الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.

بيان تهنئة من الجبهة الديمقراطية العلمانية بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس الحزب الشيوعي السوري

بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس الحزب الشيوعي السوري:

أهنئ الشعب السوري العظيم وقواه وشخصياته السياسية الوطنية الديمقراطية، والعلمانية، ومثقفيه العضويين، وبيروقراطييه المهنيين، ورفاقنا الشيوعيين في الفصائل التي خرجت على الحزب الأصلي جميعهم. والرفاق الشيوعيين الذين تركوا الالتزام التنظيمي نتيجة سياسات النبذ المتعمد لهم بعد أن تحول حال حزبنا من حزب جاذب إلى حال أحزاب فصائل هشة نابذة أكثر مما هي جاذبة، وفاعلوها المعنيون يعرفون أننا أصبحنا نعيش في عالم تتجمّع فيه القوى والدول حول محاور الأقطاب الجديدة الصاعدة ومراكز قوتها الصماء.. ومع ذلك فإن أهنئ الجميع بما استطاع هذا تنظيم الحزب الشيوعي أن يساعد على تحقيقه من منجزات ومكاسب مادية ومعنوي للشعب السوري ومصالحه الوطنية، وعلى رأسها حيازة استقلال الدولة السورية ووحدتها أرضا وشعبا واستمرار الدفاع عنها والحفاظ عليها.. وقد أطلق عليه شعبُنا لقبَ " حزبِ الجلاء والخبز" فيما مضى، لذلك عجب في إن كل فصيل قد انقسم يعود إلى التاريخ النضالي لذلك الحزب لينسبه إليه، متجاهلا، وهو يعرف، أن شرعية الوجود لا تستمد من التاريخ الماضي، على الرغم من أهميته، وحسب، وإنما تستمد، أيضا، من الحاضر بمسك زمام المبادرة وإقناع أبناء الشعب بأن الشيوعيين السوريين لايزالون يمتلكون القدرات النضالية والتخييل السياسي الخصب في استراتيجيات المستقبل.. حركة التاريخ تقدمية، لكنها غير واعية، وقد تنطوي على خبث الشيطان الأكبر نفسه.. الوعي السياسي البشري الناضج، وهو أرقى أشكال الوعي الاجتماعي، هو جوهر ما يُكسب حركة التاريخ قيمتَها الاجتماعية، هو ما يحقق للشعب السعادة الملموسة، ويبعث في أبنائه الإلهام والإبداع وتجاوز المحن مهما كانت..

الهيمنة الغربية على دول العالم وشعوبها تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وهذا لا يعني أن الأنظمة الغربية ودولها ستنهار، بسرعة.. لا أبدا، فهي دول متقدمة جدا، تمتلك الموارد البشرية والمادية الكافية الضامنة لتطورها الدائم، وستحافظ واشنطن ولندن وباريس على بريقها، وتمتلك قدرات تأثير كافية في غيرها من الدول وشعوبها تقدما أو تخلفا. وفي الوقت نفسه هناك أقطاب صاعدة بوعي سياسي في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكنا نتمنى لها الصعود سلميا وعلى المعايير التي وضعها الغرب الامبريالي نفسه، لكن هذا الغرب التمييزي سرعان ما يغير معاييره حفاظا على هيمنته، ويذهب نحو العنف والحرب مضحيا بموارد أتباعه، ولا شك في أنه مستعد للتضحية بموارده البشرية نفسها حفاظا على بقائه..

نحن- السوريين- بعامةِ فئاتِنا الاجتماعية نفتخر بوعينا السياسي المبكر، نتيجة ما عانيناه من ويلات عدة احتلالات وما نعانيه الآن، أن هذا الغرب الاستعماري القديم والجديد لا يؤتمن على فردة صرماية عتيقة لا نموذج لنا في الغرب يمكننا أن نقلده؛ فكنا أول من كسر سلاحه ودبلوماسيته واتجه إلى الشرق، ولولا هذا الاتجاه المبكر لكانت سوريا الآن عدة إمارات حربية؛ لذلك يتوجب علينا الاعتراف وتقديم الشكر لكل من ساهم في ذلك ماضيا وراهنا ومستقبلا.. الدولة السورية محكومة لاتزال صغيرة السن وهي محكومة بالجيوبوليتيك المحلي والإقليمي أكثر من دول عديدة، هذا بصرف النظر عن طبيعة نظام من يحكمها، وقد فاتها قطار التقدم الكافي بالنظام الرأسمالي أو التقدم الكافي بالنظام الاشتراكي، كما فات غيرها من الدول المشابهة.. لم يبق لها غير طريق التنمية المستقلة بالاعتماد على حلفائها وأصدقاء شعبها الشرقيين من الأقطاب الصاعدة في آسيا وأوراسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.. ولا شك في أن الدولة الشرقية الضعيفة المتخلفة حين تتحالف مع الدول غير الغربية القوية المتقدمة ستفقد جزءا ما، قليلا أو كثيرا، من استقلالها في اتخاذ القرار الحر لفترة زمنية للتمكن من توفير إمكانات كافية لتطور تنميتها المستقلة، هذا الأمر يتعلق جوهريا بقدرات هذه الدولة في إدارة موارها في هذا الاتجاه الجديد التي أتيح لها تاريخيا أو موضوعيا، وعلى أبنائها جوهريا وعلى حلفائها، أيضا، تحمل المسؤولية إيجابا أو سلبا.. لذلك لا ينفعل السوري ذو الوعي الساسي الناضج بالقول: " قرار دمشق في موسكو وطهران"، ولا بالقول: " الحرب الروسية- الأوكرانية حرب بين القوى الامبريالية المتناهشة"، فلا " قرار دمشق في موسكو وطهران"، ولا العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حرب بين القوى الامبريالية المتناهشة، فالدولة الروسية دولة غير امبريالية لقد فاتها القطار التاريخي، وحتى " غاز بروم" أكبر شركاتها ليست احتكارا نفطيا بالمقارنة.. وما يقال عن الدولة الروسية يمكن تعميمه على غيرها من الدول القوية الصاعدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية..

لقد أتيح للدولة السورية حكومة وشعبا فرصة تاريخية كافية لمواجهة الهجوم عليها بالإرهاب الدولي، والداخلي، المدعوم غربيا لتمزيقها إربا، ولما أحست إدارة الرئيس الأمريكي بأن التنظيمات الإرهابية وحدها غير قادرة على أداء الدور المطلوب، شكلت حلفها الدولي بحسب معايير شرعيتها الخاصة، وأقدمت على احتلال الأرض السورية بحجة مكافحة الإرهاب، بل وأعدت للهجوم العسكري على سوريا وغزوها كما فعلت في دول سابقة.. غير أن الرئيس " بوتين" وضع اللجام الكافي حول فكي سياسة إدارة الرئيس " أوباما"، وتدخلت روسيا، بعد تدخل حزب الله اللبناني والتدخل الإيراني، بحسب مبادئ الشرعية الدولية للأمم المتحدة، وتم قلب الموازين رأسا على عقب.. وقد صرح الرئيس بوتين علنا بأن نتيجة الصراع في سوريا سيساهم جوهريا في تغيير الخريطة السياسية في العالم.. وها هي تلك الخريطة تتغير فعلا باتجاه عالم جديد متعدد الأقطاب.. لقد حققت الدولة السوري نصرا جوهريا في الدفاع عنها وفق المصالح الوطنية العليا لشعبها، ولايزال أمامها وأمام حلفائها مهمة استكمال هذا النصر سلما أو حربا، للقضاء على الإرهاب وتحرير كل شبر من الأرض السورية بالتزامن مع إعادة البناء والإعمار.. فإلى مزيد من تعميق التحالفات والصداقات..

الثقافة الغربية التافهة التي تم تسويقها في إطار الهيمنة الغربية تلفظ أنفاسها الأخيرة أيضا.. وتعود الثقافات الوطنية ذات الخصائص الإنسانية المتعددة إلى أبناء دولها كما تعود المياه إلى مجاريها أكثر نقاء وألذ مذاقا.. ونحن- السوريين- لدينا تنوع ثقافي كافي مصدره كل مكونات شعبنا المتنوعة، ولقد أتيحت لنا فرصة إدارة هذا التنوع بخصوبة متوقعة لمواجهة من يحاول تحريفه عن الثقافة السورية الإنسانية التي تجمع بين الأصالة والتحديث.. وأتمنى ألا تضيع فضياع الفرص المتاحة خسارة.. وهنا يأتي دور إتاحة نشر الثقافة العضوية، ودور المثقفين العضويين، في إعادة بناء الثقافة السورية بإشباع أرواح أبنائها وأجيالهم المتعاقبة..

إن القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية الديمقراطية والعلمانية فليس أمامها من خيار غير الحوار الجاد المتواصل للوصول إلى تحالفها لمواجهة مستحقات الراهن والمستقبل المنظور.. وعليها أن تعترف علنا وبشفافية بأنها قد فقدت كثيرا من مصداقيتها لدى أبناء الشعب السوري نتيجة للأقوال الرنانة دون أفعال تؤدي إلى تحسين حياة الشعب تدريجيا بشكل ملموس.. وهذا الاعتراف لا قيمة له إن لم يمارس سياسيا في أوساط أبناء الشعب وفئاته الاجتماعية الوطنية جميعها من قاعدة الهرم إلى قمته.

التكنوقراط الوطني السوري متقدم نسبيا، وقد ساهم جوهريا في تقدم الدولة السورية، وفي الحفاظ على استقلالها ووحدتها أرضا وشعبا خلال الأزمة الوطنية الراهنة على الرغم مما خسره وهو ليس بقليل، ذلك بحسب الإمكانيات المتاحة له، لكنه يمتلك إمكانات وطاقات لا حدود لها إذا تم التمكن من استثمارها، وهذا يفترض نزع الخوف والاستبداد، وزرع الأمان الوظيفي، وتوفير مستلزمات الحد الأدنى للنهوض.. لكي يلمس الشعب السوري وقواه السياسية قوة فيض التكنوقراط في جميع المجالات الحيوية الناهضة بسرعة عير متوقعة..

الخير والأمل كله مرهون بعمل الكادحين المنتجين السورين بزنودهم وأدمغتهم في المصانع والمزارع والمكاتب وغير ذلك خرط القتات كما يقال.. وهذا يفترض توفير مستلزمات الحد الأدنى للنهوض وإعادة بناء التشغيل وتحفيز الكادحين من أصغر منظمة منتجة، حتى وإن كانت منزلية، إلى أكبر شركة.. وقد ظهر دور المرأة السورية البطولي في العمل المنتج خلال الأزمة الوطنية الراهنة جليا واضحا فثلثا من يتوجه إلى العمل المنتج صباحا هم من النساء السوريات بحسب ما لاحظت عند موقف انطلاق وسائل النقل في الحي الذي أقيم فيه في حي الأعظمية بمدينة حلب.

لا نستطيع أن نعيد فرص الزمن الفائت ولا أن نرجم التاريخ، حركة التاريخ هي التي ترجمنا إن تخلفنا، وهي تفعل ذلك.. ولكننا نستطيع أن نتحكم في الفرص الجوهرية التي يتيحها الظرف الراهن ونولدها ونخلق منها فرصا جديدة في مستقبلنا المنظور لتحقيق أهداف الشعب السوري العظيم.

فيا رفاقي الشيوعين في أي مكان غير الملتزمين حاليا، والملتزمين في أي وحدة تنظيمية عليا ووسطى وقاعدية، أزعم أننا إن أمسكنا بزمام المبادرة الملائمة بتحاورنا وتجمعنا وتحالفنا وتوحدنا سنشكل جزءا رئيسا من النواة الصماء لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية السورية بمشاركة القوى والشخصيات والأحزاب السياسية الوطنية السورية كلها.. الفرصة متاحة يفترض أن نستثمرها.. لا تستهينوا بقوة الشيوعيين السوريين إذا ما عملوا على أن يكونوا فريقا جديدا واحدا في صفوف شعبهم.

كل عام وأنتم بخير يا بناء الشعب السوري العظيم وقواه وشخصياته السياسية الوطنية الديمقراطية، والعلمانية.. كل عام وأنتم بخير أيها الرفاق الشيوعيون السوريون أينما كنتم. كل عام وأنتم بخير أيها الزملاء في مجموعة الضغط الوطني الديمقراطي وحلفائها في الجبهة الوطنية الديمقراطية.. لن نلتفت إلى الماضي، سنضع الشمس في جبهنا ونغذ السير فطريقنا طويل..

المعلومات الأساسية

تاريخ الصدور

2022/10/30

اللغة

العربية

نوع الوثيقة

بيان

البلد المستهدف

سوريةإيران-طهرانأوكرانياروسيا

كود الذاكرة السورية

SMI/A200/593848

كيانات متعلقة

شخصيات مرتبطة

لايوجد معلومات حالية

يوميات مرتبطة

لايوجد معلومات حالية

درجة الموثوقية:

الوثيقة

  • صحيحة
  • غير صحيحة
  • لم يتم التأكد من صحتها
  • غير محدد