الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الزيارة الأولى في سجن عدرا وأول مظاهرة في قطنا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;08;31;26

في 23 (نيسان/ أبريل) [2011] كانت أول زيارة لي، أي بعد أسبوعين من الاعتقال، وعادة ينادون "بالميكرفون" على السجين ويكون هناك عدة سجناء في زيارة واحدة، فحضّرنا أنفسنا للزيارة، وإذا بتعليمات تأتي من إدارة السجن أنَّه يجب أن نلبس لباس السجن لنخرج إلى الزيارة، وهي البدلة التقليدية للسجناء الجنائيين، وهي مخططة بأقلام طولية يرتدونها للذهاب إلى الزيارة. وطبعًا السجناء الجنائيون ارتدوها كعادتهم وذهبوا إلى زيارتهم، أما نحن والشباب الثوار المدعوين للزيارة فجلسنا نتشاور بين بعضنا البعض، و[قلنا] أنه لا يحقّ لمدير السجن أن يفرض علينا ذلك، فنحن غير محكومين بعد ولم نرتكب أي مخالفة، ونحن لسنا جنائيين، فبأي حق يصنّفنا؟! حتى إننا لسنا مخالفين، نحن نستعمل حقنا الدستوري في المظاهرات، ولا أحد يستطيع أن يعتبرنا هكذا، ولن نذهب. ورفضنا أن نرتدي بدلة السجن، ويأتي الأمر من مدير السجن: الذي لا يرتدي بدلة السجن لا ينزل إلى الزيارة. وقررنا ألا نلبسها، فبدؤوا يستخدمون ضغط الأهل؛ لأن الأهل ينتظرون على الشبك من أجل الزيارة في الأسفل، وزياد أحد الشباب من دير الزور كان أباه قد جاء من دير الزور، وبدأ أباه يتصل وتأتي الضغوطات عن طريق الشرطة. وكان التصميم من الجميع أننا لا ننزل إلى الزيارة، وصار الضغط على إدارة السجن من مكانين: الأهل على الشبك يريدون أن يروا أولادهم، ولا أحد يستطيع منعهم من الزيارة، ونحن كنا مصممين ألا ننزل. وفعلًا، فيما بعد جاء السجان بأمر من مدير السجن [وقال]: تفضلوا إلى الزيارة، ولم نخضع، ولم نرتدِ ثياب السجن. 

كانت الزيارة عادية في سجن عدرا، وكانت المفاجأة أن أهلي أخبروني بأنه البارحة في 22 (نيسان/ أبريل)، وكان يوم "الجمعة العظيمة" قبل عيد الفصح، والثوار سموا اسم جمعة الثورة في 22 (نيسان/ أبريل) باسم: "الجمعة العظيمة" تعبيرًا عن وطنية الثورة، وأنَّ الثورة في حسابها هي لكل السوريين، والجمعة العظيمة هي حدث مهم جدًا في عيد الفصح عند المسيحيين، لكن المفاجأة الأكبر في الجمعة العظيمة هي خروج أول مظاهرة في قطنا من جامع الغلاييني، وكانت بدايتها أيضًا بهذا الشكل، فحين كان شيخ الجامع في نهاية خطبته يدعو لـ "الرئيس" (بشار الأسد) بطول العمر، خرج الشباب الثوار إليه، ورموه من وراء المنبر، وخرجوا في المظاهرة. والمفاجأة أنَّهم كانوا خارجين من جامع الغلاييني وهم يحملون لافتات تطالب بإطلاق سراح جورج صبرة. جامع الغلاييني في بلدي [موجود] في ساحة في قلب البلد، ونزلوا إلى تلك الساحة، وبدؤوا يمشون في الشوارع، وبعض الشباب أوصلوا أخبارًا لأسرتي بأنَّ المظاهرة خرجت من أجل ابنكم وتطالب بإطلاق سراحه، فركض إخوتي وأولادي ليلتحقوا بالمظاهرة، ويشاركون فيها. وكان اللافت أنَّ المسلمين الذين خرجوا من الجامع وهم يحملون صورة مسيحي ويطالبون بإطلاق سراحه، كان لديهم 20 مسلمًا في سجن صيدنايا [العسكري] مسجونًا لأنه محسوب على التيار الإسلامي، وكان شيئًا ملفتًا لأهل البلد، وكذلك أيضًا للمنطقة بعدما علمت بذلك بأنَّ هناك 20 سجينًا من قطنا من حزب التحرير الإسلامي، والمظاهرة خرجت تطالب بإطلاق سراح جورج صبرة. في الحقيقة، أنا أشعر بالفخر الكبير بهذا العطاء المعنوي الذي أعطاني إيَّاه أهل قطنا الذين هم أهلي، وهذا العطاء المعنوي الكبير الذي هو أكبر مما يمكن أن تستطيع إيفاءه، وأشعر أنَّه مازال دَينًا في عنقي لهؤلاء الناس الذين فكروا بي وأنا بعيد عنهم.

 انتهت الزيارة، وعدت إلى المهجع، وبدؤوا يسألونني عن أخبار الأهل والجيران، وقلت لهم: اتركوني من أخبار الأهل والجيران، سأحدثكم عن طائفية الشعب السوري وطائفية الثورة السورية. وقصصت عليهم الحكاية بأن ذلك حدث يوم أمس في أول مظاهرة في قطنا. بالتأكيد، كان الحدث نوعيًا، وخاصة أن هناك عددًا كبيرًا من السجناء أتى من قرى ومدن ومظاهرات لا يوجد فيها مسيحيون مثل قرى الغوطة التي لا يوجد فيها مسيحيون في الأساس، وهذا دليل فعلًا على وطنية الثورة وحاجة جميع السوريين لتغيير البلد باتجاه الحرية إلى الأمام. 

الزيارات الثانية أيضًا كانت تحمل الأخبار، وأهم شيء كنا معنيين به هو: أين أصبحت المظاهرات؟ هل هي مستمرة؟ فنحن دخلنا إلى السجن وكنا لا نزال في الأيام الأولى. فكانت لدينا مفاجآت كبيرة في حجم نقاط التظاهر التي وصلت إلى العشرات والمئات في كل يوم جمعة. ثانيًا: لأول مرة نعرف التقليد الذي أخذته الثورة بأن تسمِّي الجمع بأسماء خاصة تتوافق عليها، وهذه الأسماء هي أسماء الوطن السوري، والكرد لهم علاقة بها، والمسيحيون لهم علاقة بها، وكذلك الدروز والعلويون، وكل المكونات القومية والدينية والطائفية للشعب السوري كان لها حضور في ذاكرة الثورة، وكان هذا شيئًا مهمًا بأن تكون الثورة في جوهرها وتعلن رفضها لنهج النظام؛ لأن نهج النظام الطائفي هو أحد الأشكال التي سببت هذا الاحتقان في البلد وخروج الثورة وسعيها من أجل برنامجها الوطني الذي تريد تحقيقه.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/22

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السوريةالحراك السلمي في قطنا

كود الشهادة

SMI/OH/56-21/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

4/2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة قطنامحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

سجن صيدنايا العسكري

سجن صيدنايا العسكري

حزب التحرير الإسلامي

حزب التحرير الإسلامي

سجن عدرا / دمشق المركزي

سجن عدرا / دمشق المركزي

الشهادات المرتبطة