النشاط النسائي في مدينة دمشق خلال فترة الحراك السلمي
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:24:19
كان حماس بنات دمشق للثورة مفاجئًا، وكان بنفس الوقت-وأنا ابن هذه البيئة المحافظة- كنا نسمع بآذاننا في اللقاءات العائلية الكبيرة كلامًا عن البنات الذين يخرجن في المظاهرات الذين يوجد منهم من أقاربنا ومن جيراننا، وكان حماس بنات دمشق للثورة يضاهي حماس أبنائها، وأنا حتى اليوم أكتشف أنه يوجد بنات في الشام كان لهن دور وفعل في الثورة رهيب، ولم نكن نعلم به، ولا نشعر به، ومن أهم الأدوار التي كنَّ يقمن به، وخاصة أنهن بنات هذه البيئة المحافظة، متدينات، وانفككن عن هذه البيئة، وحافظن على تدينهن وبعضهن ترك حتى التدين، ولكن أصبحن يقمن بأدوار لوجسيتية وأدوار أمنية رهيبة جدًّا، لم يكن أحد منا يستطيع القيام بها، وأنا شاهد على عشرات من المواقف؛ يعني: نحن في الكثير من المظاهرات كنا نعتمد على العنصر النسائي بالرصد، وكنا نطلب من الكثير من البنات ألا يكنَّ في المظاهرة، ولكن كنا نوزعهن على مداخل الأحياء، ويكنَّ مرتبطات بمن يشعل المظاهرة أو من يهتف، وكن يرسلن له رسالة أنه جاءت الدورية من هذه الجهة، ويتم إيقاف المظاهرة، وتكون هذه المظاهرة طيارة مثلًا. وهذا في حالة المظاهرات الطيارة في الأحياء التي عليها تقييد أمني، مثل المزة وجزء من المزة القريب من ساحة الأمويين، وجزء المهاجرين، وبعض مناطق أبو رمانة وفي هذه المناطق كان دور البنات جدًّا قويًّا فيها، وأنا سيارتي في دمشق كثيرًا ما أعطيتها لبنات؛ لأنني لا أستطيع الذهاب إلى اللوّان عندما كان توجد مظاهرات مسائية والنظام أطلق الرصاص ويوجد شهداء أو جرحى، وكان يوجد بنات قمن بدورات داخل الثورة، وفي بداية الثورة عملن دورات إسعاف [أولي]، وكنَّ يذهبن ليلاً إلى كفرسوسة واللوّان، وأحيانًا إلى برزة والقابون ويدخلن من الحواجز، ولا توقفهن الحواجز؛ لأنهن بنات. وهذه الجزئية أيضا أريد الحديث عنها بالنسبة لعلاقة النظام مع بنات دمشق أو موقف النظام وعدم اقترابه من الأمور الحساسة كقضية بنات دمشق أو بنات ريف دمشق وهذا كان ملاحظًا أيضًا.
كانت البنات يدخلن والأمن كان يرى أنه رقم السيارة دمشق، ويرى بنات محجبات هذا الحجاب الشامي المعروف، ويعتقد أنه ليس لهن علاقة بالثورة، وتدخل البنات إلى المشافي الميدانية، ويسعفن الشباب ويضمِّدنهم، وفي إحدى المرات أعطيت لإحدى البنات سيارتي وجاءتني في الليل وحجابها عليه دماء؛ بسبب كثرة سَحْب الشباب، وحصل هناك إطلاق نار كثيف، إما في كفرسوسة أو المزة، وكان "المانطو" الذي ترتديه عليه دماء، وهي قامت بإسعاف عدة شباب في المظاهرة، وهي كانت مظاهرة سلمية، وكان النظام يطلق الرصاص على أطراف دمشق وريف دمشق، وهذا في بدايات الثورة، والكثير من البنات مثلًا في مظاهرات المزة التي حصلت في 18 شباط عام 2012، المظاهرة الكبيرة في النوع أو قبل هذه المظاهرة كان يوجد مظاهرة في المزة مظاهرة تشييع كبيرة، وفي هذه المظاهرة أذكر أن البنات كان لهن دور غير منضبط بالتعليمات الثورية يعني في مظاهرة المزة الكبرى أو مظاهرة مثلها قبلها كان يوجد اتفاق، ونحن اجتمعنا قبل يوم في مجلس قيادة الثورة[في دمشق]، وكانت تنسيقية المزة موجودة بالاجتماع، والاجتماع كان في بساتين الإخلاص في منطقة الإخلاص خلف مستشفى الأسد الجامعي، وكنا نتحدث عن المظاهرة في اليوم التالي، وما هو الترتيب؟ قلنا: إنه تحدثنا مع الأمن، وقلنا لهم، واتفقنا معهم أن يسمحوا لنا بالخروج في مظاهرة مع التشييع، وكان يوجد شهيد، وكان يوجد تفاهم بيننا وبين الأمن أن نخرج ونقول ما نريد، ولكن بدون إسقاط النظام، ونهتف للحرية. والشرط الثاني هو عدم رفع علم الثورة، وكانت المظاهرة حاشدة، وكان بشار الأسد لديه ضيوف في القصر، من روسيا وقالوا وصرحوا أنه وصل صوت المظاهرة إلى قصر الشعب، وكانت المظاهرة ضخمة جدًّا جدًّا، وعندما وصل التشييع إلى المقبرة أذكر أنه قبل الدفن أو بعده،قامت إحدى الصبايا -مع أنه يوجد اتفاق مع الأمن والبنت معروفة- بإخراج العلم[الثورة] من حقيبتها، ورفعته، وعندما النظام رأى أن العلم ارتفع بدأ بإطلاق النار على البنات، وجرح بعض البنات، ولا أذكر أنه استشهد أحد منهن، وبدأ يركض الناس، ويوجد بعض البنات دُعسن وهن على الأرض، ويوجد شباب هجموا على بقية الناس الذين يركضون لإبعادهم حتى يأخذوا البنات الذين جرى الدعس عليهن، وبدأت البنات يركضن باتجاه أحياء المزة، وكانت أبواب أهالي المزة تفتح بشكل تلقائي، ويسحبون البنات إلى الداخل، ويغلقون الباب ويقفلونه ويقومون بإدخال البنات، ويغسلونهن ويطعمونهن ويغسلون ثيابهن، وطبعًا يفصلون الهواتف، وأنا أعرف عدة بنات -وأنا في يومها هربت وخرجت من المنطقة، ولكن يوجد الكثير من البنات أهلهنَّ بشكل أو بآخر يستطيعون الوصول إليَّ، ويصل إليَّ الكثير من الشباب أنه بنتنا مختفية أو اعتقلت وتعود الساعة 9:00 ليلًا إلى منزلها ويسألونها أين كنت؟ وتقول: كنت في منطقة المزة محاصرة. وبقي أهالي المزة يخفونهن عندهم في منازلهم ويطعمونهن ويشربونهن. حالة من أروع ما يمكن أن يتخيلها الشخص، ولما راح الأمن خرجت البنات وعدن إلى منازلهن، وقال لي أحد الشباب من المزة قال: دخلت إلى منزلي، وفتحت له الباب زوجته وحماته، وقالتا: إنهما يعتذران منه كثيرًا؛ لأنه يوجد شباب عندنا في المنزل، شباب من المظاهرات من مظاهرة المزة الذين هربوا. وقال: أنا تشكرت زوجتي وحماتي وفعلًا دخلت وجدت أنه في المنزل يوجد تقريبًا 20 شابًا مختبئين في المنزل، ويطبخون لهم ويطعمونهم ونفس القصة صارت في كفر سوسة، وفي الميدان، وطبيعي نفس القصص تحصل في القابون وبرزة، وبقية المناطق الأقرب إلى الريف. وفي الريف هذا الموضوع متقدِّم أكثر، وأصلا في الريف لا يوجد أحد يجلس في المنزل والجميع في الشارع، وأما في المدينة يوجد أشخاص في المنازل، ويفتحون منازلهم، وطبعًا هذا الشيء لا تجده في حي مثل المهاجرين؛ لأن الناس يخافون أكثر، وكان الثوار لديهم عدة منازل ويأتي شخص مصاب من منطقة ويخفونه أو شخص ملاحق ويخبئونه في منزل أو مجموعة ملاحقة من ريف دمشق من داريا مثلًا يخبِّئونها، وهكذا.
بنات دمشق نحن كثيرًا ما أرسلنا مساعدات إلى بابا عمرو؛ يعني: راما- الله يفرِّج عنها أو يرحمها بكل الأحوال- راما العسس كانت تخرج تحت النار إلى بابا عمرو والقصف والنار موجودان، وفي دمشق لا يوجد شيء، كما حصل في بابا عمرو وكانت البنات يذهبن تحت النار، ويذهبن إلى بابا عمرو وإلى الرستن، وإلى كل المناطق الملتهبة، ويوجد بنات ذهبن إلى درعا ويتحركن ويذهبن إلى الغوطة، ونحن لا نستطيع القيام بهذا الأمر.
وبنفس الوقت من رصدنا لحالات المعتقلات النظام كان جدًّا حريصًا أن البنات الدمشقيات ما يسيء لهن؛ يعني: حالات التحرش بالبنات الدمشقيات جدًّا قليلة فضلًا عن حالات الاغتصاب، وبقيت إلى فترة طويلة قليلة إلا حالات جدًّا خطيرة، وخاصة. وبالمقابل البنات من ريف دمشق كان يوجد تركيز من التحرش، وفي البداية التفتيش وكانوا يعرون البنت إلى التحرش إلى الاغتصاب، وكان النظام إلى فترة جيدة حريصًا أن يترك شعرة معاوية بينه وبين الدمشقيين فيما يتعلق بموضوع[اعتقال] البنات، ونفس الأمر في قضية استقدام السلاح والرصاص لم يطلق النار في دمشق إلى فترة جدًّا متأخرة، وفي الكثير من المظاهرات كنا نرى الأمن نازلًا بالعصي، ولا يستخدم السلاح، وأول الرصاص الذي أطلق في المظاهرات كان في الميدان في 1 رمضان [آب 2011] بعد صلاة التراويح، وأنا كنت موجودًا في جامع الحسن، ومر [الرصاص]
من أمام راسي، وتم إطلاق الرصاص وبدأ يزيد شيئًا فشيئا حتى يوم 27 رمضان الذي ازداد فيه إطلاق الرصاص في الهواء، وباتجاه الناس، ولكن في هذا الوقت كان جيش [النظام] قد دخل إلى حماة بالدبابات، وإلى الرمل الجنوبي بالدبابات، ودخل إلى سقبا أيضًا بالدبابات في هذا الوقت، ويوجد مناطق مغلقة، والنظام كان يحاول أنه قدر الإمكان ألا يصعِّد مع مشق، ويحافظ على أن تبقى العاصمة معه ويضبطها اجتماعيًّا وتكون معه؛ لأن النظام يهمه أن تبقى العاصمة معه حتى لو سقطت كل سورية، وهذا هو الذي حصل، ونحن حتى في السجن كنا نعرف أن هذا المهجع يوجد فيه الكثير من البنات من دمشق من طريقة التعامل، وطريقة إخراجهن إلى الحمام لا يوجد فيها إهانة، بينما في الزنزانات في الجوية كنا نسمع ونعرف من خلال الكلام أنه يوجد بنت من دوما، وكان واضحًا التعامل الحقير معها والإساءة؛ فجزء منه للإيقاع لتعميق الشرخ بين الريف والمدينة وجزء منه كانوا حريصين –وهذا جزء منه معلومات وجزء منه تحليل مني- على عدم استثارة المجتمع الدمشقي ويحاول أكثر قدر الإمكان أن يكون معهم.
الأحياء الدمشقية مثل المالكي مثل أبو رمَّانة ومثل المزة (ليست مثل مزة البلد)، هذه كانت تقوم بدور لوجيستي أكثر من دور التظاهر. كان عندها أنشطة أسبوعيَّة سلمية "تظاهر، كرات حرية،مناشير، مناطيد"، لكن الشيء الأساسي أنها كانت تؤمِّن تمويلًا، وهذا يلي حكيت عنه عن التكامل، تؤمِّن تمويلًا، وتؤمِّن مأوى، وتؤمِّن لاحقًا -يلي حكيت عنه- مستودعات طبيَّة ومستفيات ميدانية، ولاحقًا.. لاحقًا صار فيها مستودعات للسلاح، والمهاجرين أعتقد آخر شيء صار فيها أنا كنت اعتُقِلت ولم يكن فيها مستودعات للسلاح، أو بعض النقاط صار فيها.
هنا، نحن ونتيجة الاحتكاك مع شباب الثورة بدمشق وريفها ومع الفاعلين بالثورة كان في شغل على تأمين بيوت أو ملاذات آمنة لبعض النَّاشطين في المناطق المشتعلة أو لبعض الناشطين الملاحقين والمتوارين أصلًا، مثل جماعة داريا. كان هؤلاء بداريا ملاحقين يحيى [شربجي] وأسامة ومجموعة من الشباب غير حاضرين في ذهني.. ونبيل شربجي رحمه الله، وبقية الشباب، تقريبًا كانوا عشرة أو أكثر .. وضعناهم في عدة بيوت في المهاجرين، وكان يوجد معارضون [مثل] سهير الأتاسي كانت ملاحقة في مكان فانتقلت إلى مكان فجاءت إلى المهاجرين فترة، ورجعت انتقلت لدمَّر مرة ثانية، وهكذا وبعدها خرجت من سورية، وغير الأسماء تبقى لفترة ما متوارية وبعدين تنتقل برات البلد كانت تلك الأحياء ما يكون فيها مظاهرات ... وينظر اليها إنها لا تعمل شيئًا، لكن هي تقوم بعمل شيئًا ثانيًا، فكانت في حالة تكامل فكانت في أحياء مثل المالكي والمهاجرين وأبو رمانة ما بدهم يدخلوا في العمل المسلح، لكن في قضايا ثانية كانوا يقومون بها لأنه كان محظور العمل مسلح ودخول السلاح؛ لأن هناك أشياء كثيرة نقوم بها وكثير منها لوجيستية، وفي مرحلة من المراحل ؛ اتفق مجلس قيادة الثورة و"تنسيقيَّات أطباء دمشق على أن يكون في هذه الأحياء خريطة من "المستشفيات الميدانية والمستودعات الطبية والدفاع المدني"، وهذه ارتبطت لاحقًا بنُوى المجالس المحلية التي نشأت في المناطق المحتلَّة؛ فهذه الأمور لا يمكن القيام بها في المناطق الثائرة التي يحدث فيها مداهمات دائمًا.
البنات كان لهن أدوار حتى [في] الأمور اللوجسيتية، وحتى [في] تجهيز الحراك وتجهيز الأنشطة كان لهن دور فيها؛ يعني مثلًا عندما يحصل قمع لمظاهرة، ويعتقل الشباب فإنَّ البنات كان لديهن من الجرأة الهجوم على الدورية ويصرخن عليها، وأحيانًا العنصر يرتعب؛ لأن البنات يصرخن عليه، ويوجد حالات خلَّصت (فكت) فيها البنات بعض الشباب من الاعتقال، ويوجد إحدى البنات التي درست الكيمياء وزَّعت علينا بخَّاخًا مثل الغاز المسيِّل للدموع، ونحن في المظاهرة إذا هجموا علينا نبخُّ عليهم على عيونهم، وهي صنعته في المخبر، ويوجد إحدى البنات كان لديها مثل هذا البخاخ، وفي التحقيق سألها المحقق على الهامش عن البخاخ فقالت: له إنه جهاز للربو، وهو جربه على نفسه وبدأ يختنق؛ لأنه فلفل. ويوجد الكثير من القصص يمكن استعراضها في أنشطة الحراك الثوري، وكيف كان تفاعل البنات، بالإضافة إلى وجودهن في مناطق ساخنة جدًّا ومشتعلة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/01
الموضوع الرئیس
الحراك النسائي في دمشقكود الشهادة
SMI/OH/131-18/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
مجلس قيادة الثورة في دمشق