منهجية العمل في وزارة الزراعة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:32:23
تمّ تكليفي بوزارة الزراعة، وهذا التكليف أعطى انطباعاً سلبياً لدى أبناء اللاذقية، وحتى أنهم شكّلوا وفداً من أبناء اللاذقية لمقابلة بشار الأسد، وطالبوه بأن يعيدني إلى المحافظة، وأن أبقى محافظاً في اللاذقية. وباشرت عملي في وزارة الزراعة، وكعادتي في كل مكان أتواجد فيه، سواء كان في القنيطرة أو في دير الزور أو في اللاذقية، فإنني بدأت العمل في وزارة الزراعة من خلال الجولات الميدانية واللقاء مع الفلاحين والمربين، والعمل على تخفيف الأعباء التي يعانون منها. والحقيقة أن وضع الفلاحين كان مأساوياً، وخاصة في ظلّ القرارات التي اتخذتها الحكومة في ذلك التاريخ (حكومة الأستاذ ناجي العطري) بزيادة أسعار المحروقات، ورفع أسعار السماد وكلف الإنتاج؛ وبالتالي كان وضع الفلاح مزرياً جداً، فهناك الكثير من الفلاحين قد هجروا أراضيهم؛ لأن قيمة المنتج لا تتناسب مع كلفة الإنتاج؛ وبالتالي الفلاح يعمل بخسارة، أو يعمل، ولكن بدون أي ربح؛ لذلك عملنا على أن نخفّف عن الفلاحين والمربين.
وهناك أيضاً موضوع الثروة الحيوانية، وتمتاز سورية بأن لديها ثروة حيوانية ممتازة بكميات كبيرة، سواء كانت أغناماً (حوالي 16 مليون رأس غنم أو أبقار أو ماعز) أو غيرها، ولذلك من خلال الجولات التي قمنا بها، ومن خلال دراسة كل موقع، وقبل أن أذهب إلى هذا الموقع، كنت أقوم بدراسة كاملة، وأحيط بكل ما يخصّ هذا الموقع، سواء من حيث وضع الفلاحين أو حتى القائمين على العمل من العاملين في الوزارة، وخاصة موضوع الفساد.
ولذلك فإنني زرت كل مناطق سورية خلال فترة وجودي كوزير للزراعة، ولم تبقَ منطقة في سورية إلا وزرتها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وحتى في البادية زرت المربين في مواقع كثيرة، وهذا أعطى انطباعاً طيّباً لدى الفلاحين، وأعطى انطباعاً طيباً أكثر عندما كنت أتخذ قرارات بحق الأشخاص الفاسدين، وأنا موجود في موقع العمل، كنت ألبّي حاجة الفلاحين والمربين، وكنت أقوم بتوزيع الإعانات، وكانت هناك أموال موجودة في وزارة الزراعة، وهي مخصصة من الأمم المتحدة لمساعدة المرأة الريفية، وإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة لمساعدة الفلاحين، وهذه الأموال كانت موجودة وغير مصروفة، وعندما أتيت إلى الوزارة وكان هذا من حق الفلاحين والمربين، و لم أكن أعطِ شيئاً من عندي، فهذا حقهم؛ ولذلك خلال فترة وجودي كوزير زراعة وزّعنا إعانات ل 18 ألف عائلة، استفادت من هذه الإعانات، سواء كانت أبقاراً أو أغناماً أو خلايا نحل أو مشاريع فطر وغيرها من المشاريع التي يستفيد منها الفلاحون، وهذا أعطى انطباعاً [جيداً] مثلما ذكرت. بالإضافة إلى استقبال المواطنين كل يوم خميس، كنت أستقبل مئات المواطنين كل يوم خميس، وأحرص، حتى لو كان لدي ظرف مفاجئ أو اجتماع مفاجئ على أن يكون معاونيّ متواجدين، ويقابلوا الناس، ويلبّوا طلباتهم، ولم أكن أتردد على الإطلاق في موضوع التعيين بعقود مؤقتة أو مساعدة عينية أو مادية، ولم أكن أتردد بهذا الأمر على الإطلاق.
ارتحت كثيراً في الفترة التي خدمت خلالها في وزارة الزراعة؛ لأنني استطعت أن أخفّف عبئاً عن أبناء وطننا، وخاصة الشريحة التي تعمل ضمن الإطار الزراعي، وهذه الشريحة كانت تعاني بشكل كبير، وزادت معاناتها أيضاً بعد الأحداث التي حصلت في سورية؛ لأن توفير مواد الإنتاج أصبح صعباً، وخاصة موضوع المحروقات. قامت الحكومة خلال فترة وجودي كوزير زراعة على تخفيض سعر مادة المحروقات، ولكن المادة غير متوفرة، وكان هناك صعوبة في توفيرها نتيجة العقوبات التي صدرت من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية أو جامعة الدول العربية. فهذا الموضوع كان له أثر كبير فيما لو كان قبل (قبل الأحداث) وكانت المادة متوفرة، فربما كان مردوده أفضل على الفلاح والمربي.
الحقيقة أن الجولات التي كنت أقوم بها كانت تزعج البعض، وكانوا يستاؤون منها كثيراً ومن هذا الموضوع، وخاصة رئيس الحكومة الذي كان وزيراً للزراعة قبلي، وكذلك طريقة العمل والجولات والإعفاءات، و ناقشته كثيراً في بعض القضايا، وكان يبدي لي أنه راض عن متابعة العمل، و لكنني كنت أسمع من المسؤولين الآخرين بأنه يبدي انزعاجاً من طريقة وأسلوب العمل الذي كنت أقوم به، و لم يكن يهمني هذا الأمر، سواء كان رئيس الوزراء راض أو غير راض، وكان يهمني المواطن والفلاح والمربي والمواطن العادي الموجود، وأنا أستطيع أن أخدمه، وأخفّف العبء عنه.
حتى بعض الوزراء كانوا يطلبون مني ألا أقوم بالجولات الميدانية؛ لأنه في ذلك التاريخ كان يوجد خوف من الذهاب. ففي إحدى المرات، ذهبت إلى محافظة طرطوس، وقمت بجولة على الأخوة الفلاحين والمربين، وآخر جولة كانت قريبة من مصياف، وقلت لهم: أريد أن أنزل. فكان هناك خياران: أن أنزل في الطريق، وأعود إلى طرطوس ثم إلى دمشق، أو أن أذهب من مصياف باتجاه حمص ثم إلى دمشق، وهو الطريق الأقصر. وترجوني ألا أذهب من ذلك الطريق (طريق مصياف)؛ لأن الثوار في منطقة الحولة في ذلك التاريخ كانوا مسيطرين عليها، ولا يوجد قوى أمنية أو شرطة أو غير ذلك. وصمّمت على أن أذهب من هذا الطريق، وكان معي وفد كبير من المديرين المركزيين وغيرهم، وانطلقنا، وعندما وصلنا للحولة سألت السائق: من معنا؟ فقال: لا يوجد أحد إلا سيارة رئيس الاتحاد العام للفلاحين؛ لأنه كان موجوداً معي في نفس السيارة، والبقية جميعاً ذهبوا من الطريق الآخر، فقد كان هناك خوف من الآخرين بأن يقوموا بجولات، أو ينزلوا إلى الناس. و كان لديّ ثقة بأن المواطن عندما نخدمه سيقدّر هذه المسألة؛ وبالتالي لم أكن أشعر بالخوف على الإطلاق في أي مكان أذهب إليه، سواء كان في البادية أو في الأرياف أو أي مكان أذهب إليه، وعلى العكس من ذلك كان الناس يستقبلوننا استقبالاً حارّاً جداً، ونستمع إليهم بكل رحابة صدر، ونسمع كلاماً طيباً من الجميع، ويستقبلون جميع القرارات التي كنا نتخذها، سواء كانت على أرض الواقع أو في الوزارة بترحاب كبير، ولم أذهب إلى مكان إلا ويتحول هذا المكان إلى حشد جماهيري، والناس مرتاحة وسعيدة في جميع المواقع التي زرتها، سواء كانت في الأرياف أو غيرها.
معلومات الشهادة
الموضوع الرئیس
آليات عمل بعض المنشقين في ظل النظامكود الشهادة
SMI/OH/128-05/
أجرى المقابلة
عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش
مكان المقابلة
الدوحة
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011-2012
updatedAt
2024/04/06
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-الحولةمحافظة طرطوس-محافظة طرطوسالبادية السورية-البادية السوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جامعة الدول العربية / الجامعة العربية
الاتحاد الأوروبي
وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي - النظام