الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قوات الأمن تقتل عددًا من المتظاهرين في أول مظاهرة بدوما

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:59:22

صرنا في بداية عام 2011 ، كنت في السنة الثالثة من الجامعة، وبدأت أهتم نوعًا ما بالجامعة، والأمور كما هي، وكانت الأوضاع المعيشية تزداد سوءًا، وكان النظام يصدر قوانين متلاحقة اقتصادية، لها أثر تخريبي على البلد أكثر، والفساد في أبهى حالاته في سوريا، و وضع الطلاب التعليمي كان سيئًا جدًا، وكثير من الناس لا يستطيعون أن يتحملوا نفقات التعليم الخاص، والشيء الأهم أن الجامعات الخاصة بدأت تظهر في سوريا، وهذا الشيء كان يؤثر على معدلات الثانوية العامة، مما جعل الطلاب الذين كان أهاليهم من الطبقة ما دون الوسطى يبذلون جهدًا مضاعفًا جدًا؛ حتى يستطيعوا الحصول على فروع جامعية في التعليم المجاني.

 وفي هذه الفترة. أظن أن الاحتقان وصل عند الشعب إلى مراحله الأخيرة، وفي هذه الفترة كنت مع" القبيسيات" قد قطعت مرحلة جيدة، وأخذت عدة شهادات، من عدة مدارس دينية، وبدأت أتلقى تعليم ديني مختلف على أيدي الآنسات الكبيرات، مثل: الدكتورة سميرة الزايد التي كان لديها كتاب" السيرة النبوية"، مثلًا: أخذت علوم الحديث في مسجد زيد بن ثابت، أو معهد زيد بن ثابت، هكذا كان اسمه. والفكرة الأهم أنه في هذه المرحلة بدأت أمورنا -نوعًا ما- تزداد سوءًا، في الوضع العام كان هناك تذمر كبير عند الناس.

ومع هذه السنة (عام 2011)، بدأت أولى حركات الربيع العربي، بدأت من تونس، ونحن كمتابعين للأخبار كنت أشعر أن هذه هي الشرارة التي كنا ننتظرها، بمعنى أنني كنت أنتظر أن نفعل شيئًا، يكفينا هذا الوضع الذي نعيشه،فنحن كنا أربعة أفراد في العائلة، كنا نعمل جميعًا، ولا نستطيع أن نوفر مصاريف الحياة التي نعيشها، وبالطبع نحن أفضل بكثير من الحالات التي كنت أراها في مركز التعلم المجتمعي، فعملي في الجمعية الخيرية جعلني أتعرف على نمط من الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر، والذين يزدادون بشكل طردي في المدينة، وهؤلاء الناس عندما بدأت أخرج في جولات في الجمعية الخيرية أصبحت أرى أنهم لا يعيشون، ولا يأكلون، وبنفس الوقت كنت أذهب مع" القبيسيات" إلى حفلاتهن ومزارعهن، وأرى الناس الذين يعيشون حياة البذخ. وعندها أصبح لدي [شعور] بالتناقض بين الفقراء الذين يزدادون، وبين الأغنياء الذين تزداد ثرواتهم أكثر فأكثر.

 ومع بداية الثورة في عام 2011، في تونس، وامتدادها إلى مصر واليمن، كنت أنتظر بالفعل اللحظة التي تمكننا من أن نفتح فمنا، ونقول فيها يكفي. كان هناك صديقاتي، وكنت أجتمع معهن، وهن صديقات المدرسة، وكنا نتبادل الأفكار، [ونقول]: متى سيحصل لدينا؟ وفي ذلك الوقت، كنت متعمقة جدًا في مجال "الإنترنت"، وكنت عضوًا في منتدى مدينة دوما، وكان هو المنتدى الأول للمدينة، وهو لشباب مدينة دوما العتقيين، وهو أول منتدى يتأسس للمدينة، وكان أول حساب "إيميل" عملته باسم" إشراقة أمل". وفي ذلك الوقت، أذكر أنني سرقته أو أخذته من صفحة مشاركة لعمر خالد، وكان عبارة عن إشراقات، وكنت أتابع عن طريق الإنترنت"، وليس عن طريق التلفاز السوري، أي عن طريق صفحات الإنترنت"، التي كانت تنزل على الصفحة الأساسية "للإنترنت اكسبلور" على الأخبار الأساسية، بمعنى أنني لم أكن أدخل إلى مواقع، كنت أدخل إلى منتدى مدينة دوما فقط؛ لأنني في الأساس كنت أدخل على "الإنترنت" من المركز الثقافي.

 وفي هذه الفترة، كان هناك حراك في البلد قد بدأ، ولا أحد يعرف الآخر، ولا أعرف أحدًا لديه علم بمن يخرج في مظاهرات، أو إذا كان هناك تحضيرات. وفي أول مظاهرة (جمعة العزة)، في 25 (آذار/ مارس) 2011 في مدينة دوما. وعندما بدأت القصة مع أطفال درعا سمعنا بها، ولكنني كنت أبحث عمّن يوجد في دوما ويقوم بشيء كهذا حتى أذهب إليه، وأقول له أريد أن أعمل معك. لم أكن أعرف أحدًا يمكن أن يفعل أمرًا كهذا، فمن أعرفهم من الدائرة الضيقة، و كوني كنت" قبيسية" فإن دائرتنا هي الدائرة النسائية فقط، وهذه الدائرة النسائية جميعها تخلو من العمل الثوري، ومن المؤكد أنه لا أحد يفكر بأن يخرج، وخاصة الذين أعرفهم؛ لأن أغلبهم مستفيدون من النظام، بمعنى أنه: لا أحد يفكر بالخروج عن نظام الأسد، وكنت أبحث عن شخص ما يقوم بهذا العمل، وفي المنتدى كان الجميع [يعمل] تحت أسماء وهمية، ولا يمكنك أن تثق بأحد، وكنت أترقب حركة المدينة، و منذ أن كنت في الصف الحادي عشر، كنت أذهب إلى دمشق دائمًا، لدي حركة سريعة إلى دمشق، ولا أبقى في المدينة أبدًا. 

وبعد ثورة تونس، صرت أتقصد العودة في وقت الظهيرة إلى دوما؛ حتى أحاول أن أرى ماذا سيحصل، وهل سيحصل شيء؟ وهل هناك من سيفعل شيئًا في المدينة؟ حتى يوم الجمعة (جمعة العزة) 25 (آذار/ مارس) 2011، كان عرس صديقتي، كنت مستعدة للذهاب إلى عرس صديقتي، فخرج الناس من صلاة الجمعة، في المسجد الكبير، فخرجت أول مظاهرة في مدينة دوما، واتجهوا نحو ساحة البلدية، وتم تناقل الأخبار بشكل سريع. كنت أريد الذهاب إلى عرس صديقتي، والعرس يبدأ مساءً، فذهبت قبل العرس بثلاث أو أربع ساعات حتى أرى المظاهرة، ولكن خفت أن يمنعني أحد، أو أن يقول لي أحد ما لا تذهبي، مع أنني كنت أتحدث عن كل شيء مع العائلة. فخرجت، وذهبت إلى ساحة البلدية، أخبرت أهلي أنني سأذهب إلى العرس، وذهبت إلى ساحة البلدية، فوجدت الناس مجتمعين، ففرحت كثيرًا، ولم أصدق، وكنت سأبكي، كنت فرحة بشكل رهيب، فتوقفت في ساحة البلدية، عند باب البلدية تمامًا، في مكان تجمعهم. وأذكر أنّ هناك شخصًا كان يقول مطالب المدينة، وبدؤوا يتكلمون عن تزفيت الطريق. وأذكر أن رئيس البلدية كان إيهاب النملي، وكان عبارة عن شخص حراميّ بامتياز، وإلى الآن أذكر أن إيهاب النملي كان قريبًا لإحدى صديقاتي، واشترى سيارة بعشرة ملايين ليرة سورية، وأذكر في وقتها أنه سرق مشروع سلات المهملات في دوما، وأذكر أنني اختلفت مع صديقتي، وقلت لها:" إن ابن خالتك شخص حراميّ". 

عندما توقفت عند باب البلدية أحسست أنني حققت أول نصر في الثورة، وهو أنني انتصرت على رئيس البلدية، وكنت واقفة وغير منتبهة؛ فقام شخص ما بتصويري، وكنت قد خرجت بدون أن أغطي وجهي، وفي وقتها كان عدد النساء المشاركات في المظاهرة لا يتجاوز أربع أو خمس نساء، ولم أكن مشاركة، وإنما كنت واقفة، وكنت سعيدة جدًا، وكنت أنتظر الخطوة القادمة، وهل هناك من سيستدعيني لنقوم بأمر ما؟ ولكن من هو الرأس الكبير؟ فأنا لا أعرف أحدًا، ولكنني رأيت كل شباب البلد، وهذه أول مرة أقف بها بشكل مختلط مع هذا الكم الكبير جدًا. 

انتهى العرس الوطني، وتركت الشباب واقفين، وذهبت إلى عرس صديقتي، وفي العرس بدأت أقول لصديقاتي: إنني كنت في المظاهرة. [وكنّ يسألني]: أين كنتِ؟ وكيف كنتِ؟ فقلت لهن: خرجت بدون أن أغطي وجهي، والجميع قلن لي: هل أنتِ مجنونة؟ هل تعرفين ما سيحصل؟ فانتهى العرس، وأثناء عودتنا كان الطريق مغلقًا؛ لأن الأمن جاء إلى ساحة البلدية، وبدأ يضرب الناس، ويقتل، ويعتقل. وفي ذلك الوقت، استشهد أحد عشر شابًا، كان منهم ثمانية من دوما، وثلاثة من خارجها، وحتى وصلت إلى المنزل كان أهلي قد جن جنونهم عليّ. فقلت لهم: كنت في العرس. ولكن أي عرس منهم؟! وهذه كانت أول مظاهرة، ولكنني في يومها لم أقل شيئًا، ولم أشارك في أي هتاف، كنت أستمع فقط. 

وفي هذه الفترة، كانت المدينة شبه محاصرة، وأغلقت مداخل المدينة، وفرض النظام قواته، ونحن بقينا ثلاثة أيام لم نخرج من المنزل، وكان منزلي [مطلًا] على الشارع العام، ويعتبر من أخطر المناطق في المدينة، وكنت أريد الذهاب إلى الجامعة؛ ففتحت باب المنزل، فكان العسكري قد أسند ظهره إلى الباب، وكان سيقع، فصرخ بوجهي، وأغلقت الباب، ودخلت إلى المنزل. 

كان يوجد شبه حظر تجول في المدينة، وفي وقتها حصل أمر رهيب جدًا وهو: أن شابين من آل القادري كانا ذاهبين لجلب الخبز، وبدون أن توقفهم الدورية- وكان الموقع قريبًا من منزلنا- أطلقت النار عليهما، واستشهدا مباشرة. وهذان استشهدا بعد الشهداء الأحد عشر الذين قام النظام بأخذ جثثهم، فكان هناك مفاوضات في المدينة بين كبار المدينة والنظام؛ لإرجاع الشهداء، وإخراج المعتقلين.

 وفي اليوم التالي، قام الأمن بمداهمة بيتنا، واعتقلوا أخي، وابن عمي، وعمي، ثلاثة أشخاص من عائلتنا، وليس لهم علاقة بالحراك أو بغيره، حتى أن ابن عمي كان عسكريًا، وكان قد أخذ إجازة، اعتقل من البيت.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/09/12

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السوريةجمعة العزة

كود الشهادة

SMI/OH/101-06/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/03/22

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-منطقة دوما

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

القبيسيات 

القبيسيات 

ثانوية أحمد الشامي الشرعية في دوما

ثانوية أحمد الشامي الشرعية في دوما

الشهادات المرتبطة