وإدراجها في وثائق الشرعية الدولية المنجزة، دون أن تضيف قيمة إنسانية جديدة واحدة لا دينية ولا دنيوية ولا نقدية. بمالا يؤشر إلى عجز المؤسسات الدينية المزمن عن تقديم حلول موضوعية للخلاص من الأزمات الراهنة على كل المستويات العالمية والإقليمية والداخلية.

وعليه، تعتبر هذه وثيقة دينية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى - لا علاقة لها بالعلمانية بمعناها الإنساني العام الذي تجسد إلى حد كبير في مبادئ منظمة الأمم المتحدة، واتفاقاتها الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان والشعوب - تعلن من خلالها مؤسستان رسميتان دينيتان موقفا دينا واحدا يخدم مصلحة بقاء كل منهما وديموته نظرا إلى حاجته في خدمة االأنظمة العالمية المهيمنة. بصرف النظر عما انطوت عليه الوثيقة من تجديد الدعوة إلى اتباع القيم والسلوكيات الإيجابية المؤثرة في المتديين على مستوى الحياة اليومية المعيشية على أرض الواقع لترسيخ السلام والأمن المجتمعي من خلال العلاقات البينية بينهم.

المعلومات الأساسية

تاريخ الصدور

2019/02/08

اللغة

العربية

نوع الوثيقة

بيان

البلد المستهدف

سوريةالفاتيكانمصر

كود الذاكرة السورية

SMI/A200/594478

العنوان الأصلي للوثيقة

وثيقة وتعليق على وثيقة (الأخوة الإنسانية) التي وقعت من قبل بابا الكنيسة الكاثوليكيه وشيخ الأزهر

كيانات متعلقة

شخصيات مرتبطة

يوميات مرتبطة

لايوجد معلومات حالية

درجة الموثوقية:

الوثيقة

  • صحيحة
  • غير صحيحة
  • لم يتم التأكد من صحتها
  • غير محدد