الخروج من المعتقل والنقاشات مع الأطباء في مستشفى تشرين العسكري
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:07:10:23
وعندما هممنا بالخروج سلّمونا الهويات، فقلنا لهم: أنتم أخذتمونا حفاة، كيف سنخرج، ونمشي في الطريق؟ فقال لنا: اذهب خلف الباب هناك، وحاول أن تجد لك شيئًا تلبسه بقدمك، فركضنا جميعًا، ووجدنا كومة من الأحذية، وكل شخص وجد له شيئًا، وكل الأحذية كانت مهترئة، فعلى ما يبدو أن الشيء الجيد لا يضعونه في هذه الكومة، ولكنهم يأخذونه. وأذكر أنني خرجت وأنا ألبس نعلًا كبيرًا مهترئًا، وكنت أجرّ قدميّ جرًا، وهكذا خرجنا وبهذه الحال، كان منظرًا مزريًا ومأساويًا، ولكن في النهاية نحن دخلنا في طريق هذا هو مساره وهذه ضريبة سندفعها. خرجنا، وطبعًا كانت صدمة كبيرة بالنسبة للأهل والأصدقاء أن يشاهدوني بهذا الوضع، كانت عيني متورمة، وكان عندي جرح وظهري...، وأخذت المسكنات، وراجعت الزملاء [الأطباء]، حيث بدأت أتعالج حتى أتمكن من النوم والجلوس فلم أكن أستطيع.
وكانت لدي مشكلة، حيث كان الوضع في ذلك الوقت [يحتم عليّ] إما أن أنقطع عن عملي في مستشفى تشرين، ولا أعود، وأبقى هكذا، أو أن أقتحم الموضوع كما هو، وأتمسّك بالرواية التي قدمتها، وقلت: لأذهب، وأحصل على تقرير طبي. وكنا في وقتها نسمع عن الناشطين وحقوق الإنسان والتعذيب، وكان التعذيب والاعتقال ومنظر الضرب يهزّ العالم، فذهبت للمستشفى، ودخلت إلى مدير المستشفى، وكررت له نفس [الرواية]، فقال: لماذا؟ وماذا حدث لك؟ لماذا أنت هكذا؟ فقلت له: لقد أمسكوا بنا، وقاموا بضربنا، [وقلت]: معقول هذا الكلام؟ كيف ذلك؟ هل من المعقول أنهم هكذا يتعاملوا مع البشر بالضرب؟! فصرت أتكلم بهذا المنطق، وكانت فرصة أمام زملائي بالمستشفى لأحدثهم عن همجية النظام، انظروا إلى صديقكم وزميلكم الذي قضى سنوات، وعاش معكم، وتحبونه ويحبكم، وفعلًا كانت لدي صداقات كثيرة، وكانت حياة مهنية قد امتدت 20 عامًا مع زملائي وأصدقائي، وكان جزء منهم بجلساتنا الخاصة أو سهراتنا الخاصة أسمع منه نَفَسًا معارضًا للنظام ومعارضًا للبنية الطائفية والبنية "المافيوية" للنظام، وهذا الكلام كنت أسمعه من أبناء الطائفة [العلوية]، وهم أطباء وضباط، وكان لديهم هذا الرأي. وكنت أقول: إن هذا الكلام والذي حدث معي ربما أستطيع أن أستثمره، وأما عن طريقة استقبالهم فأذكر أنني عندما ذهبت للمستشفى، وقالوا: الدكتور سليم كان معتقلًا! كنت أقرأ في وجوه البعض منهم: هل من المعقول أن يكون هذا مع أولئك؟! وأشخاص آخرون يقولون: والله برافو عليه، (لقد أبلى بلاء حسنًا)، لقد كنت أقرؤها [في وجوههم]، والبعض أتى، وقبّلني من جبيني، وذهب، ففهمتها، وكانت رسالة تقول: إنه معي. والبعض بدأ يتهيّب، أو ينظر لي نظرة على أنني من الناس المعادين، وأنا لا أعرف كيف يمكن مباشرة أن يصبح الفرز بهذا الشكل؟!
فخرجت، وقلت لأصدقائي وزملائي الأطباء: لديّ مشكلة، فأجروا لي صورة "الإيكو" وصورة أخرى، وجاء طبيب، وأعطاني تقريرًا طبيًا، وقال لي: [سأعطيك] استراحة، وأنا كنت فعلًا بحاجة لاستراحة، فمن جهة أبتعد عن الجو، وفي نفس الوقت، كان ذلك بشكل قانوني فأنا أخذت استراحة.
طبعًا، عندما بدأت وانطلقت شرارة المظاهرة كنا نستحضر بذهننا النموذج الذي مرت به مصر وتونس، يعني عدة أشهر وتنتهي القصة، وينزل الناس، ويعتصمون، ويسقط النظام، ونبدأ المرحلة الديمقراطية. كنا نعمل بهذا الأمل، ولم نحسب حساب الجحيم الذي وجدناه فيما بعد.
أذكر أن استراحتي انتهت، وخلال الاستراحة، كنت أقول: إنني سأذهب للمستشفى بحجة جلب الدواء والقيام بتحاليل، وكانت فرصة لألتقي بالناس وأتكلم وأشرح عن مظلوميتي: انظروا هؤلاء الهمج ماذا فعلوا بنا. وهنا بدأت النقاشات، وأحد أصدقائي كان يقول لي في غرفة مغلقة: دعنا نتخيل أن الرئيس قد تنحى، ماذا سيحدث بالبلد؟ فنظرت له، وقلت: وهل سورية انعدمت منها الرجال حتى لا يحكمها إلا هذا الولد؟! ويتوقف مصيرها على حكم شخص. وأحسست في وقتها أنه خاف أن يسمع هذا الكلام، وخاف من مسؤولية سماع هذا الكلام، فاختصر الكثير من الكلام، وخرج.
بعد ذلك، كان شخص آخر يقول لي: نحن لدينا أيضًا - يا أبا صلاح - أشخاص معارضون. فقلت له: طالما أنتم الآن ترون هذه المظاهرات تخرج هنا وهناك، وأنت تذهب إلى الضيعة، لماذا لا تجمع 20 من الشباب والصبايا، وتقفون دقيقتين فقط، وترفعون لافتة وتقولون: "واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد"؟
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/04
الموضوع الرئیس
البدايات الأولى للثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/52-04/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/04/08
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع الأمن السياسي في دمشق
مشفى تشرين العسكري