الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اتهامات النظام للحراك، والعدالة شرط المصالحة الوطنية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;08;03;39

في الأيام الثلاثة لتأبين أوَّل الشهداء في قطنا، كانت المدينة بأيدي الثوار رغم وجود أمن سياسي وعسكري في قلب المدينة ووجود العسكر والمخبرين وقوى الأمن في كل مكان، لكنهم كانوا متفرجين فقط، وليس هناك أي ظهور عسكري، وبقيت ساحة الأندلس تغلق الشريان الأساسي لمدة ثلاثة أيام. وفي اليوم الثالث، وبينما كنت ألقي كلمتي، قلت للشباب: هذه الساحة التي نحتفي فيها من أجل الشهداء يجب أن تحمل اسمهم، وقلت لهم: ما رأيكم بأن نسميها ساحة الشهداء. وخرج الصراخ الكبير: ساحة الشهداء، والمفاجأة أنه في اليوم التالي جئت إلى الساحة فوجدتهم قد وضعوا لافتة مدهونة، ومكتوب عليها: ساحة الشهداء، وكانوا قد أزالوا الاسم الخاص بالبلدية، وهو ساحة الأندلس، وأمامي اسم جديد لساحة الشهداء. الأمن كان يراقبنا وموجود في كل مكان، ولكنه صامت فعلًا، ولا يقوم بأي حركة، والحركة كبيرة بين القرى والمدن المحيطة إلى مدينة قطنا، وصديقي فادي من دمشق أتى حتى يشارك، ويشاهد الحدث، لأن الشباب في ريف دمشق أصبحوا ينتقلون من مكان إلى مكان، وكانت معه سيدة دمشقية، كانت صبية شقراء جميلة، ووقفت معنا، وسلمنا عليهم، وإذا بتقرير يخرج، ويقوم الأمن ببثّ إشاعة أنَّ جورج صبرة استدعى امرأة السفير الفرنسي في دمشق للمشاركة، ومن الأمور الغريبة في المحاكمة التي حوكِمت فيها بعد اعتقالي، أن القاضية فتحت أمامي هذا الملف، [وسألت:] متى وكيف أتيت بزوجة السفير الفرنسي، ودعوتها لتأتي إليك، وتحضر هذا الاحتفال؟ والأكثر من ذلك أنه بعد سنتين أو سنتين ونصف حين التقيت أول مرة بالسفير الفرنسي السيد [إيريك] شوفالييه، حيث كان قد وصله الخبر أيضًا، ويقول لي مازحًا: يا سيد جورج، كيف تعزم (تدعو) زوجتي إليكم ولا تعزمني معها؟ وضحكنا معًا، وقال: زوجتي في تلك الفترة لم تكن في سورية كلها. ولكن كان همّ النظام أن يتهم الحراك، والعلاقة مع الخارج والسفراء هي واحدة من الاتهامات التي يبني عليها استراتيجيته مثل قصة العنف وقصة الجوامع والطائفية. وفي آخر ليلة، أنهيت كلمتي، وأريد أن أنزل درجتين عن المنصة التي يوجد عليها المنبر، وإذا بشباب واقفين وأحدهم وجهه محتقن، وهم من الشباب الظراف (المحبوبون) الذين كانوا يحملونني، ويمشون معي في المظاهرة، ولا زلت لم أبادر بأي كلمة، فيقول لي: يا أستاذ، هل نصالح؟ والشهداء الذي دمهم لم يجفّ بعد هل سيذهب هدرًا؟ كيف سيحصل ذلك؟ وكان السؤال مفاجئًا لي، وكان مفاجئًا وأريد أن أردّ بالطريقة السياسية التي لا تخرجني عن القاعدة التي أريدها، لأنه يجب أن نضع في ذهن شعبنا أنَّه في النهاية هناك مصالحة، ولن نسمح للنظام بأن يقوم بهذا الشرخ الاجتماعي في داخلنا، فصمتّ لحظة وهم ينتظرون الجواب، وقفز فكري فورًا 1500عام إلى الوراء قلت: يا ابني، هل تذكر يوم فتح مكة؟ والرسول عندما دخلها مع المسلمين من أبوابها الأربعة منتصرًا، وقال لأهل مكة الذين آذوه، وهجّروا المسلمين أولًا إلى الحبشة، ثم هجروهم وهجروا الرسول نفسه إلى المدينة: ماذا تظنون أني فاعلٌ بكم؟ فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وأكثر من ذلك قال لهم: من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، وبيت أبو سفيان هو بيت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان والتي قتلت حمزة عم الرسول، وأحبهم للنبي، ولاكت كبده، وجعل بيتها مثل الكعبة مكانًا آمنًا. [وقلت]: يا بني، انتصار الثورة يجبّ ما قبله، وانتصار الثورة هو الثأر الحقيقي لدماء الشهداء، ولأنَّ الثورة لا تنتصر إلَّا بهذه التضحيات، لكن في النهاية يجب أن يكون لدينا روح التسامح، ولكن شرط التسامح والمصالحة هو ردَّ المظالم إلى أهلها، وأن يصل الحق لأصحابه، وبعد ذلك نطالب صاحبه بالتسامح والعفو عن المرتكبين، ويجب أن يكون هناك عدالة أولًا، وبعد ذلك نلحقها بالمصالحة. والشباب المجتمعون لم أسمع منهم إلا التصفيق، وأقبل نحوي هذا الشاب، وهو في العشرين من عمره وتعانقنا، ولكن كان السؤال التلقائي الذي قاله هذا الشاب، كان محورًا لنقاشات سياسية جادة فيما بعد في أطر السياسة التي نشأت، خاصًة مع ازدياد حجم الارتكابات (الانتهاكات) التي قام بها النظام، وهي لم تعد ارتكابات (انتهاكات) بل أصبحت فظائعًا، ولم يعد هناك حديث عن المصالحة، ولا يجرؤ أحد [أن يتحدث به]، ولكن لا بد من الحديث عن العدالة أولًا ثم عن الوحدة الوطنية، وإلَّا فإننا نكون كمن يغامر بوطن والنظام غير حريص عليه.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/23

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السوريةالحراك السياسي في بداية الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/56-28/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

5/2011

updatedAt

2024/11/15

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة قطنا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة