الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.

بيان من عمدة الخارجية في الحزب السوري القومي الاجتماعي بعنوان جنيف 1 و2… وماذا بعد

التقى ممثلو عددٍ من الدول والمنظّمات في جنيف وانتهوا في الثلاثين من حزيران 2012 إلى توقيع وثيقة سُمّيت فيما بعد “بيان جنيف 1” لحلّ الأزمة في الشام، ومن المؤكّد أنّ حكومة “الجمهورية العربية السورية” لم يكن لها، يومها، تمثيلٌ في ذلك المؤتمر، ولم تُحلّ الأزمة، إذْ كيف تُحلّ والمعنيّ بها مغيَّب؟!!!

وبعد أن ارفضّ المؤتمرون، عقدت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتّحدة الأميركانية مؤتمرًا صحفيًّا للتعليق على ما ورد في وثيقة “جنيف 1” لحلّ الأزمة في الشام، وممّا أثار حنق وغضب السيدة هيلاري قول أحد الصحفيّين لها: “إنّ ما ورد في وثيقة جنيف يُعدّ انتصارًا للدبلوماسية الروسية…”. فارتجفتْ وانفعلت وشعرت بالورطة بتوقيع تلك الوثيقة، وبحقيقة انتصار الدبلوماسية الروسية، وراحت تفسّر ما ورد في الوثيقة على هواها وما يحقّق مآرب المتورّطين في الأزمة الشامية، وتحديدًا ما ورد في البند الأول والبند الأخير من بيان جنيف والمتعلّقين بوقف العنف ومحاربة الإرهاب وهيئة الحكم الانتقالية… فكيف لها أن تعمل على وقف العنف وهي التي سبق لها وخاطبت حمَلَة السلاح مطالبةً إيّاهم بعدم إلقاء سلاحهم، بل أكثر من ذلك وعدتهم ونفّذت وعدها بإمدادهم بـ”السلاح غير الفتّاك”، وبالدعم المالي المحدود أميركانيًّا، واللامتناهي سعوديًّا وقطريًّا وكويتيًّا…؟ وما هي رؤيتها لهيئة الحكم الانتقالية طالما أنّ الوثيقة لم تحدّد من سيتولّى أمر الحكومة ولم تدخل في تفاصيل رئاسة الدولة في الشام؟ والكلّ يذكر ما تعرّضت له السيدة كلينتون من وعكةٍ صحية بعد وثيقة “جنيف 1”.

ولم يكن خافيًا على الدبلوماسية الروسية ما تنتهجه الدبلوماسية الأميركانية من سياسة الكيل بمكيالين… وشعر السيد لافروف أنّ الأمريكان والغرب يحاولون التهرّب ممّا وقّعوا عليه في “جنيف 1″، وراح يطالب الجميع بعرض الوثيقة على مجلس الأمن للموافقة على ما ورد فيها وإقرارها لتكون ملزمةً للجميع.

لكن أميركانيا ومن كان تحت إبطها رفضوا طلب السيد لافروف، وراح كلّ منهم يفسّر ويفصّل مقرّرات المؤتمر على مقاسه ومصلحته وهواجسه، ولم يعمل أيٌّ منهم على تنفيذ أيّ بند من بنود المؤتمر، لا سيّما متطلّبات وقف العنف ومحاربة الإرهاب ومعالجة القضايا الإنسانية، بل غرق الجميع أكثر في الأزمة الشامية وراحت أكثر من ثلاثة وثمانين دولةً ومنظّمة تدسّ أنفها وتمدّ يدها إلى الداخل السوري، ولم يترك أحدٌ منهم بابًا أو وسيلةً للتآمر على الشام إلاّ واستخدمها عبر الحصار الاقتصادي والثقافي والعلمي والإنساني، ودعم المجموعات المسلّحة والإرهابية بالمال والسلاح، وتوظيف وسائلها الإعلامية لمحاربة “الدولة” في الشام.. وبعد مضيّ سنةٍ ونصف على إقرار وثيقة “جنيف 1” تمكّنت الدبلوماسية الروسية من شدِّ الأطراف الدولية وهيئة الأمم المتّحدة إلى إقرار عقد مؤتمرٍ آخر في جنيف لإيجاد حلٍّ سياسي للأزمة في الشام، أُطلق عليه اسم “جنيف 2″، استنادًا لمقرّرات “جنيف 1”. وبعد تأجيلٍ لأكثر من مرّة تقرّر عقد المؤتمر في 22 كانون الثاني 2014.

وما أن وُجّهت الدعوات لحضور المؤتمر حتى بان المستور وتكشّفت كلّ الأمور وبانت صعلكة وتبعية الرجال الذين نُصّبوا في أرقى المناصب السياسية، من نبيل العربي إلى الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي، وصولاً إلى بان كيمون الأمين العام للأمم المتّحدة، حين اختزلوا المعارضة السياسية بفئةٍ مرتَهَنة مثلهم يُطلق عليها “الائتلاف السوري”، وأداروا ظهورهم لكلّ فصائل المعارضة الوطنية السياسية السلمية الرابضة على أرض الوطن ولم تغادره. والأكثر إثارةً للاستهجان والسخرية، والأكثر خطورةً هي تلك السابقة الخطيرة في تاريخ “هيئة الأمم المتّحدة”، والتي تمثّلت بإقدام الأمين العام للأمم المتّحدة السيد بان كيمون على سحب الدعوة الموجّهة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحضور المؤتمر قبل ثلاثة أيام من انعقاده!!!

كما طفت على المشهد عدم نزاهة الوسيط الدولي السيد الأخضر الإبراهيمي، وذلك حين نظر بعينٍ واحدةٍ إلى “الائتلاف السوري” المسيطَر عليه من جماعة «الإخوان المسلمين»، وأغمض عينه الأخرى عن أبناء الشعب السوري وعن أيّ تنظيمٍ سياسي وطني سلمي معارض، وعن كلّ شخصيةٍ وطنيةٍ مستقلّة داخل الوطن، وبذلك وقع الإبراهيمي تحت ضغط الأمريكان وراح يتوجّه وجهتهم ويكيل بمكيالين…

وافتُتح المؤتمر في صبيحة اليوم الثاني والعشرين من كانون الثاني 2014 في مدينة مونترو السويسرية بحضور أكثر من ثلاثين دولة ومنظّمة، بعضها لم ترَ ولم تفهم سبب حضورها!! وشهد العالم في مونترو السويسرية طبيعة المعركة والحرب المعلنة على الشام شعبًا وحكومة. وكان أكثر المتحدّثين ابتذالاً في الجلسة الافتتاحية هو السيد سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، حين وجّه كلامه إلى رئيس “الائتلاف السوري” أحمد الجربا بقوله “فخامة الرئيس”، فأهان بذلك نفسَه ومن يقف في صفّه من الحضور، إذ كيف يعطي السيد أجيره لقب “الفخامة”؟ وكان الأكذب في تلك الجلسة هو السيد جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركانية، الذي تهرّب وضرب عرض الحائط بكلّ اتّفاقٍ بينه وبين السيد لافروف على عدم التطرّق لمقام الرئاسة في “الجمهورية العربية السورية” ومستقبل الرئيس الدكتور بشار الأسد، فكانت هذه المسائل هي أهمّ ما تضمّنته كلمة كيري، وتباينت كلمات الحضور. وكم كان السوريّون توّاقين لأن يكون حديث السيد فهمي وزير خارجية جمهورية مصر العربية أفضل من ذلك الذي تحدّث فيه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بما يشير إلى تراجع الموقف المصري ووقوعه تحت ضغط المملكة العربية السعودية.

وفي اليوم الثاني عُقدت الجلسة الأولى، وكان وفد “الجمهورية العربية السورية” يتألّف من خمسة عشر عضوًا، الأساسيّون فيه سبعة أعضاء، أربعةٌ من الدبلوماسية الشاميّة الرفيعة المستوى وعلى رأسهم وزير الخارجية، وثلاثةٌ آخرون يمثّلون الإعلام وعلى رأسهم وزير الإعلام، أما باقي أعضاء الوفد فقد كانوا من الاستشاريّين، وهنا تحسن الإشارة إلى أنّ المتعارَف عليه دبلوماسيًا وعالميًّا في مثل مؤتمرات كهذه أن لا يزيد عدد أعضاء وفد التفاوض عن ثمانية أعضاء. وهكذا كان وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” وفدًا متماسكًا ومهنيًّا ويعرف ماذا يريد.

أمّا وفد “الائتلاف السوري” فقد كان يضمّ خمسة عشر عضوًا يمثّلون ائتلافًا مفتّتًا. ستةٌ منهم من جماعة «الإخوان المسلمين» وهم أساسيّون في الوفد. وهكذا يكون تمثيل «الإخوان المسلمين» في مجمل الوفد يزيد عن الثلث كما يمثّل ثلثي أعضاء الوفد الأساسيّين. وقد خطت الخارجية الأميركانية خطوةً كان القصد منها إرباك الدبلوماسية الشامية، وذلك بسحب أحمد الجربا رئيس “الائتلاف السوري” من حضور الجلسة الأولى من المحادثات، ليحلّ روبرت فورد السفير الأميركاني السابق في دمشق محلّ رئاسة وفد “الائتلاف”، في توجيه الوفد بقصاصات ورق مكتوبة باللغة الإنكليزية من الغرف المظلمة المجاورة لمكان انعقاد الجلسة، وكذلك ليحتلّ «الإخوان المسلمون» مركز الصدارة في الوفد. ويمكن القول إنّ وفد الائتلاف كان يريد ما لا يعرف عنه شيئًا وهو إدارة الحكم!! لكنّ ذلك لم يكن خافيًا على دبلوماسية “الجمهورية العربية السورية”، فأعلن رئيس الوفد السيد وليد المعلّم عدم حضور الجلسات أيضًا وأسند المهمة إلى السيد بشار الجعفري ممثّل “الجمهورية العربية السورية” في الأمم المتّحدة كخطوةٍ في غاية الدبلوماسية، كما لم يكن خافيًا على أحدٍ تواجد مائة وستة مستشارين أميركانيّين وممثّلين عن أكثر من أحدى عشرة دولة ومنظّمة، في غرفٍ تجاور غرف أعضاء وفد “الائتلاف السوري” لتزويدهم بالتوجيهات الكفيلة بإفشال المؤتمر.

وافتتح السيد الإبراهيمي البازار فتقدّم وفد “الجمهورية العربية السورية” بطلب البحث في “وثيقة جنيف 1” فقرةً فقرةً كما وردت وحسب تسلسلها، بدءًا من البند الأول والمتضمّن العمل على وقف العنف ومحاربة الإرهاب، بينما طلب وفد “الائتلاف السوري” البحث في البند الثامن المتعلّق بهيئة الحكم الانتقالية، وكما كان أعضاء وفد “الائتلاف السوري” يتلقّون قصاصات أوراق مكتوبة باللغة الإنكليزية من اليسار إلى اليمين، كذلك طُلب منهم قراءة “وثيقة جنيف1” من أسفل إلى أعلى. وبعد ذلك تقدّم وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” بوثيقة مبادئ أساسية للتفاوض، أو ما يمكن تسميتها بالمبادئ الصلبة، تتضمّن المحافظة على السيادة الوطنية والوحدة الوطنية وممتلكات الدولة، ووقف العنف ومحاربة الإرهاب، والعمل على استعادة جميع الأجزاء المغتصبة من أراضي “الجمهورية العربية السورية” وعلى سلامة وحدة أراضيها… إلاّ أنّ وفد الائتلاف رفض استلامها، ولم يكلّف أحدٌ منهم نفسه عناء قراءة تلك الوثيقة المؤلّفة من صفحة واحدة، وذلك بناءًا على طلبٍ من روبرت فورد والمشاركين في الوفد من جماعة «الإخوان المسلمين». وفي المساء عقد جون كيري مؤتمرًا صحفيًّا مخصّصًا لما يحفظه من ألفاظ بذيئة و”زفارة” لسان… وفي اليوم نفسه نهج الجربا نهج سيّده كيري بالألفاظ البذيئة و”زفارة” اللسان… ولم يكن أحمد داوود أوغلو أقلّ بذاءةً من الاثنين حين طالب وفد الائتلاف بضرورة المطالبة بتنحّي الأسد. وفيما كان الإبراهيمي يتابع عقد الجلسات، كان الكونغرس الأمريكي يواصل جلساته ليصل بتاريخ 28-1-2014، إلى قرارٍ يقضي بتسليح “المعارضة السورية” ودعمها، وذلك قبل انتهاء الجولة الأولى من محادثات “جنيف 2”!!! فأيّ حلٍّ سياسي يبغيه الأمريكان للأزمة الشامية؟

وانتهت الأيام العشرة المخصّصة لمؤتمر “جنيف 2” دون التوصّل إلى نتائج تُذكر، وأُطلق على تلك الفترة “الجولة الأولى من المحادثات”. وكان التباين في الآراء واضحًا بين الوفدين. وكما ذكرنا من قبل أنّ وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” يعرف ماذا يريد وماذا لديه، لأنّه يمثّل سلطة دولةٍ قائمة يحاول أعداؤها تدميرها. أما وفد “الائتلاف السوري” فهو يريد ما لا يعرف من أمور السلطة والمسؤولية، وكلّ ما التقطه هذا الوفد من وفد “حكومة” الشام هو وجوب مشاركة تنظيمات سياسية أخرى من معارضة الداخل، فهم يعرفون أنّهم لا يمثّلون كلّ ألوان طيف المعارضة في الشام، وإنّما هم يمثّلون إرادةً سعوديةً – قطرية، وتنظيم «الإخوان المسلمين» المُدار أميركانيًّا. فرئيس وفد “الائتلاف” الجربا يمثّل الإرادة السعودية وليس له تمثيلٌ سياسيٌّ على الأرض السورية مطلقًا، أمّا ميشيل كيلو فلا يعبّر عن أحد من الشعب السوري بل عن نفسه فقط، وبرهان غليون أعمى دخان غليونه بصره وبصيرته في المؤتمر حين قدح النار مطالبًا بتطبيق الفصل السابع من ميثاق “هيئة الأمم المتّحدة” على الحالة في الشام – أي مطالبًا بالتدخّل العسكري -، والآغا عبد الحميد درويش لم يعد له ذلك التمثيل لأبناء شعبنا السوري من الأصول الكردية بعد أن أصبح الأكراد أكثر من ثلاثةٍ وثلاثين حزبًا، أمّا الأخوات سهير أتاسي وريما فليحان فنعتقد أنّهن تمثّلان نفسيهما ليس إلاّ، وهما تعرفان لماذا زُجّ بهما في الوفد، إذا ماعرفنا أنّ سهير أتاسي انسحبت من “الائتلاف السوري”، وهكذا يتبقّى روبرت فورد وممثّلو «الإخوان المسلمين» في وفد “الائتلاف السوري”، هم المتحدّثون والمطالبون بهيئة الحكم الانتقالية لاستلام السلطة. فأيّة معارضةٍ يمثّل وفد “الائتلاف السوري”؟ وماهي نسبة تمثيلهم شعبيًّا، وما هو وزنهم في الشام؟ وإنّي لأجزم بأنّ أحدًا منهم لديه الرغبة والإمكانية للعودة إلى الوطن تحت أيّ ظرفٍ من الظروف، فهم اعتادوا على نمط حياةٍ خارج الوطن، ولم تعد تروق لهم الحياة كما يحياها السوريون داخل وطنهم.

وانتهت “الجولة الأولى” من مؤتمر “جنيف 2″، وحُدّد تاريخ 10 شباط 2014 موعدًا لبدء الجولة الثانية. وخلال هذا الفاصل الزمني توجّه الجربا مع بعض أعضاء وفد “الائتلاف” إلى موسكو والتقوا وزير خارجية روسيا الاتّحادية السيد لافروف، بقصد التفاهم على ترقيع وفد “الائتلاف” بأحد كيانات المعارضة السياسية في الداخل وليس أكثر. ولكن خاب فأله وعاد مكسوفًا. وهنا دخلت خارجية جمهورية مصر العربية على خطّ الوساطة بين “الائتلاف السوري” و”هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي”، والتقى السيد حسن عبد العظيم – المنسّق العام لهيئة التنسيق – والجربا في القاهرة، ولكنّ عملية الترقيع لوفد “الائتلاف” لم تتمّ ولم يحصل السيد حسن عبد العظيم والوفد المرافق له من “هيئة التنسيق” على المقاعد التي يرغبون بها، وكم كانت خيبتهم كبيرة وتقديراتهم خاطئة حين ظنّوا أنّ الجربا صاحب قرارٍ في عملية الترقيع وقبول المشاركة، وحين قبلوا التباحث في عملية المشاركة في وفدٍ يرأسه أحمد الجربا.

وانعقدت في العاشر من شباط الجولة الثانية من “جنيف 2” بغياب رئيسَي الوفدين، وكم كان التباين واضحًا أكثر حين تقدّم وفد “الائتلاف” بورقةٍ تتضمّن أربعةً وعشرين بندًا لتصوّراتهم لهيئة الحكم الانتقالية التي ستتولّى وقف العنف ومحاربة الإرهاب، متجاهلين البنود السبعة الأولى من وثيقة “جنيف 1″، فيما كان وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” يصرّ على مناقشة وثيقة “جنيف 1” حسب تسلسلها وكما وردت بالوثيقة، وتنفيذ بنودها بندًا بندًا وعدم الانتقال من بندٍ إلى آخر إلاّ بعد اتّخاذ إجراءاتٍ لتنفيذه. وتقدّم الإبراهيمي بورقةٍ تتضمّن جدول أعمالٍ أعدّها هو بنفسه دون التشاور مع وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية”، وعلى الأرجح أنّه كان متّفقًا مع وفد “الائتلاف” على ذلك الجدول، وذلك بدليل أنّهم أعطوا موافقتهم المطلقة وفورًا على ما قدّمه الإبراهيمي. واتّضحت للجميع عدم نزاهة الإبراهيمي، ويمكننا أن ندلّ على ذلك من خلال ما ورد في جدول الأعمال المقدّم من قبله:

أ‌- عدم التزام الإبراهيمي البحث في وثيقة جنيف بندًا بندًا حسب تسلسلها، ومجاراته لوفد “الائتلاف” بمناقشة البند الثامن قبل مناقشة البنود السبعة الأولى.

ب‌- طلب البحث في حالة وقف العنف ومحاربة الإرهاب في يومٍ واحد، والانتقال في اليوم التالي إلى البحث في هيئة الحكم الانتقالية، حتى لو لم يتمّ التوصّل إلى اتّفاق بين الوفدين على إجراءات وقف العنف ومحاربة الإرهاب، حيث يبدو أنّه كان يريد تمرير قضية وقف العنف ومحاربة الإرهاب والبحث بها شكليًّا ثم الوصول إلى هيئة الحكم الانتقالية.

ج‌- إضافة عبارة “وتغييرها” إلى ما ورد في “وثيقة جنيف 1” التي تنصّ في أحد بنودها على عبارة “المحافظة على مؤسّسات الدولة”، فأصبحت برأي الإبراهيمي “المحافظة على مؤسّسات الدولة وتغييرها…”.

واستنجد الإبراهيمي بالخارجية الأميركانية، وعقد جلسةً ضمّت، إضافة إليه، معاون وزير الخارجية الروسية ومعاونة وزير الخارجية الأميركانية، فاصطدم الإبراهيمي وممثّلة الخارجية الأميركانية بالموقف الروسي، المصرّ على مناقشة بنود “وثيقة جنيف 1” حسب تسلسلها بندًا بندًا، وأبلغهم معاون وزير الخارجية الروسي أنّ مطلب وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” هو موقفٌ محقٌّ وسليم، ونحن متّفقون مع موقفهم، ممّا اضطُرّ الإبراهيمي لأن يعدّل في جدول أعماله السابق ويعدّ جدول أعمال بالتوافق مع ممثّلي الوفدين.

وما أن أُعلن عن التوافق على جدول الأعمال حتى جاءت التوجيهات للإبراهيمي بإنهاء الجولة الثانية، وانتظار جولةٍ ثالثة يتمّ البحث فيها حسب جدول الأعمال المتّفق عليه دون تحديد موعدٍ لعقدها، بانتظار ما سيتمّ طبخه من مؤامراتٍ على الشام خلال هذا الفاصل بين الجولتين الثانية والثالثة. فهذا نبيل العربي يقول: “إذا فشل مؤتمر “جنيف 2″ فسنتوجّه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة”!!! وهذا هولاند والآخر هيغ وكذلك كيري يحمّلون وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” مسؤولية فشل محادثات الجولتَين الأولى والثانية من “موتمر جنيف 2″، وهذا أوباما يصرّ على إيجاد سبلٍ أخرى دبلوماسية للضغط على حكومة “الجمهورية العربية السورية”، وفي الوقت ذاته يتباحث مع الرئيس الفرنسي هولاند والملك الأردني للتحضير لعدوانٍ على الشام من جهة المملكة الأردنية على حدود درعا. وتلك هي السعودية تعلن عن تزويدها للمجموعات الإرهابية بصواريخ مضادة للطائرات… وما يتمّ في الكواليس أخطر.

وهكذا انتهت الجولة الثانية من “مؤتمر جنيف 2″، وتقرّر إجراء جولةٍ ثالثة دون تحديدٍ لموعدها. وعاد وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” إلى الوطن معلنًا بلسان وزير خارجيّتها السيد وليد المعلم أنّ تقدّمًا حدث في الجولة الثانية، وذلك بتحديد جدول أعمالٍ للمحادثات. في حين عاد وفد “الائتلاف” إلى فنادق الخمسة نجوم مخذولين، وتركوا لأسيادهم تقييم الجولة الثانية وتحميل وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” مسؤولية فشل المحادثات في تلك الجولة.

يا أبناء سوريا العظيمة!

إذا كنّا أسهبنا في الوصف لما جرى في مؤتمر “جنيف 2″، فقد يكون بينكم من لديه الرغبة بأن تكون التفاصيل أكثر وهو محقٌّ طبعًا، ولكنّ القصد من وراء توصيفنا هو توجيه النداء التالي:

إلى كلّ ألوان طيف المعارضة الوطنية السياسية السلمية والقوى والتجمّعات والشخصيات الوطنية الرابضة على أرض الشام، نناشدكم باسم سورية الأبية أن يتعالى الجميع فوق جراحهم فجراح الأمة أكبر من جراح كلٍّ منّا، وأن نلقي بالخلافات بيننا جانبًا، فنحن أبناء مجتمعٍ واحدٍ في وحدة حياةٍ ووحدة مصير… وأن نتداعى جميعًا إلى عقد مؤتمرٍ وطني يضمّنا جميعًا كقوى سياسية وطنية معارضة، يُعقد على أرض الشام، فهي أرض العزّة والإباء، وتحت سمائها أفضل الأجواء، تكون غاية المؤتمر وضع رؤية سياسية موحّدة لكلّ أطياف المعارضة الوطنية السياسية السلمية، تتضمّن برنامج تغييرٍ سياسي نستند إليه في دعوةٍ نوجّهها إلى وفد حكومة “الجمهورية العربية السورية” لنبدأ حوارًا سياسيًّا معه على أرض الوطن، حوارًا شاميًّا – شاميًّا على أرض الشام، يُفضي إلى عملية تغييرٍ سياسي لبنية النظام السياسي في الشام، لبناء سوريا الغد ونترك “مؤتمر جنيف 2” بكلّ جولاته، ففي كثيرٍ من المؤتمرات حيكت المؤامرات على الشعوب، ومن أدار ظهره لنا ولم يحترمنا لا يمكن أن نقدّم له الاحترام. فنحن من يعاني ونحن المعنيون ولسنا بهاربين.

كما نتوجّه إلى السلطة في الشام بأن تأخذ نداءنا هذا مأخذ الجِدّ وتقرّر الدخول في حوار جادٍّ مع من هم معها على أرض الوطن وتحت سمائه، لإنتاج سلطةٍ يشارك فيها الجميع، فالخطر داهمٌ على من هم على أرض الوطن وليس على من خارجه من المرتَهَنين.

توجّهنا بندائنا يحدونا الأمل بتلبية النداء، فنحن المعارضة الوطنية السياسية السلمية، ومعنا كلّ الوطنيين والشرفاء والأحرار، أكبر من “جنيف 2” وأكبر ممن حضره مستفرِدًا مستهتِرًا مرتهنًا غير مبالٍ بما نعاني.

لنعمل جميعًا لحماية شعبنا ووطننا وتحقيق عزّته.

المركز في 18-2-2014 عميد الخارجية

الرفيق عبد القادر العبيد

أجاز نشر هذا البيان رئيس الحزب الرفيق الدكتور علي حيدر.

المعلومات الأساسية

تاريخ الصدور

2014/02/18

اللغة

العربية

نوع الوثيقة

بيان سياسي

البلد المستهدف

الأردنفرنساالولايات المتحدة الأميركيةروسيا

الأحداث المرتبطة

مسار جنيف

كود الذاكرة السورية

SMI/A200/556318

كيانات متعلقة

شخصيات مرتبطة

يوميات مرتبطة

لايوجد معلومات حالية

درجة الموثوقية:

الوثيقة

  • صحيحة
  • غير صحيحة
  • لم يتم التأكد من صحتها
  • غير محدد