الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مجزرة ساحة العلبي في اللاذقية بيوم الجلاء 17 نيسان 2011

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:41:09

كان للمشايخ دور كبير أيضًا في أن الشهيد الذي يُقتل في المظاهرات كنا نذهب إلى البيت، مثلًا: الكثير من الشهداء ذهبت إلى منزلهم، أخذنا معهم الجثة، وشيعناهم، كان الناس يشعرون أن المشايخ موجودون معهم في مصابهم، دوري شخصيًا في جامع الرحمن عندما كنت أخطب أنه في كل خطبة جمعة تخرج مظاهرة كبيرة من أمام المسجد عندي، في المسجد، حتى في الداخل أيضًا. واقتحموا المسجد أكثر من مرة بأحذيتهم، ومنعناهم، ولكن للأسف بسبب قوة الأمن والجيش، كان يتواجد في كل خطبة جمعة خارج المسجد أكثر من 5 أو 6 سيارات، كل سيارة فيها 4 أو 5 عناصر، وكان هناك عدد كبير من الجيش والأمن والشبيحة، يعتقلون الشباب الذين يخرجون من المسجد، وأنا حاولت أكثر من مرة أن أُخرج الشباب من سيارة الأمن، يعني عندما أرى أنهم أخذوا شابًا إلى الاعتقال، أذهب وأخرجه من سيارة الأمن؛ حتى إن اسمي أصبح يتكرر كثيرًا في المحكمة، يُجبر المعتقل حتى يُفرج عنه أن يوقع على ورقة، ويقول فيها: إن الشيخ خالد كمال هو الذي حرضني على الخروج في المظاهرات، وكانوا يأتون إليّ، ويقولون: يا شيخ، اضطررنا أن نذكر اسمك مع أنك أنت لم تحرضنا، ولم تتكلم معنا، ولكن اضطررنا. فقلت لهم: لا توجد مشكلة.

علمت فيما بعد أن ملفي أصبح جاهزًا للاعتقال، يعني يقومون بتحضير ملف قانوني حتى يتهموني بالتهم المعروفة التي هي المس من هيبة الدولة والتحريض. وأصبحت في الحقيقة أعمل بحذر فيما يخص الموضوع المشيخي والإعلامي. هذا فيما يخص دور المشايخ في محافظة اللاذقية، أعتقد أنني ذكرته من قبل الثورة حتى الآن.

نعود الآن إلى التسلسل التاريخي للأحداث التي حصلت في اللاذقية، كان عندنا في كل يوم مظاهرات، استمرت ما يقارب الشهر بشكل متواصل، والناس كانوا ينامون في الشوارع، ولكن كانت هناك مظاهرات استدعت تدخلًا و قمعًا من الأمن، عُرفت فيما بعد بالمجازر، أول مجزرة كانت مجزرة الخطاب التي حصلت في تاريخ 26 عند محطة القطار ونزلة "سكنتوري"، و مات على أثرها الكثير من شبابنا، و المجزرة الثانية هي مجزرة الشهيد قصي صمادي في اليوم الثاني، خرج أيضًا ألوف المشيعين معه، وعلى رأسهم المشايخ، [مثل]: الشيخ حسن صاري؛ لأنه كان من جامع صوفان الذي يخطب فيه الشيخ حسن، وهو يعتبر أستاذه، وخرج أيضا الكثير من المشايخ معه، وأنا هنا كنت قد عدت من هروبي (من حلب)، و شاركت في هذه المظاهرة، شاركت بها من بعيد، كنت لا أزال خائفًا، ولم أقف في الصف الأول مع الشيخ حسن، وإنما شاركت من بعيد، والمجزرة الثالثة التي حصلت في يوم الجلاء (مجزرة الجلاء) و ما تعرف أيضًا بمجزرة العُلبي التي راح ضحيتها عدد كبير من الشهداء، والمجزرة التي حصلت عند العُلبي شاركت بها منذ البدايات إلى النهايات، و أريد التحدث عنها.

مجزرة العُلبي: الشباب أرادوا أن يعتصموا في ساحة العُلبي، والتي تعتبر مكانًا مفصليًا في مدينة اللاذقية (تقاطع شارع القوتلي مع شارع بور سعيد)، لو استطاع الشباب فعلًا أن يستمروا بالاعتصامات لقطعوا، وشلوا حركة المدينة تمامًا، شارع القوتلي، وشارع بور سعيد من أكبر شوارع اللاذقية. والمنطقة جميعها سنية ومنطقة تصلح لاجتماع الناس، وبدأت الاجتماعات، وبدأ الناس يتوافدون، و كل شخص أحضر معه ما يطيل فيه الجلوس (الطعام والشراب والحصر على الأرض)، ولم يأتِ الشباب فقط، وإنما جاء الشباب مع العوائل، يعني هذه الظاهرة كانوا لأول مرة يشاركون بها، ليس الشباب فقط، وإنما كان يأتي الرجل مع زوجته وأولاده، ويجلسون، وبدأت الأعداد تتكاثر في ساحة العلبي، حتى جاءني اتصال من أحد أصدقائي الذي كان قريبًا من أيمن جابر والنظام، وكان قريبًا من الثوار، هو لا يريد الدماء فعلًا، ولكنه قريب إلى حد كبير من النظام، اتصل بي، وقال: يا شيخ خالد، فضّوا الاعتصام فورًا. وقلت له: مستحيل. قال: أنا أنصحك بفض الاعتصام؛ لأنه سوف يكون هناك دم كثير. وقال: أنا حضرت الاجتماع، كما قلت لك: من الأشخاص القريبين من الطرفين، صحيح أنه قريب من النظام، ولكن لا يريد أن يحصل قتل؛ لذلك كان يتكلم معي بحرقة: يجب أن تفضوا الاعتصام فورًا. قال: أنا الشيء الذي أراه أنت لا تراه. وفعلًا، حاولنا [إبعاد] النساء والأولاد على الأقل، وأن نفضّ الاعتصام، واستطعنا أن نؤثر قليلًا في النساء والأولاد، ولكن جميع الشباب بقوا جالسين في ساحة العلبي، لم يذهب إلا البعض من الناس الذين تعبوا، وقارب العصر على الانتهاء ودخول المساء، وكان واضحًا تجمع النظام، بدأ النظام يتجمع، وأصبحت سيارات الأمن كثيرة والجيش حول المظاهرات، ونحن قلنا: على الأقل النساء والأطفال فقط يعودون إلى المنازل. وفعلًا في البداية، فتحوا المياه، كانت الساحة في مكان في أسفل الطريق، ومن الأعلى إذا فتحت المياه فستنزل المياه عليهم، وفتحوا صهاريج المياه، أو يُقال: إنهم فتحوا خزان "الطابيات". ونزل الماء على المتظاهرين، فاضطروا للقيام (الوقوف)، ولكنهم بقوا في أماكنهم، ثم عاد، واتصل بي، وقال لي: ماذا حصل؟ قلت له: الناس لن يفضوا الاعتصام. قال لي: يا شيخ خالد، سوف تحصل مجزرة. وأنا هنا في الحقيقة كنت أحد الأشخاص الذين انسحبوا، يعني قبل المجزرة بربع ساعة تقريبًا، انسحبت إلى المنزل، ومن شرفة منزلي، أو صعدت إلى السطح، رأيت كتيبة كاملة من الجيش- أعتقد من حفظ النظام- وأعدادًا كبيرة يمشون بطريقة "النظام المنضم"، ويهللون لبشار الأسد، وخبط قدمهم أحدث نوعًا من الرهبة في البلد، ودخل المساء، وقطع النظام الكهرباء عن المدينة بشكل كامل، وأصبحت هناك حالة رعب، وبدأ إطلاق نار كثيف، يعني أنا في معارك الجبل لم أسمع مثله، أطلقوا النار، يعني كل واحد من هؤلاء كان عددهم... يعني الأشخاص الذين استطعت عدّهم؛ كانوا يمرون من تحت منزلي أعتقد أنه عددهم يتجاوز 2000 عنصر من الذين ذهبوا إلى ساحة العلبي، و هم كانوا من هذه الجهة فقط، وتجمعوا في البداية في ساحة أوغاريت، ثم في شارع القوتلي، ثم اتجهوا مشيًا إلى ساحة العُلبي، و بدأ إطلاق نار رهيب، و استمر إطلاق النار أكثر من نصف ساعة، وفي هذا الوقت، اتصلت بالشيخ حسن صاري، و قلت له: يا شيخ، عيب علينا أن نلبس العمائم إذا سكتنا، دعنا نشلح(نخلع) العمائم، و نجلس في بيوتنا. و اتصلت مع رياض حجاب، وقال لي: الأمر كبير جدًا، لا أستطيع أن أتدخل، وقال الشيخ حسن صاري: سوف أجري اتصالاتي، ولكن في الحقيقة القرار قد اتُخذ بتنفيذ أو بقتل كل شخص متواجد في ساحة العلبي، الأمر الذي اتُخذ بأنه لا تتركوا أي شخص عايش (على قيد الحياة)، لا نعرف عدد الأشخاص الذين قُتلوا والذين استشهدوا في وقتها؛ لأن النظام بعد أن ارتكب مجزرته جاء بسيارات الإطفاء، وغسل الشوارع من الدماء، من استطاع أن يمدّ رأسه من الشرفة، ويرى، ويصور، أعتقد أنه يوجد على "يوتيوب" فيديو أو اثنين، ولكنه غير واضح أبدًا، يظهر فيها عدد من الشهداء والقتلى في الشارع، ومنذ ذلك الوقت، الجيش في الحقيقة تجمع، و تمركز في ساحة العلبي، وضعوا دبابات، هذه أول مرة تنزل الدبابات إلى الشوارع، وكان هناك لقاء لي مع...، وأنا طالبت أكثر من مرة على الأقل بإبعاد الدبابات، فإذا كانت دبابة في قلب المدينة كيف سوف تسمح لابنك بالذهاب إلى المدرسة؟ أو كيف سوف تسمح لزوجتك بالذهاب إلى العمل والدبابة موجودة في الشارع؟ لم نكن متعودين على هذا المشهد، ولكن بقيت الدبابات موجودة مدة طويلة في ساحة العُلبي وفي ساحة أوغاريت، وهذه المجازر التي أذكرها أو التي حضرتها، عندما بدأت المجازر... عندما بدأ إطلاق نار بسيط عند ساحة العُلبي كنت موجودًا، واختبأت بين السيارات، والرصاص كان يمر بجانبنا حتى هربت إلى المنزل كما ذكرت لك، وبدأت المجزرة الكبرى للأسف في العُلبي.

لم نستطع الإحصاء؛ لأنه حتى الذين فقدوا أبناءهم لا يعرفون إذا كانوا معتقلين أو شهداء، لا يستطيع أن يقول: ابني شهيد. وحتى الذي ابنه استشهد كان يُهدّد: لا تستطيع أن تقول ابنك شهيد. حتى لا يأخذوا ابنه الثاني أو يأخذوا الأب، كان الوضع مخيفًا جدًا، ولم نستطع أن نحصي إلا عددًا قليلًا من الشهداء في هذه المجزرة.

الخبر أُشيع بأن النظام أحضر من إيران محرقة، وحرق فيها الجثث، وذُكر لنا، وأنا لست متأكدًا، ولكن ما أنا متأكد منه- ناقل الخبر له علاقة قريبة من النظام- أنهم كانوا يربطون الجثث بشيء ثقيل، ويرمونها في البحر في البدايات. وفيما بعد أحضروا محرقة إيرانية أحرقوا فيها الجثث، وذكر لي أحد الأشخاص الذين كانوا يعملون أيضًا في المقبرة الجديدة في اللاذقية، أن النظام دخل مساء في هذه المنطقة، وحفر حفرة كبيرة، ورمى فيها أكياسًا، هذه الأكياس على الأغلب هي جثث، كانت أكياسًا كثيرة، رماها، وطمرها، ولم يضع شاهدة أو هذا مكان قبر، وقال لي: أنا أعرف المقبرة. وقال لي: بعد أن تنتهي الثورة سوف أدلكم عليها، ونحفرها. يعني النظام استخدم عدة وسائل لإخفاء الشهداء.

توجد نقطة مهمة ينبغي أن أذكرها، أن النظام اتهم الثوار بأعمال الشغب والقتل والحرق، وفي الحقيقة، الثوار كانوا ملتزمين ومنظمين وأخلاقهم تحكمهم دائمًا، حدثت بعض الحوادث، مثل: حرق مبنى "سيريتيل" الذي استثمره النظام كثيرًا لصالحه، وهذا حصل في يوم 26 آذار/مارس ، في اليوم الذي قتل فيه أول شهيد في اللاذقية، والذي قام بهذا العمل بصراحة مجموعة من الحشاشين، شخص اسمه أبو نظير سلواية، يعني شخص ليست له علاقة بالثورة، ولم يخرج معنا مرة في المظاهرات، ولكنه استثمر هذه القضية للانتقام من النظام، ونحن كنا ننكر عليه حرق المبنى في البداية، والأمر الثاني: هو حرق السيارات، كان حرق السيارات نتيجة لحرق سيارات الأمن، و نتيجة للتصرفات الإجرامية التي قام بها النظام. في اليوم الأول في 25 آذار/مارس، الجيش الشعبي (قوات حفظ النظام) دخلوا علينا بالقنابل المسيلة للدموع والدروع والعصي، شخص واحد فقط قام المتظاهرون بخلع ثيابه العسكرية، وأخذوا منه الدرع، وعلقوه على عامود الكهرباء رسالة للنظام، هذا حصل، وجاء الشيخ فهد راعي في وقتها، وأخذ هذا العنصر من الجيش، أخذه بالسيارة، وأوصله مباشرة إلى فرعه، واعتذر. مثل هذه الأشياء نعم ربما كانت تحدث، ولكن لم يحدث شيء كبير كما كان يدّعي النظام: أن هؤلاء تخريبيين(مخربين). ولكن على العكس كان هدف الثوار في ذلك الوقت كسر التماثيل، ولا نريد أي شيء يؤلّه آل الأسد، وكان هدفهم في ذلك الوقت استمرار الاعتصامات بدون شغب، فنحن لم نكسّر، وسوف أذكر في اللقاءات، في حي "الرمل الجنوبي"، لم نكسّر المحلات، ولم نكسّر شيئًا أبدًا، وكانت الفكرة اعتصامات سلمية فقط، نطالب فيها بحقوقنا وبأقل مبادئ الحرية والكرامة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/07

الموضوع الرئیس

مجازر النظام في اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/60-09/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

17 نيسان 2011

updatedAt

2024/04/20

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة