اسمي سالم هلال من مواليد عام 1998، من بلدة الطيبة في ريف الكسوة، والبلدة تقع بعد الكسوة مباشرة وقريبة من درعا وقريبة من مدينة القنيطرة، هي بلد ريفي زراعي قريبة من جبل الشيخ وجبل المانع، وكانت نقطة منخفضة بين جبل المانع وجبل الشيخ وتل ال 75، وأغلب هذه الجبال كانت نقاطاً للجيش، كانت ثكنات مراصد، مثل: جبل المانع كان مرصد رادارات، وكان تل ال 75 نفس الشيء، كان مدفعية. كان في الكسوة السوق المحلي، والكسوة أقرب لأن تكون مدينة، وفي الريف يوجد دائماً بين أهل الريف والمدينة احتدام، مثلاً: نحن كنا نزرع الجزر كثيراً (أهل الطيبة) فكانوا يقولون: أنتم أرانب من أجل ذلك تزرعون الجزر.

في البداية، كانت الضيعة أقرب إلى النظام، وكانوا شبه مؤيدين (أغلب أهل الضيعة)، وحتى عندما خرجنا في المظاهرة تأخرنا قليلاً عن باقي المناطق التي خرجت حولنا، ولكن الحاضنة الشعبية ليس لها علاقة، فأهالي الضيعة هم فلاحون وليس لهم علاقة بالسياسة، وهكذا كان أغلب أهالي الضيعة، وفي داخل المدرسة، كان هناك شخصان أو ثلاثة معروفون أنهم معارضون، وأهلهم دائماً يتابعون تنسيقيات باقي المحافظات، وكان هؤلاء الأشخاص معروفين و معدودين على الأصابع من ضمن القرية، وحتى أهل القرية كانوا قليلين، كان كل أهالي الضيعة تقريباً 5000 نسمة فقط، وهؤلاء الطلاب كانوا يريدون الخروج في مظاهرات، ولكن لا يوجد مجال وهم كانوا 4 أو 5 أشخاص من كل الضيعة، وأول مرة كان عندنا أساتذة علويون في المدرسة، ولم نكن نعرف قبل الأحداث أن هذا علوي وهذا سني، وخاصة أننا متعودون أن كل أهالي الضيعة سنة، و أجبرونا على الخروج في مسيرة [مؤيدة للنظام]، و نحن كنا محايدين، لا نريد الخروج مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فأجبرونا بعد أن خرجنا من المدرسة على الذهاب إلى المسيرة، والطلاب المعارضون لم يخرجوا، وشيئاً فشيئاً، أصبحت هناك اشتباكات في المناطق التي حولنا، وأصبحنا نرى المجازر في المناطق الثانية، وحتى إنه في إحدى المرات، أذكر عندما كنت صغيراً أنني كنت في المسجد، كنت أقوم بتسميع القرآن، والمؤذن كان معارضاً، وكان يتكلم مع الرجال الكبار الجالسين في الجامع بعد الصلاة، وكان يقول: النظام قصف درعا. ويطلقون النار على المتظاهرين وهم لا يحملون السلاح وهو يطلق عليهم النار، والناس يقولون: نحن ليس لنا علاقة ليفرّج الله عنا. يعني لا يريدون التدخل.

كانت آنسة (معلمة) رسم، وأجبرت الجميع على رسم علم سورية، وأعطونا أعلاماً وصوراً للرئيس، ومشينا في الضيعة، ووصلنا عند الدوار، وكان هناك مدرسة ابتدائية مديرها معارض، وهو حتى الآن معتقل، ونحن أثناء خروجنا هو الذي أوقف المسيرة، وقال: كل شخص يذهب إلى منزله. وهو قام بتفريق المسيرة.

أول مظاهرة كانت بعد صلاة الجمعة، وكان بعض الشباب متفقين على الخروج في مظاهرة بعد الصلاة، ولكن الخبر غير مؤكد من الذي سيخرج في المظاهرة، فكانت شبه شائعة، والناس أثناء الصلاة... كان الأمن مستعداً، ولكنهم بعيدون ومتواجدون عند مدخل الضيعة، ويريدون التأكد إذا خرجت مظاهرة فسوف يدخل. وبالفعل، خرج الشباب في المظاهرة، وبدؤوا يهتفون ضد النظام، وفي نفس الضيعة، كان هناك أشخاص مؤيدون، وهم الذين كانوا يريدون إسكات المظاهرة، كانوا يمسكون بالعصي، وينتظرون الشباب، يريدون إسكاتهم. وفعلاً، حدث صدام فيما بينهم، وفي هذه الأثناء، جاء الأمن، وأطلق النار، ولكنه أطلق النار في الهواء، وتعرض المدنيون للضرب بواسطة الهراوات، وحتى المؤيدون والمعارضون تعرضوا للضرب معاً في المظاهرة من قبل قوات الأمن دون أن يفرّقوا بينهم، والجميع تعرض للضرب، وفي وقتها، كل عدد سكان القرية 5,000، وخرج عدد من الشباب، وتمنيت الخروج [في المظاهرة]، ولكنني كنت خائفاً، وخاصة أنني كنت صغيراً، وقالوا لي: اذهب، وأختبئ في المنزل. وسمعنا أصوات إطلاق النار، وخرجت المظاهرة من المسجد الآخر وليس من المسجد الذي كنت موجوداً فيه، وهربنا مباشرة إلى المنزل، ولم نستطع معرفة ما حدث.