وهنا وقتها انكسرت الهويات، وبعد كسر الهويات وفي اليوم الثاني تم اقتحام مدينة جبلة في 24 نيسان/أبريل 2011، وتم اقتحام مدينة جبلة من قبل الشبيحة بالكامل، ونحن أكثر من يعرف الشبيحة في مدينة جبلة، والشبيحة هم المسؤولون عن عمليات التهريب وهم المافيا (عصابات إجرامية) بحد ذاتها، وأي عمليات إجرام وأي عمليات قتل تقوم بها الشبيحة وحتى عمليات الخطف، وباختصار بسيط كان الشبيحة هم أنفسهم من عائلة الأسد وعائلة مخلوف، كانوا يأتون إلى تجار مدينة جبلة -في مدينة جبلة- ويقتحمون مستودعات المدينة ويصادرونها، وأنا شاهد على حادثة ما، حيث تم اقتحام مستودع بالكامل فيه أكثر من 25 مليون ليرة سورية، وأصبح المستودع على البلاط (فارغًا) وكانوا دائمًا يفعلون هذه الحركات بأبناء السُنَّة تحديدًا.

في 24 نيسان/ أبريل، سمعنا أخبارًا، وطبعًا عندما صارت المقابلة مع رياض حجاب، رياض حجاب لم يُبشِّر بالخير، يعني النظام سيقوم بعمل شيء، وكان هو وقتها محافظ اللاذقية وقال: إن النظام سيعمل شيئًا، يوجد شيء سيحصل إذا لم تتوقفوا، ونحن عندما كسرنا الهويات وطبعًا رياض حجاب معه شبيحة النظام ومعه الأمن جاؤوا معه ولم يأت لوحده.

في اليوم الثاني، اجتمع أكثر من 2000 إلى 3000 شبيح في المجمع الحكومي، واقتحموا مدينة جبلة، الأحياء الثائرة بالكامل: من حي صليبة وحي دريبة ومنطقة العزة والجركس والفيض، وفي هذا اليوم تجمع الشبيحة في المجمع الحكومي الساعة 2:30- 3 الظهر تقريبًا، وعندما اقتحموا وضعوا قناصة من بناء الأوقاف وأثناء انتشارهم كانت القناصة تتوزع على أسطح المباني ودخلوا إلى الأحياء وبدأوا بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي، وبهذا اليوم سقط 13 شهيدًا في مدينة جبلة وأكثر من 25 جريحًا، نحن لم نتوقع أن يحصل هذا الاقتحام، ولا يوجد عندنا الإسعافات الأولية، وكانت الإسعافات الأولية تتم في أحد الجوامع مثل: جامع الفيض مثلًا وجامع الدريبة مثلًا، وهنا كانت تتم الإسعافات الأولية بالطرق المتاحة، ويوجد شهداء نزفوا حتى الموت ويوجد شهيد قُتل، وهو كان مصابًا بحالة هستيريا بسبب الخوف والرعب، فقُتل في المستشفى الوطني في مدينة جبلة، ويوجد شهداء نزفوا حتى الموت في الشوارع ولم نقدر أن نسحبهم؛ لأن النظام بعد أن اقتحم لم نعد نعرف الرصاص من أين يأتي، وأثناء عملية الاقتحام كان النظام يقوم بإدخال السواتر الرملية، وقسّم أحياء مدينة جبلة الثائرة وقطع أوصالها بالحواجز، وإذا أردت الذهاب من الدريبة إلى الصليبة فلديك حاجزان، وإذا أرادت الذهاب إلى العزة فأمامك حاجز، وأصبح يوجد خوف جدًّا كبير بالنسبة للشباب أن يخرجوا.

الدكتور (الطبيب) مصطفى بصيص بهذا الوقت أخذ على عاتقه معالجة الجرحى والمصابين، وعالجهم بالطرق والإمكانيات المتاحة بالنسبة له، وهو كان الطبيب الوحيد الذي يعالج الجرحى في ذلك الوقت، وهو كان في حي الفيض موجودًا وعالج الجرحى وبسبب هذا الشيء أصبح مطلوبًا للنظام، وهرب من مدينة جبلة بعد أحداث 24 نيسان/ أبريل 2011 بفترة، عندما بدأت تتلاشى الأحداث بعد الاعتقالات الكبيرة التي عملها النظام.

الاعتقالات التي نفذها النظام هي لأسماء جهزها الأمن وهي أسماء كل الناشطين، وهنا أعتقل معظم الناشطين في هذا اليوم، وأغلب الشباب الذين كانوا يخرجون على الأكتاف ويتظاهرون اُعتُقِلوا منهم: عميد مسلماني وطارق بدرة والكثير من الشباب تم اعتقالهم، وباقي الشباب اختفوا ولم يظهروا، وهنا نحن صرنا عندما نخرج صرنا نخاف من الحواجز كثيرًا لأن الأسماء موجودة على الحواجز.

أثناء الاقتحام لمدينة جبلة، أنا كنت في محل كمبيوترات (حواسيب)، وهذا المكان أنا صورت منه فيديو (شريط مسجل)، وأنا مسؤول عن هذا الفيديو حتى اليوم، أنا المسؤول عنه، وصاحب هذا المحل ليس له أي علاقة بهذا الفيديو وتم اعتقاله، وأنا صورت فيديو لانتشار الأمن وكيف يضربون الرصاص (يطلقون النار) في الهواء بشكل عشوائي، والنظام حاول وقدر (استطاع) معرفة هذا المكان وتم اقتحام هذا المكان بهذا الوقت، وكنا نرى ونصور أيضًا فيديوهات للقناصة المنتشرين على أسطح المباني على بناء عفيف وبناء سندس، وكلما تقدم النظام خطوة إلى الأمام تنتشر القناصة على الأسطح، وهنا النظام في وقتها هذا الفيديو انتشر على قناة "بي بي سي الإنجليزية" وعلى باقي القنوات، وهنا النظام جن جنونه واعتقل صاحب المكان.