نداء المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف..في ذكرى يوم الطفل
هل ستكتفون بالتفرج على أطفال سورية تقتل وتعذب وتعتقل وتهان؟ هل هذا هو دوركم في الدفاع عن حقوق الطفل وتطبيق اتفاقية حقوق الطفل؟
مع بدء الثورات والاحتجاجات في سورية والتي نتج عنها درجة كبيرة من العنف، فإن العديد من الأطفال يواجهون تحديات تتعلق بصحتهم وسلامتهم وأمنهم، إلا أنهم الآن في خطر أكبر بسبب الاحتجاجات والمواجهات التي تسود سورية والتي تحولت إلى جرائم ضد الإنسانية.
إن العنف الذي يمارسه النظام والأجهزة الأمنية في سورية ، أودى بحياة العديد من الأطفال، وحرم العديد منهم من احتياجاتهم الأساسية، حتى الآن قتل 50 طفلا على الأقل وجرح عدد لا يحصى، كما أن التقارير عن استخدام المفرط للقوة والعنف يبعث على القلق الشديد.
في سورية قام مجموعة من أطفال محافظة درعا، دون الرابعة عشرة، بالكتابة على بعض الجدران، ببراءة الطفولة المعروفة عبارة (الشعب يريد إسقاط النظام)، في مشهد تقليدي حاكوا به مشاهد الثورة في تونس ومصر وليبيا، واستوحوه من الفضائيات التي تبث أخبار الثورات التي لم تنقطع منذ مطلع العام..لم يكن يخطر على بالهم أبدًا، بأن هذه الشعارات المكتوبة بطفولية وعفوية ستقود لإشعال أكبر ثورة تشهدها سورية في العصر الحديث. حيث تم اعتقال هؤلاء الأطفال الأبرياء وقد سيقوا بعد كتابتهم لهذه العبارات إلى فرع الأمن السياسي (أمن الدولة) في محافظة درعا، ليجدوا أنفسهم وجهًا لوجه مع قوى أمنية عاملتهم معاملة المعارضين السياسيين حيث انتهكت طفولتهم وتعرضوا إلى أسوأ أنواع التعذيب.
وفي آخر الجرائم التي ارتكبها النظام بحق الطفولة، نجد الجريمة التي ارتكبت بحق الطفل حمزة الخطيب، و يوضح الفيديو المرفق الذي نشرته منظمات حقوق الإنسان مشهدا للشهيد حمزة على الخطيب والذي يبلغ من العمر 13 عاماً، و قتل في بلدة الجيزة بمحافظة درعا جنوبي سوريا إثر خروجه الجمعة لفك الحصار عن أبناء درعا فتم اعتقاله وتعذيبه بطرق بشعة. تظهر على جثمان الشهيد حمزة آثار الرصاص في ذراعه وصدره وفي بطنه، وكدمات في وجهه وفي قدميه كما يؤكد أقاربه إن الأجهزة قتلته بعد إن قطعت عضوه التناسلي وعذبته .
أن جريمة قتل الطفل حمزة بهذه الوحشية والتعذيب الفظيع الذي تعرض له قبل قتله أثار ما أثاره من أفعال وردات أفعال، فحتى ممن هم ضد هذه الممارسات الفظيعة.
وهناك الكثير من الأطفال الذين قتلوا على يد السلطات السورية خلال الشهرين الماضيين، بعضهم قضوا تحت التعذيب الشديد. وتراوحت أعمار هؤلاء الشهداء ما بين الخمس سنوات إلى السبعة عشر عاما.
وكان أول الأطفال الشهداء مؤمن منذر مسالمة البالغ من العمر 14 ربيعا، والذي سلم الروح بتاريخ 20-5-2011 نتيجة اختناقه بالغازات المسيلة للدموع.
ومن الحالات الأخرى الشهيد الطفل محمود القادري من ريف دمشق في دوما والبالغ من العمر اثني عشر ربيعا، والذي قتل بأربع رصاصات عندما خرج لشراء الخبز في الخامس والعشرين من نيسان الماضي.
بينما استشهد الطفل صالح أحمد الخطيب من الجيزة في درعا والبالغ من العمر 13سنة، بعد اختطافه في يوم مجزرة جسر صيدا بتاريخ 29-4-2011، حيث سلم لاحقا إلى عائلته جثة هامدة غطتها آثار التعذيب الشديد.
ووجد أحمد رضوان، 15 سنة، من بانياس، مرميا في إحدى البساتين وقد أصيب بطلقة في بطنه وأخرى في صدره، بعد اجتياح بانياس خلال الأسبوع الأول من أيار الجاري.
واستشهدت الطفلة مجد إبراهيم الرفاعي، البالغة من العمر سبع سنوات، من مدينة صيدا في درعا، بتاريخ 26-4-2011، إثر إصابتها برصاصة في البطن.
بينما قضت رهف بطيخ ابنة الأربعة عشر ربيعا في اللاذقية أواخر الشهر الماضي برصاص الأمن.
واستشهد الطفل تمام حمزة الصيداوي، خمس سنوات، من الخالدية في حمص، في السادس من أيار الماضي، إثر إطلاق النار من قبل قوات الأمن والشبيحة على السيارة التي كانت تستقلها عائلته، وهناك عدد كبير من الأطفال الذين تعرضوا للقتل والاعتقال والقمع والتعذيب.
هناك ارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وحقوق الطفل ضد الأطفال. ومنظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة لم تتحرك بأي طريق أو حتى استنكار قتل الأطفال إننا نشعر بالقلق من التأثير السلبي المتصاعد للعنف الذي يؤثر على سلوكهم وتحصيلهم الدراسي أيضاً. الأطفال ليسوا معتادين على رؤية ومعاينة عنف من هذا القبيل. وما يجري الآن هو جريمة ضد الطفولة، إن الطريق إلى المدارس أصبح محفوفاً بالمخاطر بسبب المواجهات العنيفة والمتكررة بين القوات الحكومية والمتظاهرين، ولذلك أصبحت نسبة حضور الطلبة إلى المدارس ضعيفة، وهناك أعداد كبيرة من الأطفال تتسرب من المدارس، ويقوم عدد من أطفال الشوارع ببيع المياه والأكل للمتظاهرين” مما قد يعرضهم للعنف.
يلتحق الأطفال في سورية إلى المشاركة في الثورة الشعبية الساعية إلى الحرية وتحدثت عن الروح الحماسية ومشاعر الحماسة التي يتحلى بها المراهقون والأطفال وفي لقاء مع بعض الأطفال يقولون بأنهم قد غادروا بيوتهم دون أن يخبروا أهاليهم ، والتحق عشرات المراهقين بالثورة الشعبية.
في ظل الانتفاضة في سورية، يكافح الأطفال من أجل التعايش مع العنف. وقد قال عدد من أساتذة المدارس في سورية: “لاحظنا تغيرا في رؤى الأطفال وتخيلاتهم. مؤخراً رسم طفل الرئيس يصعد دبابة ويقصف مسجدا، في حين كان الأطفال سابقاً يرسمون الزهور والألعاب .فلا شك أن الحرب قد أثرت على مخيّلة الأطفال.” إنه لمن المؤسف مشاهدة أطفال في عمر الزهور يرسمون حروبا ودماء تسفك، فالطفل يعبر عن مشاعره بكل بساطة. وخلال المظاهرات والاحتجاجات لا يذهب عدد كير من الأطفال إلى المدارس مما يمثل انتهاك حق الأطفال في التعليم فضلاً عن إغلاق عدد من المدارس لأبوابها وعدم قدرتها على استكمال العملية التعليمية بالإضافة إلى حرمانهم من حقهم في الحماية وتعرضهم للعنف والإساءة بجميع أشكاله ومصرع وإصابة عدد من الأطفال الذين تقوم أجهزة الأمن باعتقالهم وتعذيبهم كما تعذب المعتقلين السياسيين بكافة أنواع الإرهاب والعنف.
إن الأطفال الأشد تأثرا هم عشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع وتفيد شهادات الأطفال الذين يعيشون في الشوارع أنهم قد تعرضوا لعنف بالغ، حيث شاهدوا الناس وهم يقتلون ويتعرضون لإصابات خطيرة. وقال محمد الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما أنه ذهب إلى المظاهرات لينضم إلى الحشود. ” كان الناس يرمون علينا القنابل المسيلة للدموع ويطلقون علينا الرصاص وقد أصبت بطلقة رصاص في يدي. كان ذلك مؤلما وذهبت إلى الطبيب لإزالتها”
إن غالبية الأهل يتابعون التطورات عبر شاشات الفضائيات، فمن تونس إلى مصر وليبيا والبحرين واليمن وسورية وغيرها، صار منظر الدماء والقتل والاضطرابات هو السائد. وصار الأطفال يشاهدون مناظر القتل والدماء والقمع والعنف اللا محدود. وما يقلق منظمات حقوق الإنسان في سورية الاستغلال غير (البريء) للأطفال حيث تقوم الأجهزة الأمنية باختطاف الأطفال من اجل وضع الضغوط على أسرهم لعدم المشاركة في التظاهرات.
إن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية تشعر بالقلق من صور نشاهدها يومياً على شاشات الفضائيات وتنقلها أيضاً وكالات الأنباء للأطفال الذين (سحقت) كرامتهم، والأطفال الشهداء الذي أصيبوا بطلقة نار عشوائية توفوا أو تشوهوا أو أصيبوا بالإعاقة مدى الحياة.
كما يكابد الأطفال في سورية خلال الثورة أحداثا مؤلمة عاطفيا ونفسيا مثل الموت الشنيع للآباء أو أقرب الأقارب، والانفصال عن الأسرة، ومشاهدة الأحباء وهم يقتلون أو يعذبون، والنزوح من الديار والمجتمع، والتعرض لأعمال القتال والقصف وغيرها من الأوضاع التي تهدد الحياة، وحالات إساءة المعاملة مثل الاختطاف والاعتقال والاحتجاز والتعذيب، والإخلال بالنظام المدرسي وبحياة المجتمع، والفقر والحصار، والحرمان من الطعام والماء، بل وقد يشارك البعض منهم في أعمال العنف ذاتها.
إن العنف في سورية خلال المظاهرات يلقي بعبئه على حياة الأطفال. ومن الضروري ان تبذل الجهود لحماية الأطفال في سورية. حيث من الضروري ان تقوم اليونيسف بالوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة الطفل والقانون الإنساني الدولي واتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية الأطفال من التأثير المباشر وغير المباشر للعنف.
ان الطفل هو ابرز ضحايا سلوك الحكومة السورية في وجه الثورة السورية المطالبة بالحرية والعدالة ومكافحة الفساد. فالمتابع للأحداث يستهجن حبس الأطفال ، لصرخات بريئة من قبلهم ، بالحرية بين جدران صفوفهم التي سئمت الصمت وقمع حرياتهم.
اللافت أن الأطفال انخرطوا في السياسة التي لم تعد حكرا على فئة معينة، وسقطت أمام هذا الجيل ونشأته كل محاولات إبعاده عن السياسة والتخويف منها لينقلوا وعيهم الجديد لمدارسهم ومحيطهم.
ينص القانون الدولي الإنساني صراحة على وجوب احترام حقوق الأطفال خلال النزاعات والمظاهرات. ومع ذلك, لا يكون الأطفال دائما في منأى عن التعرض للعنف في شتى الطرق. و وتوفر اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 حماية خاصة لصالح الأطفال خلال النزاعات المسلحة. وفي الحقيقة, نؤكد إن الأطفال يحظون بشكلين من الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني: الحماية العامة التي يتمتعون بها بصفتهم مدنيين أو أشخاصا لا يشاركون في أعمال عدائية أو كفوا عن المشاركة فيها, والحماية الخاصة التي يتمتعون بها بصفتهم أطفالا. وهناك أكثر من 25 مادة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين تشير إلى الأطفال على وجه الخصوص.
ولا يسقط الحق في الحصول على التعليم بسبب النزاع. وللتعليم دور حاسم في النهوض باحتياجات الأطفال وحقوقهم في حالات النزاعات وما بعدها, سواء من حيث الوقاية أو من حيث إعادة التأهيل. وفي ما يتعلق بصحة الطفل النفسية الاجتماعية, يوفر له التعليم وتيرة عمل منتظمة ومجالا للتعبير عن النفس وفرصة للتبادل مع الزملاء. فوضع ” الطالب ” بالذات وضع ثمين لأن من شأنه أن يوفر للطفل الحماية, مع أن الأطفال يبقون في الوقت نفسه معرضين للخطر. وقد توفر المدارس مهارات ضرورية للعيش وحيوية في حالات النزاع على وجه الخصوص. وأخيراً وليس آخراً, ما يمكن أن يتعلمه الطفل في المدرسة شيء من الأشياء القليلة التي لا يمكن انتزاعها منه أينما ذهب!
ان دور منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسف” هو حماية الأطفال، وليس دور المتفرج إلى ما يحصل بدون أي تحرك وبدون أي حتى استنكار ما يحدث: ان دور اليونيسيف في حماية الأطفال كما عرفته هي:
“تعطي اليونيسيف الأولوية في كل ما تقوم به من عمل إلى الأطفال والبلدان الأكثر حرمانا واحتياجا. المهمة:إننا نشرك الجميع فى خلق البيئات اللازمة لحماية الأطفال. ونحن هناك لنخفف الآلام في حالات الطوارئ، وحيثما يتعرض الأطفال للخطر، لأنه ينبغي ألا يتعرض أى طفل للعنف، أو سوء المعاملة، أو الاستغلال”، أين انتم يا منظمة اليونيسيف من شعاراتكم وكلامكم على الورق، لقد ان الأوان ان تقوم اليونيسيف بأن تأخذ دورها الحقيقي في الدفاع عن حقوق الطفل وحمايتهم خلال الانتفاضة في سورية.
إننا نطالب منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة اليونيسيف، ان تضغط على الحكومة السورية من اجل احترام حقوق الأطفال والامتناع عن استخدام العنف، وتجنب تعريضهم لأي أعمال عنف من شأنها أن تؤثر على صحتهم البدنية والنفسية انه واجبكم الانساني والدولي، وتقوم منظمات حقوق الإنسان في سورية بمطالباتكم بأن تحترموا شعاراتكم ودوركم، وإلا فلن يكون هناك أي مصداقية لكم في المستقبل عندما تكتفون بالتفرج على الأطفال تقتل.
د.عمار قربي
رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان 31/5/2011
المعلومات الأساسية
تاريخ الصدور
2011/05/31
اللغة
العربيةنوع الوثيقة
نداء / مناشدة
كود الذاكرة السورية
SMI/A200/492318
الجهة المصدرة
المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريةكيانات متعلقة
شخصيات مرتبطة
يوميات مرتبطة
لايوجد معلومات حالية