الحراك السلمي وتشكيل "تجمع ضمة النسائي" و"مجلة أوكسجين"
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:20:03
25 مارس/ آذار [2011] خرجت المظاهرة الأولى في الزبداني، وكانت قد خرجت [المظاهرات] في عدة مناطق في سورية، منها دوما ومنها سقبا ومن ريف الشام (دمشق)، وأيضًا خرجت عدة مظاهرات طيارة في الشام، وكنا متفقين في هذا اليوم، أو لسنا متفقين وأنا لم أكن أعرف شيئاً، فأنا خرجت بالمظاهرة بشكل عفوي جدًا، خرجت حتى أتفرج وعن جد لا أعرف الدافع الذي جعلني أخرج، فأنا كلي حماس إنه يا الله مظاهرة وانتهينا وسيسقط هذا النظام أو سيتغير أو سنحدث شيئًا، في البداية أنا لم أكن أريد إسقاط النظام، أنا كنت أريد..، أنه أنت قلت لنا يا بشار الأسد أنك قادم للتطوير والتحديث! أين التطوير والتحديث؟! نحن نعود للوراء يومًا بعد يوم، ما أحلى الزمن الذي كان فيه أبوك المقبور، فأحسست أنا هنا إنه خلاص هنا إما سيتغير شيئًا أو سنعمل نحن شيئًا جديدًا، وسيصبح [هناك] تطوير وإصلاحات في البلد.
صلوا الشباب في ساحة المحطة صلاة الجمعة، وركعوا وسجدوا على الطريق، وهنا كان المشهد مهيبًا جدًا، نحنا كنا واقفين النساء على جنب -لم نكن مشاركين ولكن كنا واقفين على جنب- وكان الموقف فرحًا عظيمًا، عدنا من المظاهرة ورجعنا إلى البيوت ولم يحدث معنا شيء، وتوالت المظاهرات وأنا هنا توقفت قليلًا وقلت خلاص الشباب ستعمل هذا الشيء وليس هناك داعي [لوجودي].
فتوقفت تقريبًا لمدة 3 جُمع أو 4 جمع وقلت لن أخرج في المظاهرات، وكنت أتابع من مكتبنا في مكتب زوجي بالمحطة مقابل المخفر تمامًا، فأنا كنت أقف هناك وأتفرج، وطبعًا أنا في هذه الأوقات أنشأت حساب "فيسبوك" ولم أكن قد اشتركت به من قبل، أنشأت حساب "فيسبوك" اسمه "جبال الزبداني" وبعدها بدأنا نكوّن صداقات على "فيسبوك" ونتواصل مع الثوار، كنت اضطر يعني أنا أن أرفع من عمري لأنني أنا امرأة في النهاية، فأنا اضطر أن أرفع من عمري وأقول لهم أنا مثل أمكم، ويعاملوني الشباب كأنني أمهم، فكان يوجد "أنا مندس" (اسم مستعار - المحرر)، وكان ياسر وكان الكثير من الشباب، كلهم يقولولي يا أمي، طبعًا نحن لا نعرف بعضنا بالوجوه، فقط كنا قد أنشأنا مجموعة على "فيسبوك" ونتواصل وننقل أخبار الحملات، أين صارت الحملات؟ أنا بيتي كان في موقع استراتيجي، وكنت أرى السهل، [وأرى] أن الحملة صارت هنا، والحملة صارت هناك، ويعطون الأخبار ولم يكن موجودًا جهاز "الورور" [القصد جهاز المودم الخاص بالإنترنت – المحرر] بعد، كنا نقول له الجهاز ولا أعرف اسمه بالتحديد، كنا بهذه الطريقة نقول إنه جاءتالحملة أو هناك حملة أو مداهمات.
هنا حدثت اعتقالات واعتُقل أخي جهاد -الله يرحمه- اعتُقل لأول مرة، فأنا هنا يعني [علمت أنه] ضُرب أمام أولاده وهو عنده أربع بنات، فيعني مؤلم كثيرًا، وأمام أبي وأمي وهو البكر عند أبي، فكانت ثقيلة علينا. [وبدأت] أخرج بمظاهرة المطالبة بالمعتقلين، وخرجنا ووقفنا عند "أمن الدولة" وطالبنا ورفعنا لافتات جميعنا نساء، ولايوجد رجال معنا بالتنسيق من النساء. وهنا تعرفت على الصبايا، الصبايا معظمن، نحن في أول الثورة الذين خرجوا معظمهم من بيت (عائلة) برهان لأنه نحنا كنا قد مرينا بقصة هاني، فما زلنا متشجعين وغير خائفين، يعني كسرنا حاجز الخوف في أول مظاهرة، فالأغلب الذين خرجوا كانوا من بيت برهان. نحن كنا قرابة 15 سيدة، طبعًا اللواتي خرجن كثر، ولكن اللواتي أعرفهن تقريبًا 15 سيدة، وجميعهن إما أخوها أو ابنها أو زوجها معتقل، وطلعنا نطالب بالمعتقلين ووقفنا وطالبنا بالمعتقلين وعدنا. ومنذ ذلك الحين، ومن هذه المظاهرة أصبحت أخرج كل جمعة، طبعًا بالنسبة لي إما أن تحصل اجتماعات بيني وبين الصبايا، أو كل شخص يقوم بعمل ويخرج، وكنا نشارك بالفعاليات، أنا أنزل إلى المكتبة أجلب الكرتون، ويكتب زوجي -هو خطاط-، وأسأل البنات: ماذا نكتب على اللافتات برأيكن؟ نكتب اللافتات ونقوم بالفعاليات، ولبسنا البنات أكفان وكنا نرشّ عليهن دم (طلاء أحمر) وأمسكنا البالونات، وملأنا في القارورات لا أعلم ما اسمه، ولزقنا عليهم علم الثورة، ومسكنا أغصان زيتون والورود الوقرنفل، فقد كنا نقوم بفعاليات نحن النساء وبقينا على هذا الحال كل هذه الفترة (أول 30 جمعة تقريبًا من جُمَع الثورة)، وكانت كل جمعة لها مسمى، ومرة نغني ومرة نؤلف أغاني، والزبداني مشهورة بـ "العتابا" (نوع من أنواع الزجل - المحرر)، ونؤلف "عتابا" عن الثورة، ونسهر مع بعضنا ونحكي عن بشار الأسد ونحكي عن النظام، وهنا أصبحنا نطالب بإسقاط النظام، وننظم الهتافات. طبعًا يهتف في المظاهرة الأعلى صوتًا، أنا و ونور برهان كنا نهتف وصوتنا يعلي ويسمع كل الدنيا، كنت أهتف من قلبي، أنا أتذكر في تلك الأيام عندما كنت أهتف كنت أشعر أن صوتي أعلى من كل أصوات الناس التي تهتف لأنني أصلًا أسمع نفسي لكنني كنت أهتف من صميم قلبي، وكان عندي طاقة وإحساس أنه سيأتي الفرج، والآن انتهى الأمر وسيسقط النظام بعد يومين أو ثلاثة شهر بالكتير سيسقط النظام، وسنتخلص من.. وسيأتي رئيس جديد ونظام جديد ونصبح مثل الدول الأوربية أو الدول المتطورة، هكذا كنت لا أفكر بشيء [آخر]، وعلى فكرة حصل الكثير من القصص، لا أعلم [عنها]، يقولون إنه هناك قطر والسعودية وتنسيقيات، ولكنني لم أشارك بأي شيء من هذا، ولم يكن يهمني ولم أنظر لذلك ولا أقول لهم دعوني أشارك في شيء، أنا لايهمني هذا الموضوع، أنا كان همي "إسقاط النظام" فقط وهمي كيف ستكون سورية لاحقًا، وجميعنا نسعى بالإصلاح وجميعنا نسعى بإعادة كتابة دستور يليق ببلادنا ويليق بسورية، ولكن للأسف هذا الشيء بدأ يخفت رويدًا رويدًا ويتراجع، لأنه أصلًا نحن كنا نخرج في المظاهرة وخلفنا يخرج رجال يمسكون سلاح؟ نحن نستغرب إنه بالصيف لماذا يلبسون الجواكيت؟! [اتضح] أنهم يضعون السلاح تحت [الجواكيت] لحماية المظاهرة.
طبعا هنا بدأ إطلاق النار علينا (من قبل النظام - المحرر)، في كل مظاهرة يطلقون علينا النار ويقتلون، مات الشهيد حسين زليخة (حسن زليخا - المحرر) وهنا نحن بألم.. [قُتل] في 27 أيار/ مايو (بل في 26 أيار/ مايو - المحرر) وكان أول شهيد في الزبداني وقُتل يوم الخميس وأقمنا المظاهرة يوم الجمعة وشيعناه، وخرجت مظاهرة كبيرة جدًا وكان اسم الجمعة جمعة "حماة الديار" (27 أيار/ مايو 2011 - المحرر) كما أعتقد، لماذا خرجت كل الناس؟ لأنه هذه الجمعة بالذات كان اسمها "حماة الديار"، وكان عندنا أمل إنه الجيش، ونحن الآن نشيع شهيد أنتم قتلتموه أنتم حماتنا وواجب عليكم أن تحموا ديارنا، لماذا تقتلوننا؟ فكانت هذه الجمعة.. -طبعًا هي كانت جمعة في كل سورية اسمها "حماة الديار"- لكن نحن كانت عندنا في بالزبداني [تتضمّن رسالة للجيش أن] لا تقتلوننا فنحن معكم وأنتم لنا وأنتم أولادنا، كنا نهتف لهم بهذه الطريقة في المظاهرة أو في التشييع بأن تتوقفوا عن قتلنا. طبعًا تتالت أعداد الشهداء، وكنت أنا والصبايا نذهب إلى كل مكان فيه عزاء شهيد، ذهبنا إلى عزاء حسن زليخة وذهبنا إلى عزاء شادي علوش -طبعًا علوش الزبداني-، وذهبنا إلى عزاء مثلًا سيف الدين خريطة، وذهبنا إلى عزاء.. كنا نذهب ونغني للشهيد، كنا نغني لأم الشهيد وكنا نغني للشهيد.
فيما بعد ازدادت حملة الاعتقالات وخرج أخي جهاد بعد اعتقال شهر، وفي هذا الشهر أنا وهو وأختي فاطمة انتهى الأمر بالنسبة لنا، فنحن اخترنا طريقنا، طريقنا هو طريق الثورة، وكنا عند أهلي في جمعة وكان يجلس والدي معنا على الشرفة، ووالدي معارض قديم، ليس معارضًا ولكنهم كانوا ضد حافظ الأسد وكان من الناس الذين كانوا ضده، وكان دائما عندنا مداهمات ودائما لديه مراجعات إلى فروع الأمن، فقال لنا: هذا النظام لن يسقط، هذا النظام قوي جدًا، ونحن حاولنا قبلكم، لكن أنا أقول لكم حاولوا كي لا تلوموننا أنه لماذا لم نكن ضد هذا النظام ولماذا لم نحاول، فنحن حاولنا ولكننا لم نستطع. طبعًا أنا لم أكن على علم بنشاط أبي (المعارض للنظام) لأنهم لم يكونوا يتحدثون عنه أبدًا إلى حين جلسنا مع أبي على الشرفة وتحدث وقال لنا: فاطمة وجهاد ومؤمنة إذا كنتم تريدون الخروج بالمظاهرات يجب أن تعلموا أنكم قضيتم على حياتكم، وأنا معكم وأنا مع مستقبل أولادكم، ولكن إذا وصل الدولار إلى 175 ليرة ممكن اقتصاديًا أن يسقط [النظام]، أما بالمظاهرات وبالسلاح لن يسقط، فهنا نحن قلنا: ما تقوله ليس صحيحًا يا أبي، وخلال شهرين سيسقط النظام.
كنا هنا قد بدأنا بالعمل على مجلة "أوكسجين" أنا والصبايا، وكان معنا شاب اسمه رواد علوش، الشاب هو الذي أعطانا فكرة المجلة ونحن قررنا أن نبقى نعمل فيها، وكنا نجري تحقيقات وكنا نقوم بالتوثيق والصور، ونوم بأشياء "نهفات"، وننقل أخبار سورية، طبعًا هي أخبار الثورة السورية، [والمجلة] صدرت قبل [صحيفة] عنب بلدي بصراحة، ونحن تفاجئنا بعد فترة أنه هو ربما كان يأخذ المبالغ من جهة كندية أو شيء، ونحنا كنا ضد هذا الشي وكنا مازلنا نفكر بالثورة الفاضلة ونقول أننا لا نريد مبالغ أو [دعم] مادي، فنحن تفاجأنا أنه هو بدأ يتواصل مع جهة كندية وستدعم المجلة، ونحن هنا توقفنا الصبايا فنحن لا نريد لأي أحد خارجي أن يدعمنا ولا نريد المال الخارجي وأنه [عبارة عن] مؤامرة، وكنا نفكر بهذه الطريقة بأننا لانريد أن نكون مؤامرة مثلما يقول بشار الأسد عنا أنه نحن مؤامرة، فتركنا هنا المجلة. حاولت أنا أن أبقى لأن رواد شخص ثورجي ونظيف (يتمتع بسمعة حسنة)، ولا أظن أنه يريد أن يُدخل المال السياسي أو عنده أجندة، فأنا حاولت أن أبقى معه كأم مثلما قلت، معه ولكنني لم أشارك، أنا أبدًا أبدًا ولا مرة أخذنا أي مبلغ من أي جهة ولا أي شيء، لكن هو أحضر لي "لابتوب"، وهذا "اللابتوب" بقي معي وأحسه بمثابة أمانة عندي، وهو أكيد من 11 سنة أي مضى عليه الكثير من الوقت، لكن أنا أشعر أن هذا الشيء ليس من حقي.
نحن هنا تركناه واجتمعنا مع الصبايا: ليس جميع الـ 15 صبية، فكانت روضة قد سافرت إلى السويد. اجتمعنا وقررنا تأسيس تجمع بنات الزبداني (تجمع لثائرات الزبداني)، وأسميناه "ضمة" كناية عن الضم، أي أننا نحن من نضم بعضنا ونوقف خلف بعضنا ونساند بعضنا نحن النساء والأطفال، أو ضمّة ورد، أو كنا نقول لدينا ضمة ترفع النساء وترفع المرأة، ليس مثلما كان الحال في هذا الوقت الذي كانت تُعامل فيه النساء بكثير من الدونية، بمعنى أنها كانت مسؤولة عن كل شيء ولا يوجد أحد حتى يذكر هذا الشيء (يقدر هذا الجهد - المحرر)، وكان الرجال لايتجرأون على المرور على الحواجز (حواجز النظام)، وكانت النساء هن المسؤولات عن جلب الغاز والخبز والخضار، ذهابًا وإيابًا على الحواجز، و[المرأة] لا تعلم ما الذي يمكن ان يحصل معها على الحاجز، وحدث العديد من الاختراقات، وأنا أكثر من مرة اعتقلت على الحواجز، ساعة ساعتين يوقفوني ويحققون معي: من أنت؟ ولماذا..؟ وفي إحدى المرات كنت نازلة أنا وأولادي واعتقلوني أنا وأولادي، وكنت أقول للحاجز: أين سأذهب؟ أنا معي السيارة وأولادي، كيف ستعتقلوني وأولادي معي؟ فقلت له: أنا لم أفعل شيئًا لتعتقلني، وبقيت موقوفة لفترة، فقلت لابنتي آية -رحمها الله- اذهبي إلى زوجة عمك وأجروا اتصالات لنعرف ماذا سيفعلون بنا، المهم تركونا بعد فترة ولم يسمحوا لابنتي بالذهاب، فكنا نشعر بالكثير من الخوف، وحصلت معنا الكثير من الحوادث على الحواجز، وكانوا يضايقونا كثيرًا، لذلك أنا كنت عندما يقول الثوار أنهم سيشنون هجومًا على الحواجز، كنت بصراحة معهم، لأنهم (أي العناصر الموجودة على الحواجز - المحرر) أساءوا كثيرًا لأهل الزبداني ونحن منطقة محافظة جدًا، ونحن هنا قررنا تشكيل تجمع الزبداني.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/10/05
الموضوع الرئیس
الحراك في الزبدانيانتهاكات النظام في ريف دمشقكود الشهادة
SMI/OH/205-02/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
3 - 6 / 2012
updatedAt
2024/04/14
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة الزبدانيشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة
مجلة أوكسجين
تجمع ضمة النسائي