طبعًا هناك موقف حصل في داريا، نزلت مغادرة 24 ساعة، والمغادرة وقعتها أنا من مكتب العقيد عبر  حاجب العقيد، لم يكونوا يسمحون [بالاجازات وقتها]، وهي تُعتبر مزورة كونها ليست من العقيد، ونزلت إلى داريا.

 داريا كانت مدينةً ثوريةً بامتياز، نزلت يوم الخميس، وفي يوم الجمعة كانت هناك مظاهرة كبيرة، وأذكر كان هناك أشخاص من بيت (آل) السقا قتلهم النظام، -ما يقارب 12 شخصًا-، وذلك اليوم كان يومًا حزينًا في داريا، طبعًا هذا من بيت (عائلة) واحد 12 واحدًا (شخصًا) أو 10 -لا أذكر بالضبط-، وهناك قتلى كثيرون، واعتقلوا الكثيرين، وضربوا الكثير، وأنا أريد أن ألتحق (بقطعتي العسكرية) قبل الاجتماع الصباحي، وهو في السابعة، وطلعت (خرجت) الفجر، فجأةً جاءت دورية أمن عسكري إليَّ، وكانت السيارة مسرعةً، وصفّ (أوقف السيارة) بجانبي، ولا أذكر الكلام الذي قاله، وأنا خرجت مني عفويةً: حاضر سيدي، فعرف أني عسكري، قال: أنت عسكري؟ قلت: نعم أنا عسكري، فقال: أرني المغادرة -أو الإجازة-، فأريته إياها ومشيت، وهذا الموقف صحيح أنه كان عدة ثوان، ولكن عشت (بقيت) على أعصابي، كان مخيفًا جدًّا؛ أن يوقفك أمن عسكري -(هذا) صعب-.

وأحد المواقف: كنت نازلًا إلى داريا، وعند مدخلها كان هناك حاجز للمخابرات الجوية، وهذا الحاجز كانت سمعته سيئةً للغاية، فسألني عن الإجازة، وأعطيته الإجازة، وصدف أنَّه عسكري من ديرالزور -حسب لهجته-، قلت: أنا من الدير، فقال وإذا (ماذا يعني) من الدير! أعطني إجازتك، فأعطيته الإجازة، والعسكري أمِّي لا يقرأ ولا يكتب، قلت له: اقرأ الاسم -لأتأكد أنه يعرف أم لا-، ورأيته مرتبكًا، فقلت له: أنا ملازم، طبعًا هو مكتوب الرقيب، وقلت له: الملازم كونه لا يعرف أن يقرأ، وأنا أريد فقط أن أمشي، وقال: بما أنك ملازم خذ (إجازتك وامش)، أيضًا الله سلمني في ذاك الموقف.

 كان هناك حاجز صعب جدًا بين داريا والمعضمية، ومعروف داريا كيف كانت، والمعضمية كيف كانت؛ كانت مناطق معارضةً جدًّا، والنظام عانى منها كثيرًا، ويوم الجمعة تنقلت بين داريا والمعضمية، أيضًا أريته الإجازة، وقال: لماذا أنت طالع (خارج) من داريا لتدخل إلى المعضمية؟، وصراحةً هنا الواحد (الشخص) يُثير الريبة؛ من الدير، ومن داريا إلى المعضمية! أنا من ذلك الوقت إلى الآن أفكر؛ أنا كيف وضعت نفسي في موقف كهذا، وبدأت أقنعه أنَّ بيت عمي هنا، وكنت في زيارة، وأنا طالب جامعة، وأريته البطاقة الجامعية، وأريته الزيارة، لأنني كنت عسكريًّا، وفي نفس الوقت طالب جامعة، وبقي لي 3 مواد للتخرج، إلى أن اقتنع، وأغلب العساكر كانوا أميين، فلم يكونوا يضعون المثقفين على الحواجز، وهذه سياسة خبيثة من النظام، مثلًا لو وضعوا العسكري المثقف وطالب الجامعة، أكيد (بالتأكيد) ستكون ميوله للثورة، فكانوا يختارون العسكري الأمي المجند، ويضعونه [على الحاجز]، وكان يُسمح بكل شيء للعسكري، وكان -أذكر- يوجد عسكري من الرقة، وكانت يوميًّا تمر محامية من درعا على الحاجز، ومرةً واحدةً صدف أنني كنت نازلًا في إجازة، وعلى الحاجز كان لواؤنا، وأعرف الشباب الذين عليه، فأوقف محاميةً، وهذه المحامية كانت تدخن جيتان (أحد أنواع السجائر)، وكان العسكري محرومًا، لا يدخن إلا الحمراء، وكان في كروز (علبة تحتوي 10 علب سجائر) دخان جيتان، فقال: أعطنا الكروز، ويوميًّا لن يُوقفك أي حاجز، طول ما أنا موجود ؛ سواءً هذا الحاجز أو الذي بعده فتلك حواجزنا، وأخذ كروز "الجيتان"، وصار يدعها تذهب كذلك(دون تفتيش)، وقلت له: يجب أن تستخدم هذا الأسلوب مع كل الناس، أنت عسكري دبر نفسك (اعتمد على نفسك في إيجاد الحل)، طبعًا أنا كانت نيتي ألا يوقف أحدًا لكونه مطلوبًا، وهذه تعدي (يكون ثمنها) بباكيت (علبة دخان) أو مقابل رشوة ب 500 ليرة، والكل يعرف وضع العسكري كيف كان؛ جوع وذل، ومن شدة صعوبة حال العسكري، كان العسكري يتمنى أن يخرج إلى الخارج، ويصبح على الحاجز، وينتهي من دروس الرياضة والصباح، ومعاملة الضباط التي كانت قذرةً جدًّا، ونحن في العسكرية كانت العنصرية واضحةً، وأذكر عندما كنا في حقل الرمي، نحن اتفقنا وكنا 6 شباب من الدير وحلب ودمشق، -وكان يحضره رئيس أركان الفيلق-، ألا نصيب الهدف من أجل أن نحرج الضابط، وفعلًا لم يصب أحد الهدف، وأذكر الكلمة التي لن تذهب من بالي على طول (ما حييت)، -والضابط كان من جبلة من الموالين للنظام- فقال: أنتم خونة من أيام عمر بن الخطاب، وهذه الجملة أموت ولا أنساها!

حال العسكريون المجندون على حواجز النظام 

طبعًا كان المدبر والمخطط الرئيسي للعمليات هي المخابرات الجوية والقوى التنفيذية هي الجيش (القوة العسكرية)، وطبعًا الجيش مهمته الاقتحام والسيطرة على المنطقة، ولكن من يأخذ الجيش إلى المكان ويخطط ويضع الأهداف هي المخابرات الجوية.

طبعًا في الغوطة في إحدى المرات وضعنا حواجز في الغوطة، وكنا موجودين في كفر بطنا، وكانت مهمتنا هي تقطيع المنطقة وأوصال المنطقة بالحواجز، والمخابرات الجوية والسرايا المستقلة للفوج تعمل مع بعضها بالمداهمة وتنفيذ الاعتقالات، وكان مكاني في أحد حواجز الكتيبة، وكان قائد الحاجز ضابطًا برتبة نقيب من تلبيسة، وقال لي: جاءت إلى هنا المخابرات وسرية الاستطلاع، وأخذوا شخصًا من هذا المنزل، واقتحموا المنزل، وهذا الشخص كان نائمًا، ودخلوا إلى غرفة نومه، وضربوا زوجته ووالده الكبير بالسن ووالدته، وحتى إن والدته كانت عاجزة وفي قدمها يوجد جهاز من حديد، فقاموا بضربها، وهم في البداية قاموا بتطويق المنزل، وحاول هذا الشاب الهروب من الجهة الثانية فوقع ضمن الطوق. 

أثناء وجودي على الحاجز جاءت والدته ووالده وهم يبكون ويقولون: لا يوجد شيء عليه. فدخلت، وتحدثت مع قائد الكتيبة وأعطيته مواصفات الشاب، وفي النهاية أحضروه وأعدناه من المخابرات الجوية، ولكنهم كانوا قد عذبوه بالكهرباء في مناطق حساسة من جسده، وذهب هذا الشاب إلى منزله، وبعدها طلب مني أهله وقالوا لي: تعال وانظر ماذا فعلوا به.  وفعلًا اتضح بأنهم قد ضربوه بالعصا الكهربائية مباشرة، وتبين في النهاية أنه لا يوجد عليه شيء، ولم يشترك في أي شيء نهائيًا ولكن هذا كان نوعًا من التخويف ونشر الرعب بين للناس.

هناك منطقة في الغوطة-لم أعد أذكر اسمها- تم اقتحامها أظن أنها مديرة، وحصل حرق للمنازل وسرقات واعتداء بالضرب على النساء؛ لأن أغلب الشباب والرجال هربوا، وحصلت الكثير من السرقات والكثير من الحرق بطريقة شنيعة جدًا.

كان هناك حاجز بين المعضمية والسومرية، وكان عناصر الحاجز يقومون بإنزال الناس من السيارات ويضربونهم، يعني مَن كان حوله شكوك أو لديه لحية، وأحيانًا ينزعون الحجاب عن النساء، وهذا الحاجز كان وسخًا جدًا وسيئًا إلى أبعد الحدود، كان عندي صديق في المعضمية، وكان يُصلح السيارات(كهرباء السيارات)، وأثناء ذهابي من المساكن إلى الفوج مررت بهذا الشخص حتى يصلح سيارتي، وطبعًا سيارتي لا يوجد فيها شيء، ولكنه اتصل معي، وقال: أريد رؤيتك يا أبا أحمد. فذهبت إليه وأوقفت السيارة عنده، وهو بدأ يتظاهر بإصلاح سيارتي وأنا بجانبه؛ لأنه كان يوجد الكثير من السيارات، وكانت أغلب السيارات التي تأتيه هي سيارات عسكرية فقال لي: ادخل إلى المحل لتغسل في الداخل. وكان هناك محله ثم المدخل والبيت وأنا دخلت كي أغسل في المحل فقال لي: لا، المغسلة في الداخل. فدخلت كي أغسل ودخل خلفي، وأغلق الباب، وقال: أنت من دير الزور وناصر العبد الله من دير الزور؟ فقلت له: من هو ناصر العبد الله؟ فقال: العقيد ناصر العبد الله لديه سيارة نوع "بيجو" لونها خمري. فقلت له: نعم هذا أبو محمد، ماذا به؟. فقال: حاجزه الذي وضعه هنا بين المعضمية والسومرية هلكنا(أتعبنا كثيرًا) يعتدي على الرجال، وينزع حجاب النساء، ويؤذي، ويسرق المال والذهب من الناس، وتأتي مداهمات إلى المعضمية. فقلت له: تمهل يا أخي، وما هي علاقة ناصر العبد الله بالموضوع؟ فقال: أليس هو قائد كتيبة في الفوج؟ فقلت له: لا، ناصر العبد الله ليس قائد كتيبة، ناصر العبد الله اختصاصه شؤون فنية، وهو رئيس قسم، وتم نقله من تاريخ 1 كانون الثاني/ يناير 2011 إلى الفرقة التاسعة، وليست له علاقة بكل هذا الأمر، فقال: إن عناصر الحاجز هم الذين يحدثوننا ويقولون: نحن ليس في يدنا شيء، وهكذا هي تعليمات قائد الكتيبة العقيد ناصر العبد الله. فقلت له: إنهم يكذبون، وأنا أعرف ناصر العبد الله، وهذا الشخص اختصاصه شؤون فنية، وهو ليس قائد كتيبة، وهذا الشخص تم نقله وقبل الثورة بثلاثة أشهر إلى الفرقة التاسعة، ثم إن هذا الرجل أخلاقه جيدة ومحترم وثوري.

هم كانوا يحاولون أن يضعوا أي شيء سيئ أو جريمة على مسؤولية أحد الضباط السنة بصراحة وبوضوح.  

طبعًا أثناء حصول المظاهرات في المعضمية وداريا كانت هناك بنات يخرجن من السومرية، ويذهبن، ويشاركن بالمظاهرات، ويصورن، وفي نهاية المظاهرات يأتين إلى باب فوجنا، وأنا رأيتهن مع قائد الفوج وفي غرفة على باب الفوج، ويعطين هذه المقاطع وكل شيء يصورنه لقائد الفوج، ويوجد أيضًا شباب من السومرية، يعني الذي اتضح في ذلك الوقت أن الكبير والصغير والذكور والإناث جميعهم تحولوا إلى أمنيين، ويعملون ضد الثورة، بالإضافة إلى أنهم كانوا يأخذون المعتقلين، وانتشرت حواجز في المعضمية وداريا وبين المعضمية وداريا، وكانوا يحضرون المعتقلين والقتلى إلى فرع المخابرات الجوية، وهم من الفرقة الرابعة، يعني أحضروا أحد المعتقلين وبسبب كثرة ضربة على الحاجز وبعدها رموه في صندوق السيارة العسكرية "زيل"، وعندما أنزلوه من السيارة فتحوا صندوق السيارة وأمسكوه من قدميه، وسحبوه فوقع على الأرض، وأيضًا استمروا بسحبه حتى داخل الفرع على الدرج ورأسه يرتطم بالأرض، ومن أحضره هو ضابط نقيب اسمه ويليم أحمد فقلت له: ما هذا؟ فقال: هذه ذبيحة يا معلم.

أنا لم أرَ ضباطًا إيرانيين بعيني، ولكن المعلومات التي كانت عندنا أنه كان في قيادة الفرقة وفي المخابرات الجوية إيرانيون، ولكن هل كانوا ضباطًا أم صف ضباط أم خبراء؟[لا أعرف] ولكن كانوا يسمونهم خبراء إيرانيين، ولكنني لم أشاهدهم بعيني.

طبعًا من بداية الربيع العربي وانطلاق الربيع العربي أصبح هناك حس أمني عندهم وأنه يمكن للخطر أن يأتي باتجاههم ويداهمهم، ولكنهم كانوا يقولون بطريقة: نحن لا يحصل عندنا هذا الأمر، والقيادة عندنا حكيمة، وتوجد سيطرة على كل شيء، ولا أحد يمكنه التأثير علينا. ولكنهم عندما يتحدثون بهذا الكلام بدون أن يكون هناك مبرر فهذا يدل على أنهم كانوا متخوفين من هذا الموضوع، وفعلًا بدأت الشكوك أو المراقبة، ونحن كنا نشعر بهذا الموضوع، وكنا في أغلب الأحيان لا يمكن أن يجتمع شخصان أو ثلاثة أشخاص من الضباط السنة ونسهر إلا ويكون شخص من الطرف الثاني موجودًا، وبعد فترة أصبح بعض الضباط عندما يتحدثون معنا يعني يتحدث بطريقة ويقول: هذا الشيء الذي يحصل كله خطأ. يعني هو كان يستبق الأحداث، وكان هذا واضحًا تمامًا، ومنهم من كان متهورًا أهبل ويتحدث بوضوح، يعني أحيانًا نجتمع عدة أشخاص ويكون بيننا ضابط مسيحي ثم يخرج فيبدأ هذا الشخص بالحديث عن هذا الضابط المسيحي وأن المسيحيين كذا وكذا، وإذا خرج الدرزي أيضًا يتحدثون عنه، ونحن عندما نخرج نحن نعرف أيضًا أنه سيتم الحديث علينا، فكانت الطائفية واضحة، علمًا أنه في بعض الأحيان كانوا من الأعلى يقومون  بضربات معينة، يعني أننا لا نسمح بهذا الموضوع، ولكن في الحقيقة هذا الموضوع يحصل. 

تحصل انشقاقات للعسكريين من الفوج، وعندما كانت تحصل انشقاقات كانت تحصل فيأخذ القائد للتحقيق، ويرفع تقريرًا، وماذا حصل؟ ولماذا؟ وأين يتواجد؟ ومن أقرباؤه؟ ومع من كان يجتمع؟ يعني عندما يحصل انشقاق تحدث ضجة، يعني نحن من كتيبتنا انشق ضابط برتبة نقيب من حمص اختصاصه إشارة اسمه محمد بكار، فحصلت ضجة كبيرة وتحقيق بهذا الموضوع، ووقعت كارثة، وبعد عدة أيام قالوا: إنه تم إلقاء القبض عليه وقتله، ولكننا لم نعرف إذا كان بالفعل قد تم إلقاء القبض عليه وقُتل، ونحن لم نعد نعرف عنه شيئًا نهائيًا.

في 2 آب/ أغسطس اقتحمنا الزبداني، وبقينا ثلاثة أيام في 2 آب/أغسطس و3 آب/أغسطس و4 آب/أغسطس، وحصلت بعض المشاكل في الزبداني، وصار هناك قتل، وكان حزب الله مشتركين بها من جبال الزبداني، في5 آب/ أغسطس نحن رجعنا طبعًا وفي نهاية 4 آب/ أغسطس رجعنا، وفي5 آب/أغسطس داهموا منزل أهلي في دير الزور، كانوا يريدون أخي يحيى، كان موجودًا هناك، وكان هو الأصغر بيننا، وكان يشترك في المظاهرات وضرب دورية للنظام، وحاولت الدفاع عن الموقف[وقلت لهم]: كيف أنا أعمل مع الزبداني معكم وأنتم تداهمون المنزل؟! فطلبني قائد الفوج وقال لي: الذي حصل بسبب أخيك، وأخوك أزعر، ويفتعل المشاكل، ويخرج في المظاهرات، وضرب دورية، وهو فعلًا حدث هذا الموضوع.

في إحدى المرات كان يدور حديث بيني وبين شخص من دورتي اسمه نزار ديب وهو من القرداحة، وكنت أقول له: يا أخي هذه مشكلة كبيرة إذا كنا سنواجه الناس المدنيين بالسلاح فهذه مشكلة، وهذا الشعب سوف يتسلح. فقال: يا أخي، حتى لا يؤلمك رأسك كثيرًا بهذه الأمور هذا الموضوع تريده روسيا، وروسيا تريد الدم على الأرض، وروسيا تطالب بدم على الأرض، وطبعًا أهل هذا الضابط من مجلس شيوخ العلويين، وهنا أيضًا تحصل مباحثات لها أهمية، وهو يتحدث من هذا المنطلق.

في إحدى المرات نحن في المخابرات الجوية في مطار المزة كنا موجودين نحن الفرقة الرابعة، وحتى الحرس الجمهوري كان موجودًا هناك، ويوجد أيضًا عناصر من الدفاع الجوي من القوى الجوية موجودين، يعني قادة كتائب ورؤساء أقسام وقادة سرايا، وبدأ الجامع يؤذن في المعضمية، فجاء قائد كتيبة من الحرس الجمهوري، وبدأ يكفر، ويشتم على المؤذن، ويقول:هذا الذي يصدر صوتًا... وقال عنه: إنه يشنهق (ينهق) وانزعج كثيرًا وقال: يجب علينا إحضار الباصات وأن نضعها على أبواب المسجد وجميع الموجودين في المسجد نضعهم في الباصات، وكل الموجودين في المساجد يصعدون إلى الباصات، ونأخذهم إلى البرية، ونذبحهم، وننتهي من الموضوع وبغير ذلك لن ننتهي، وبغير ذلك ستتفاقم المشكلة أكثر. وأنا بلاشعور ناقشته وتكلمت معه وقلت له: نحن عندما نفعل ذلك نفرض على الشعب التسلح وتحصل مواجهة مسلحة بيننا وبين الشعب، ونحن سوف نقع في مشكلة أكبر، يعني إذا قُتل من الجيش فهم أهلنا وإذا قُتل من الشعب فهم أهلنا، وما هي الفائدة من الموضوع؟ فقال: وما هو الحل؟ وهل نحن سنبقى على هذا الشكل؟ وقال: إنهم يقومون بفوضى غير طبيعية وبطريقهم إلى التسلح. فقلت له: إن الأمر بسيط وإذا خرجوا بمظاهرة يمكننا تطويق هذه المظاهرة، ونسمح لهم بالتظاهر ويقولون ما يريدون ويشتمون لمدة ساعة أو ساعتين أو أربع ساعات وسيتعبون، ثم يذهبون إلى منازلهم، وننتهي من الموضوع. يعني هو يظن أنه إذا استخدم السلاح فإنهم لن يستخدموا السلاح لا بل سوف يستخدمون السلاح وسوف يدافعون عن أنفسهم. 

وهذا الحديث انتقل إلى مكتب الأمن إلى مكتب أمن الفرقة الرابعة، ويوجد في مكتب الأمن ضابط من دورتي اسمه حسين مريشة، وهو تحدث مع ضباط من الشرطة العسكرية أيضًا من دورتي (رامي إسماعيل وسامر محمد) وقال لهم: أرسلوا خبرًا إلى مهند بأنه لا يوجد داع للمناقشة أو أن يتحدث بشيء، ولا يظهر من كلامه بأنه يوجد اعتراض، ولا يجب أن يتكلم أبدًا؛ لأنه كان بيني وبينهم احترام، وهم يعرفون بأنني لست سهلًا، فأرسلوا لي ضابطًا من دير الزور اسمه عمر طراد وهو جاءني، وكانت عندي مداهمة في المعضمية، وجاء إليّ وسلم عليّ، وأنا كنت منفعلًا جدًا فقلت له: أهلًا وسهلًا. فقال: يا سيدي يسلم عليك سامر ورامي وحسين ويقولون لك: ماذا حصل من حديث في مطار المزة مع الضباط الموجودين؟ وقال: لا يجب أن تتحدث بشيء وعليك السكوت، ولا يوجد داع لتعرض نفسك لأي شيء نهائيًا، ونحن لا نريد خسارتك وما يشبه هذا الكلام. فقلت له: اذهب، وأنا أعرف ماذا أفعل. وأنا أذكر في ذلك الوقت أنه كان هناك ضابط نقيب سني موجود معنا وبسبب خوفه من الموقف وقف إلى جانبهم، وبدأ يتحدث معهم ضدي، ولكنني أعرف أنه ليس كذلك، ولكنه بسبب الخوف من الموقف.

عندما عدنا إلى الفوج جاء هذا النقيب إلى ضابط وهو نقيب عندي أيضًا اسمه جمال، وقال له: ما هذا المقدم مهند؟ وهو يتحدث كذا وكذا ألا يخاف على نفسه؟ وقال له: أنا بدأت أتكلم ضده خوفًا على نفسي. والهدف من هذه القصة هو أن حساسية الطائفية كانت واضحة جدًا ومخيفة لنا كثيرًا.

شراسة الحملات الأمنية والعسكرية، والتنافر بين الضباط السنة والعلويين

طبعًا أنا سوف أسرد أحداثًا حصلت معي، ولكن قد يكون هناك حدث يسبق حدثًا آخر، ولكن يوجد أمور يجب توضيحها.

طبعًا بقينا لفترة ونحن نذهب إلى فرع المخابرات الجوية في مطار المزة والعمل على داريا والمعضمية، وبعدها بدأت تخرج مظاهرات ليلية والذي يفصل الفوج عن المعضمية هو شارع الأوتوستراد، يعني لا توجد مسافة أو مساحة كبيرة بينهما، وفي إحدى المرات ذهبنا ليلًا، وانتشرنا في المعضمية، وحصل إطلاق نار من قبل الجيش وترويع للمدنيين وتخويفهم حتى يدخلوا إلى منازلهم، ويوجد منازل تمت مداهمتها والاعتداء عليهم بالضرب والاعتقال، وأنشأنا حواجز في المعضمية، وقطعنا الطريق بين المعضمية وداريا، ثم عدنا في الليل إلى المعسكر، وفي اليوم الثاني صباحًا طلبني قائد الفوج، وأوكل لنا مهمة، وقسمنا الكتيبة إلى قسمين: قسم مع قائد الكتيبة ذهب باتجاه برزة، وقسم معي ذهبنا باتجاه المعضمية، وكان رئيس فرع المخابرات الجوية موجودًا في المعضمية، وكانوا يقومون بمداهمة على أساس أن هناك أوكارًا للإرهابيين والمسلحين، وطبعًا المعضمية لم يكن فيها حركة نهائيًا ولا يوجد فيها إلا المخابرات الجوية، وأوهمونا بموضوع أنه أنت لا يمكنك التنقل إلا بسيارة أو مدرعة؛ لأن هناك مسلحين موجودين في المعضمية، وأعود وأقول لك:  أعرف أن هذا الكلام كذب؛ لأنني كنت أتردد إلى المعضمية إلى أشخاص وأعرفهم، ولم يكن هناك مسلحون بدليل أنه كان عندي سيارتان ممتلئتان بالمقاتلين، وتوقفت في مكان، ونزلت ومشيت حوالي 600 متر حتى وصلت إلى رئيس فرع المخابرات الجوية، وقائد الفوج هو وقائد سرية المقر خلفي في سيارة، وقال قائد الفوج لقائد سرية المقر: انظر إلى هذا المجنون كيف ذهب وهو يمشي بهذا الشكل على الطريق! وقد يتم قنصه من قبل أهالي المعضمية. ولكنني كنت أمشي بأريحية بصراحة، ولم يكن هناك قناصون ولا سلاح وكل السلاح الموجود والقناصات كانت لدى الجيش والأمن ثم وصلت إلى هناك، وحتى إن رئيس الفرع كان مندهشًا ويقول: كيف جئت مشيًا؟! فقلت له: هذه السيارات لا يمكنها الدخول من هذه الطرقات لأنها ضيقة. فأوكل إلي مهمة تمشيط البساتين في المعضمية، وكان معي أيضًا ضابط من المخابرات الجوية أعتقد أن اسمه قصي، وذهبنا أنا وقصي لتمشيط البساتين للبحث عن المسلحين(أشخاص تحمل أسلحة)، ومشينا في البساتين، وكانت هناك منازل في هذه البساتين تمت مداهمتها وتخويف ساكنيها بدليل أن أحد المنازل وجدوا فيه سكاكين صغيرة بشكل معوج مثل الخناجر الصغيرة، واعتبروا أنها أسلحة خطيرة، ولكنني تدخلت، وقلت لهم: نحن لا نبحث عن هذه الأمور، ونحن نبحث عن السلاح الناري، وحتى إن أصحاب المنازل كانوا قد هربوا، ولم يكن هناك إلا النساء والأطفال، وأنا كنت أحاول تخفيف خوف الأطفال والنساء وطمأنتهم.

يوجد فيلا تم اقتحامها، ووجدنا فيها أسلحة صيد، وهذه الفيلا كانت لشخص منهم من قياداتهم، وكان لديه فيلا في البساتين ولديه بستان، وبعدها عُرف أنها فيلا فلان مثل: شاليش وغيره من هذه النوعية، ولكن الأسلحة صارت في الفوج ولم يعيدوها له.

بعدها ذهبنا إلى الكسوة للمداهمة هناك، وكان مقر قيادتنا في بلدية الكسوة، فطبعًا في بناء البلدية يوجد قائد الفوج والمخابرات الجوية والأمن العسكري، وتوجد لوائح أسماء من أهل الكسوة يتم اعتقالهم ومداهمتهم وتوقيفهم.

الذي لفت انتباهي أنه كان يوجد في البلدية ازدحام كبير، وأنا كنت أريد الدخول إلى المقر حتى أرى قائد الفوج، ويوجد أشخاص بنفس الوقت يخرجون وبتدافع ليصل الشخص، ويوجد ازدحام شديد، فقال لي أحد الأشخاص: كيف حالك يا معلمنا يا تاج رأسنا؟ وسألني: هل أنت هنا؟ وأنا أعرف هذا الشخص وهو شخص علوي، ولكنني أعرف بأنه مدني، ولديه بقالية على أوتوستراد المعضمية حيث يسكنون، فسألته: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فقال: نحن نعمل معكم. فقلت له: أنت مدني. وسألته: هل أنت عسكري؟ فقال: لا أنا مدني. ويبدو أنه كان يعمل في هذه الجمعيات أو المنظمات التي يسمونها المرتضى أو البستان وقال: أنا ويوجد معي تقريبًا 30 أو 40 شابًا من جماعتهم يعملون في هذا الموضوع.

أنا لم أرَ حدوث عمليات قتل، ولكن السحل والضرب والاعتقال وحرق المنازل هذا موجود، وهذا حصل في مداهمة الكسوة.

بعدها بدأنا العمل في جسرين وفي الغوطة، وأصبحنا نعمل مع المخابرات الجوية التابعة لحرستا، وكان رئيس الفرع محمد رحمون في فرع حرستا، ونحن انتشرنا هناك في الغوطة، وبقينا لفترة طويلة في الغوطة منتشرين، وكنت موجودًا في جسرين، وهناك كان عندي حاجز، ويوجد عدة حواجز أخرى، ولكن حاجزي الرئيسي على تقاطع جسرين المليحة الطريق الذي يؤدي إلى المليحة، وكان يوم جمعة، وجاءني ضابط عقيد في المخابرات الجوية اسمه أحمد علي وقال: يا مهند الآن سيخرج هؤلاء في مظاهرة-وكان يسبهم- وسوف يخرجون من المسجد الذي حارته مقابل الحاجز، وبجانب الحاجز توجد الحارة، وداخل الحارة وعلى اليسار يوجد الجامع، سيخرجون من هنا في مظاهرة، وقد يأتون باتجاهك. فقلت له: أنا جاهز لا مشكلة. فقال: لا، والآن ستأتي ثلاث سيارات "بيك أب" من جهة الغوطة، ويوجد فيها مدنيون، وسوف يمرون بسرعة، وسوف يطلقون النار نحو المتظاهرين، ويكملون طريقهم، وأنت يجب أن تنتبه على مقاتليك بألا يطلقوا النار على هذه السيارات لأنها تابعة لنا. يعني هو يريد إطلاق النار على المظاهرة، ويدعي أن من أطلق النار مدنيون مسلحون وأنهم جاؤوا من مكان آخر، وهو تحدث معي بهذا الأمر تقريبًا في الساعة 00: 11، وأنا كنت موجودًا في أحد مكتب للسيارات والعقارات، وأثناء وجودي في المكتب يوجد شخص طلبته من أهل المنطقة ولا أريد ذكر اسمه، وأبلغته، وهذا الشخص جاء بسيارته، وهو يثق بي كثيرًا، وكان يخاف عليّ كثيرًا عندما رآني كيف أعمل معه، وقلت له: ستذهب بطريقة أو بأخرى، ولا تذهب أنت شخصيًا إلى المسجد، ترسل شخصًا أو تذهب أنت المهم أن يكون الوضع آمنًا مئة بالمئة، وتخبرهم ألا يخرجوا في مظاهرة وعدم القدوم بهذا الاتجاه؛ لأنه سيتم إطلاق النار عليهم، وأبلغته إذا أراد الناس الخروج من المسجد فإن الغالبية العظمى يخرجون من الجهة الثانية للمسجد وعدم قدوم أي شخص باتجاه هذا الحاجز؛ لأنه توجد تعليمات بأنه ستحصل الآن مظاهرة ويحدث قتل، وهناك من أوصل معلومات، فقال: حسنًا. وقلت له: لا تذهب من هنا إلى المسجد، واذهب بعكس الاتجاه واذهب من طرقات أخرى. وفعلًا ذهب والتف وأبلغ الإمام بما يجري، وهناك معلومات قد وصلت...، وقد جهزوا لكم كمينًا. وتحدث الإمام مع أشخاص موجودين في المسجد، وأمرهم بعدم الذهاب إلى الحاجز، ويجب على الجميع أن يذهبوا إلى منازلهم من الجهة الثانية، وطبعًا هم كانوا قد أحضروا الإذاعة والتلفزيون وكانوا قد وضعوها على زاوية عند مفترق الطرق على بناء عال ويقومون بتصوير مدخل الحارة التي يوجد فيها المسجد وما سيحدث.

طبعًا انتهت الصلاة، وخرج الناس، ولم يأت أحد من هذا الطريق، وطلب مني إعادة عناصري إلى الخلف، ولا يجب على عناصري أن يظهروا، وأنا أبعدت عناصري عن المفرق حتى لا يظهروا في التصوير وفي العملية.

لم يخرج المصلون من جهة الحاجز، وإنما خرجوا من الجهة الثانية، وذهبوا بشكل إفرادي، ولكن خرج شخصان أو ثلاثة من جهة الحاجز وبين الشخص والآخر تقريبًا أكثر من20مترًا أو 30 مترًا، ومباشرة لتلافي الموقف نزل العاملون في الإذاعة والتلفزيون وأجروا لقاء معهم، وسألوهم عن الوضع هنا ؟ كأنه لا يوجد شيء. والمصلون قالوا:الوضع آمن بسبب وجود الأمن والجيش، ولا توجد عندنا أي مشكلة، ولا يوجد مسلحون والوضع آمن مئة بالمئة. يعني انقلب الموقف من حالة كان يمكن أن يحصل فيها إجرام وقتل إلى حالة أن الوضع آمن والوضع جيد.

في إحدى المرات الشخص نفسه وكنا نريد مداهمة الغوطة الساعة 4:00 صباحًا، وفي الليل كانوا قد وزعوا لنا أسماء المطلوبين فاتصلت مع نفس الشخص، والتقيت به، وأعطيته أسماء المطلوبين، وقلت له: نحن في الساعة 4:00 صباحًا سوف نكون موجودين هنا. ولكنه خاف أن يأخذ الأوراق التي يوجد فيها أسماء المطلوبين؛ لأنه كان يوجد تقريبًا 30 أو 40 ورقة مُدرج فيها الأسماء، وكل ورقة يوجد فيها 25 أو 30 اسمًا تقريبًا، وهو خاف من أخذها فقلت له: خذها وهي ليست النسخة الأصلية، وإنما نسخة تم تصويرها كنت قد صورتها وطويتها وأرسلتها. 

فعلًا جئنا في اليوم الثاني، وداهمنا الغوطة، واقتحمناها، وكان الغالبية العظمى من المطلوبين قد خرجوا من الغوطة. داهمنا حرستا ودوما وكفر بطنا وربما شبعا وجسرين وحتى المليحة-المناطق هناك متداخلة ومتفاوتة- ومديرة، وكان عندنا حاجز في مديرة، وهذا الحاجز حُوصر من قبل الثوار، نحن نقول عنهم: مسلحون. وذهبنا من أجل فك الحصار عن الحاجز، وحصل هناك حرق للمنازل وتكسير وإطلاق النار على الناس من نوافذ المنازل، وحصلت إصابات من الطرف الثاني من الثوار ذهبوا وأسعفوهم باتجاه مستشفى، أظن أن اسمه مستشفى النور، وجاء قائد الفوج، وأخذ قوة، وأنا كنت موجودًا، وذهبنا إلى المستشفى، وتم سحل المصابين والجرحى الذين وضعوا لهم أجهزة "سيروم" وكانوا يعالجونهم، وحتى إنه كان يوجد أشخاص اختبأوا في الخزن، وكان عناصر الأمن يقومون بسحب أجهزة "السيروم" عن المصابين ويسحلونهم كان إجرامًا بشكل فظيع جدًا، وحدث اعتداء أيضًا على الطاقم الطبي والممرضين الموجودين، يعني عندما خرجوا  من المستشفى كان مدمرًا، وتعرض الطاقم الطبي والممرضين لضرب بشكل كبير.

أنا لا أتذكر أسماء أيام الجمعة؛ لأنه بعد انشقاقي حصل معي شيء ينسيني كل شيء.

ممارسات نظام الأسد الإجرامية اتجاه معرة النعمان-1

معلومات الشهادة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

ممارسات النظام الإجرامية

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة

حال العسكريون المجندون على حواجز النظام

شراسة الحملات الأمنية والعسكرية، والتنافر بين الضباط السنة والعلويين

تسريب أسماء المطلوبين قبل المداهمات والتعاون مع الثوار

ممارسات نظام الأسد الإجرامية اتجاه معرة النعمان-1