الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مظاهرة الحميدية وانطلاقة الثورة في درعا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:07:59:01

في أحد الأيام كنت أجلس مع وائل سعد الدين، طبعاً، حصلت مظاهرة "الحريقة"، وسمعنا عنها أيضاً، وتناقشنا فيها، وأنا على المستوى الشخصي لم أتعاطف معها كثيراً مع أنني أبرّر استغلالها، ولكن في النهاية، قصة شخص حدث خلاف بينه وبين شرطي مرور لم تترك هذا الأثر في نفوسنا جميعاً، لدرجة أنها لم تكن محطّ نقاش مهمّ بيننا، وكان هناك تصوّر بأن أهل الشام لن يقوموا، وكان أحمد عزام يقول: أنت في سوق، وحدثت مخالفة سير مع شرطي مرور، وجاء الوزير وأرضاهم بكلمتين، يعني هي ليست حالة تاجر من الممكن أن يقوم.

أظن أنه في 12 أو 13 آذار، تكلم معي وائل سعد الدين، وقال لي: يوجد دعوة لمظاهرة في 15 آذار -وائل في كندا الآن- فقلت له: من دعا إليها؟ فقال: مجموعة "17 نيسان". فقلت: "من هم هؤلاء؟" فأضفتها هنا على "الفيسبوك"، وكنا نعمل على شبكة "ثري جي" ونضعها في "اللابتوب"، ونستخدم برنامج "كاسر الحجب الهوت سبوت" حتى نفتح "الفيسبوك". وفي النهاية، تابعت مجموعة "17 نيسان"، وكانت المظاهرة في 15 آذار، وذهبنا إلى المظاهرة. وأن صديقه شادي أبو فخر موجود فيها، ولم أكن أعرف شادي بعد. وذهبنا، وبقي الشعور طبيعياً، وأتينا من جهة فرع الأمن الجنائي من ناحية باب مصلى، وكنا نريد أن ندخل باتجاه الحميدية في هذا الطريق، وهذا الطريق يوجد في بدايته محلّ مفروشات ثم محلّ أراجيل، لا أذكر ذلك بالضبط، ولكن من المؤكد أن هناك محلّ أراجيل.

وبقي الشعور طبيعياً وأنا في الشارع الرئيسي، وعندما دخلنا بهذا الاتجاه إلى سوق الحميدية بدأت هذه الاختلاطات والمشاعر[التي تجعلك تخطو] خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء، وذلك الشارع مكتظّ بالحركة بطبيعته، ولكنني عندما أنظر أرى أن جميع الناس عبارة عن عناصر أمن، ربما كان هناك شيء غير طبيعي، وربما يكون هناك فارق، فنحن السوريون تعوّدنا عليه، ولا يمكننا أن نقوله، ولكن أصبحنا نستطيع أن نميّز أن هذا أمن أم لا من حدسنا، قد يكون من خلال مظهره أو نظراته بإمكاننا أن نقدّر ذلك، ولكنني أحسست أن هناك قسماً كبير من الأمن في الشارع.

ولا أذكر توقيت المظاهرة؛ لأننا خرجنا من مقهى اللغات ظهراً أو بعد الظهر، لا أذكر تماماً، ولكننا خرجنا من مقهى اللغات أنا ووائل، أو أظن أن الوقت كان مبكراً؛ لأننا عدنا إلى مقهى اللغات ظهراً. وحتى الأراجيل أحسست أنها أمن خلال سيرنا، يعني حصلت حالة عدم طمأنينة ورُهاب، فعندما تنظر

إلى واجهات المحلات أثناء مشينا، ترى انعكاس صورة الناس عليه، وترى أن الشارع أوسع وأعداد الناس أكثر، ويكون الشارع مزدحماً، وتحسّ أنك في ضيق في الشارع، وأنك تختنق شيئاً فشيئاً، استمرينا حتى وصلنا إلى الزاوية المقابلة. فإذا أردنا أن نذهب إلى سوق الحميدية فيجب علينا أن نقطع الشارع قبل هذه الزاوية أصلاً، ولكننا بقينا مستمرين حتى الزاوية لأن هناك نفقاً ودرجاً تخرج منه إلى سوق الحميدية، وتابعنا السير حتى بلغنا الزاوية المقابلة لسوق الحميدية، ويوجد هناك شخص يبيع أشرطة تسجيل للقرآن، وأنا أذكره لأنه بقي عالقاً في ذاكرتي لاحقاً، وكان يرفع الصوت دائماً.

نحن الاثنان أذعنّا بالخوف، وذهبنا باتجاه مقهى اللغات، وبعد ساعتين تقريباً، قالوا: اعتُقلت فلانة، واعتُقل فلان. وخرج الفيديو الشهير لسوق الحميدية، وعندما ينتهي ذلك تتمنى لو أنك شاركت، فتقول: آه! ليتنا شاركنا! ولكنها انتهت بهذا الشكل.

أظن أن إحساس الخذلان الذي ينتابك هو الذي يجعلك تسكت لمدة ثلاثة أيام حتى تحصل المظاهرة الثانية التي ليس لك علاقة بها أيضاً، فأنت دُعيت عملياً، وصلتك دعوة، وأصبحت لديك معرفة، وأنت لم تذهب، فتحاول أن تكون مواطناً عادياً. فماذا ستقول؟ هل ستقول في مقهى اللغات: يا شباب، كان لديّ علم، وخفت. حتماً، لن تفعل ذلك، فأنت تعيش السلوك العادي، وأنا أتكلم عن ثلاثة أيام بين 15 و18 [أذار]، فكنت أنزل إلى مقهى اللغات، وأذهب إلى [مطعمي] "شينو" و"نينار" بشكل عادي، وأرجع، وأنام، ثم أصحو وهكذا... وهذا السلوك كان في 17 آذار، في ليلة 18 آذار، وكنا سهرانين، وعند الظهر، اتصل بي أحمد عزام في 18 آذار، بعد الظهر تقريباً (قبل العصر) اتصل بي، وقال لي: افتح التلفاز على قناة بردى. فاستغربت، [وسألت نفسي]: لماذا أفتح التلفاز على قناة بردى، وكانت الفيديوهات غير واضحة، ولكن كانت هناك مظاهرة، فهي اسمها مظاهرة، ولكنها بالنسبة لنا وبعد مصر وتونس أصبح اسمها ثورة، فتعريفها الآن أصبح ثورة، ونحن كنا نسأل: هل من المعقول أن تبدأ الثورة عندنا أم لا؟ وهكذا كانت الحالة.

المناطق التي كنت أتوقعها حماة ودوما؛ لأنني عرفت أن فيها حالة غير بعثية، وهي ناتجة عن معرفتي وعن تجربتي الشخصية، وكان هناك شهداء، فأجهشت بالبكاء، وبكيت كثيراً في منزلي، ولا أعرف، هل هو الحزن على الشهداء؟ ولكن كان لديّ رغبة شديدة في البكاء. فبكيت كثيراً، لا أعرف سبب البكاء، كان فيه حزن، ولكنني كنت سعيداً لأن المظاهرة في درعا، ولكن كان هناك كمّ هائل من الحزن، وقد يكون هناك خوف أيضاً، وبكيت لفترة طويلة، ثم ذهبت إلى منزل متولي، فقد كنتَ بحاجة لأن تذهب، وتسمع، وترى، فكان الشعور الغالب هو التهنئة. وفجأة، تختلف نظرة الناس إليك، فأصبحوا يهنئونك؛ لأنك ابن الحالة الرمز، رغم أنك البارحة كنت تجلس معهم، وكنتم تسهرون معاً البارحة، وستذهبون اليوم لتسهروا بشكل عادي، فلا يوجد فرق كبير على المستوى الشخصي، ولكن حدث ذلك فجأة.

بقدر ما كان الموضوع بسيطاً في تلك الفترة، ولكنه في تلك المرحلة كان ورطة أيضاً؛ لأن الشام لا يوجد فيها أي شيء. فذهبنا، وسهرنا، ورجعنا، كان الموضوع عادياً، ولكن الجميع يتكلم عن احتماليات ما سيحدث.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/14

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/53-10/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

شباط - آذار 2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-الحميديةمحافظة دمشق-الحريقةمحافظة درعا-محافظة درعامحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

قناة بردى الفضائية

قناة بردى الفضائية

حركة شباب 17 نيسان للتغيير

حركة شباب 17 نيسان للتغيير

الشهادات المرتبطة