دخول حزب الله إلى يبرود وسقوط القلمون
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:43:17
عندما بدأ العمل المسلح في الغوطة أصبح هناك تضييق شديد على النشاط الثوري في دمشق، وكل الشباب الذين أعرفهم اعتقلوا، أو أصبحوا في الغوطة، أو انكفؤوا عن النشاط الثوري، أو هاجروا؛ وبالتالي لم يعد هناك شيء أفعله في دمشق، وكان يجب عليّ أن أذهب إلى مكان يوجد فيه نشاط ما، ومعظم الشباب الذين أعرفهم كانوا في الغوطة، فقررت الذهاب إلى الغوطة. وفي البداية، كان قرار الذهاب عن طريق المليحة، فحصلت معركة المليحة المشهودة، وسقطت المليحة، وأُغلق هذا الطريق، وحصلت محاولة ثانية عن طريق أوتوستراد حرستا بأن أذهب وتكون هناك مجموعة، وطبعًا كان الطريق مرصودًا، ولكن كانت هناك طريقة خططنا لها، وهي أن أذهب بسيارتي، وتذهب مجموعة تدعي بأنها خطفتني -طبعًا- بالتراضي، وخططنا للموضوع، وجهزنا خطوط الاتصال (الشرائح)، ولكن في آخر لحظة وجدت أن هناك مخاطرة كبيرة جدًا في هذا الموضوع، فلم أقدم عليه، وفكرت بطريقة تكون فيها المخاطر أقل، فكان الذهاب إلى الغوطة عن طريق يبرود، فأنا لم أذهب إلى يبرود حتى استقر بها، وكان الطريق من يبرود إلى القريتين ثم بعدها إلى الغوطة، وتم تنظيم الأمر للذهاب إلى يبرود عن طريق عين الفيجة، ثم وصلت إلى يبرود، وهي من المفترض أن تكون محطة حتى أكمل طريقي إلى الغوطة، ولكن سقطت القريتان في ذلك الوقت؛ وبالتالي لم يعد هناك مجال، وانقطع الطريق ما بين يبرود والغوطة، فبقيت في يبرود إلى شهر شباط/ فبراير؛ حتى دخل حزب الله، وخرجت من يبرود مع دخول الحزب.
كانت يبرود مدينة غريبة عجيبة،
فتجد في الشارع شابًا من جبهة النصرة وهو كويتي، ولا أتذكر اسمه، ولكنه كان
معروفًا كثيرًا، وهو من عائلة غنية، وقد جاء حتى يجاهد في بلاد الشام، فتجد هذا
الشخص يقف مع سيارته، وإذا ببنت مسيحية متبرجة تمر من أمامه، فنظرت إلى الوضع في
يبرود، فأحسست بأنها مدينة غريبة عجيبة، ويوجد فيها الكثير من التناقضات، وكانت
تسمى في ذلك الوقت يبرود عاصمة الثورة، أو تسمى مدينة 5 نجوم؛ لأن فيها كهرباء
لساعات طويلة، ولا تتعرض للقصف كثيرًا، وكان فيها تصنيع عسكري؛ لأن في بنيتها
التحتية توجد معامل، فاستخدم الشباب هذه البنية. والنشاط الأساسي الذي كنت أقوم به
في يبرود هو التدريب على مواضيع القيادة والإدارة، فدربت المجلس المحلي، ودربت بعض
الفصائل على هذه المواضيع، ولا أذكر أسماء الفصائل، ولكن معظمهم من الشام (دمشق)
إلى أن بدأت المعركة، عندما حاصر حزب الله يبرود، وبدأ الهجوم عليها. لم أخرج
في البداية والكثير من الناس قالوا لي: اخرج. فقلت: لا. وقد كان عندي أمل أن تصمد
المدينة، وتستطيع رد هذه الهجمة، ولكن الصمود لم يحصل؛ لأن الحزب فعلًا كان مصرًا
على أخذ المدينة، وكان يقوم بإرسال دفعات، ولا يحسب حساب قتلاه، فإذا أراد السيطرة
على تلة فإنه يرسل 10 مقاتلين، ويموتون جميعهم، ثم يرسل 10 مقاتلين آخرين، وهو
استقتل من أجل هذه المدينة، وحصل نوع من الذعر لدى السكان والمقاتلين، فالمدينة
سوف تسقط، فانهارت...، والمدينة كانت محاطة بتلال، وتوجد تلال معينة تكشف تلالًا
أخرى، وبمجرد أن تنهار هذه التلال الأساسية فكل شيء تحتها سينهار، فانهارت الجبهات
بسرعة، ودخل الحزب، ونحن خرجنا في الساعات الأخيرة، وهم فسحوا مجالًا حتى لا يحصل
قتال كثير، وفسحوا مجالًا حتى يخرج الناس، فخرجت قافلة من الناس ومعظمهم مسلحون،
ويوجد بينهم مدنيون- وأنا كنت منهم- باتجاه عرسال الورد، مكثنا فيها عدة أيام، ثم
إلى عرسال، عندما خرجنا كان لدينا أمل، فقد سقطت يبرود، ولكن القلمون لم تسقط،
والشباب في القلمون في الجبال يستطيعون إعادة السيطرة على يبرود، فجلسنا في هذه
المدينة عدة أيام، ولكن عندما سقطت القلمون كلها انتهى الأمر.
الانتقال إلى يبرود كان في الشهر العاشر(تشرين
الأول/ أكتوبر) من عام 2013، رتبها أبو مالك (فيصل الشامي) -رحمه الله- رئيس
قيادة مجلس الثورة في دمشق، وكان موجودًا في داريا، ولكن له صلات، فاتفقنا مع شيخ
كان يذهب معه؛ لأنه يجب عليك المرور من الحواجز، ويجب أن يكون لديك بطاقة أمنية،
وهذا الشخص لديه بطاقة أمنية، وهو شيخ من وزارة الأوقاف، فركبنا سيارة فيها
نساء، فهو أخذ النساء بشكل خاص حتى أكون معهم، ونحن من المفترض أن نكون عائلة،
ونذهب إلى عزاء، وقال إذا سألوني قل لهم: يوجد عزاء، ونحن ذاهبون من أجل
التعزية. فتوقفنا على حاجز قبل أن ندخل إلى مناطق الثوار، وأنزلونا من السيارة،
وطلبوا الهويات، وأذكر في وقتها أنه لم يسألني عن هويتي، و فرحت لأنه لم يسألني،
وربما لم يرني، وبعدها ركبنا في السيارة، ودخلنا إلى الفيجة، وكان هناك شارع يفصل
ما بين النظام والثوار، وبمجرد أنك قطعت آخر حاجز فإنه يوجد على هذا الحاجز عساكر
للنظام وبعدها يأتينا أول حاجز للثوار، ودخلت إلى مستوصف في عين الفيجة، واستقبلني
طبيب هناك، وكنت بانتظار الأخ الذي سوف يأتي ويأخذني من يبرود، ومن عين الفيجة إلى
يبرود، يوجد طريق جبلي، وتوجد على جانبي الطريق سيارات محترقة، وجزء من الطريق
مرصود، فكان الأخ السائق يزيد من سرعته، ويمزح معي، ويقول: هذا الطريق عليه قناصة،
وفي أي وقت يمكنهم استهدافنا. ويقول لي: هنا توجد مدفعية. فحصل بعض المزاح على
الطريق، ثم وصلنا بسلام إلى يبرود، وهذا خلال النهار، كانت هذه هي الرحلة.
وفي يبرود، نزلت مع مجموعة من الشباب، ثم أخذت
منزلًا لوحدي، وجلست فيه، وأنا أحب أن أجلس لوحدي، وتعرضت في يبرود لبرميل (متفجر)
سقط أمام المنزل الذي كنت فيه على بعد 10 أمتار، وكان الموت قريبًا، فقد خرجت من
المنزل، وكأنني خرجت من كيس طحين، وكنت مغطى باللون الأبيض، والحمد لله أن الله
أنجاني، وما عدا ذلك كانت بعض قذائف الهاون تسقط ، ولكن الهاون لا يفعل شيئًا (لا
يسبب أذى كبير) لكن بدأ الخوف عندما بدأ هجوم حزب الله، وبدأ النظام يرمي البراميل
(المتفجرة) على المدينة، و كانت فترة عصيبة، وكانت البراميل وصواريخ الفيل تسقط
علينا، و كان يطلقها حزب الله، ولكن يبقى البرميل هو الذي يؤذي أكثر من الصاروخ،
والذي نجاني أن المنزل الذي أجلس فيه...، وأنا قمت بدراسة للمنزل، ويوجد مكان في
المنزل هو الأبعد، ويوجد فيه عدد أكثر من الجدران عن الخارج، وهو مثل الموزع،
والبرميل عندما يسقط تسمع صوته، وتوجد براميل تسقط بعيدًا، وتوجد براميل تسقط
قريبًا، وكلما أسمع هذا الصوت أركض وأقف في هذه المنطقة، وهي أبعد نقطة ممكنة،
بحيث أينما سقط البرميل فالشظية يجب أن تخترق عدة جدران حتى تصل إليك، وهذا الأمر
استفدت منه؛ لأنه عندما سقط هذا البرميل فإن الغرفة التي أمامي أصبحت مثل الشخص
الذي لديه دلو من الرمل والحجارة، ولكنه دلو عملاق، وأفرغه دفعة واحدة، فهذا هو
المنظر الذي كان أمامي، فخرجت كمية كبيرة من الحجارة من باب الغرفة من أمامي،
واصطدمت بالجدار، وكنت أقف في الموزع، ولم يصلني أي شيء ، وحصل خلفي نفس
الأمر؛ لأن هناك مطبخًا وأنا كنت في ذلك المكان ، ولو كنت أمامه أو خلفه فحتمًا
الشظايا كانت ستخترقني.
توجد تجارب أخرى، أن يكون هناك شخص يمشي، وسقط
صاروخ أمامه أو صاروخ خلفه، وفي إحدى المرات، كنت أمشي فيها في يبرود، وحصل ذلك
أيضًا أثناء المعركة، عندما بدأ الحزب يقصف، وسمعت صوت صاروخ يقترب مني كثيرًا،
وأذكر في وقتها أنني ارتميت في قبو إحدى الأبنية، وسقط الصاروخ بشكل قريب، وتناثرت
حجارة بالقرب مني، ولكن لم يحصل لي شيء، وهذه هي المشاهد التي أتذكرها، وكنت
قريبًا من الموت فيها.
الشيء الذي كنت أقدمه لهم بشكل أساسي؛ لأنني
ترجمت كتابًا اسمه: العادة الثامنة، وهو يتحدث عن الأدوار الأربعة القيادية، يعني
قضايا القيادة، والإدارة، ووضع الأهداف، والوصول إلى الأهداف، وهذه هي المواضيع
التي كنت أدربهم عليها، كانت مواضيعًا قيادية وإدارية.
كانت هناك خطة وبما أنه كانت معركة فكان هناك
مستشفى قد فتحه الشباب في أحد الجبال، وقررت العودة إلى العمل الطبي وإدارة هذا
المستشفى، ولكنني لم أصل إلى المستشفى؛ لأن البلد سقطت بسرعة، وتتابعت الأحداث،
وفي الأيام الأخيرة، كانت عندي نية أن أتوجه إلى العمل الطبي، ولكن لم يترجم ذلك
بسبب سقوط المدينة.
في اليوم الذي سبق اليوم الذي خرجنا فيه، حصل
قصف بالطيران على هذا الطريق، وأصدقاؤنا الذين سبقونا لم يصابوا، ولكن بسبب القصف
تركوا السيارة، واختبأوا في الأرض. وطبيعة الطريق جبلية، وهذه الجبال تحمي الطريق،
وهذه المنطقة معروفة، وهم قالوا لنا قبل الثورة: إذا كان هناك مجرم أو مهرب ويريد
الاختباء في مكان، ولا تصل إليه الدولة، فهو هذا المكان. وهذا المكان يصلح فعلًا
للاختباء ولا أحد يراك فيه؛ لذلك كنا نتأمل أن تصمد المنطقة؛ لأن طبيعتها
الجغرافية تسمح لها بالصمود إذا كان فيها مقاتلون، فمشينا إلى عرسال إلى حدود لبنان
متسللين، ولم ندخل بشكل رسمي، وأذكر أنه عند الحدود يوجد مقلع حجارة، وكان هذا أول
شيء نراه داخل لبنان، ومررنا من خلاله، وبعدها أصبحنا في الداخل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/02/22
الموضوع الرئیس
النشاط في يبرودكود الشهادة
SMI/OH/73-15/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2014
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-ناحية عين الفيجةمحافظة ريف دمشق-ناحية يبرودمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
حزب الله اللبناني
جبهة النصرة - القلمون