العمل في مكافحة المخدرات وفساد المؤسسات المعنية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:08:56:21
أذكر أن أكبر كمية حشيش مخدر كانت حوالي ربع طن، تقريبًا 250 كيلو، حينها كان يوجد تاجر لبناني مع تاجر سوري هرّبا الكمية على الحدود من لبنان إلى سورية، وأنا جاءني الخبر عنها وتابعتها، وحاولت أن أعرف أين مكان وجودها؟ وبقيت تقريبًا لمدة أسبوع وأنا أتابع الموضوع، وبعدها استطعت إلقاء القبض على التاجر السوري في البداية مع كمية المخدرات، وفي اليوم الثاني تمكنت من إلقاء القبض على التاجر اللبناني.
تذكرت أمرًا أنه في تلك الفترة صدر قانون اسمه: القانون 2 لمكافحة المخدرات، كان هذا القانون ينص على إعدام التاجر والناقل والمهرب، والزارع، كان قانون إعدام لهم، وبالطبع بقي هذا الكلام حبرًا على ورق وكذبًا، لم يُعدم أي شخص أبدًا، رغم أننا أمسكنا 250 كيلو حشيش، يعني أكثر من هذا يريدون! ومع ذلك لم يُعدموا، فقط تم سجنهم، أذكر حُكم عليهم 11 سنةً فقط، وفي وقتها طلبوني إلى المحكمة، كانت المحكمة الاقتصادية في دمشق، وطبعًا نحن حرزنا (ضبطنا الكمية) في حمص، وبعدها نقلوها إلى الشام إلى دمشق، حينها كان يوجد محكمة اسمها: محكمة الأمن الاقتصادي، في وقتها طلبوني إلى المحكمة، كان القاضي -على ما يبدو- يحاول إخراج التاجر اللبناني -ربما لأنه دُفع له أو شيء من هذا القبيل لا أعلم- لأن القاضي بدأ يسألني: هل استطعتم إمساك الكمية بالضغط عليه أو الضرب؟ فقلت له: لا ليس بالضرب، وإنما بمراقبته، استطعنا أن نعرف عن طريق مندوبين لنا (واشين)، في وقتها تم الحكم عليهم 11 سنةً، وطبعًا موضوع حكم الإعدام كان كذبًا حيث لم يُعدم أي شخص، ولا أعرف سبب صدور القانون؛ ربما لأجل أمور تخص الأمم المتحدة لا أعرف بالضبط.
المدمن نوقفه ونقدمه إلى القضاء، يُوقَف المدمن لمدة شهرين أظن، وفي بعض الدول لا يُوقف المدمن؛ لاعتباره مريضًا، وفيما بعد افتتحوا مركز معالجة لمكافحة الإدمان في حمص، وكان أول مركز في سورية، أعتقد اسمه: مركز المثنى.
كانت نسبة المتعاطين أقل من واحد بالألف، وكنا نعرف جميع الذين يتعاطون في حمص، كانت حمص أصغر من الآن بكثير، كنا نعرف من كان يتعاطى، ونسمع منهم نفسهم (المتعاطين) كانوا يقولون: إنه في اليوم الفلاني حصلت جلسة، كان يوجد فيها فلان وفلان، بمعنى أنه كان العدد قليلًا، واستطعنا السيطرة عليهم فعلًا، وكنا نوقفهم، حتى لو يكونوا بالجرم المشهود؛ لأن القانون يُجيز ذلك.
جاءتني عروض من تجار: أحدهم أنا أعرف أهله، جاء إليّ وبشكل واضح، وقال: إذا أردت يمكننا أن نخصص لك مبلغًا شهريًا، وعلى كل صفقة نقوم بها لك حصة منها، فجاوبته بالرفض، كانت المبالغ ضخمةً، وهذا الكلام في عام 1991 قال لي: إن الشخص الذي كان قبلك كان يأخذ شهريًا -من مجموعة طبعًا وليس من الجميع- كان يأخذ مبلغ مليون ليرة سورية في تلك الأيام، هذا المبلغ شهري، في وقتها كان راتبي تقريبًا 1500 أو 1000 ليرةً سورية -لم أعد أذكر-، فرفضت، وقلت لهم: انتبهوا؛ لأنني لن أرحم الشخص الذي سأقبض عليه، وطبعًا هذا الكلام (تقديم الرشوة) لا يُدينه؛ لأنه بالنسبة لنا من العيب توقيفه لأنه يعرض رشوةً، ولا يجوز هذا الأمر، لأن البلد كلها قائمة على الفساد، ولا يقتصر الأمر على مستوى المخدرات بل حتى في مخالفة المرور، بمعنى إذا أوقف ضابط شخصًا بجرم عرض رشوة كنا نعاتبه، ونقول له: هذا لا يجوز؛ لأن كل الدولة، وكل مؤسسات الدولة تُدار بهذه الطريقة، أحيانًا الإنسان (الراشي) يكون بسيطًا، ويعرض الرشوة فتأتي وتوقفه وتكتب ضبطًا بحقه، فهذا حرام ولا يجوز، فكنا إذا عرض عليك رشوةً تقول له: الله معك (اذهب) لا أريد، وتُعرض (الرشوة) لمرة واحدة، ولا تُكرر؛ لأن الموظف بات معروفًا أنه لا يقبل مثل هذه الأشياء.
الكميات المصادَرة كنا نسلمها إلى إدارة الأمن الجنائي في دمشق، إلى إدارة مكافحة المخدرات بحسب نوع المخدر يعني: مثلًا الحشيش يُتلف ويُحرق، ولكن كانت تأتينا أخبار: أن الضباط هناك كانوا يبيعونه إلى التجار، ويقومون بتمثيلية: أنهم قاموا بحرقه عن طريق الاحتفاظ بكمية قليلة لحرقها، والإتيان بأشياء أخرى لحرقها، وحتى حبوب الكبتاجون الأصلية (عقار منشط) يبيعونها للتجار، ويحضرون بدلًا عنها حبوبًا ليست أصليةً أرخص منها، وفعلًا هذا الكلام صحيح، ذكره لي عناصر من إدارة الأمن الجنائي، أو من ضباط الأمن الجنائي، في وقتها كان يوجد عميد اسمه: علي الدربولي هو كان مسؤول المخدرات في سورية، يعني كنت ترى الفساد في مكافحة المخدرات عين اليقين، وحتى القضاة؛ لأن القضاء يريد أن يستفيد من تاجر المخدرات، لدرجة أننا عندما كانت تمر فترة ولانستطيع اعتقال أحد وبسبب متابعة القضية؛ عندما يطول الأمر يرسل لنا (القضاة) خبرًا أنه: ماذا حصل معكم؟ اجلبوا لنا تجارًا.
كنا نشعر بالإحباط؛ لأنه مهما تعبنا، في نهاية الأمر إن كان المعتقل يملك المال سيدفع ويخرج.
بعدها حصل ضغط عليّ، فبعد أن انتقل قائد الشرطة الذي أحضرني غصبًا (رغمًا عني) من حمص، فجاء شخص آخر ولم يطلب شيئًا ولم يقترب (طلب مبلغ مالي منه)، ثم انتقل، وجاء شخص ثالث بعده، وطلب قائد الشرطة مني مبلغًا شهريًا، أراد أن يحدد المبلغ، فجاوبته: بأنه لا داعي لمثل هذا، من باب أنه يجب أن أؤمن نفسي، طبعًا رفضت، فقال لي: سأنقلك، فقلت له: انقلني لا يوجد عندي مشكلة أبدًا.
على ما يبدو كان لديهم اختصاصات يعني مثلًا: عائلة شاليش، أو ذو الهمة شاليش وأخوه، وهذا ذو الهمة شاليش كان مرافق حافظ الأسد، وأخوه لديه منزل في حمص، وهذا الشخص كان مختصًا بتهريب الآثار، وهو كان مسؤولًا عن كل آثار سورية، ولا أحد يقترب منها، وبمجرد أن تُكتشف آثار، وتأتي الشرطة حتى تكتب ضبطًا؛ لأجل توثيق الحالة، ولكن مباشرةً يأتون من القصر، ويطردون الشرطة، ويستلم الموضوع ذو الهمة شاليش؛ حتى يتابع تهريبها بكل سهولة طبعًا.
المخدرات: كان الأمن العسكري أكثر جهة تحمي تجار المخدرات مثل: علي دوبا، وأحمد عبود، ورؤساء الأفرع طبعًا دون استثناء، جميعهم كانوا يحمون تجار المخدرات -لا أذكر الأسماء الآن، ولكن يمكننا إخراجها- وكذلك يؤمّنون الحماية لتجار الآثار، وأي شيء مخالف للقانون -طبعًا لهم حصة- هم لا يتاجرون بأيديهم، ولا يبيعون ولا يشترون، ولكنهم يحمون التجار.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/24
الموضوع الرئیس
المخدراتكود الشهادة
SMI/OH/8-03/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
أمني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/03/28
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-محافظة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع الأمن الجنائي في دمشق
فرع الأمن الجنائي في حمص
فرع مكافحة المخدرات في حمص