أنا في عام 2010 كنت لا أزال في البوكمال أمارس مهنة الخط والرسم ويقع محلي في عبّارة عيد الأسعد في مركز المدينة حيث تتواجد هناك مكاتب عقارية ومكتبات ومحلات تجارية ومطاعم وهي منطقة مركزية، وأنا كما أسلفت لكم لست سياسيًا، ولكن عن طريق الصدفة في عام 2010 كان جاري في المحل ناشطًا سياسيًا بدون أن أعلم، وهو رجل ناشط سياسي، وكان يأتمنني على أسراره ويقول لي: يا أبا حسان بدأت ملامحه... وأنا أتواصل وهذا كلام صديقي جاسم وقال لي: يا أبا حسان أنا أتواصل عن طريق برنامج في "البالتوك" اسمه "سورية حرية سعادة كرامة"، وهو كان يتابع هذا البرنامج وعن طريق بث إذاعي عبر شيفرة معينة يلتقي مع ناشطين لا أعرف إذا كانوا في دمشق أو حلب أو تركيا أو داخل سورية أو خارج سورية أنا لا أعرف، ولكن ما أعرفه أن الإرسال والاستقبال يتم من أشخاص لهم قائمة موجودة أمامي على الشاشة، والضوء الأحمر [يعني] انتظر دورك، و[عند] الضوء الأخضر يعطيك "المايك" حتى تتكلم، يعني الذين يعملون في المعلوماتية يعرفون أنه برنامج "الكامب بروغ" هو نفس البرنامج المشابه وتوجد إذاعة داخلية، وكان يتواصل وأخبرني صديقي جاسم، وكان هذا في عام 2010 وقال لي: يا صديقي العزيز أنا أتواصل مع أطراف قبل ربيع دمشق، ومنهم فيما بعد أظن أنهم كانوا ناشطين من ربيع دمشق، وأن سورية سوف يحدث فيها ثورة في تاريخ 5 آذار/ مارس 2011. وأنا من الغرابة قلت له: هل معقول هذا الكلام؟ وهل أنت تقرأ بعلم الغيب؟ فقال: أنا أتواصل مع جماعة وأعرف أنه سوف تحصل ثورة ويبدأ تحرك ثوري لقلب نظام الحكم وتغيير الطغمة الفاسدة الموجودة في سورية. فقلت له: فلننتظر. وفعلًا استيقظ السوريون على حادثة السويقة أو الحريقة (حادثة الحريقة في في 17 شباط/ فيراير 2011 - المحرر) وبدأ التململ السياسي في تلك الأيام وبرزت شخصيات معارضة تطالب...، وعندما أحس النظام أن هناك معارضين وعد المعارضين وقال لهم: تعالوا لإقامة مؤتمر. وعقدوا مؤتمرًا في فندق سمير أميس في دمشق وهم جماعة ربيع دمشق، وهناك حصلت حادثة مشهورة وحصل تشابك بالأيدي واستعمل معهم الأمن القمع والاعتقال، وهرب منهم أشخاص خارج سورية، ومن بعدها تفجرت الثورة السورية رسميًا بعد حادثة حمزة الخطيب، وبدأت الثورة تتلاحق والبوكمال أخذت نصيبها ومن أوائل من قام بالثورة هم شباب البوكمال.

المظاهرات التي خرجت مباشرة كانت سلمية وشعارها سلمي، وأخذت طابع الانضباط وتحييد الشرطة والأمن ليفسحوا المجال للتعبير عن أهازيج المتظاهرين، وكانوا ينصبون "المايكروفونات" في الساحة العامة عند مقهى البلدية وبجانب مقر الشرطة، ويضعون الأغاني الثورية، ويهتفون بصوت واحد مطالبين: "ارحل يا بشار".

في شهر نيسان/ أبريل [من] عام 2011 وصلت الثورة الجارفة من باقي المدن السورية إلى البوكمال، والثورة انطلقت في تاريخ 15 آذار/ مارس، يعني بعد 20 أو 15 يومًا بدأ أهالي البوكمال بأنشطة الثورة وبطبيعة الأحوال المركز التجاري وسط المدينة الذي يجمع مخفر الشرطة مع المقاهي للتسلية، وتجمّع أهل البوكمال عند المسجد الكبير يعني مركز تجمع أهل البوكمال أو السنتر (المركز) الرئيسي كان مقابل المخفر عند مقهى البلدية، وجميع الشباب يتواجدون وأكثرهم يتواجدون في مقهى البلدية للتسلية، وكانوا يخرجون مساء كل يوم لمؤازرة الثورة ويتجمعون أمام مخفر الشرطة الذي اعتاد أن يُغلق أبوابه، ويكتفي بالابتعاد إلى أن أطلق أحد... وكانت الثورة مجرد شعارات، وكنا نقف على الأرصفة ونشاهد الشباب وهم يهتفون للتغيير في سورية، ولم تخرج طلقة واحدة إلا عن طريق الصدفة عندما ثارت مشاعر أحد الشباب الحاضرين، وأطلق رصاصة في الهواء وأنا أذكرها وسمعتها بأذني، وأذكر أنه منذ ذلك اليوم بدأت الثورة تأخذ طابع الاحتكاك أكثر مع الأجهزة الأمنية لتأكيد الثورة وبدء العمليات بشكل حقيقي.

بحسب ما أذكر أنه في شهر نيسان/  أبريل عام 2011 بعد شهر من الثورة تقريبًا بدأت الثورة تأخذ طابعًا تصاعديًا، وبدأت وتيرة المظاهرات تشتد يومًا بعد يوم حتى تقريبًا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر بالتحديد أخذت طابع الاحتكاك المباشر مع أجهزة الأمن الموجودة في البوكمال، حتى وصلت إلى درجة أن المواجهات أصبحت مسلحة، وبدأت أجهزة النظام تقابل الثوار والمتظاهرين تقابلهم بعربات "البي إم بي" والعربات العسكرية المسلحة، وهنا شعر أهل البوكمال أنه بدأت المضايقات وحياتهم مهددة بالخطر وأصبحت الحرب والاحتكاك والمواجهات داخل المنازل وبدؤوا بالتفكير بالنزوح وإفساح المجال للشباب لمواجهه النظام كثوار.