كانت مظاهرة درعا ونتائجها في 18 (آذار/ مارس) [2011] الواقعة التي علَّقت الجرس في عنق الذئب، وأدَّت التضحيات التي قُدِّمت في ذلك اليوم إلى تعاطف من كل أنحاء حوران مع درعا: من نوى، وجاسم، والصنمين، وكل الأنحاء، وخاصةً في اليوم التالي في 19 (آذار/ مارس) حين كان هناك تشييع للشهداء. وفي ذلك اليوم أيضًا كانت هناك مظاهرة كبيرة، والنظام استخدم نفس إيقاع العنف ودرجته، وسقط العديد من الشهداء، مما استدعى مباشرًة تعاطف المحافظات السورية الأخرى، وظهرت أصوات درعا في حمص، وبانياس، واللاذقية، وفي مدن ريف دمشق، وعنوانها الأساسي: تضامن مع درعا. ولكنَّها أيضًا تعيد نفس الهتافات والأهداف التي تردّدت في درعا المتعلقة بالحرية والكرامة أساسًا.

 في حمص لا يمكن أن ينسى السوريون ذلك المنظر الفذّ حين صعد شاب اسمه خضر [الحمصي] على واجهة نادي الضباط في حمص، ورأى أمامه لافتة عنوانها: "نادي الضباط" وعليها صورة حافظ الأسد، وكيف بقي ينهال عليها ضربًا بقدمه، والناس يشاهدون ذلك على التلفزيون، ويقولون: "لتسلم قدمه"، فهم غير مصدقين أن ذلك يحصل في سورية والآن وبهذا الشكل. وكان المشهد يقول: إنَّ سقوط النظام أصبح حتميًا، والذي لم يكن أحد يصدقه، فلا النظام كان يصدق أن يحصل وكذلك معظم السوريين لم يكونوا مصدقين أن ذلك قد يحصل، ولكنه حصل فعلًا. وفيما بعد حمص بأحيائها الشعبية: باب دريب، الخالدية التي أخرجت الأبطال والمظاهرات والاعتصامات فيها، ومن ينسى عبد الباسط الساروت في الخالدية، والذين استمروا أشهرًا عديدة في الأحياء القديمة والاعتصامات الكبرى، وكان أكبر اعتصام في ساحة الساعة. وفي اللاذقية أيضًا، بدأت المظاهرات وكل هذا النشاط كان في 25 (آذار/ مارس)، وهو التلبية المباشرة والسريعة لوقائع درعا، وفي25 (آذار/ مارس) قامت أيضًا المظاهرات في اللاذقية من الأحياء الشعبية في جنوب المدينة (الصليبة والطابيات)، وتجمّعوا في ساحة الشيخ ضاهر، وهي الساحة الأساسية في المدينة، وبالتالي كانت المفاجأة الكبيرة أنَّ اللاذقية التي يعتبرها النظام حصنه والتي يمارس فيها كل أنواع البشاعات والاستغلال ضد السوريين استجابت لنداء الثورة منذ الأيام الأولى. 

وكان نصيبي أن أشارك في هذه الأحداث في ريف دمشق، وريف دمشق لبَّى درعا بشكل مباشر بدءًا من 25 (آذار/ مارس) في المعضمية وداريا والزبداني ووادي بردى والكسوة ودوما، ودوما هي مركز محافظة ريف دمشق. المشاركات بدأت لأن أمام أي تظاهرة هناك الشهداء، وبدأت لإحياء ذكرى الشهداء وتأبينهم، واستمر ذلك لعدة أيام في هذه المدن، وأصبحت العادة أن تتجمّع الوفود وننطلق من مدينة إلى أخرى. وكنا في قطنا، أنا والشباب الآخرين، ننتظر أمام مسجد الغلاييني لينتهي الشباب من صلاة العشاء، ونذهب معًا، نذهب بوفد كامل إلى المناطق الأخرى حيث الشهداء وحيث تكون فعاليات الثورة.