المشكلة أنني لم أكن أعرف أن إبراهيم سكر استشهد، ولا أعرف أي شيء، وكنت موجودًا في المدرسة، وكانت المدرسة على طريق الجبانة (المقبرة). كانت الثورة قد بدأت، ولكنها شيء غير مألوف أبدًا، كانت شيئًا غريبًا جدًا، وأول مرة نسمع بها، والهتافات من الصعب استيعابها، وبدأت، وأنا كنت في المدرسة، وسمعت أنهم يشيعون شهيدًا، ويصرخون: "الشعب يريد.. إسقاط النظام". ويمشون في الجنازة، فهربت من المدرسة، وذهبت معهم، ورأيت أخي، وعرفت أن الشخص الميت هو إبراهيم سكر، وأنا لم أكن أعرف من هو الشخص الميت أو ماذا حصل. وإبراهيم سكر هو طالب في الجامعة، يدرس في المعهد، استشهد في مظاهرة في حلب، وبعد المظاهرة، كان ذاهبًا إلى المنزل، وعلى باب بناء منزله، جاء الشبيحة، وقتلوه، طعنوه بالسكين. وبعد هذه المظاهرة، تغيرت معاملة الأستاذ كثيرًا معي، وأصبحت هناك عداوة بيننا، ولم تبق علاقة أستاذ وطالب، وأصبحت عداوة، ولا يمكنني حضور حصته [الدرسية]، وحتى لو حضرتها...، فقد اختلفت الأمور عن السابق، وكل فترة كان يحكي لنا عن قصص، كانت نفس القصص الموجودة على قناة الدنيا أو على قناة سورية، يتكلم من هذه القصص: إن الإرهابيين والمسلحين فعلوا هكذا معنا في جبل الزاوية، وأنتم تريدون خراب البلد.

نحن كنا نستطيع الخروج والدخول إلى المدرسة؛ لأن حركة الجيش الحر قد بدأت، فكان النظام في المدرسة مفقودًا، وكنا عندما ندخل ونخرج ونتكلم فلا نتكتم كثيرًا، فعندما بدأت الثورة بشكل مباشر كنا نستطيع الكلام، ولكن إذا كان الشيء كبيرًا لا نقوله، ولكن إذا كانت أمورًا صغيرة فهم (إدارة المدرسة) لم يكونوا متفرغين لها؛ لأنه كان عندهم أمور أهم منها.

كنا نتجمع في المدرسة، و نذهب إلى المظاهرة بعد الانصراف، وهذه الحالة استمرت لمدة شهر، حتى جاء المدير الذي كان الشخص الجيد معنا، وجاء إلينا، وجمعنا، وقال: لا يمكن هذا الأمر من أجلكم، ونحن نعرف أن هذا الأمر الذي تفعلونه صحيح، وهو أمر واجب، لكن نحن ليس لنا علاقة، ونحن يجب أن نترك هذا الأمر للذي يجب أن يقوم به، وأنتم يجب عليكم رؤية مستقبلكم، ويجب الاهتمام بدراستكم؛ لآن الامتحانات اقتربت، وكان المدير يأتينا بطريقة النصيحة، ولا يأتينا بطريقة الأستاذ و طريقة التشبيح التي [ترى ذلك] إرهابًا ومن هذا الكلام، مع أنه لم يكن يوجد شيء اسمه إرهاب، ولا يوجد سلاح، ولكن كنا إرهابيين قبل أن نبدأ.

كانت [المظاهرات] أمام المدرسة، وكنا نتجمع في المدرسة وبعدها نخرج، ونتجول حول المدرسة، وكنا في المرحلة الابتدائية، وأكبر شخص عمره 12 سنة، يعني نحن أعلى مستوى في الابتدائي، وأحد المنظمين هو محمد الشهابي، كانت آخرته قتيلًا مع داعش في عام 2017، ومحمد كان معي، وكنا نخرج في المظاهرات سوية، وكان أحد المنسقين للمظاهرة.

كان محمد شخصًا يحب المشاكل كثيرًا، ويحب الأمور غير الجيدة، وأي شيء غير صحيح يحبه، يحب التجربة، وأي شيء يوجد فيه تجربة يحبها، وكانت الثورة بالنسبة له تجربة، وجرب هذه التجربة، وكان في التعليم سيئًا جدًا وغير مهتم، كان يشرب السجائر، [ويذهب] إلى الصالات (صالات الالعاب الالكترونية)، والناس الذين يرافقهم يشبهونه أيضًا. وفي بداية الثورة، وجد أن الثورة تسلية جيدة، ووجدها شيئًا جديدًا تستحق التجربة، وبدأ يخرج ويدخل معنا... (الثورة، والشعب يريد إسقاط النظام). و أنا تعرفت على محمد في المظاهرات؛ لأنني لا أعرفه في المدرسة، ولكنني تعرفت عليه في المظاهرات، وكنت أسمع عن مشاكله في المدرسة، و كانت لديه مشاكل في المدرسة، وبعد أن بدأت الثورة، وجد أنها تسلية جيدة بعد الدوام، والمدرسة كانت بالنسبة له لا تهمه كثيرًا، وأي شيء كان يبعده على المدرسة كان يهرب، ويقوم به، وكانت المدرسة بالنسبة له مضيعة للوقت، وكان مستوى التعليم عند أهله عاليًا جدًا، كان والده أستاذ لغة عربية وأمه كانت مدرسة، ولا أعرف أي مادة تدرس، ولكن كان مستوى تربيته عاليًا، ولكنه تأثر بأحد الأشخاص، ولكنني لا أعرف من هو؛ لأنني لم اكن كثيرًا أختلط به، وحتى بدأت المظاهرات تخرج بدأنا نعرفه، وكان جاري أيضًا.