الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المظاهرة النسائية في حي القيمرية وقصص من عام 2011

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:05:20

من الحالات الجميلة التي حصلت في دمشق، صحيح أنها صغيرة، ولم يحصل بها...، ولكن اعتُقل فيها اثنتين من أعز أصدقائي، والتي هي: "مظاهرة القيمرية"، وهي كانت مظاهرة نسائية، وكان اختيارهم "للقيمرية"، لأن "القيمرية" منطقة محسوبة لصالح النظام، فيوجد فيها قسم من الشبيحة، فقرروا ضمن حالة تحدي، وأتذكر أن مظاهرة القيمرية كانت في 15 أيار أو 15 حزيران [20 تموز- الباحث] من عام 2011 ، لا أذكر التاريخ تماماً، وتمّ اعتقال بشكل سريع ومفاجئ جداً صديقتاي نوال شاهين وربا حسن، ورغم أن ربا حسن من العلويين، أذكر أنها من طرطوس، فكانوا يعيّرونها جداً في السجن، بعد أن خرجوا، أظن أنهم سجنوا 15أو 20 يوماً، وكانوا يعيّرونها كثيراً [ويقولون لها]: حتى أنت؟! أنت لماذا تخرجين؟! وبعد أن خرجت ربا [من المعتقل]، كنا جالسين، ويبدو أن أهلها كانوا منزعجين منها، فقلنا لها: حتى أنت...؟! فقالت: أصلاً، كان الشبيحة شبيحة علينا أيضاً، أي على العلويين أنفسهم، هكذا أتذكر أنها قالت، فكانوا يشبّحون، ونحن صبايا نذهب إلى المدارس، ونذهب، ونأتي، فهناك حالة الشبيحة الذين لا يمكن لأحد أن يتكلم معهم (يعترضهم).

هناك أيضاً من القصص في المخيم [مخيم اليرموك]، في يوم من الأيام، في آخر 2011، كنت منذ فترة أرى شخصاً يخرج على "الجزيرة" أو على "العربية"، ويضع "باروكة" شعر ناعم، ويخرج على أنه محمد الحريري من دمشق. وكنت أقول: من هو محمد الحريري؟ أتساءل من هذا الشخص؟ وكان واضحاً أنه يلبس "باروكة"، وإذا عدت إلى الفيديوهات الأولى فهي موجودة، هو مراسل. وفي أحد الأيام جاءني اتصال، لا أعرف من أعطاه رقمي، ولكن اتصل بي شخص، وقال: مرحباً، كيف حالك يا دكتور؟ وماهي أخبارك؟ فقلت له: الحمد لله بخير. وقال: أنا أنتظرك في المخيم، أريد أن أراك، أنا ابن عمك. فقلت له: عفواً، من ابن عمي؟! فقال: أنا ابن عمك من الصورة. وهي قرية بجانب قريتنا، وأصبحوا الآن قرية واحدة، لم يعد هناك فاصل، فقد امتدّ العمران بينهما، واسمي مصعب الحريري أبو العباس، ويمكنك أن تسأل عني، أنا أعرف أخاك الدكتور ياسين والدكتور نصر. وكان نصر في تلك الفترة هو من أتواصل معه، فاتصلت بنصر، وقلت له: يا رجل... وطبعاً، قال لي: أنا أنتظرك في قهوة الخليلي، في مخيم اليرموك، وقهوة الخليلي على زاوية امتداد شارع ثلاثين، يعني عند زاوية مستشفى فلسطين، توجد قهوة صغيرة على اليسار، فاتصلت بأخي، وقلت له: يوجد شخص تكلم معي اسمه أبو العباس مصعب الحريري، فقال لي: هذا كان المدير المالي في "البلو روز" ، وهو فندق جديد في درعا، أو "وايت روز" لا أذكر الاسم (الاسم الصحيح وايت روز- الباحث)، وقال لي: شارك الرجل في الثورة، وهو ناشط جداً، فقابله. فقلت له: أنا خائف. فقال لي أخي: لا أتوقع؛ لأن الرجل ناشط. وذهبت، وكنت أريد أن أقترب من المكان، وأنا في منزل حي الصناعة، فخرجت من منزل الصناعة، وذهبت، ونظرت فلم أجد شيئاً، دخلت، واتصلت به، طبعاً، يتكلم معي على الرقم المضروب، ولا أعرف من أعطاه رقمي، وأنا سألت نصر: هل أعطيته رقمي؟ فقال لي: لا. واتصلت به، وقال: نحن شخصين، ونشرب "الأركيلة". ودخلت، وفعلاً، كان هناك شخصان يشربان "الأركيلة"، ويوجد الكثير من الناس، هناك من يلعب الشدة، وهناك من يلعب الطاولة، فألقيت التحية عليهم، وجلست، فقال: أنا فلان الفلاني. وقال لي: فعلاً، أنا كنت المدير المالي في "الوايت روز" ، لا أذكر، وهذا ابن عمي **~~حنيفة~~**، وكان هو الذي يخرج كمراسل، وقال لي: نريد بيتاً هكذا مباشرة. فقلت له: بيت ماذا؟ فقال نريد بيتاً هنا في المخيم؛ لأن عملنا الآن كله في دمشق، ونحتاج بيتاً في المخيم. ارتبكت جداً، وترددت، يعني كيف تطلب مني بيتاً؟ وأنا لا أعرفك ولا تعرفني. فقلت له: حسناً، انتظروني هنا، سأرى. وذهبت إلى متولي أبو ناصر، إلى بيته، فقلت له: أريد بيتاً. فقال: هل نحضر بيتاً بالسّحر؟، كان المخيم ممتلئاً بأهل حمص، يعني أصلًا فكرة أن تجد بيتاً كانت صعبة، فقال لي: أحضرهم، دعهم يأتوا إلينا، ويناموا، وغداً نتدبر أمورنا. ذهبت، وأحضرتهم، ومع كل شخص منهم حقيبة لابتوب، وحقيبة سفرية واحدة صغيرة لها دواليب، ودخلنا إلى منزل متولي، وقام متولي بتجهيز العشاء، وذهبت حتى أحضر بعض الأغراض، ورجعت إلى البيت، وفي المطبخ، قال لي متولي: يجب أن ندبّر لهم بيتاً. فقلت له: لماذا؟ فقال: هؤلاء شغلتهم (أمرهم) كبيرة. قلت له: ما الذي حصل؟ فقال: خلص (لن أتكلم أكثر) هو ابن عمك، وفيما بعد تتفاهمان معاً، ولكن هؤلاء شغلتهم (أمرهم) كبيرة. ونمنا في بيت متولي يومها، وأحسست بالقلق، أحسست أن متولي قلق، وأنا لا أستطيع أن أسأل الرجل عن عمله. فكان بإمكان متولي أن يقول له: أنا آسف، لا تستطيع أن تنام. فقلت لمتولي: ماذا؟ فقال لي: حلها الوحيد أبو ماهر البدوي. طبعاً، أبو ماهر البدوي لا أعرف أين هو الآن، وهو اسم معروف في المخيم، كان مع حركة فتح، وختيار (كبير في العمر)، وذقنه بيضاء، ولديه في الأعلى، في البيت غرفة من أجل زجاجات المشروب التي يشربها، يضعها، ويرتبها، و"الأنتيكا"، وهكذا هي حياته، ولديه سيارة "بيك أب" صغيرة، وكل البناء له، البناء الذي يسكن فيه، فقال لي متولي: ليس لنا إلا أبو ماهر البدوي. فقلت له: لماذا؟ فقال: لأنه كفء، والأمر الثاني: البناء كله له، لا يوجد أحد يدخل ويخرج غيره، ومفتاحهم معهم، ولديه هذه الغرفة في الأعلى. فقلت له: يبدو على أبي العباس أنه ملتزم دينياً جداً، كيف آخذ أبا العباس، وأضعه معه. فقال لي متولي: ليدبروا أمورهم. وركبنا سيارة متولي، وذهبنا إلى أبي ماهر، مرحباً عمي أبو ماهر، وكان يجلس في الغرفة، وقد سكب الكحول، فقلنا له: لك أم للذئب فقال خسئ الذئب. فقلنا له: يوجد شخص ناشط، ونريد أن نسكن اثنين عندك، هل هذا ممكن؟ وقال له متولي: ناشط ناشط. فقال له: كيف يعني ناشط ناشط. فقال متولي: تخيّل كل شيء. فقال: أهلاً وسهلاً. و[قلنا]: أكيد (هل أنت متأكد؟) [فقال]: أكيد. وذهبنا حتى نأخذ الأغراض من عند أبي العباس ومحمد ونخرج، فقال أبو العباس: لا، أنا أريد بيتاً لوحدي، ومحمد يسكن لوحده، لن نسكن مع بعضنا. وكان محمد لديه مكان، ولكنني أريد أن أكون لوحدي. فقلنا له: حسناً، وتفاجأنا بأن أبا العباس معه سيارة، ونحن لا نعرف، وقال: سيارتي في المكان الفلاني، فكانت الحالة بأنه يعمل بشكل أمني جداً. المهم أننا ذهبنا إلى السيارة، وأخذناها، وفعلاً، وضع السيارة في سوق الخضرة على شارع فلسطين، في حارة ثانية، وذهبنا إلى منزل أبي ماهر، وجلسنا في الغرفة، وجلس أبو العباس، ولكن محمد الحريري لم يذهب معنا. طبعاً، محمد الحريري بعد فترة أاعتُقل على الأغلب عند جسر جامع الحسن (جسر الميدان)، اعتقله الأمن، والروايات التي نقلها لي أبو العباس والتي حكاها لي: أنهم ظلّوا يضربونه على ظهره. وقال: إنه أصلاً خرج سحلاً إلى السيارة وكأنه مشلول، وعلى الأغلب استُشهد في تلك الفترة.

كنت أفكر مهموماً كيف ستكون الصلة بين أبي ماهر صاحب الكأس وبين أبي العباس الذي يزيد اختلاطي معه، وهو ملتزم فعلاً، فهو شخص يستيقظ صباحاً عند أذان الفجر، وكل صلاة على وقتها، ولكن لا يذهب إلى الجامع، وإنما يجلس في الغرفة، وأبو العباس لديه "لاب توب" يفتحه، وعنده "ثري جي" (أكثر من واحدة) من أجل الإنترنت، ويضعها، ويتصل بالإنترنت، ويضع السماعات على "االسكايب" [ويقول]: نعم نعم، حسناً حسناً، تكلم مع فلان، وخذ منه الأغراض اللازمة. يتكلم هكذا فقط، وإذا كنت بجانبه لا تفهم إلا ذلك، ولكنه يتكلم مع أحد، وأنت لا تعرف ماذا هناك.

عندما جلس أبو العباس مع أبي ماهر كان يوم الاثنين، وذهبت في اليوم الثاني إليهم يوم الثلاثاء، فالرجل من بيت (عائلة) الحريري، ولدينا عادات إذا كان من أقاربنا... وأبو ماهر وضعه المالي ليس جيداً، فقلت في نفسي: لأحضر معي شيئاً. فقلت لأبي ماهر: ماذا تحتاجون؟ فقال لي: لا، شكراً، الرجل أعطاني مصاري (مالاً)، أعطاني 25000 ألف ليرة، وقال لي: كل المصروف عليّ. وقال لي: حاولت ألا آخذ، ولكنه حلف 100يمين، على العكس الرجل لم يقصر. فرجعت قليلاً.

في يومها كانت حركتي خفيفة، وكنت معتمداً على أنس عمارة؛ لأنه كان لدي كيس شعر، وأجريت عملية، وانتكس الجرح، وكنت ألبس بيجامة (ثياب منزلية)، وحركتي خفيفة جداً، وذهبت إلى أبي العباس، وجلست، فانفجر التهاب كيس الشعر، فقام أبو العباس، وفتح حقيبته، وكان معه شاش، كان هناك التهاب، وفيها ما يشبه القيح، وعندما جلست على الأرض، انفجر الالتهاب؛ فقلت: آه. فقال: ماذا بك؟ فقام بفتح حقيبته، وأخرج الشاش، و"البوفيدون"، وعقّم الجرح.

بقي حتى يوم الخميس، ويوم الخميس هو اليوم الذي يسكّر فيه أبو ماهر، فقلت: يا أبا ماهر، أرجوك. فقال لي: حسناً. وفعلاً، لم يعد يشرب، وأزال زجاجات [الكحول]، وأبو العباس لم يحسّ بشيء، و[يقول]: أهلين شيخ. وفي أحد الأيام، ذهبت، فوجدت أبا ماهر يتوضأ، وأحضر برميلاً، ووضع له حنفية من أجل أن يتوضأ أبو العباس في الأعلى، ودخلت في إحدى المرات، فرأيت أبا ماهر يتوضأ، وجاء يوم الخميس، وفي يوم الجمعة صباحاً، دخلت لعندهم، والخميس هو اليوم الذي يسكّر فيه أبو ماهر، وفي يوم الجمعة، في الصباح الباكر، صعدت على الدرج بدون أن أطرق الباب على أبي ماهر، وصلت فوجدت الاثنين جالسين، وكان أبو العباس قد طوى سجادة الصلاة، وجلس، وأبو ماهر يبدو أنه سكران، وكانا يضحكان، فقال لي أبو ماهر: أصبحنا أصدقاء، لقد صارحته. فقلت له: كيف صارحته؟ فقال أحضرت زجاجة الكحول إلى هنا، وأنا بدأت أشرب الكحول، وهو بدأ يصلي، وأنا تفاجأت من أبي العباس أن هذا الشخص الملتزم جداً تقبّل الحالة، ولكن هل هو تقبّلها حقيقة أم لأنه مضطر إلى مكان؟ ولكنهما أصبحا أصدقاء يعني أصحاباً، وبينهما مزاح ودماثة ووحدة حال.

ولاحقاً، عندما خرجت من السجن، ووجدت أن أبا العباس في نفس المكان، رغم أنه عندما كنت في السجن كان هناك أمران جعلاني أخاف جداً، وهما موضوع أبي العباس، أن أضطر، واعترف عنه، والفكرة القادمة التي سأتحدث عنها، وهي الاجتماع مع الصينيين، وكنت قلقاً من هذين الأمرين، وعندما خرجت من السجن تفاجأت بأن أبا العباس قد بقي في نفس المكان، فقلت له: هل من المعقول أن تبقى هنا؟ كان أبو ماهر قد دبّر له آلية للهروب، ووضع له سلالماً، ووضع إسفنجة، فقلت له: لماذا هذه الإسفنجة؟ فقال: كي أرمي عليها "اللابتوب"؛ حتى لا يتحطّم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/23

كود الشهادة

SMI/OH/53-28/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-التضامنمحافظة دمشق-مخيم اليرموكمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة دمشق-القيمرية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حركة فتح

حركة فتح

الشهادات المرتبطة