هذا كان أحد الأشياء الأساسية والتي كنا نتعامل معها على أساس أنَّ هذا هو الهواء الذي ينقل غبار الطلع، ونعني بذلك التظاهر، فضروري وكان واحدة من الأساسيات والأولويات التغطية الإعلامية وينتقل إلى الناس للسوريين وخارج سورية، وهذه واحدة من الدروس المستفادة من الذي حصل في تونس وليبيا ومصر، وهي من الدروس المستفادة من عام 2004 حين حصلت الأحداث في الجزيرة بناءً على مباراة كرة القدم؛ كيف أن العزل والحصار الإعلامي للحدث لم يسمح بأن يكون هناك تفاعل محلي ووطني مع هذا الموضوع، وقضايا أخرى كثيرة، وهذه واحدة من التكتيكات المتبعة من قبل النظام بأن يعزل المناطق إعلاميًّا، ويعزل الحدث عن الجمهور بشكل عام. وهذه واحدة كانت من الأساسيات، وبشكل سريع سواء من خلال الصفحات الشخصية بشكل أولي وبداية، وبعدها كان عندنا غرفة إعلام على السكايبي والتي كانت تديرها علا البرازي، وفيما بعد أصبحت غرفة إعلام لجان التنسيق المحلية، وفي ذلك الوقت لم يكن اسمها كذلك ولا أذكر اسمها حينها، والغرفة هي عبارة عن غرفة سكايبي وفيها الأشخاص الذين نحن نعرفهم، وحتى في المحافظات التي لم يكن فيها حراك، كلنا أنشأنا حسابات ودخلنا إلى الغرفة وكل شخص يعرف معلومة أو تواصل مع شخص، فمثلًا درعا فلان الفلاني هذا رقم تلفونه. وكان هناك مجموعة حقيقة كبيرة: زينة ارحيم كانت موجودة في الغرفة ومستلمة الجانب الإعلامي، وكانت تتواصل مع الناس، فكان هناك عدد كبير في الغرفة، وفيما بعد في مرحلة لاحقة دخل محررون من غرفة تحرير CNN في يوم من الأيَّام مدة 4 ساعات في الغرفة، وشاهدوا ديناميكيات العمل كيف تحصل. وكان هناك صحفيون لهم دور مهم؛ مثلًا: مراسل "رويترز" خالد عويس في ذلك الوقت كان دينامو بنقل الأخبار، ورويترز وكالة فلما كان يخرج الخبر ما كان خبر على مجرد وسيلة واحدة، بل كان يتوزع على مئات وسائل الإعلام بكل العالم، وخالد عويس لديه حسابه، وكان يدخل إلى الغرفة ويسأل: هناك الموضوع الفلاني: هل هناك شخص نتكلم معه؟ وحقيقة المشكلة أن نذكر بعض الأسماء والذاكرة لا تسعف باستحضار كل الأسماء، ولكن كان هناك خلية نحل تعمل بهذا الوقت.

بدأ الاحتياج للأشخاص ليس فقط للذين ينقلون لأنَّهم يعرفون أو يتواصلون أو يسمعون، بل أصبح هناك احتياج لوجود أشخاص موجودة في مكان الحدث وهم الذين يحكون عما يحصل معهم وليس معرفة عن فلان عن فلان.. وهنا كان هناك إشكالية أنَّ يشارك الناشطون باسمائهم الحقيقية والصريحة، والناس غير متعودين على أن يكون هناك تواصل بينهم وبين الإعلام ويتحدثون بشكل علني. وهنا في المرحلة الأولى والأسابيع الأولى كان لدينا معاناة في هذا الخصوص، وليس فقط مع الناس العاديين، ولكن حتى مع السياسيين ومع معارضين تقليديين، وإلى الآن أتذكر أن [قناة] الجزيرة أو العربية أو فرانس 24 نبّهونا ألَّا تتكرر نفس الأسماء كل يوم مازن.. رزان [زيتونة]، ونفس الأسماء تخرج وتصرّح وفي الأسابيع الأولى، وأن ذلك ليس جيدًا من أجلكم أيضًا بمعنى من المعاني. وطلبنا من أكثر من شخص [الخروج على الإعلام]، وحقيقةً كانت الاستجابة سيئة جدًا، حتى من قبل سياسيين ومعارضين تقليديين، وأكثر من مرة كان يمكن أن يُحرج منا الشخص [ويوافق]، وحين نعطي رقمه لوسائل الإعلام ويحدث الاتصال بناءً على الموعد لا يجيب، ولا يفتح هاتفه.

كي لا نعمّم ولا نتكلم هنا عن الكلّ ولكن كانت ظاهرة، وما كانت حالات فردية، وحساباتهم قد تكون تختلف وبعض الناس كانوا يقولون: أنا بعيد وليس لدي فكرة ومعلومات عما يجري، وأحد الأشخاص قال: مكان عملي في القبو، ولا أعلم ما يحدث فوق، وبدون أن أسمي أسماء. صحيح أنني في المنطقة لكن مكان عملي في القبو فما أعرف ماذا يحصل في مكان آخر. والشباب العاديين كانوا في هذه المرحلة أفضل وتلقائيتهم (عفويتهم) كان لها معنى، وبعد ذلك انكسر ذلك الحاجز، وبعد فترة معينة، وما عاد هذا العبء للبحث عمن يتكلم ولكن في الأيام الأولى كنا نبحث بصعوبة.