سيطرة النظام على غويران، ثم سيطرة "قسد" والانتهاكات بحق المدنيين
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:19:06:23
عندما أدرك النظام أن معركة السيطرة على غويران لن تكون سهلة ويمكن أن تكون طويلة ومكلفة له، من طرف ثان الشباب لم يعد لديهم..، بدأت الروح المعنوية لديهم تتراجع، والنظام أدرك هذا الشيء فأرسل لجنة مفاوضات عن طريق الأقرباء ووجهاء المدينة للخروج، والشباب في البداية طلبوا أن يخرجوا بسلاحهم وآلياتهم والنظام قال أن يخرجوا فقط بأسلحتهم الفردية باتجاه الريف الشرقي والجنوبي، وهنا المنطقة تسيطر عليها "داعش" والشباب لم يكن لديهم أي خيار آخر.
وأحد الذين كانوا في فريق التفاوض من جهة الثوار هو صدام عليوي، وصدام عندما كان يقول له النظام: كم سيارة تريدون؟ وهم يكفيهم 10 أو 20 سيارة فقط فقال: نحتاج إلى 30 سيارة و4 باصات، وكان يبالغ بالأرقام حتى لا "يستوطي النظام حيطنا" (ينتقص من قيمتنا)، وطلبنا منهم كوننا لا نثق بالنظام أن الوجهاء من فريق التفاوض يذهبون معنا بسياراتنا حتى لا يطلق النظام النار عليهم، وكان من بينهم رجال دين مسلمون ومسيحيون، وهذا هو الذي حصل وهذه هي اتفاقية الخروج، ولكن مع ذلك الآليات التي أرسلها النظام ركب فيها عشرات الشباب فقط، وبالمقابل يوجد عشرات آخرون رفضوا، ولأنه أصبح يوجد اتفاقية ركبوا دراجاتهم النارية عن طريق جنوب شرق غويران إلى الريف الجنوبي، والسيارات ذهبت إلى شرق أو جنوب الحسكة إلى منطقة جبل عبد العزيز أو الشدادي.
معظم الشباب رفضوا أن يكونوا مع "داعش"، ولكن لم يكن يوجد أي مناطق للجيش الحر في المنطقة الشرقية، وتدريجيًّا معظمهم ذهب باتجاه تركيا فيما بعد، وقسم قليل منهم بقي مع "داعش" ليس محبة بـ "داعش" وإنما فقط حتى يبقى موجودًا حتى يقاتل النظام و"البي كي كي" وبعضهم مثل عبد السلام جلود ذهب إلى تركيا وبقي فترة وأحس بأن الأمر ليس سهلًا عليه أن يكون بعيدًا عن سورية وبعيدًا عن الثورة والجيش الحر فاضُطر أن يعود إلى الداخل، وقسم كبير من الشباب عاد إلى الداخل إلى شمال حلب أو إلى إدلب يعني المناطق التي يوجد فيها جيش حر.
"داعش" لم تكن مؤيدة لهذا التفاوض، و"داعش" في النهاية كانت تنظر للجيش الحر والنظام أنهم أعداء، ولكن لأن المنطقة لها خصوصيتها فـ "داعش" لم تعتقل الشباب مباشرة، ولكن الذي حاول أن يبقى منهم بعد فترة في الشدادي كانت العين حمراء عليهم (غير راضين عنهم) ويتحججون عليهم ويجلدونهم ويجرون لهم استتابة، وهذا الأمر حصل مع عادل حمدان والكثير من الشباب الآخرين، واضُطروا أن يخرجوا جميعهم ولم يستطع أن يبقى أحد في مناطق “داعش”.
الذي سيطر على الحي مباشرة هو النظام وهذا في شهر أيلول/ سبتمبر 2014 ومع سيطرة النظام على المنطقة كان يوجد حقد على غويران، وآثار أعلام الثورة التي كانت موجودة على الجدران والشعارات الثورية النظام مباشرة مسحها، والشباب الثوريون كلهم خرجوا بالتأكيد ولكن كان يوجد حقد على غويران، وهنا مدرسة "فاطمة الزهراء" ومدرسة أخرى فورًا جعلها مقرات عسكرية للتجنيد واخترعوا شيئًا اسمه أنصار أمن الدولة وأنصار الأمن العسكري وهي ميليشيات (جماعات قتالية) شبه عسكرية موالية للنظام ومركزها في غويران.
في 2015 و 2016 "داعش" هجمت مرتين باتجاه مدينة الحسكة، وعندما هجمت "داعش" أعتقد في منتصف 2015 سيطرت على غويران وعلى النشوة الشرقية، وهنا "البي كي كي" والنظام و"التحالف الدولي" الذي كان داعمًا للنظام ضد "داعش"، وهنا تعززت مكانة "البي كي كي" وخاصة مع دعم "التحالف الدولي" وبنفس الوقت عندما شعرت "البي كي كي" بقوتها حصل أكثر من اشتباك محلي بينها وبين النظام في الحسكة والقامشلي، وفي 2016 بعد أحد الاشتباكات، النظام رأى أنه غير قادر على مواجهة "قسد" فانسحب من الأحياء التي كان يسيطر عليها مثل النشوة الغربية وغويران والأحياء العربية، ودخلت إليها قوات "البي كي كي" التي أصبح اسمها في 2016 "قسد"، والنظام منذ ذلك الوقت اكتفى بالمربع الأمني الذي هو مركز مدينة الحسكة، ولا يزال لديه خارج المدينة في جبل كوكب فوج عسكري مثل القامشلي يعني النظام لديه مركز المدينة والمطار، ولديه فوج عسكري فوج طرطب في جنوب شرق القامشلي.
في القامشلي هذه القرى التي هي قرى طي (عشيرة طي) وهي جغرافيًا محيطة بالمطار والفوج باتجاه مدينة القامشلي وهذا الخط أو هذه المنطقة هو حيز جغرافي واحد موصول تقريبًا بالمربع الأمني والمطار، وفي الحسكة هذا الأمر غير موجود ولديه فقط المربع الأمني وجبل كوكب الذي يبعد 15 أو 20 كيلو متر شرق المدينة، والطريق بينهم تحت سيطرة "البي كي كي" ولكن النظام و"البي كي كي" هم واحد في هذه المنطقة.
بعد المعركة الأخيرة كانت "البي كي كي" تعتقل أشخاصًا مدنيين، وأظهروهم بأنهم إرهابيون، وكان يوجد طفل فقط لأنه من عائلة عليوي، وهم عائلة مؤيدة للثورة ولديهم شهداء صوروه بأنه إرهابي، وهو طفل عمره 14 سنة، واعتقلوا عددًا كبيرًا من المدنيين وسلموهم للنظام ومنهم غريب عليوي صديقنا، وبعض المدنيين كان يتم اعتقالهم من قبل "البي كي كي" وبعد فترة يعلم أهلهم أنهم أصبحوا لدى النظام، وهؤلاء بعدها يتم تسفيرهم إلى دمشق وغالبًا لا يعودون مع الأسف.
و"البي كي كي" من هذه الناحية كانت مشاركته مع النظام وهم كانوا في خندق واحد مع النظام ضد أهل غويران، وطبعًا العملية الأخيرة [التي قام بها] "البي كي كي" والنظام في قصفهم غويران واستهدافهم المدنيين تم قتل أكثر من 46 شخصًا، ويوجد عشرات الجرحى والمعتقلين، وعندما دخل النظام بعدها هدم وجرف بعض منازل الناس من الثوار المؤيدين للثورة مثل منزل عبد السلام جلود ومنزل ساجد الحريث ومحمد عبد اللطيف وغيره.
كما ذكرنا في البداية أهل غويران هم كتلة سكانية واحدة وجميعهم عرب مسلمون سنة ومعظمهم من أبناء العشائر العربية من ريف المحافظة وريف دير الزور، ويوجد فيهم هذه الحمية، وكان تأييد الثورة هو الطابع الغالب على الحي ولديهم هذه الحمية على بعضهم، والأمر كان يمثل عقبة في مشروع "البي كي كي"، وأتذكر عندما فُرضوا على المناهج الحزبية المؤدلجة التي فرضوها على مناطق سيطرتهم، أهل غويران خرجوا بمظاهرات ورفضوا هذا الأمر، وأنه نحن يجب أن نتعلم بلغتنا العربية ويجب أن نتعلم من منهاج الحكومة الرسمي المعترف به ونرفض أي منهاج آخر، وفي وقتها اعتقلوا بعض المعلمين والمدنيين الذين رفضوا مناهج "الأبوجية" (وحدات الحماية الشعبية) و"البي كي كي".
حاليًّا الحي ما يزال يقبع تحت سيطرة "قسد" وحتى الآن عناصر "قسد" لديهم هذه الرهبة من غويران والعناصر الأكراد لا يدخلون غويران ليلًا، ويعتمدون على أشخاص جنّدوهم ويحاولون تجنب أي احتكاك مع أهل المنطقة لأنهم يعرفون أن أهل غويران غير راضين عنهم، ولكنهم يبقون أهون من الآخر الذي هو النظام.
الصناعة هي مدرسة وثانوية صناعية ومعهد صناعي في جنوب حي غويران، وفيما بعد أُحدثت فيها كليات مثل الاقتصاد وحولتها "قسد" إلى سجن لأعضاء "داعش" السابقين، وهم دائمًا لديهم ضمن سردية ترويجهم أن أهل غويران مؤيدون لـ "داعش" وأهل غويران حواضن لـ "داعش" ووضعوا السجن في غويران ولكن إذا كانوا هم أشخاصًا مؤيدين لـ "داعش" كيف تضعون سجناء "داعش" في موازاتهم؟ ويوجد شيء غير واضح أو غير مفهوم يعني كان يمكنهم وضع السجناء في مناطق تعتبر آمنة ووفق سرديتهم ليست حاضنة لـ "داعش" مثل المناطق التي يوجد فيها أغلبية كردية والمناطق الآمنة في شمال المحافظة ولكنهم وضعوهم في غويران.
الحدث الأخير الذي حصل في سجن الصناعة نحن لا نعرف الذي حصل بالتحديد، ولكن الذي أعرفه وأنا أهلي موجودون في غويران أنهم اضُطروا أن ينزحوا مع آلاف المدنيين وآلاف العوائل التي اضُطرت أن تخرج من غويران بعد الاشتباكات التي حصلت، يعني الناس ليسوا مسؤولين عن سجناء "داعش" ولماذا يتم وضع سجناء "داعش" في مكان ويمكن أن يتمردوا بجوار حي فيه عشرات آلاف المدنيين؟ والناس ليسوا مضطرين أن يدفعوا ضريبة هذا الشيء، والأمر استمر تقريبًا أكثر من أسبوع وبعدها أخذوا وقتًا أكثر حتى سمحوا للناس أن يعودوا إلى منازلهم، ومع الأسف تم هدم أي منزل يعتقدون أن فيه عناصر لـ "داعش" وكانت الطائرات تقصف وتهدم المنازل، أو المنازل المجاورة [للسجن] بدون أي اعتبار لهؤلاء الناس وبدون تأمين أي بديل لهم.
بعدها عاد الأهالي بمن فيهم عائلتي، عادوا إلى منزلهم في غويران.
أنا برأيي أن "البي كي كي" أو "قسد" أساسًا مشروعهم معادٍ لأهل غويران، ويرون فيهم العدو والخصم ويرونهم عقبة أمام مشروعهم كما يرونها في حارة طي في القامشلي، يعني مثلًا هم في حارة طي في القامشلي لم يعترضوا كثيرًا على الأمن العسكري مقابل اعتراضهم على ميليشيا محلية ليس لها أية قيمة عسكرية مثل الدفاع الوطني فقط لأنها من عرب المنطقة الذين يمكن أن يشكلوا تهديدًا لهم أو عثرة أمام مشروعهم.
يوجد أمران أحب التكلم عنهما وهما [أولًا]: الانشقاقات يعني شباب غويران بدأوا من عام 2011 -المجندون من غويران إجباريًّا- بدأوا بالانشقاق مبكرًا، ومن أوائل المنشقين ماجد المختار أبو أسد، وبدأ شباب غويران بتسهيل الانشقاقات للمجندين إجباريًّا في الحسكة سواء في القطع العسكرية أو المفروزين كحرس في الدوائر وغيرهم، ومن هذه الناحية الشباب اشتغلوا وكانوا عندما يرون عسكريًّا يريد أن ينشق عن طريق أحد أقاربه أو أحد معارفه كان الشباب يأخذونه إلى بيوتهم ويجلس عندهم يومًا أو يومين حتى يؤمنوا له طريقًا بعيدًا عن حواجز النظام، ويأخذونهم بالدراجات النارية حتى يتجنبوا الحواجز إلى مناطق لا يوجد فيها سيطرة للنظام.
وهنا نتذكر عمر مجود وماهر الغربي -رحمه الله- وماجد أبا أسد وغيرهم، وكان لهم الكثير من العمل الطيب في هذا الأمر، وأتذكر في إحدى المرات كان يوجد عسكري يريد أن ينشق مع شباب من البو شلهوم من أقارب عمر وعلى أحد الحواجز أمسكه الشبيحة، [وهو] من عائلة الطبقات، وكانوا يعرفون أن هذا الشخص عسكري فاعتقلوا الشاب، وبعرف العرب والعشائر العربية هذا الرجل يُعتبر دخيلًا يعني هو في أمان هؤلاء الناس فقال له: هذا الرجل في أمانتنا ويجب أن نأخذه مهما حصل، فرفض هذا الشبيح تسليمه، والشباب بنفس اليوم في ذلك الوقت تجمعوا وقتلوا هذا الشبيح ومع الأسف لم يستطيعوا إخراج هذا الشاب العسكري ولكنهم قتلوا هذا الواشي العوايني (المخبر).
الأمر الثاني الذي أريد التحدث عنه: وهو المعتقلون يعني بخلاف الأشهر الأولى من الثورة عندما كان النظام يعتقل شخصًا ويخرج بعد فترة قريبة، ولكن بعدها أصبح الأمر أكثر سوءًا بالنسبة للمعتقلين، ونحن تحدثنا عن حسون الفلس أنه اعتُقل وقُتل تحت التعذيب في فرع الأمن العسكري في القامشلي وبعدها يوجد العشرات من أبناء الحي تم ترحيلهم إلى دمشق إلى السجون العسكرية إلى [سجن] صيدنايا والفروع الأمنية للتحقيق هناك وقُتل العشرات منهم.
كما نعرف عندما يُعتقل الشخص في هذه الفروع أو هذه السجون وإذا قُتل مثلًا تحت التعذيب فلا توجد أية طريقة لإخبار أهله مباشرة إلا بعد سنوات، ومن بين الحملات التي حصلت في غويران اعتقلوا المئات على مدى سنوات فقُتل أكثر من شخص من أكثر من عائلة يعني مثلًا أبناء الحاج دهام السلمان وهم 4 أبناء هم عبد العزيز وعثمان وفهد وعمر 4 أشقاء قُتلوا تحت التعذيب، وعندما سُلمت شهادات وفاتهم في 2018 كان سبب الوفاة هو السكتة القلبية! ويوجد 3 أشقاء من أبناء ختلان العلي وهم عمر وعامر وماهر والكثير من العائلات فقدت أبناءها مثل أبناء تركي الكاور وهم 3 أشقاء وغيرهم كثير، وهؤلاء اعتُقلوا منذ عام 2012 وحتى عام 2018 حتى سلم النظام شهادات وفاتهم وعندما سُلمت شهادات الوفاة أنا أذكر أنني رأيت الصور، وفي غويران وفي كل شارع كان يوجد منزل عزاء لأن النظام على دفعة واحدة سلم عشرات شهادات الوفاة ووصلت إلى نفوس الحسكة وكل عائلة لديها معتقل ذهبت إلى هناك.
وأذكر موقفًا مؤسفًا من أحد الأشخاص الذين يعملون في التوثيق وهو بسام الأحمد وهو يعمل في منظمة من منظمات المجتمع المدني التي يُفترض بأنها تطالب بحقوق الناس وهي منظمة حقوقية، وأنا كنت لا أزال أعمل في "واشنطن بوست" كصحفي ومترجم فتكَلمَت معه منظمة دولية وسألَته: يا بسام، النظام الآن سلم عشرات من شهادات الوفاة للحسكة، هل لديك خبر عن الموضوع؟ فقال: أنا لا أعرف، ولا يوجد من بينهم أكراد أنا علمت بهذا الأمر وأنا عندي رقم هاتفه، وفي وقتها اتصلت معه مباشرة وأسمعته كلامًا غير مهذب أبدًا، وأعتقد كان يليق به، وبنفس اليوم أصدروا بيان اعتذار أنه لم يكن قصدهم التعمية أو إغفال شهداء غويران، أعتقد أن الكلام الذي سمعه مني في ذلك الوقت لن ينساه، وهو يستحقه وأنا غير نادم على ذلك بل فخور به.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/15
الموضوع الرئیس
ممارسات "قسد" والانتهاكات بحق المدنيينكود الشهادة
SMI/OH/26-09/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2014-2016
updatedAt
2024/04/18
المنطقة الجغرافية
محافظة الحسكة-طيمحافظة الحسكة-غويرانمحافظة الحسكة-مدينة الحسكةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
التحالف الدولي ضد داعش
الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش
الجيش السوري الحر
سجن صيدنايا العسكري
قوات سوريا الديمقراطية - قسد
الدفاع الوطني - مركز الحسكة
الأمن العسكري في القامشلي