الواقع والتحديات خلال التصعيد العسكري على مدينة حلب عام 2013
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:57:06
طبعًا بعدما كان النظام يرتكب المجازر بحق المدنيين والمتظاهرين، وبداية التصعيد كان بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، الذين يخرجون بهتافات سلمية، ويطالبون بإسقاط النظام وبالحرية، واشتد التصعيد في منطقة، ومدينة حلب، ليكون هناك قصف بالبراميل والقذائف والطيران، الذي لا يهدأ دائمًا وبشكل يومي، ويسبب حالات الذعر والخوف لدى الأطفال، وصار لديهم تخوف من المجازر التي ستحصل في المنطقة، وخصوصًا حين يكون القصف مزدوجًا في حلب، يعني ينزل البرميل أو القذيفة، ويكون هناك إسعاف للناس الذين أُصيبوا، -لديهم إصابات-، ويرجع (يعود) ليستهدف ناس آخرين الذين يسعفون المدنيين، وهذا كان يؤثر على حياة المدنيين كثيرًا، وخاصة أنه تم في الحملة العسكرية الأخيرة في مدينة حلب، استهداف مستشفًى ميداني كان يخدم (يقدم العلاج) عددًا كبير من الأهالي؛ سواءً في قسم العيادات أو الإسعاف والعمليات، وأيضًا معالجة المصابين، والمشفى كان في مدينة [حي] السكري، استهدف الساعة 12 ليلًا، وكان هناك شهداء من الكوادر الطبية والأطباء، ومصابون من المرضى، وهذا القصف الذي كان في المستشفى، أدى لتوقف المستشفى عن العمل، بسبب هذا التصعيد، وتضرر المعدات الطبية داخل المشفى بشكل كبير.
طبعًا من أبرز المعاناة التي يعانيها الأهالي في مدينة حلب، خلال أزمة البراميل والقصف الممنهج والتصعيد العسكري للطائرات، هو عدم وجود كوادر طبية، ومستشفيات ميدانية تسعف المصابين، وكان الكثير من المصابين إصابتهم ليست خطيرة، ولكن عدم وجود إسعافات أولية، ومعالجة لتلك الإصابة، كان يؤدي في بعض الأحيان إلى بتر جزء من جسم هذا المصاب؛ سواءً يده أو رجله أو فقدانه أحد أطرافه، فهذه الأمور كانت تسبب أزمات نفسية للأهالي، وخاصة أنَّ التصعيد كان يستهدف الأحياء السكنية، أيضًا جامع المؤمنين كان مستهدفًا في منطقة صلاح الدين، والمناطق المدنية والأحياء السكنية كانت دائمًا تتعرض للقصف. وفي ظل التصعيد العسكري في مدينة حلب، استُهدف بناء كانتت تتوجد فيه أختي، وكانت في الطابق الأول، كان هناك صاروخ، نزل الصاروخ على البيت مباشرًة، وهي كانت في الغرفة، ولم تشعر بنفسها إلا تحت الأنقاض، فالإصابة كانت كبيرةً جدًا، وقمنا بإسعافها للمستشفى، ولكن الصدمة النفسية كانت تشكل خطورًة أكبر، أننا اليوم -نحن- في قلب (داخل) البيت، ومن الممكن للنساء أن يكنّ في وضع غير قابل لئن يكون لديهن إصابات، ويتم إسعافهن للمستشفيات وهن بهذا الوضع، فكان الوضع مأساويًا جدًا لعدم توفر سيارات الإسعاف، فهي تواجه صعوبًة في الوصول إلى أماكن القصف وإسعاف المدنيين.
أيضًا من أحد تلك المجازر، أو الطيران الذي استهدف مدينتي وبيتي، والقصف كان على سطح البناء، وكنا نائمين، والقصف كان عند الساعة 8 صباحًا، فاستيقظت على صوت البرميل، وعلى رائحة البارود التي تملأ المكان، والقصف كان لبراميل مزدوجة، وأيضًا استهداف طيران وقصف صاروخي، وحالة الذعر والرعب متواجدة في البيت، إضافًة إلى أنني استيقظت على دماء تملأ وجهي، وكانت إصابة في الوجه من شظايا الزجاج الموجود على نافذة الغرفة، فأنا هنا حين كنت أوثق الأحداث، وأصور المصابين، وأجري لقاءات مع بعض المصابين، لم أتخيل يومًا أن أكون في هذا المكان، وكنا متوقعين أن يكون هناك مجازر كبيرة، ونكون نحن شهداء نتيجة التصعيد الكبير، والذي يستهدف المدنيين ليلًا ونهارًا، فالقصف عشوائي، ولم يكن في مناطق جبهات أو عسكرية، على العكس كان هدفه المدنيين، فالصدمة النفسية الكبيرة لي، أنَّني أكون أنا المصابة، وتخيلت نفسي أنني ميتة، وكنا نعيش كل لحظة والأخرى بأن القصف سيتوجه إلى بيتنا، ونحن سنموت، ونفقد حياتنا، وكان الموت محيطًا بنا من كل مكان، وكنا كل يوم نسمع بخبر شهيد، وبخبر مصاب لأحد معارفنا وأصدقائنا، وأختي تصاوبت، وأختي وأخي الثاني نجوا من مجزرة مدرسة سعد الأنصاري، وأنا تصاوبت، وأنا في بيتي، وكنا نائمين، فكنا لا نأمن، ونحن في قلب البيت نائمين، فكانت المأساة كبيرةً جدًا، وتخيلت الموقف، والإصابات التي تحصل أمامي، وحالات البتر وحالات فقدان الحياة، ورأيت إصابتي خفيفة جدًا، ولا تستحق أن يكون لها إسعاف حتى، وبقدر الألم النفسي الذي تعرضت له، أنَّنا نحن في مدينتنا، ولمجرد أنَّنا طالبنا بإسقاط النظام وبالإصلاحات، نواجه الموت، ونواجه خطر الإصابة، وأن نفقد حياتنا، أو نفقد جزءًا من جسدنا.
صراحة الإصابة (إصابة أختي)، كانت الساعة 4 صباحًا، وكان من الصعب جدًا أن يكون هناك إسعاف بشكل مباشر أو سريع، والخبر وصلنا هو أن البناية التي بجانبنا كانت [مستهدفة]، ورأينا هناك قصف، خرجنا وعرفنا أن بيت أختي تم استهدافه، توجهنا إلى المكان بشكل مباشر، بما أنه قريب علينا، وتم طلب سيارات الإسعاف، وهي لم تصل بسبب صعوبة المكان، والقصف المستهدف لسيارات الإسعاف بشكل خاص أيضًا، فأسعفت لأحد المستشفيات القريبة، طبعًا هي بقيت تحت الأنقاض حوالي نصف ساعة، أذكر أنها حين طلعت (خرجت) من القصف، كانت كلها مليئة بآثار التراب، والدماء على جسدها، وكانت في حالة هيستريا، فهي تعتقد نفسها ماتت، وحكت لنا بعدما تم إسعافها، وبعدما رممنا جروحها، -كان جسمها كله مليئًا بالجروح-، لأن الحجر (الردم) كان ثقيلًا عليها، وهي استطاعت أن تتنفس، لأنها كانت قبل فترة قد حضرت تدريبًا للدفاع المدني، وقد ركز عليهم أنَّه في حال تعرضتم للقصف، وصرتم تحت الأنقاض، لا تتحركوا، مجرد تطرقوا (عليكم فقط أن تطرقوا) على الحجر، وتعطوا صوتًا حتى يستطيع المسعف أن يصل إليكم، فكانت هي -رغم هذا الموقف المحزن والمؤثر والمرعب- كانت صاحية لتقوم بالإجراءات الأولية حتى لا تفقد حياتها، طبعًا هي عندما خرجت، ورغم هذا الوضع؛ الدماء والنزيف الذي يملأ جسدها، كانت تسأل عن أولادها، وهنا نلاحظ صعوبة الموقف عند الأمهات اللواتي تعرض أولادهن للقصف، أو فقدن أطفالهن، وأولادها كانوا في الغرفة الثانية، ولم يصبهم شيء -والحمد لله- أسعفوا، ولكن حين خرجوا ورأوا والدتهم بهذا المنظر، وكانت أعمارهم لا تتجاوز 10 سنوات و8 سنوات، وكانوا مرعوبين على والدتهم بشكل كبير، وبقوا معها في المستشفى لثاني يوم صباحًا، وأختي كانت مرعوبةً من فكرة أن تبقى في المستشفى، لأن الإصابات التي كانت في الحارة كانت أكبر من إصابتها، وهناك حالات بتر في المنطقة والمستشفى، فكان الخوف النفسي لديها أكبر من الخوف الجسدي، وحاولنا أن نسعفها، ونخفف من آلامها قليلًا، وبقيت لثاني يوم صباحًا في المستشفى، وتلقت الإسعافات الأولية، وجراحها كانت بسيطة، وسببت لها بعض الرضوض، فهي كانت متواجدة في الطابق الأول، والصاروخ سقط مباشرة على الغرفة المتواجدة بها، فهذا الشيء سبّب لديها دوافع أن تكمل، وهي كانت أيضًا مديرة مدرسة، فهي كانت تكمل، وتعرضت مدرستها لقصف [وقامت] بإسعاف للطلاب، وكان لديها وعي أن تكون قويةً لتواجه مواقف القصف، وتكون هي مصدر قوة لطلابها وأبنائها، وكثير من النساء اللاتي حضرت مواقف لهن، كان هناك إصابات، وفقدان أطفالهن، كان هناك أشلاء (تحولت أجساد أطفالهن لأشلاء) كنّ غير قادرات على استيعاب الصدمة، ولسن قادرات أن يستوعبن أنهن نجون من تلك المجازر، ولكن فقدن أحد أفراد أسرتهن، فالموقف كان صعب جدًا أن يتكرر بشكل يومي، وأيضًا تتكرر الاستهدافات للمستشفيات، وحتى المصابين لا يستطيعون أن يتلقوا العلاج، فهذا الموضوع كنا نحاول أن نركز الضوء عليه إعلاميًا، لنوثق مجازر النظام، ونوثق الأحداث التي كنا شاهدين عليها لمحاسبة مرتكبيها، وأيضًا ليكون لدينا دافع أن نكمل في أهداف الثورة السورية، والتي هي خرجت سلمية، وطالبت بمطالب محقة لشعب محق، وهو تعرض في فترة حكم النظام لكثير من الانتهاكات، وكثير من العيش البعيد عن أدنى متطلبات الحياة، وأدت للخروج في هذه الثورة، وأن يكون لديهم هذه المطالب.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/02
الموضوع الرئیس
التصعيد العسكري على حلبكود الشهادة
SMI/OH/155-04/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011-2012-2013
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-صلاح الدينمحافظة حلب-السكريمحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
مركز الدفاع المدني السوري في مدينة حلب