الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تحرير رأس العين والصراع العسكري هناك

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:26:04

رأس العين-الجغرافيا والتاريخ:

نتحدث اليوم عن رأس العين، أول منطقة تحرر في محافظة الحسكة. ورأس العين لها أهمية استراتيجية، وأهمية جغرافية، ولها أهمية تاريخية كبيرة. ورأس العين تمتد في عمقها التاريخي حتى الألف الرابع قبل الميلاد، بجوارها مدينة تل حلف الشهيرة التي تحدث عنها الكثير من المستشرقين في مؤلفاتهم والتي بقيت مهمة. وعندما تذهب وتزور قسم تل حلف في[متحف] اللوفر الفرنسي تتفاجأ، وأنت تدخل مدينة تل حلف: وهي كوم حجارة وبعض المواقع[الأثرية] التي يقوم مستكشفون أجانب في التنقيب فيها، دون أن يكون هناك أي [نشاط] إعلامي لإبراز هذا التاريخ في المدينة. ومن جهة أخرى أيضاً: رأس العين كانت تنفع أن تكون مدينة سياحية يقصدها الناس من كل مكان؛ غنية بمياهها الكبريتية المتوفر فيها مواد معالجة أكثر من مياه تشيكوسلوفاكيا التي يقصدها الناس من كل أصقاع الأرض. وبقيت مدينة مهملة تطفو على بحر من الماء. رأس العين كلها آبار تدفق ذاتي، تنفجر المياه فيها: عين الكبريت، وعين بأنوس، وعين الحصان. وبقي أهلها رغم هذه الأهمية وهذه الثروات والخيرات الموجودة فيها في حالة صعبة.

تحرير رأس العين:

في الثامن من آب عام 2012 تصحو رأس العين، المدينة الغافية على بحر من الماء والثروات الدفينة، على عربات الجيش الحر القادمة لتحريرها، بعد عقود طويلة، خمسين سنة، من التهميش والإهمال. والمجلس العسكري في محافظة الحسكة كان طرفاً أساسياً مشاركاً في عمليات تحرير رأس العين، إضافة إلى أبناء المحافظة المنضوين في الكتائب والفصائل التي أسسها الجيش الحر لمقاومة النظام وحماية مناطقهم وحماية المدنيين في المظاهرات السلمية. إضافة إلى أنه تطوع الكثيرون في المجلس العسكري بدافع الحمية والنخوة؛ من أجل تحرير مناطقهم من بطش النظام. وكتائب أخرى أساسية قدمت إلى رأس العين مثل: "أحفاد الرسول"، و"غرباء الشام"، والمجلس العسكري في تل أبيض، وبعض القوى في الجيش الحر من منبج؛ المدينتين الأقرب إلى رأس العين. وبدأت عملية التحرير في الثامن من آب عام 2012 من موقعي أصفر ونجار، والمربع الأمني في قلب المدينة. وخلال ذلك استبسل الجيش الحر، وما هي إلا ساعات حتى اندحر النظام. وكان يوجد ضباط مهمين لنظام الأسد تحديداً في رأس العين، وخلال ذلك، وبعد معارك حامية الوطيس وحصارهم، وكانت النية القبض عليهم؛ من أجل مبادلة أسرى مع معتقلين من ضباط الجيش الحر، أو المدنيين، أو النساء والأطفال المعتقلين عند النظام. مع الأسف الشديد بتواطؤ من الـ "بي واي دي" فتحوا ثغرة خلال ذلك، وأمنوا هروب ضباط النظام من المواقع التي كانوا محاصرين فيها. وأنجزت عملية التحرير وبسطت قوى الثورة يدها على رأس العين. ولم يبق للنظام أي قوات رسمية فيها، ولكن وبشكل آخر، بقي النظام موجوداً من خلال مليشيات" بي واي دي" التابعة لـحزب العمال الكردستاني.

خريطة التحالفات بين الأحزاب "الكردية":

وكان هناك تحالف وثيق بين الطرفين، إن لم يكن تبعية مطلقة ومباشرة من ميليشيات حزب العمال الكردستاني وممثله بالـ "بي واي دي" والـ "يي بي جي" لنظام الأسد، وكان يوجد تمكين لهم: النظام يقدم لهم السلاح والأموال، ويحاول أن يدعمهم في المناطق التي يريد أن ينسحب منها، ولكن لا يتركها للجيش الحر، وكان يستخدم هذه المليشيات في هذه المناطق، ومن ذلك موقع تل عدس وموقع تل بيدر القريبة من تل تمر ورأس العين. وبعد تحرير رأس العين، أعطاهم النظام تل بيدر بكامل التجهيزات التي كانت موجودة فيه، كما أعطاهم تل عدس القريبة من رميلان، ويوجد فيها خزانات النفط، وفيها مبالغ هائلة: فيها ما لا يقل عن ربع مليار دولار، كانت موجودة في خزانات تل عدس، وأجرى معهم عقود حراسة، وتركها في يدهم. وانسحب النظام من هذه المنطقة، ومكنهم منها، مثل أي ميليشيا من مليشيات الشبيحة التي شكلها، كانت الـ "بي واي دي" تقوم بدور وظيفي لصالح النظام في هذه المناطق؛ لمواجهة قوات الثورة بشكل عام. وباتجاه آخر، ومع الأسف الشديد، المعارضة قصرت كثيراً في إدراك أهمية هذه المناطق. لو التفتت المعارضة في ذلك الوقت- وكان المجلس الوطني قائم، وفي بدايات تشكيل الائتلاف- إلى المنطقة الشرقية لكفتهم ثروات هذه المنطقة النفطية عن كل الدعم الذي تستجديه المعارضة من دول أخرى لدعم مؤسسات الثورة. النفط الذي كان موجوداً في تل عدس لوحدها لا يقل عن ربع مليار دولار. في الوقت الذي كانت التدخلات من خلال التمويل تعيق حركة قوى الثورة لارتباطها بهذه الأدوات، حاجة الجيش الحر إلى ما يكفي من السلاح؛ ليقاوم فيه النظام. هناك فرق هائل جداً في: العتاد، والعدة، والتجهيزات، بمقابل الدعم المطلق الذي كانت تقوم به روسيا وإيران لنظام الأسد.

خارطة القوى في رأس العين:

تحررت رأس العين ولم يبق فيها شخص من النظام. إلا أن دوريات الـ "بي واي دي" كانت منتشرة ومتكررة، وكانت استفزازية. وكان هناك وعي عند المجلس العسكري في الحسكة؛ حيث يحاولون تحاشي الصدام المباشر معهم. وبقوا كذلك، فترى الجيش الحر منتشر في المنطقة، ومليشيات" بي واي دي" منتشرة في المنطقة أيضاً. إضافة إلى قناصيهم، كانوا يتمركزون في أعلى الأبنية، وكانت القناصات المتوفرة لديهم تغطي كل المناطق. وحصلت أكثر من عملية لاستهداف بعض عناصر الجيش الحر، وحصلت أيضاً أكثر من عملية لاستهداف المدنيين من العوائل النازحة من دير الزور، وعدد من المدنيين الذين كانوا موجودين في هذه المنطقة. كان القناص يستهدفهم بشكل متكرر، وكانت هذه العمليات توشك أن تصل إلى حالة حرب بين الطرفين، كانت ذروتها عندما تعرضوا لدورية من دوريات الجيش الحر، وقتلوا ثمانية من عناصر الجيش الحر؛ خلال ذلك بدأ الجيش الحر بإعلان النفير، وبدأ بالتصدي لهم، ونشبت معركة بين الطرفين، وأسر الجيش الحر عدداً من مقاتليهم. وكانت مصورة على "اليوتيوب"، لا تزال هذه الصور[موجودة]، المقاتلون ليسوا سوريين مع الـ " بي واي دي"، والقناصة ليسوا سوريين، يوجد نساء منهم قادمات من تركيا، ويوجد مقطع فيديو. تأكدت وتحققت- بصفتي قانونياً -من هوية الأشخاص الذين كانوا موجودين أسرى خلال ذلك: أحدهم كان قادماً من إيران، وأجروا معه مقابلة، كان قيادياً موجوداً. ودخلت وساطات اجتماعية، ووساطات من أبناء المنطقة، وطلبات من المعارضة من أجل الاتفاق معهم. وكان يوجد شيء من التواطؤ خلال ذلك: جبهة النصرة -لم تكن "داعش" منفصلة عنها- كانت تضغط باتجاه الاتفاق على هدنة وتسليم الأسرى. وبالفعل ما حصل: لم يسلم الأسرى مقابل نساء معتقلات، أو قياديين في قوى الثورة لدى نظام الأسد أو عند الـ " بي واي دي" الذي هو حليفهم؛ كانت مقابل خروج كامل قيادات "حزب العمال الكردستاني" من المنطقة، وكامل عناصر حزب العمال الكردستاني من المنطقة، وعدم التعرض للجيش الحر. و في ذات الاتفاقية التي سميت هدنة كان يوجد بند، يتضمن أن تكف" بي واي دي" عن الارتباط مع النظام، وتفصل علاقتها مع النظام، وتنحاز إلى الثورة، إلى الشعب السوري.

تفاصيل الهدنة بين المتنازعين في رأس العين:

حصلت الهدنة مرتين: الهدنة الأولى التي تم فيها إخراج الأسرى الذين كان بعضهم من خارج الحدود أيضاً، غير سوريين، من قنديل، يقاتلون مع الـ " بي واي دي"، ويقودونهم أيضاً. والاتفاقية الثانية التي حصلت فيما بعد في وقت متأخر، بعد أن خرجنا من رأس العين، كانت أكثر من هدنة: كانت اتفاقية مصالحة بين الطرفين. وهذه الاتفاقية في التاسع والعشرين من كانون ثان 2013، نعم، هذا التاريخ الذي عقدت فيه اتفاقيه المصالحة ما بين جبهة النصرة بشكل فعلي- وكانت داعش ضمنها - وبين الـ " بي واي دي"، كفرع وذراع لحزب العمال الكردستاني. وهذا الاتفاق كان المجلس العسكري طرفاً [صورياً] فيه تم ممارسة كل الضغط على العقيد حسن العبد الله؛ حتى يرضخ لهذا الاتفاق، وكان يقض هذا الاتفاق بخروج كامل عناصر وقيادات وقوى الجيش الحر من رأس العين، والإبقاء على طرفين فقط: جبهة النصرة والـ " بي واي دي"، وتقاسم الإدارة المدنية في رأس العين بين الطرفين. هذا أول اتفاق سياسي، عسكري، خدمي، أمني، كان عبارة عن مصالحة ما بين:" جبهة النصرة" وبين الـ " بي واي دي"، كان في رأس العين، في نهاية عام 2012 [في بدايات 2013- الشاهد]. وبالفعل بدأت عناصر جبهة النصرة- الذين ثبت فيما بعد أنهم لا يزالون مع بعضهم البعض، منهم بقي في جبهة النصرة، ومنهم من ذهب مع داعش- بتصفية الجيش الحر وإخراجه. وبعض أبناء رأس العين المنضوين في الجيش الحر رفضوا المغادرة؛ تنفيذاً للاتفاق، وقالوا لهم: نحن موجودون في منازلنا! إلى أين سوف نغادر؟ يعني أخذت جبهة النصرة على عاتقها مهمة تصفية الجيش الحر، وإخراجه من رأس العين، و تبقى هي موجودة والـ " بي واي دي" موجودين كذلك. ووضعوا خارطة: أماكن تموضع كل منهم، وحواجز كل منهم؛ وكيفية تشكيل إدارة مدنية من الطرفين لإدارة شؤون المنطقة.

أبرز قياديي النصرة كان اسمه: أبو الليث، كان من المقاتلين الموجودين في العراق، وجاء إلى سوريا، وهو أبرز قياديي النصرة الذين كانوا موجودين خلال ذلك. طبعاً، هي ليست للاستشهاد أو الاستدلال، هو كردي سوري، والبعض كان يقول: إن هناك تعاطفاً بينه وبين الـ" بي واي دي" لأسباب عرقية قومية. رغم أن جبهة النصرة مفاهيمهم مختلفة، والبعض كان يقول لا، هو توجه من قيادة جبهة النصرة، وهو سلوك مرتب، وهم عندهم "براغماتية"(واقعية/انتهازية)، وهم أقرب إلى هذه المجموعات، وفي أكثر من مرة، وفي أكثر من موقعة، حصل تفاهم كبير فيما بينهم، وتشعر أحياناً أنهم يستهدفون الجيش الحر وقوى الثورة أكثر مما يستهدفون هذه التنظيمات، سواء كانت مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، أو مرتبطة بمليشيات إيرانية، يعني يوجد تجارب متعددة في هذا الإطار.

الموقف من الاتفاق:

طبعاً، كنا نرفض هذا الاتفاق. وكنت في رأس العين مع عدد من النخب في المحافظة، وكان لنا موانة(يستطيع أن يطلب منهم طلباً خاصاً دون أن يشعر بالحرج)على القوى الموجودة، وكان الشباب يحترمون رأينا خلال ذلك، ويسألوننا، وكنا نقول لهم، ونحذر من هذا الاتفاق وهو: إخراج الجيش الحر من رأس العين ؛ بالنتيجة هو إخراج للثورة، والنتائج غير مأمونة؛ لأننا نعرف أن هذه التفاهمات بين الطرفين ليست لمصلحة الثورة، وهي لاقتسام السلطة، والموارد، والنفوذ في المنطقة. وأجندات الطرفين مختلفة عن" أجندات" الثورة، وبالتالي فقدنا المنطقة بعد تضحية الشهداء الذين قضوا في هذه المنطقة من أبنائها، وأهلها أبعدوا عنها.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/24

الموضوع الرئیس

تسلح الثورةالانتهاكات في الحسكة

كود الشهادة

SMI/OH/3-27/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2012/01/01

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة الحسكة-منطقة رأس العين (سري كانيه)

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

جبهة النصرة - الحسكة

جبهة النصرة - الحسكة

المجلس العسكري الثوري في الحسكة

المجلس العسكري الثوري في الحسكة

الشهادات المرتبطة