بدايات حمل السلاح وحملات التكفير ضد النشطاء السلميين في مدينة الكسوة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:33:14
في "جمعة صمتكم يقتلنا" في 29 تموز، وبعد أن أنهينا المظاهرة كان يوجد لدينا طريق في الكسوة يسمونه طريق العشاق، وهو طريق يمر في منتصف البلد ومن جانب بناء الضباط، وهذا الطريق في الأصل يخرج إليه الناس في الليل ويتمشون به، وكان وقتها آخر يوم قبل رمضان، وكان الطقس حارًا وكان يوجد اكتظاظ جدًا في المنطقة، وكان يوجد لدينا مجموعة من الشباب يخرجون على دراجات نارية، وأثناء مرور مجموعة من الشباب انتبه لهم ابن ضابط كان يقف مع العساكر، انتبه لشخص منهم كان معه في المدرسة ويعرف أنه يخرج في مظاهرات، فسحب البندقية من يد العسكري وطلب من العساكر الذين معه أن يطلقوا الرصاص عليهم، وأطلقوا الرصاص بشكل مباشر على شخصين من هؤلاء الشباب المارين: شاب اسمه نور غازي وشاب اسمه حسن هيثم دولة، وجاءت رصاصة في وجه نور ودخلت في جمجمته وحسن هيثم دولة دخلت الرصاصة في قدمه، وضاجت الناس وذهبوا حتى يسحبوا الجثث وتُخلي المنطقة وتعترض على الشيء الذي حدث، وتوجّهت الناس قريبًا من أبنيةالضباط، وكان معظم الضباط قد أخرجوا بنادق من الشبابيك وبدأوا يطلقون النار على الناس، وكان النظام قد أرسل في وقتها عربة شيلكا وتوقّفت في رأس الشارع، وأصبحت تطلق النار بشكل عشوائي، واستشهد في وقتها شخصان من آل الصياد -حتى إنهم لم يكونوا في المنطقة وإنما كانوا في حي آخر- ولكن بما أن إطلاق النار كان عشوائيًا أصيبوا واستشُهدوا شخصين من آل الصياد وأُضيفوا إلى نور غازي وحسن هيثم دولة.
النظام كان لديه الجيش منتشرًا في المساكن وعلى جبل المضيِّع، والمنطقة كلها يوجد بها جيش في الأصل وليس لديه مشكلة، لأنه خلال 5 دقائق تصل التعزيزات، وكان النظام قد جهّز أصلًا قناصات على بناء الضباط لحماية الأبنية، وأنا أذكر في وقتها أنني حوصرت بين ضرب الشيلكا (عربة قتالية مجنزرة مضادة للطائرات وقتال المشاة سوفيتية الصنع) وبين الناس، لأنني ذهبت حتى أصوّر وحوصرت في هذه المنطقة ولم أستطع أن أتحرك وبقيت ثابتًا في مكاني حتى استطعت الهروب والدخول إلى غرفة في نادي، فقد كان كان يوجد نادي صيفي للسهر، وبعدها استطعت أن أهرب، وكنت آخر من هرب من الناس بعد أن هرب الجميع، وتوقفتْ الشيلكا قليلًا فقفزت من فوق الحائط وركضت، وكنت أصطدم بالحيطان من شدة خوفي لأن الشيلكا خلفي وأنا أركض في نفس الشارع. وذهبت إلى البلد، وكان حسن هيثم دولة لم يستشهد بعد، وكانت إصابته في قدمه وقال لهم: اتركوني و[أسعفوا] نور. ولكن نور كان قد أًصيب في وجهه ودخلت الرصاصة إلى جمجمته، وطبعًا الشخصان استشهدا فيما بعد، ثم وصلنا خبر أن شخصين من آل الصياد أيضًا استشهدا، وأقمنا ثاني يوم التشييع وأقمنا في دوار الثوم أيضًا مجلس العزاء مثل المرة الماضية، ولكن فورًا هجم الجيش على العزاء وأطلق الرصاص واستُشهد في وقتها راشد محمود الملقب "علّاي"، استُشهد أثناء العزاء، وحرق النظام ساحة العزاء، ونقلناها إلى ساحة أخرى بعد دوار الثوم في اليوم الثاني، أيضًا هجم النظام وضرب المنطقة، وأُصيب مجموعة من الشباب من بينهم شاب اسمه محمد الصياد. ولم نعد نستطع أن نقيم العزاء في أي ساحة من الساحات، وكنا هنا في ثاني يوم رمضان وتغيّر لدينا تكتيك المظاهرات، ونقلناها إلى داخل البلد إلى ساحة مغلقة واسمها ساحة الحكماء، ولم تعد تمشي المظاهرات في الشوارع، لأنه عندما تخرج مظاهرة كان النظام يرسل مجموعة من العناصر يقومون بإطلاق النار عليهم.
وهنا ظهرت مجموعة كانت مجهّزة بالسلاح، جهّزها المدعو أبو إسلام وفريقه ومهمّتها القيام بردّ النظام إذا هجم على المظاهرات، بمعنى حماية المظاهرات، ونحن كان لدينا اعتراضات على هذا الشيء، وأننا غير محتاجين إلى هذا الشيء، ونحن لن نتظاهر في الشارع الرئيسي، وسننقل التظاهرات إلى مربع مغلق، ونقوم بهذه المظاهرات ليلًا ونصوّرها ونرسلها للناس حتى يروها، والذي حدث أنهم [ أبو اسلام ومجموعته] لم يلتزموا معنا، وهنا بدأ النظام -كوننا في شهر آب- بدأ يقوم بالتجهيز لعملية اقتحام، وكان ظاهرًا علينا أنه دائمًا يوجد دبابات تأتي إلى المنطقة وتنتظم حركتها ويتمّ بناء حواجز جديدة في المنطقة.
داخل الكسوة كان عددهم [أبو اسلام ومجموعته] بسيطًا، يعني لا يتجاوز 20 شخص، وفي الفترة الأولى الذين استعدّوا لحمل السلاح في ذلك الوقت لم يكونوا من الطبقة التي لديها وعي كامل بحمل السلاح للأسف، لأننا كنا نحذّر من هذا الموضوع، وكان يوجد أشخاص آخرون يحذّرون، حتى جميع البلد لا يريدون هذا السلاح أن ينتشر.
السلاح كان يأتي عن طريق أبو إسلام في ذلك الوقت، وعن طريق مجموعة أخرى أيضًا لم أكن مطلعًا على عملها وهي من خارج الكسوة.
حصلت هناك مشكلة في وقتها، أننا المعارضين لهذا الموضوع، تمّ التهجّم علينا في الشارع واتهامنا أننا ضد الإسلام وضد الجهاد، وأننا نقبل بأن يدخل النظام ويهتك الأعراض دون أن ندافع عنها. ونحن بالعكس كنا نحاول -وليس أنا فقط وإنما الطبقة الأخرى- كان يوجد محاولة [لاتباع] أسلوب تكتيكي مع النظام أفضل من أسلوب المواجهة وإعطاءه ما يريد [إعطائه ذريعة للعمل العسكري].
في أول رمضان أنا أحسست أن التهجمات [على أصحاب الخيار السلمي] أصبحت كثيرة، فأحسست أننا يمكن أن نُهزم في هذا الموقف، فأنا لجأت إلى الشارع في وقتها لأن الذين ينظمون العمل لا يقتنعون، فهم الجهة التي تأتيها الأموال ويمضون في مشروع إسلامي ولا يريدون أن يتوقفوا عنه، وهنا بدأت تظهر كلمة "تكفير" علينا، بمعنى أنه يوجد "كفر وردّة"، فلجأت إلى الشارع واستطعت أن أقنع الأهالي والعائلات الموجودة في البلد القديمة أن هذا السلاح لا يمكن أن ينجز معنا أي شيء، بالعكس ممكن أن نكون ضحايا مجازر كبيرة مع النظام، والمطلوب منا -إذا فعلًا النظام اقتحم الكسوة وإن كان لا بد- هو عرقلة دخوله إلى أن تخرج الناس المطلوبة التي من الممكن أن يكون عليها خطر، وذلك من خلال وضع إطارات أو زيت.. يعني أساليب مدنية في مواجهة العمل العسكري، وأن السلاح الذي في يدكم.. وهو كان سلاح بسيط، يعني مجرد بندقية. واستجابت العائلات بالكسوة لهذا الموضوع، وفعلًا تمّ إخفاء السلاح في التراب في مناطق معينة وأنه لن تحدث مواجهة، وهذا الشيء جعل الأشخاص الذين كانوا مصرين على العمل المسلح يخرجون إلى محيط الكسوة لمحاولة بناء عملهم العسكري.
وفي هذه الفترة كلها بعد منتصف رمضان، كانت الناس دائمًا تنتظر متى سيدخل النظام إلى الكسوة للاقتحام كاقتحام كبير؟ ونحن كنا نجهز وسائل مدنية بحيث إذا دخل النظام يتمّ عرقلة دخوله لأكبر وقت ممكن لتأخيره لخروج الناس المطلوبين، أو أكبر قدر ممكن من الشباب خاصة فئة الشباب، ولكن أخذنا قرارًا بعدم وجود أي مواجهة عسكرية أثناء دخول النظام، لأنه لم يكن هذا هدفنا، ولم تكن تلك هي الأدوات التي نبحث عنها.
في 18 أيلول كان الخبر أن النظام يريد الدخول إلى الكسوة، وكنت أنا أخرج ليلًا وأرجع صباحًا الساعة 6 أو 7 صباحًا إلى منزلي، ثم أخرج في الليل بحيث لا أحد يراني، وفي ذلك اليوم 18 أيلول عدت إلى المنزل الساعة 6 ونصف صباحًا تقريبًا ونمت قليلًا، وعندما استيقظت وجدت أنه يوجد اتصال على هاتفي الثاني الجديد حتى أتكلم به بشكل نظيف، وأنا كان لقبي وقتها "أبو سراج أو سراج القوتلي"، وكنت أتكلم على القنوات باسم "سراج القوتلي"، وعندما أحسّ أن الأمر يشكل خطرًا علي أتكلم باسم "كرم الكسواني"، وكنت من بداية الشهر الرابع قد بدأت أتكلم باسم سراج القوتلي، وكان لقبي أصلًا "أبو سراج"، يعني كان المتعارف عليه أبو سراج، وكنت في بعض الأحيان أغيره وأسمي نفسي "أبو كرم" بحسب الوضع الأمني، وكنت أتكلم على الفضائيات على أورينت والجزيرة مباشر.
كان لدي خط هاتف جديد باسمي من شركة MTN وكان نظيفًا حتى لا يكون علي مشاكل، فتفاجأت أنه جاءني اتصال من رقم غريب، استيقظت الساعة 7 ونصف ووجدت أن الاتصال جاءني في الساعة 7، واتصلت بنفس الرقم فقال لي: أبو سراج؟ وأنا هنا تفاجأت، لأنني لست أبو سراج على هذا الرقم، أنا أبو سراج على الرقم المضروب، حتى لم أكن متزوجًا وليس لدي ولد، فقلت له: لا لست أبو سراج. فقال لي: ألست الأستاذ بهاء؟ فقلت له: نعم أنا الأستاذ بهاء. وسألته: من معي؟ فقال لي: أنا الرائد أبو خالد رئيس مخفر الكسوة. فقلت له: خيرًا؟ فقال لي: يوجد لك بلاغ هنا حتى تأتي وتستلمه. فقلت له: أنا في يبرود، ولديَّ مشروع هندسي في يبرود، وإذا أردتَ سأذهب إلى مخفر يبرود. فقال لي: لا، لا تذهب إلى أي مكان، ولكن اتصل بقريبك محامي -أحد أقربائي لا أستطيع أن أقول اسمه لأنه كبير في العمر- فقال: تتصل وقل له اتصل بي الرائد أبو خالد. وهنا أنا كنت قد قلت له: كيف يأتي بلاغ باسم أبو سراج؟ فقال لي: تكلم مع قريبك وهو سيقول لك ما هو هذا البلاغ. فتكلمت مع الشخص فقال: يجب أن تخبر أباك أن يخرجك فورًا من أي طريق إلى خارج الكسوة. وخرجت ودلّني إلى مكتب محامي أنه يجب أن أذهب إلى المحامي الفلاني حتى أختبئ عنده في مخيم اليرموك، في آخر المخيم، اسمه المحامي أيمن أبو هاشم، وهو فلسطيني -طبعًا أيمن أبو هاشم هو الآن معروف كشخصية يعمل في "تجمع مصير"- وأوصلني والدي إلى المحامي أيمن أبو هاشم وتعرفت عليه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/05
الموضوع الرئیس
الحراك العسكري في الكسوةكود الشهادة
SMI/OH/47-16/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
تموز- أب- أيلول 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مخيم اليرموكمحافظة ريف دمشق-ناحية الكسوةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام
قناة الجزيرة
قناة أورينت / المشرق