الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

العودة إلى بلدة الطيبة في 2015 ومحاولة تجهيز البيت المقصوف ليصلح للسكن

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:50:03

كان والدي قد سافر بعدها إلى تركيا، وبقيت أنا وأمي وأختي وأخي الصغير، وزوجة أخي وبناتها ذهبوا إلى أهلها، وخاصة أن صاحب المنزل أعطانا مهلة؛ لأن والدي ترك العمل، وذهب إلى تركيا، أعطانا مهلة مدتها شهرين من أجل تسليم المنزل، ووضعنا المادي لا يسمح لنا أن نستأجر منزلاً في كفرسوسة أو الميدان، و في وقتها بدأت لدينا هدنة في الطيبة، وكنت أكثر شخص أصر على والدتي من أجل العودة، وعندما سافر والدي تركت والدتي في كفرسوسة في مهلة الشهرين، تركت والدتي وأختي وأخي الصغير في كفرسوسة، وعدت بمفردي إلى الطيبة، في نهاية عام 2015 تقريباً، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول تقريباً، وفي ذلك الوقت، كنت في صف البكالوريا (الثالث الثانوي)، وفي وقتها أصررت على والدتي أن أعود إلى الطيبة، فلا يمكننا أن نستأجر منزلاً، ولا يمكننا البقاء في المنزل؛ لأن صاحب المنزل يريده. وقلت لها: سوف أعود إلى الطيبة، وأقوم بإصلاح ما يمكن إصلاحه في المنزل، وكانت هناك هدنة، وتوقف إطلاق النار، وسيتم في المنطقة ما يشبه تسليم بالباصات (الحافلات)، والمنطقة على وشك التسليم فيما بعد.

وبالفعل، تركت والدتي في كفرسوسة، وعدت بمفردي إلى الطيبة، وأخذت كل أغراضي، ودخلت إلى المنزل، كان قد تعرض إلى قذيفتين، والوضع كان سيئاً، ولا توجد نوافذ أو صنابير ماء أو أي شيء. في وقتها، أرسل لي والدي دفعة من المال، أذكر المبلغ حتى الآن كان 60 ألف ليرة سورية من تركيا، أعطيتها لوالدتي، ووالدتي أعطتني المال من أجل شراء أغراض للمنزل، واشتريت صنابير الماء و أشرطة الكهرباء قمت بتوصيلها بشكل عشوائي، وقمنا بتعليقها على العمود، لم تكن هناك ساعة كهرباء، حتى الساعات كانت مسروقة، وعلقت ضوءاً في غرفتي ساعدني فيه ابن عمتي ، وهذه الغرفة التي سأنام بها في البيت، وقمت بتمديد خارجي للمنزل من أجل شحن الهاتف، وكانت الكهرباء تأتي لمدة ساعة أو أقل في اليوم، وتأتي ضعيفة، والنظام في وقتها سمح لعمال الكهرباء بالدخول والإصلاح. وفي وقتها بدأت أنقل الرمل، كانت قد سقطت قذيفة في المضافة، ودخلت إلى غرفة الجلوس، فتهدم الجداران، والمضافة حتى الآن وضعها سيء لا يمكننا العيش فيها، ويوجد جزء مهدم منها. وفي وقتها، أخرجت كل الردم، وساعدني بذلك أقاربي، وقمت بتمديد صنابير الماء والكهرباء، وجميع الكهرباء التي مُددت كانت خارجية، وكانت جميع أسلاك الكهرباء مسحوبة وكذلك أقفال الكهرباء، وقمت بتمديد الكهرباء بشكل خارجي، ووضعت صنابير الماء في الحمام، ونظفت المنزل، وجاءت والدتي.

كان منزلنا مكوناً من 6 غرف، هناك غرفتان مهدمتان بشكل كامل، لا يمكننا العيش فيها بسبب إصابتهما بقذيفة، وكان بجانب منزلنا منزل قديم، وكنا نعيش فيه قبل أن نبني المنزل الكبير، وذلك المنزل أصابته قذيفة، وسقط درج المنزل، فهاتان القذيفتان سقطتا على المنزل.

فنظفت كل شيء، وفي النهاية، ذهبت إلى الشام من أجل إحضار أغراضنا، وكان يتوجب عليك عند إحضار سيارة لتنقل أغراضك من منطقة إلى منطقة الحصول على تصريح من مختار كفرسوسة، وحتى يجب عليك كتابه أسماء الأغراض التي تريد إخراجها، فتكتب: فرن، سجاد... وكل شيء ستخرجه معك في السيارة يجب أن تكتبه بالتفصيل، ويختم المختار على الورقة، ثم تعود بها، ومع ذلك كل حاجز كان حتى يرعبنا يقول: يجب عليكم إنزال كل شيء موجود في السيارة. وطبعاً، كان معنا سيارة كبيرة "بيك أب" وممتلئة بالأغراض، يوجد فيها براد وأسرّة، وأثاث غرفة نوم، هذه الأغراض التي اشتريناها، ويقول: أنزل الأغراض حتى أرى ما يوجد في السيارة. وكان معروفاً أن الحاجز يريد إما علبه سجائر أو 500 ليرة، وحاجز صحنايا بالذات لم يقبل بعلبة سجائر، وكان يريد أكثر من ذلك، وقال: أريد 500 ليرة، أو سوف يتم إنزال جميع الأثاث. قالها علناً، فأخبرت أمي بذلك، وكان معنا في ذلك الوقت 2000 أو 3000 ليرة سورية فقط، هذا كل ما بقي معنا غير أجرة السيارة، فقالت والدتي: أعطيه 500 ليرة، ودعنا نمشي. و أعطيته 500 ليرة، وأكملنا طريقنا إلى الطيبة، وعندما وصلنا وزعنا الأغراض في المنزل، والأغراض كانت قليلة لآن منزلنا كان كبيراً، وقمنا بفرش غرفتين وصالة أنا ووالدتي، وزوجة أخي بقيت عند أهلها، ولم تسكن معنا، وكانت الحالة مزرية، لا يوجد أثاث جيد، وأبواب المنزل كانت كلها مفككة، ولا يوجد نوافذ، فوضعنا البلاستيك في مكان النوافذ، وكانت الصنابير وكل شيء من الأنواع الرديئة، ولا يوجد سخان ماء لأنه كان مسروقاً، كنا نملأ سطول الجبنة أو الحليب الكبيرة بالماء، ونضع السخان في داخلها من أجل الحمام، وكل هذا الأمر كان مؤقتاً لأننا بعد فترة سوف نذهب إلى تركيا ولا داعي لإصلاح شيء.

في المرة الأولى، أقمنا لمدة يومين، دخلنا زائرين إلى الطيبة، كنت أنا وأمي وابنه عمي وابنتها، كنا نريد الدخول عندما سمحوا بالدخول، دخلنا من طريق دنون؛ لأن النظام لا يسمح بالدخول إلا من طريق دنون، وكان يقوم بتفييش (يفحص الأسماء) كل شخص يدخل حتى يعرف من سوف يعود، وأخذ الهويات، وثبت وجودنا- كان المختار موجوداً- بأننا قد رجعنا إلى الطيبة، و كانت هناك كاميرات في بداية البلد، والمنظر المخزي الذي رأيناه أنه أحد الأشخاص الذين قاموا بتسليم المنطقة من الجيش الحر ألقى التحية على قائد "الفرقة الأولى" وقبّلا بعضهما أمام الناس والكاميرات، وللأسف حتى الآن هذا الشخص الذي سلم المنطقة موجود في الطيبة، وحتى الآن يخدم عند النظام، وتطوع، وأصبح مع اللجان، وألقوا التحية على بعضهم، والنساء بدأت تزغرد، وبصراحة كان المنظر مبكياً أكثر...، فصحيح أننا عدنا إلى البلد ولكن...، وأنا عندما دخلت إلى البلد كنت حزيناً جداً، وكان هناك جامع في مدخل البلد، كان جزء منه قد تعرض للقصف، والمئذنة مهدمة، وأول مرة أرى منزلاً على الأرض بكل معنى الكلمة، وقبل ذلك كنت أشاهد على التلفزيون كيف يكون المنزل مهدماً بشكل كامل، ولكنك ترى الآن هذا الشيء في ضيعتك، و ترى هذا منزل فلان الذي تعرفه كان على الأرض، ويقولون: هذا المنزل تعرض للقصف من طائرة "الميغ"، وهذا المنزل تهدم من شدة القصف عليه بالقذائف، وهذا المنزل كذا. و أينما تذهب ترى آثار الشظايا على الجدران والطرقات، وكان شباب الجيش الحر حتى لا يتقدم النظام يضعون في كل 500 متر تقريباً سواتر ترابية، وكانت مغلقة، لذلك كانت بشكل متعرج من أجل القناصة، وكنت أرى في هوليود في الحرب ماذا كانوا يفعلون، هذا الشيء رأيته فعلاً، السواتر والجدران مثقبة، و فوارغ الرصاص، وأينما تذهب تجد هذا الأمر، والطلقات الطائشة تراها على الأرض، وعندما دخلنا كانت والدتي تبكي أكثر من أن تكون سعيدة، وهذا كان أول يوم عندما دخلنا إلى البلد، وفي هذا اليوم عادت والدتي إلى كفرسوسة، وأنا بقيت أسكن في الطيبة.

والدتي عادت إلى كفر سوسة، ونحن قررنا العودة الأخيرة، و بدأت تجهز الأغراض، وأنا بقيت في الطيبة، وكنت كل يوم مساء...، و في حارتنا، لا يوجد أحد غيري، كانت الحارة فارغة، ونحن أول الأشخاص الذين قرروا العودة إلى الحارة، ونحن نسكن في آخر الطلعة (مرتفع من الأرض)، أنا الوحيد الذي كنت أنام في البيت لوحدي في الحارة، وكان بعض أولاد أعمامي قد عادوا إلى الطيبة، وكنا نسهر، ونلعب "تريكس" (نوع من ألعاب الورق) حتى الساعة الرابعة صباحاً، ثم أذهب للنوم في المنزل، وعندما كنت أنام بمفردي في المنزل كنت قد وجدت فراشاً عادياً لننام بشكل مؤقت ريثما يأتي أهلي، ويحضرون الفرش، كان فراشاً مع بطانية فقط وبدون وسادة، وبجانبي قضيب حديدي، كان بجانب رأسي حتى إذا حصل شيء معي، وكنت أنام على الأرض، وكان الطقس بارداً جداً، ولا توجد نوافذ، ولم أكن قد وضعت البلاستيك بعد، كنت أنام مع الهواء، هناك غرفة ولكنها بدون نوافذ، كانت كل النوافذ في المنزل مكسورة، ولازلنا لا نعلم ماذا نفعل، وبعد فترة جاءت والدتي، وأحضرنا الأثاث إلى المنزل وصهريج ماء، وقمنا بشطف المنزل للمرة الأخيرة، كنا قد أخرجنا كل شيء، وفرشنا الأثاث، وجلسنا. وكانت الحياة مأساوية، لا يوجد مازوت، والتدفئة كانت على الحطب فقط، والحطب كان غالياً، وحول منزلنا توجد كل الأشجار، وكنا نضطر لقطع أغصان الشجر من أجل التدفئة، وكان أغلب شجرنا زيتون، وكنا مرتاحين لأننا نقطع من الأشجار ونتدفأ. وفي تلك الفترة، لشدة ما شعرت به من الضيق، وحتى إنني لم أكن أذهب إلى المدرسة؛ لأنني أعلم أنني سوف أسافر، وكنت في صف البكالوريا (الثالث الثانوي)، كنت أداوم يوماً واحداً، وأنقطع 10 أيام.

كانت والدتي تساعدني، وفي تلك الفترة، مرضت، وكان معي يرقان، وقالوا لي: إن درجته عندي كانت 1200، والحالة الخطيرة تبدأ بـ 700 درجة، وكانت تقول والدتي: أنت مريض لا تعمل. وكنت أستيقظ قبل صلاة الفجر قبل والدتي من أجل تكسير الحطب وكان المنشار معطلاً، وأكسر الحطب بيدي، وكان صعباً جداً، وأظافر يدي كانت تتكسر من تكسير الحطب في البرد، وكأنك تتعرض للضرب بالعصي، وكنت أستيقظ قبلها (قبل صلاة الفجر)، وأكسر الحطب، وأشعل المدفأة، وهي تستيقظ، وتقول لي: ألم أقل لك لا تعمل؟! الدكتور قال لي: يجب عليك أن تبقى نائماً. وعندها والدي كان يحاول طمأنتي، ويقول: لا تحزن، وهدّئ أعصابك، انتبه لنفسك، أنت مريض. وسألت الدكتور، فقال لي: هذا المرض يأتي إما نتيجة الرعب أو الحزن. وعلى الأغلب جاء نتيجة الحزن، لأنني لم أتعرض للرعب، وخاصة أن المنطقة كانت هادئة، وأذكر عندما بدأ معي المرض كنت أصلي صلاة الجمعة، وعندما ركعت، وتوقفت، أحسست أنني أريد أن أستفرغ، وكنت في الصف الأول في المسجد، وقررت الذهاب إلى الحمام لأنني مضطر، وكنت أريد أن أرجع فالناس لم يبتعدوا كي أمرّ، فبدأت أدفع الناس حتى أصل إلى الحمام، وعندما وصلت استفرغت، وكنت أظن أن الأمر طبيعياً، وذلك مجرد برد، وبعدها ذهبت إلى المنزل، وفي اليوم الأول والثاني، بدأ الصفار يظهر أكثر، فقالت والدتي: يبدو أنه يرقان. وذهبنا من أجل التحليل، وبالفعل كنت مصاباً باليرقان، وبقيت إلى ما قبل الذهاب إلى تركيا حتى شفيت.

كنت أحمل المسؤولية لوحدي، مسؤولية أمي وأخي الصغير وأختي، و أجلس بمفردي في المنزل، وأكسر الحطب، وكانت الحالة المادية سيئة جداً، والدي لم يكن قد أسس بعد في تركيا، ولا يرسل لنا الكثير، وهذا هو الأمر الذي جعلني أحزن كثيراً، ولا يوجد أحد حولي، و كانت حالة الطيبة مأساوية، وإذا أردت الذهاب إلى الكسوة يجب أن تتصل مع سائق سيارة خاصة حتى تأتي إليك، وتأخذك، ثم تخرج، ولا توجد حافلات مثل السابق، فتذهب إلى الطيبة بسهولة، وكان يجب عليك إحضار سيارة خاصة، وهذا الأمر كان مكلفاً، ولم تكن هناك دكاكين، أعتقد أنه كان هناك واحدة أو اثنتان في كل القرية، وكانت المعيشة صعبة جداً، وأغلب الوقت نأكل البطاطا أو المجدرة أو البرغل، يعني المأكولات الخفيفة ريثما ذهبنا إلى تركيا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/01/29

الموضوع الرئیس

الدمار في بلدة الطيبة

كود الشهادة

SMI/OH/110-13/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2015

updatedAt

2024/03/27

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-الطيبةمحافظة دمشق-اللوان

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الفرقة الأولى - دمشق وريفها

الفرقة الأولى - دمشق وريفها

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة