الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

أثر أحداث الثمانينات على المجتمع الحلبي

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:08:48:16

في ظل هذه الظروف الحرجة التي بدأت تظهر في بعض البلدات والمدن السورية، كما تطرقنا إلى ذكرها، حيث بدأت في درعا، وانتقلت إلى دوما، ولاحقاً، أصبحت في حمص. وأقيم هناك (في حمص) مهرجان كبير جداً، في ميدان الساعة، لا أعرف في أي توقيت حدثت، ولكن ذهب إلى هناك نشطاء من كل سوريا، وكانوا يريدون تحويله إلى مهرجان خطابي على مستوى سورية، وأظن أنني فكرت أو دُعيت- لا أذكر- من أجل الذهاب والاجتماع بهم. واجتماع حمص بتقديري كان مهماً جداً؛ لأنه أولاً: كان تجمعاً ضخماً جداً، فالمعلومات [التي وصلت] تقول: إنهم كانوا حوالي خمسين ألف متظاهر في ميدان الساعة، والنقطة الثانية وهي مهمة جداً: إن مدينة حمص متنوعة، يوجد فيها تنوّع مذهبي وديني، يوجد فيها سنة وعلويون ومسيحيون. المدينة كلها كانت تتعاطف مع الثورة، وكانت هناك مشاركة نسائية مهمة جداً، وخلافا لكل السرديات التي تقول: إن الاحتجاجات كانت تخرج من المساجد فقط.

اجتماع ساحة الساعة في حمص لم يُعطَ حقه من التوثيق ومن السرد؛ لأن المظاهرة كانت كبيرة جداً، وتعبّر عن وحدة السوريين، وعن مطالب مشتركة وطنية، وحتى تاريخ هذا اللقاء لم تظهر أي دعوات طائفية أو أي سلوكيات طائفية.

في نفس الوقت وفي هذه المرحلة، خرجت مظاهرة اتفق عليها النشطاء الحركيون في النشاط الثوري في حلب، اتفقوا على تحويل الاحتفال بذكرى الجلاء في 17 نيسان، [وقالوا]: نذهب إلى مقبرة هنانو التي تقع في وسط المدينة تقريباً، أو تقع في مركز مهم قريب من المدينة، ونتجمع هناك، ونخرج من هذه المظاهرة، نمشي في المدينة من مقبرة هنانو -لا توجد مسافة كبيرة تفصلها عن ساحة سعد الله الجابري، قد تكون المسافة ثلاثة أو أربعة كيلو مترات- وهذه المظاهرة ستلفت أنظار أهالي مدينة حلب، ونعتصم في ساحة سعد الله الجابري، ونحاول تحريك المجتمع الحلبي الذي لايزال منغلقاً على نفسه، ولديه مخاوف من الثمانينات.

قبل أن أتحدث عنها بالتفصيل، صادف تلك الأحداث أنني كنت جالساً في المنزل، و أشاهد التلفاز، وأظن أنه كان يوم جمعة؛ حيث كانت هناك احتجاجات ومظاهرات، وكانت زوجتي تجلس بالقرب مني، و دخل إلى منزلنا منجّد - كانت زوجتي قد أرادت شراء أقمشة للكنبات - كان المنجد رجلاً عادياً بسيطاً غير مسيس، جلب الأقمشة من تركيا، وكان يريد عرض الأقمشة على زوجتي حتى تختار زوجتي ما تريده، وأنا كنت منتبهاً إلى ما يعرض على التلفاز، كانت الغرفة واسعة وكبيرة، وأنا غير مهتم للحديث[الذي يدور] بينهما، وبعد حديث السلام والمجاملة بين زوجتي والبائع، قال البائع لزوجتي: يا خانم (السيدة ذات المكانة)، الأتراك يتحدثون عن أهل حلب، ويقولون: يجب على رجالهم أن يلبسوا التنانير. وهذه العبارة استوقفتني، والتفتُّ إلى المنجد، وقلت له: هم محقّون؛ لأن أهل حلب حتى الآن لم يخرجوا في مظاهرات، فقد أصبحنا في الشهر الثاني من الثورة، بينما نجد أنهم في باقي المحافظات قد خرجوا جميعاً. والتفت المنجد إليّ، وقال بلهجة جدية جداً: يا أستاذ، نحن عندما خرجنا في الثمانينات، وأصابنا ما أصابنا من النظام، ماذا فعل أهل الشام؟ ففوجئت بكلامه، أو أذهلني جوابه، والسبب هو هذه الذاكرة الجمعية عند أهل المدينة الذين تعرضوا لعمليات قمع دموية لاتزال راسخة بعد مرور 30 سنة تقريباً، بين بداية الثمانينيات وبداية عام 2011، فالذاكرة الجمعية للمدينة لا تستطيع أن تنسى أننا قبل 30 سنة تعرضنا لعمليات قمع دموية من قبل النظام، وكنا وحيدين، ولم يقف الدمشقيون معنا. وهذا الأمر يطرح أسئلة هي: لماذا تكررت الحالة مرة أخرى في الثورة السورية على نطاق مستوى مدينة دمشق ومستوى مدينة حلب؟ هذه الأسئلة يجب أن نطرحها، ونتناقش بها، إن ذلك غير مقنع للآخرين؛ فمهما خرجت دمشق فإنها لم تخرج بكل قواها، ومهما خرجت حلب فإنها لم تخرج بكل قواها، أريد أن أطرح سؤالاً آخر وهو ملح: لماذا كانت أغلب الفصائل ريفية، وهي تعيش على أطراف مدينتي حلب ودمشق؟ وكيف تعاملت هذه الفصائل مع دمشق وحلب؟ وما هي نظرة الدمشقيين والحلبيين إلى هذه الفصائل؟ هذا الموضوع سنتحدث عنه لاحقاً، ولكنني توقفت عند حادثة المنجّد؛ لأن لها دلالتها، وأعطت إشارة إلى أنه على عكس ما يتوقع الكثيرون، إن الذاكرة الجمعية للمدينة لا تُمحى بسهولة، ربما تحتاج إلى فترات طويلة.

كما ذكرت: إن مدينة حلب تأخرت، ولكن هذا لا يعني أنها لم تخرج، أو أنها لم تشارك، ولكن ليس بالزخم المطلوب منها كمدينة حلب. لم أرَ، ولكن كنت أسمع، وأعرف، وأتابع؛ لأن مدينة حلب مثل مدينة دمشق، هي مدينة كبيرة مترامية الأطراف، وكانت تحدث احتجاجات ومظاهرات في الهوامش وأطراف المدينة، ولكن لا يمكننا أن نقول: إن قلب المدينة تحرك، أو أن المجتمع الحلبي تحرك. وكان الأمر نفسه في موضوع مدينة دمشق، ربما مدينة دمشق أفضل حالاً من مدينة حلب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/27

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/86-08/

رقم المقطع

08

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2011

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة حلب

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة