عندما حصل معي هذا الأمر عدت، وقمت بضبط الأمور، وبقيت عشرة أيام، ثم طلبت إجازة مرة ثانية من قائد المطار، وهنا تكمن المفارقة. وهذا نفسه الذي كان يقول لي: الآن أثبتّ لي أنك الأول، وأنك حريص، عرفت أنهم عندما اتصلوا وقالوا: ابنك ضائع. وأنا ماذا أفعل في الشام؟ أنه أصبحت لديهم إرهاصات انشقاق، وأنني قد أكون أريد الانشقاق، فعندما ذهبت إليه، قال لي: إن المخابرات الجوية طلبتك في اللاذقية. فسألته: لماذا؟ فقال: أنت تعرف محمد علي بلال وقدرته، وهم يريدون أن يعرفوا كيف حصلت الترتيبة، يعني ما الذي أخذك إلى الشام والإجازات ممنوعة، وأنت من حمص، وكل هذه الأمور. وقال: أنا شرحت لهم، ولكنهم أيضًا يريدون سؤالك، وأن يفهموا منك كيف حصلت الأمور. فقلت له: لا توجد مشكلة.

ذهبت، وقابلني رئيس الفرع، وأعتقد أن اسمه محمد إبراهيم أو أحمد إبراهيم، وكان بجانبه ضابطان من أفرع أخرى، فقال لي: ماذا حصل معك في الشام (دمشق)؟ وقال: اتصل معنا محمد علي بلال، وطلب التوصية بك. وسألني: ماذا حصل معك؟ فشرحت له، ثم قال أريد أن أسألك: كيف هو الوضع عندكم في الخالدية؟ فشرحت له تمامًا بشفافية وواقعية. وقلت له: هؤلاء المتظاهرون لا توجد هناك طريقة للتعامل معهم بشكل جيد، وحتى إن عملية القتل التي تحصل ضد المسلحين يتمّ فيها إصابة أشخاص مدنيين ليس لهم علاقة، والحملات الأمنية لا تأخذ فقط المتورط، وإنما تأخذ الجميع، وهذا يثير المشاكل. فأصبحنا نتناقش معًا، والحقيقة وكأنك تدرس حالة أمنية، وهذا أعطاه اطمئنانًا من جهتي، ورأى أنني لست متوترًا وأتكلم بأريحية، وأنتقد وأمدح وأذمّ وأنصح، يعني أنا كان يجب عليّ أن أصف الحالة بطريقة ألا أكون مشاركًا فيها، يعني ألا أكون جزءًا فيها، وكأنني متهم وأدافع عن نفسي، وكنت أتحدث بأريحية، وهذا خلق انطباعًا عنده بأنه لا يوجد عندي بوادر انشقاق، وأنني لا أدفع عن نفسي تهمة ما، وبعدها قال لي: حسنًا، إذا ذهبت وإذا رأيت أي شيء يجب أخبارنا عنها فأخبرنا، وأنت تمّ التوصية بك من قبل اللواء عدنان الطويل. فقلت له: شكرًا لك. ثم عدت إلى القاعدة.

طبعًا، قصة اللواء عدنان الطويل أنه بعد أن حصل الهجوم على الخالدية، وسقط الكثير من القتلى والشهداء والمصابين، وأنا من هذا الحي، فخافوا أن تحصل عندي ردود فعل ولا سيما عندما جاءني اتصال أم عبادة، وكان بجانبي العقيد أحمد عليا الذي كان أخوه في الحرس الجمهوري، وهو قائد الحرس الجمهوري، ورأى كيف توترت، و[سمع] لهجة زوجتي، وأنني قد أكون متعاطفًا أو أتعاطف؛ لأنني مصرّ على البقاء في الحي، ولم أنتقل منه، وكان عليهم دراسة هذه الحالة، وخاصة أنني في مطار حساس، وهو مطار حساس إلى درجة أن الطائرات الرئاسية كانت تهبط بجانبنا، ونحن نشارك في عملية الطائرات الرئاسية، ونقل المجرم [بشار الأسد] من مطار حميميم إلى القصر الجمهوري بحوامات، ثم القيام بدوريات جوية بالإضافة إلى الدوريات البحرية والدوريات البرية. فنحن نُعتبر من النواة التي يجب أن تكون موثوقة جدًا. وطبعًا، أثناء تواجدي كل تلك الفترة لم يأتِ المجرم بشار الأسد إلى مطار حميميم، يعني طوال فترة الثورة السورية حتى انشققت، ولكن أحيانًا قد يكون بينك وبينه 200 متر فقط، وأحيانًا، تستطيع أن تصل له على بعد 50 متر، وطلقة مسدس يمكن أن تودي بحياته، ولكن هذا الأمر لم يحصل.

وبالتالي عندما استُدعيت إلى التحقيق إلى دمشق أخذت الأمور بشكل بسيط جدًا؛ لأنني لم أكن أرى أن النظام قد فقد السيطرة على المتظاهرين، بل مازال التحكم في يد الدولة والنظام.

عندما طُلبت إلى التحقيق دخلت إلى مكتب، ودخلت بحالة طبيعية إلى المساعد، وقلت له: أنا مطلوب بمهمة إليكم. فقال لي: تفضل، واجلس. فجلست، ورأيت أشخاصًا آخرين مطلوبين من الضباط، وكانوا متوترين.