افتتاح المدارس وتشكيل المكتب التربوي الثوري في القصير
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:55:16
بعد فترة، وعندما عادت المدارس في عام 2011، كان هناك أشخاص يقولون: إنه خطأ. وهناك أشخاص يقولون: [إنه صحيح]. فبعض المدرسين -وسوف أذكر القصة كما حصلت بالضبط- اجتمع قسم منهم، وطلبوا الاجتماع بنا، وجلسنا معهم، وكان رأيهم أن المدارس التي يُعتمد عليها هي مدارس الشباب (الإعدادي والثانوي ومدارس البنات)، و كلها كانت موجودة في القسم الأمني في القصير، حيث كانت تقع شرق سكة القطار، فكانت لدينا 3 مدارس كبيرة بجانب مفرزة الأمن العسكري بالضبط، وكانت لدينا مدرسة أخرى بجانب مفرزة أمن الدولة بالضبط، وكانت كل المدارس في القسم الذي سيصبح بسهولة... وطبعًا، دار هذا الكلام بعد اقتحامين للجيش ووجود عدد هائل من المطلوبين، يمكنك أن تقول: إن كل المدرسين أصبحوا مطلوبين، وكل الطلاب في المرحلة الثانوية تقريبًا أصبحوا مطلوبين؛ فكان هناك تخوّف، و ماذا يمكننا أن نفعل؟ وإذا ذهبنا فسوف نعتقل بسهولة، وربما يحصل اقتحام. وفي ذلك الوقت، اتخذوا قرارًا بعدم الذهاب إلى المدارس، أو إذا استطعنا أن ننقل المدارس إلى القسم الذي يكون أكثر أمانًا، وكان النقل مستحيلًا، فلا يوجد شيء جاهز، فلم يكن هناك سوى المدارس الابتدائية الموجودة داخل المنطقة القديمة، وكانت الأعداد كبيرة؛ حيث لم تكن لدينا حركة نزوح من القصير بعد. وفي ذلك الوقت، اجتمعوا، وقرروا، وكان القرار من المدرسين، ولم يُفرض عليهم أي شيء من أحد ما، فالمدرسون كانوا خائفين، وكانت المعنويات في تلك الفترة (في شهري آب وأيلول) عالية، ولم يكن أحد يظن أن النظام سوف يستمر لأكثر من شهر أو شهرين، فهو ساقط لا محالة، فخرجوا بمقولة: "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس". وهناك أشخاص يقولون: إن هذا القرار خاطئ. وكنا نؤيدهم في رأيهم، بمعنى: افعلوا ما تحبون. ولم يُجبر أحد على عدم الذهاب إلى المدارس في البداية، وهذا القرار.. وبعد ذلك، كانت هناك مجموعات تقول: من يريد أن يذهب إلى المدرسة.. وكانوا بعض الأشخاص وبعض المتشددين، فمثلًا: حاول بعض الأشخاص فتح المدارس، وحدث اعتداء عليهم، وحصلت أخطاء فيما بعد، حيث قام بعض اللصوص بسرقة المدرسة الثانوية الصناعية في ذلك الوقت، واستُرجعت المسروقات عن طريق اللجنة الأمنية في وقتها، وأودعناها عند شخص معين كأمانة عنده إلى حين..
في هذه الفترة، توقفت الدراسة، ولم نبدِ موقفًا تجاه ذلك، فأنا شخصيًا لم يكن لديّ موقف من هذا الموضوع، ولكن أحد الناشطين كان مدرسًا، وكان يتكلم، ويقول: لا يمكننا الذهاب إلى هذا القسم، وأصبحنا مطلوبين، ولا دراسة ولا تدريس. وبعد فترة، فوجئت بأنهم يريدون افتتاح مدرستهم الخاصة، وجاؤوا يعرضون عليّ ذلك، ويقولون: نريد أن نفتح المدرسة الخاصة. فقلت لهم: لماذا تريدون أن تفتحوا المدرسة الخاصة؟ فقالوا: أصبح الأولاد بدون تعليم. فقلت له: ألم تكن تصرخ، وتقول: "لا دراسة ولا تدريس". فهل نغلق المدارس العامة المجانية، ونسمح لك أن تفتح مدرستك الخاصة؛ لتأخذ المال من الناس؟ هذا الأمر غير مقبول، وهذا كان رأيي، وهو: إما أن تُفتح جميع المدارس أو أن هذا الأمر مرفوض؛ ففي ذلك الوقت كان هناك الكثير من الأشخاص الذين سوف يسجلون في هذه المدرسة الخاصة، ويدفعون الأموال، ويصبح ذلك عبئًا عليهم، وهنا ظهر موقفنا الرافض: إما أن يفتح الجميع المدارس أو أننا لن نسمح لأحد بذلك.
وطبعًا، لا أعرف إذا كان القرار صحيحًا، ولكننا اكتشفنا فيما بعد أنه كان قرارًا صحيحًا؛ لأن النظام لم يتردّد في قصف كل شيء، لأن من قتل الناس في ذلك الوقت كان بإمكانه أن يقتحم، ويأخذ الطلاب، وربما يأخذ المدرسين، وأتوقع لو أن المدارس بقيت بهذا الشكل، وبقي الدوام في المدارس، وبقيت جميع دوائر الدولة -لم تكن لدينا هذه الثقافة من أجل حمايتها بالكامل- فأنت في ذلك الوقت يجب أن تكون في كل شيء مع النظام، بمعنى أنه لن تكون هناك ثورة، وهذه لا تسمى ثورة، وخصوصًا أنها تحولت إلى ثورة، وأصبح هناك سلاح، واتُخذ القرار بالحل الأمني، وأصبح لدينا شهداء في القصير، ففي هذه الفترة (فترة المدارس) كان لدينا ما لا يقل عن 40 شهيدًا، ففي تلك الأثناء، يجب عليك أن تأخذ قرارًا: فإذا قررت أن تستمر المدارس كما هي فهذا يعني وجوب بقاء البلد كما هي، ويجب أن يبقى كل شيء تحت سيطرة الأمن، وستبقى دوائر الدولة تعمل بشكل كامل، فمعنى ذلك أن هذه ليست ثورة، ولم نكن قادرين على الوصول إلى موضوع العصيان المدني الكامل في تلك الفترة. المهم أن هذه الأحداث وقعت، وتوقفت المدارس في هذه الفترة.
ومضت هذه السنة، وفي السنة الثانية، وعلى اعتبار أننا وجدنا هذا النظام متمترسًا، ولا يمكننا إزالته، اجتمع عدد من المدرسين، وقرروا أن تكون لديهم مدارس ثورية، بمعنى أننا نعود بالمدارس إلى المرحلة الثورية، وعرضوا علينا الفكرة، وقلنا لهم: حسنًا، هذا الموضوع جيد. وقاموا بتشكيل المكتب التربوي الثوري، وأصبح لدينا أيضًا مكتب تربوي ثوري، وكانت مهمته إعادة عمل المدارس ضمن المنطقة المحررة التي نحن فيها. وقمنا بجمع الطلاب، وفتحنا المدارس، وقمنا بإكساء بعض المنازل عندما كان لدينا نقص، وأذعنا خبر عودة المدارس في هذا العام. وطبعًا، الفئة نفسها التي حاربت في المرة الأولى، وخربت بعض المدارس، ومنعت المدارس بالقوة، حاولت أيضًا أن تمنع هذا العمل، واعتبرت عودة المدارس وافتتاحها خيانة. وقلنا لهم: إن هذه المدارس هي عمل ثوري، وهذه المدارس ثورية. وقمنا بحماية هذه المدارس، وشكلنا لجانًا من المجموعات خلال أول أسبوع، كانت تقف على أبواب المدارس، وتمنع أي أحد من الاقتراب؛ لأنهم حاولوا بقوه السلاح أن يمنعوها، فقمنا بحمايتها بقوة السلاح أيضًا، فإذا جئت بسلاحك فنحن مستعدون، وهذا الموضوع انتهى، وهذا قرار ثوري، ويجب أن تعود المدارس باسم المدارس الثورية التي سوف تلغي منهاج التربية القومية، وسوف نقوم بإعطاء دروس الرياضيات والعلوم واللغة العربية وكل شيء، ولكننا لن نقوم بتدريس هذه المهزلة (الثقافة والقومية). وفعلًا، كان الشباب متحمسين جدًا، وواجهتنا مشكلة، والذي لفت نظري في تلك الفترة هو أن المدرسين أنفسهم، ولا أقصد نفس الأشخاص، ولكن أقصد أن المدرسين الذين كانوا أساتذة في ذلك الوقت، والذين كانوا سببًا في إغلاق المدارس، والذين اجتمعوا في البداية، و قرروا إغلاق المدارس، هم المدرسون الذين أثّروا في الدور الثاني، وكانوا يجتمعون عند أشخاص من هؤلاء المتعصبين و المتشددين الذين لهم منبرهم، واشتكوا إليهم، وقالوا: إن هذه العملية (افتتاح المدارس) خيانة؛ لأن جميع المدرسين مهاجرون، وهم خارج البلد، ولم يبقَ إلا قسم بسيط من المدرسين، وإذا عادت المدارس فمن المؤكد أنهم سوف يعتبروننا غائبين، وإذا كُتب أننا غائبون عن العمل فمن المؤكد أنهم سوف يقومون بفصلنا من المدرسة، ونفقد الراتب، وستحدث مشاكل، وهذا نوع من الخيانة، ونصبح مطلوبين وملاحقين، ونحن الآن نعيش خارج القصير.
في هذه الفترة، أصبح لدينا مكتب تربوي ثوري مهمته إعادة تعليم الطلاب، وعاد الطلاب إلى المدارس، وكانوا سعداء جدًا؛ لأنهم عادوا إلى المدارس، وكان هناك مجموعة من المدرسين، أذكر منهم: المرحوم الشهيد مهدي عباس، والأستاذ خالد رعد، والأستاذ معاوية إسماعيل، والأستاذ نضال إدريس، والأستاذ نضال إدريس الذي كان الوحيد، أو ربما كان هناك شخصان معه في هذه الفترة، حيث فُصلوا من التربية بحجة العمل الثوري، فسُلّم هذا المكتب، وأصبح رئيس هذا المكتب في هذه الفترة.
وطبعًا، واجهتنا بعض الصعوبات، نحن كنا مضطرين أن نربط العمل الثوري التربوي مع مديرية التربية في حمص، بحيث تبقى رواتب الموظفين والعمال مستمرة، ويقومون بإحضار "المازوت" من أجل التدفئة. فكانت هناك علاقات، ونحن نعطي الدروس كما نشاء، ونعلم كما نشاء، ولكننا اخترنا شخصًا كي يتواصل مع التربية من أجل التنفيذ. وطبعًا، لا أحد يستطيع الدخول إلى المنطقة لأنها كانت تعتبر محرّرة في تلك الفترة، فنحن نتكلم عن عام 2012، عندما كان المكتب التربوي موجودًا، وكانت مهمة هذا الشخص مراجعة مديرية التربية في حمص وإبلاغها أننا نحن الأساتذة كذا، واضطررنا إلى عدم رفع اسم أي أستاذ على أنه غائب عن عمله، وهنا ظهرت لدينا مشكلة، وأصبح لدينا نقص كبير في الكادر التدريسي، واضطررنا إلى إحضار مدرسين ليسوا من ضمن الملاك كما يسمونهم، مثلًا: من كان يدرس في الجامعة وغير موظف يقومون بتعيينه كمدرس وكيل. وفي هذه الفترة، أصبحنا مضطرين لإعطاء رواتب للوكلاء؛ لأن التربية لن تعيّن وكلاء، فالعدد عندها مكتمل، فعندما تقول: كل المدرسين موجودون، و كل المدارس موجودة، و أنت ترفع الأسماء بهذا الشكل عن طريق الشخص الذي مهمته التواصل معهم، حيث كان يبلّغهم أن المدارس تعمل، وأن المدرسين على رأس عملهم، وهم غير موجودين، وكان قسم كبير منهم غير موجود؛ فأصبحت لدينا مشكلة، فأنت يجب أن تقوم بتعيين وكيل، والدولة لا تعطيك وكيلًا، ويُصرف راتب لهذا الوكيل، ولم يكن راتبه كراتب المدرس الأساسي، ولكنه يكفي احتياجاته؛ لأن الاحتياجات أصبحت قليلة، والمصروف ليس كبيرًا، كما كان سابقًا، وأصبحنا نصرف لهم الرواتب عن طريق المجلس، وكان المكتب التربوي يصرف لهم رواتب.
طبعًا، لم يكن بإمكانهم إحضار الوقود إلى هنا، لا يستطيعون إدخال "المازوت"، ولكن المدارس قامت بشكل رائع جدًا، وكان التدريس جيدًا جدًا، وكان المدرسون أكفاء، وتعبوا كثيرًا إلى أن أصبح القصف شديدًا جدًا، ولم تعد هناك إمكانية للمتابعة، ولكن الأمور سارت على هذا الشكل حتى فترة طويلة، واستفاد الكثير من الطلاب، فعندما يعمل الناس بإخلاص وبدون هدف وليس لديهم هدف سوى التعليم... كانت التجربة ناجحة فعلًا، وأقمنا مدارسًا، ونجحت هذه المدارس، وكانت هناك مدارس في المنازل، والحمد لله، فقد حصل ذلك في هذه الفترة، وهذه قصة تشكيل المكتب التربوي الثوري.
معلومات الشهادة
الموضوع الرئیس
النشاط التعليمي في القصيركود الشهادة
SMI/OH/112-14/
رقم المقطع
14
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيلول وتشرين الأول 2011
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة القصيرمحافظة حمص-محافظة حمصشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة

مديرية التربية والتعليم في حمص