رحلة نزوح السوريين وأهم أسباب تراجع القوة الثورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:29:03
تقريبًا في نهاية 2012 بدأت عملية النزوح تظهر بوضوح في مناطق الداخل السوري، وأضف إلى ذلك في البلدان المجاورة صار لدينا حالة لجوء بشكل أو بآخر، ففي تلك المرحلة كانت عملية النزوح تتم إلى القرى والبلدات والمناطق لأنه ما كانت فكرة إنشاء المخيمات قائمة بتلك المرحلة، والناس كانت تعتقد أن ما يحصل هو عبارة عن عمليات مؤقتة وستنتهي بوقت قريب، فبالتالي كانت لدينا مبادرات وأنا شاركت في عدد من هذه المبادرات في البداية الأولى في محاولة من أجل مساعدة الناس الذين ينزحون من مناطق أخرى فيها اشتباكات وفيها مواجهات وخطر على المناطق الموجودين فيها والتي كانت تُعتبر أفضل حالة من بقية المناطق، لأنه في تلك المرحلة القصف كان يصل إلى كل المناطق السورية ما كان هناك شيء مستثنى من القصف أبدًا، إنما تخف الوتيرة في بعض المناطق ويركز النظام عليها.
فبدأت هنا فكرة وجود المنظمات بشكل أو بآخر وصارت مبادرات كثيرة وأشخاص كثر يتجهون لإنشاء منظمات محلية داخلية، ونتيجة الحاجة التي فرضت هذا الموضوع بوجود نازحين الآن ووجود عوائل ووجود أشخاص بحاجة رعاية بحاجة تقديم المساعدات، فبدأت تتكون عملية فكرة إنشاء المنظمات وإنشاء المبادرات الخدمية التي تسعى إلى تأمين احتياجات وخدمة هؤلاء الناس.
والموضوع في تلك الفترة كان أقل تنظيمًا منه الآن، ثانيًا كانت الموارد لهذه المبادرات عبارة عن موارد فردية، وأنا أذكر مرات كثيرة كانت مصادر الدخل التي يتم تأمينها هي عبارة عن مبادرات من قبل الأشخاص الموجودين كنا نفرض على بعضنا وعلى أنفسنا وعلى معارفنا وأقاربنا أن كل واحد بما يستطيع أن يُقدم ألبسة أغذية طعام منازل حتى الذي عنده بيت، وبهذا الشكل، ففي تلك المرحلة اقتصر العمل الإغاثي والخدمي لهذه العوائل النازحة على هذا الشيء فقط وليس أكثر، لأنه عمليًا ما كان يوجد دعم يأتي من الخارج حتى تقريبًا نهاية 2013 بدأت تتكون مخيمات وبدأت تتشكل مخيمات بشكل فعلي وبصراحة كانت المخيمات غالبيتها مخيمات عشوائية مثل ما قلنا، والناس جاؤوا على أكثر مناطق تُعتبر آمنة وكانت المناطق الشمالية، وبدأوا ينشئون الخيم بشكل عشوائي وظنًا منهم أن هذه الحالة مؤقتة، لكن للأسف فيما بعد تحولت هذه الخيم التي أُنشئت في منطقة عشوائية إلى نواة لمخيمات وتجمعات كبيرة، وأتذكر أن مخيم اسمه مخيم الكرامة لحد الآن قرب أطمة وهو مخيم عشوائي وأنا في 2013 صورت فيه أكثر من مرة عندما كنت في "قناة الآن" أعتقد الآن أصبح نواة أو تجمع من الخيم كبير جدًا جدًا، واستمر حتى هذه اللحظة من تلك الفترة، وأنا أذكر لحد الآن الناس يعني شغلتنا أشهر، لكن للأسف القصة طالت حتى الآن وربما تطول لسنوات قادمة، وكثير من المرات يتواصل معي أشخاص من خلال صفحتي على "الفيسبوك" مثلًا أو من خلال معارف مشتركة بيننا وبينه يرسلون مساعدات محددة موصوفة لعوائل أيتام لعوائل نازحة لعوائل فقيرة تُحدد بشكل معين ويتم إرسالها ونحن نقوم بتوزيعها بناءً على طلب الشخص الذي أرسل، يعني إذا كان أرسل لأيتام محددين فنحن نُحاول وما كان هناك شيء منظم مثلما قلت كانت تتم في وقتها مثلًا إذا أرسل مبلغًا معينًا فهذا المبلغ يكفي فرضا لـ 20 عائلة فنحن نقوم مباشرة بتوزيعها على 20 عائلة أيتام موجودين في هذه المنطقة نقوم بإحصائهم وإرسال المبالغ المطلوبة لعوائل نازحة، ونقوم بإحصاء معين تعرف أهل القرى يعرفون أي جديد أو أي طارئ أو أي غريب يأتي على المنطقة في كل قرية، ومن عندكم نازحين مثلًا ناخد العدد ويتم توزيعها بهذه الطريقة فقط.
لكن فيما بعد متلما قلنا الأمور دخلت في حالة تنظيمية أكثر حتى صار فيما بعد في 2016-2015 قوائم موجودة بأسماء النازحين وأسماء العوائل المحتاجة.
التهديدات بشكل دائم أنا بالنسبة لي كانت يوميًا خاصة في 2012-2011 يوميًا على صفحتي على "الفيسبوك" مثلًا كلما أفتح الصفحة تأتيني رسائل من قبل أشخاص من النظام بالتهديد وسنقتل وسنفعل، إضافة في 2011 اتصالات مرات كثيرة اتصالات من قبل النظام و ويهددوني بخطف أهلي وقتلي، فاستمرت القصة تقريبًا من النصف الثاني لـ 2012 والأمور تقريبًا المنطقة صارت محررة أكثر صارت مناطق كثيرة خارجة عن سيطرة النظام وما عاد هناك ثمرة من التهديدات ولم تعد مشكلة وأنا بالنسبة لي صار الموضوع عادي جدًا جدًا، وأكثر المواقف التي تعرضت لها في تلك الفترة كانت تقريبا نهاية ال 2011 كنا في اجتماع في منطقة قرب جرجناز أعتقد معرشمارين أو معرشورين يمكن ولا أذكر بالضبط، فكان تقريبًا مجتمعين معظم قيادات الثورة في تلك المرحلة و أنا في تلك الفترة انتهى الاجتماع في الساعة 10.30 تقريبًا من مساء اليوم، وكنا سنتوجه أنا ومجموعة شباب في سيارتين أنا و وثلاثة شباب في سيارة والسيارة التي خلفنا فيها 3 شباب فأردنا الخروج من منطقة شرق الأوتوستراد إلى منطقة غرب الأوتوستراد بطريقنا إلى كنصفرة التي كانت هي معقلنا، فكان هناك طرقات محددة نمر فيها وأثناء خروجنا من قرية بابولين لنطلع على أوتوستراد نمشي بالمعاكس قليلًا ونرجع نطلع على الطرف الآخر في خروجنا من المعاكس على الطرف النظامي وإذا دبابة لقوات النظام وحاجز موجود في وجهنا، طبعًا ما أطلقوا النار لأنه تبين أنهم عملوا كمينًا وينتظرونا، ونحن سيارتنا لا نستطيع أن نرجع لأنه طلعت الدبابة في وجهنا والسيارة التي خلفنا رجعت وأُطلق الرصاص عليها والحمد لله ما أصيب الذين كانوا موجودين فيها، وأنا دخلت في هذه المنطقة وصارت كلها مناطق نظام والحاجز لم يوقفني لأنه كان الهدف إلقاء القبض علينا نحن الموجودين ضمن السيارة فتركونا ندخل في ذلك الاتجاه وأكملنا فصرنا عمليًا بقبضتهم لأن المفروض من مكان وجود الحاجز ندخل في مفرق يأخذنا على المناطق المحررة، ولما أكملنا على الأوتوستراد باتجاه الجنوب صرنا في مناطق النظام فاتجهنا إلى مورك ما استطعنا نعمل شيء ولا نتحرك ولا نعرف ماذا نفعل؟ فاتجهنا إلى مورك دخلنا في داخل مدينة مورك ووضعنا السيارة أمام منزل وانتشرنا مشاة في المدينة، وكانت عربات النظام وسيارات النظام والعربات العسكرية تبحث عنا بكل الاتجاهات، وبنفس الوقت كانت الاتصالات مقطوعة بالكامل، ونحن أنا والشباب الموجودين معي قلنا: هذه نهايتنا وستكون محسومة في اشتباك مع النظام، وقررنا أن الاشتباك وأنا كان لدي قناعة مطلقة لا يمكن أن أُسلم نفسي لأنه بصراحة الثمن سيكون كبيرًا، فالاشتباك والقتل أفضل بكثير من نعتقل، وبالفعل كانت هذه هي النية التي بيتنا نحن الأربعة شباب الموجودين والذي كان منهم شخص من مدينة حماة هو كان مساعد في الأمن الجنائي منشق أبو أحمد رحال من قرية مرعيان من جبل الزاوية، وبقينا فترة في الشوارع في مدينة مورك حتى جاءت الشبكة وكانت مجموعة لصخر النسر مجموعة من الثوار قريبة من مورك واستطعنا التواصل معه، ودخلت مجموعة صخر رحمه الله استشهد فيما بعد مع النظام واستطاعوا أن يخرجونا من المنطقة، لكن تفاجأنا أنه أُعلن عن وفاتنا، تفاجأت أنهم ظنوا أني ميت أنا والشباب الذين معي والناس تقريبًا 90% على وشك أنهم يعزون بنا، لأننا مفقودين ولا يوجد اتصالات ولا تواصل وبقينا أكتر من 24 ساعة مختفيين حتى خرجنا من مورك، وأخذنا صخر النسر ووصلنا للمجموعات كان هذا آخر الليل و لا يوجد اتصالات ولا نستطيع أن نتحرك فبقينا لليوم الثاني في المساء حتى قدرنا تأمين تواصل ونقدر نتحرك ونرجع لمنطقة كنصفرة، فبهذه الفترة كانت الناس أجمعت على أننا غالبًا متنا أو أُلقي القبض علينا، وهذه واحدة من المرات الخطيرة جدًا التي تعرضت لها.
بصراحة أنا نتيجة الخيبات الكبيرة التي صارت في الثورة والأخطاء الكثيرة وهذا السبب الأساسي الذي جعلني أُفكر بشكل جدي أن الأمور وصلت لمرحلة ما، وسابقًا كانت الأخطاء التي تحصل والمشاكل كانت نتيجة قلة خبرة ونتيجة قلة تجربة، ونحن فجأة وجدنا أنفسنا في ثورة ومواجهة نظام، فكان قولًا واحدًا نحتاج لفترة زمنية طويلة حتى نستفيد ونتعلم، لكن بعد 2013 بدأت أُدرك بقوة أن الأخطاء والمشاكل التي تحصل الآن أصبحت لم تعد عشوائية صارت أخطاء مقصودة ومنظمة ولا يوجد ولاء للثورة كما كان في الوقت السابق صارت كل مجموعة أو كل فصيل ولاؤه لامتيازاته ومكاسبه الشخصية، فقررت أن أكون بعيدًا عن هذا وأبقى متفرغًا لعملي الصحفي، لأنه صراحة الهدف المفروض الذ فكرت فيه في ذات يوم من الأيام بدأ يتحور بشكل كبير وبدأت البوصلة تنحرف عنه بشكل كبير أيضًا، فهذا كان الدافع الرئيسي وراء خروجي من المنطقة، وثانيًا أنا ما أحببت أن أكون جزء في العمل المسلح أو أكون ضمن الفصائل العسكرية، وقلت الآن الصوت الذي يعلو في الداخل هو صوت السلاح صوت البارود وأنا بصراحة كنت على يقين أن صوت السلاح إن لم يكن مقرونًا بصوت سياسي يستطيع أن يُعبر عن هذا الموضوع فالموضوع سيكون فيه مشكلة وسنكون في أزمة حقيقية في يوم من الأيام، طبعًا لا أعرف ما الهدف الذي أخرج من أجله لكن قلت ربما أدي في شكل أو بآخر أواصل عملي الإعلامي وبنفس الوقت يكون في الصعيد أو في جانب من العمل السياسي ربما أستطيع أن أُأدي شيء أفضل من الشيء الذي ممكن أؤديه في حال بقائي في سورية.
خرجت في 2013 لكن ما كان خروجًا نهائيًا كنت تقريبًا بشكل يومي أرجع وأدخل واشتغل في عدة اتجاهات، واستمر هذا تقريبًا حتى 2014 وربما بعد 2014 بدأت حالة الاستقرار بالنسبة لي في تركيا بالكامل، وكنت أعمل مع المجلس الأعلى لقيادة الثورة حكيت هذا الكلام بوقت سابق فصلت فيه، وقلت: الهدف كان من هذا الموضوع أن نحاول إيجاد مشروع سياسي يكون بالتوازي مع العمل العسكري، ونكون قادرين على إيجاد صبغة أو صيغة بين العسكري وبين السياسي بحيث نستطيع أن نُقدم نموذج للمجتمع الدولي يكون مقبولًا ويُعول عليه فيما بعد من أجل أن يكون لدينا مشروع متكامل ويكون لدينا مشروع بديل فعلًا عن النظام، لكن للأسف فشل هذا الموضوع أيضًا وفشلنا سياسيًا كما فشلنا عسكريًا ووصلنا للمرحلة التي نحن فيها.
واستمريت لبعد 2016 وتفرغت للعمل الإعلامي بالكامل وانقطعت عن أي نشاطات باستثناء نشاطات بسيطة تتعلق بموضوع الثورة على الصعيد السياسي وربما صعيد خدمي أو في مساعدة أشخاص مساعدة جهات ومنظمات بهذه الطريقة فقط.
وبنهاية الجلسة الحالية الآن أعتقد أن المرحلة التي مرت فيها "الثورة السورية" من خلال تجربتي البسيطة كان لدينا فرص للأماني كثيرة جدًا ممكن تحقيقها، لكن للأسف سيطرة العقلية الفردية على المجتمع السوري بكل أبعاده كان لها انعكاسات بمنتهى السوء على كافة المجالات التي ممكن أن ننجح فيها، ونُنجز فيها، وإذا لاحظنا على الصعيد الفردي للأمانة كان لدينا نجاحات باهرة في الثورة بكل مراحلها عسكريًا وسياسيًا واجتماعيًا وإغاثيًا و بكل الاتجاهات، لكن عدم مقدرتنا على تحويل النجاحات الفردية إلى نجاحات مجتمعية أدت إلى أن دفعنا هذا الثمن كلنا وما زلنا ندفعه، وحتى هذا اليوم أعتقد أن الموضوع أصبح مركب أيضًا، واليوم حالة الفشل المؤسساتي التي تعيشها الثورة الآن مخيفة جدًا بشكل غريب، ومؤسساتنا شيء مخجل للأسف بكل ما تحمل الكلمة من معنى وعلى كافة الأصعدة، وأكبر مثال الائتلاف الآن حالة معيبة جدًا ويخجل المرء أن يقول أن هذا حصيلة الثورة دفعت الشعب السوري، وليس ليس الائتلاف فقط أنا أتكلم من معرفة وإطلاع على مؤسسات تعمل إعلاميًا وإنسانيًا وإغاثيًا وسياسيًا، وأتمنى على بعض الأشخاص للأسف ناجحين على الصعيد الفردي لكن الفشل الذي يصير معهم على الصعيد الجمعي أن يتحول هذا النجاح الفردي إلى نجاح اجتماعي نجاح للمجتمع بمعنى أن نخرج من موقعنا المتمترسين فيه أمام ذواتنا إلى التمترس أمام المجتمع وراء مصلحة المجتمع والوقوف بحيث أن نستطيع في يوم من الأيام نقول أن التضحيات التي قُدمت والثورة التي كانت من أعظم الثورات في التاريخ أنجبت في يوم من الأيام مشاريع ترقى إلى هذه التضحيات.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/07/08
الموضوع الرئیس
تراجع الثورة السوريةالنزوحكود الشهادة
SMI/OH/40-19/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2012 - 2016
updatedAt
2024/04/18
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-محافظة إدلبشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
قناة أخبار الآن