الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

بداية المقاومة الشعبية وصولاً لطرد قوات النظام من الغوطة الشرقية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:40:13

 كان الجيش يتقدّم، والبلدة التي لجأنا إليها البارحة سقطت [في يد النظام] اليوم، وعلينا أن نذهب للبلدة التي بعدها، وهذا ما حدث. وبعدها انتقلنا في طرق لا نعرفها، فإذا أردنا الذهاب لمنطقة، وأردنا إيجاد طريق نصل به إلى [منطقة] المرج، كيف يكون ذلك؟ نريد شخصًا خبيرًا بهذه الطرقات، وهل توجد فيها حواجز للنظام أم لا؟ وفي النهاية، توصلت لحل، حيث ذهبت ومعي شخصان، واخترنا طريقًا إلى عدرا، وبعد عدرا كان أحدهما يعرف طريقًا باتجاه المرج، وأكملنا الطريق. وأذكر في يومها كيف أن الله سبحانه وتعالى يهيئ صدفًا، فعندما كنا نمشي وفي لحظة معينة، توقف، وسأل، وأكملنا طريقنا في السيارة، وإذا بدراجة نارية خلفنا، وكان يزمر فتوقفنا، وقال: من أين الشباب؟ وقلنا له: من أنت؟ قال: باختصار إذا أكملت سيرك في هذا الطريق فبعد كيلو متر واحد ستجد حاجزًا طيارًا فانتبهوا. وقلنا له: زادك الله من خيره. كنا سنذهب إلى هناك، والحمد الله أن ربنا يسر لنا أمرنا، ووصلنا الى المرج، وفي المرج، بدأنا نبحث عن ناسنا وأهلنا من المناطق التي سقطت، ونهنئ بعضنا بالسلامة.

وكان جزء من الناس قد بقي هناك، وجزء انتقل إلى مناطق ثانية أكثر أمنًا واستقرارًا للعائلات، وقلنا: بما أنه لا يوجد هنا جيش فلا نريد ترك البلد ولا نريد ترك الغوطة، وفي نفس الوقت، يجب أنه تكون لدينا إجراءاتنا الأمنية التي تحفظنا وتحفظ كل الكادر الذي يعمل.

 وأذكر من بين الأمور التي أقول عنها اليوم "طيشًا" بعد التفكير بها، أنه بعد اقتحام الجيش ودخوله للبلد وفي نفس الليلة، ومن طرق فرعية مخفية ومن داخل البلدات والحارات، رجعنا إلى إحدى الحارات في البلد، وأكلنا الفول النابت وعدنا كنوع من التحدي بأننا الحمدالله لدينا قدرة الدخول والخروج من البلد.

طبعًا، عند وجود الجيش قام بنصب الحواجز على مداخل البلدات والساحات والأبنية العالية، وأذكر من بين الإصابات إصابات القناصة، وأنا أستغرب من هذا القناص الذي يرى بالمنظار كل بقعة من جسم الهدف، هل من المعقول أنه لم يشاهد أن هذه حامل أو هذه امرأة أو هذا طفل؟ كنا نشاهد كثيرًا إصابات قناصة من هذا النوع، وكنا في وقتها نقول: من المستحيل ومن غير المعقول أن يكون هذا القناص لديه أي انتماء وطني، فقد لا يكون سوريًا في الأصل.

ملاحظاتنا هذه كانت كلها في فترة اقتحام الجيش، حيث يوجد شيء غريب يحدث، وهي قفزة جديدة في التصعيد والقمع وطريقة القمع.

عندها رجعنا، وأصبحت خطة عملنا للمرحلة القادمة هي أنه لا يكفي التخفي ولا يكفي الاسم الوهمي، ولا يكفي خط الهاتف المحروق (الذي يستخدم لأنشطة الثورة) ويلزمنا أن يكون لدينا دائمًا طريقة رصد للطرقات التي بإمكاننا الدخول والخروج منها، ونتحاشى فيها الحواجز، تلك التي كنا نسميها الزواريب (الطرق الفرعية).

 أذكر أنني خلال كل هذه السنة كنت أذهب وأعود وأتنقل بين دمشق وبين [الغوطة]، وأحيانًا كنت ألتقي بأشخاص وأحضر بعض المواد الطبية، و[حول] طريقة تهريبها كانت هناك قصص، مثلًا: كنت أتصل بشخص، ونكون متفقين على شيفرة طريقة اللقاء وفي أي وقت، فأكون قد أتيت، وقطعت المحلق، وهو ينتظرني في سيارة "بيك أب"، فألفّ [الكوفية على رأسي] وأركب في الخلف بين الأغراض على أساس أنه معلم تمديدات صحية وأنا أعمل معه، وأجلس في الخلف، ويدخل من خلال الحارات بين عين ترما، فأجد نفسي في حزة، ثم أجد نفسي في البلد، فأقول له: حسنًا فعلت!

فكانت هذه الطرق التي نتنقل وندخل ونخرج منها، وفي نفس الوقت بعد دخول الجيش، أصبحنا داخل دمشق، فأنا مثلًا: تربيت في دمشق وعيادتي في دمشق، وأغلب وسطي الاجتماعي في دمشق، ولكنني أصبحت شخصًا مطاردًا مطلوبًا، ولا أريد أن أضرّ الناس التي لها علاقة بي، وفي نفس الوقت يجب أن نجد ملاذًا، وكانت تسيطر علينا فكرة أنه لا يجب أن نجلس في مكان واحد لفترة طويلة، والتنقل في الشام أيضًا بحيث نتجنب الحواجز؛ لأننا في وقتها بدأنا نسمع باللوائح التي تُعمّم على كل الحواجز من أجل الاعتقال، وأحيانًا يعتقلون بسبب [تشابه] الكنية أو الاسم.

أذكر في إحدى المرات في شارع بغداد، حيث كانت عيادتي هناك في شارع بغداد، وكنت قد التقيت بأشخاص وكنا قد تعرفنا على "السكايب" من أجل إحضار جهاز سحب مفرزات والقليل من المواد الطبية، واتفقنا أن نلتقي عند إشارة المرور، ووصفنا لباسنا ونوع السيارة، وكان يمشي معي صديق أمامي، كنا متفقين على أن يمشي أمامي بمسافة 100 متر، بحيث إذا لاحظ أي أمر يقوم بإنارة "الفلاشر"، فأقوم أنا بالدخول في إحدى الحارات، هكذا كان الاتفاق بيني وبين صديقي. وفي وقتها، وصلنا إلى إشارة المرور عند جامع الفاروق بالقزازين، وإذا بحاجز طيار موجود هناك، وقام صديقي بتشغيل "الفلاشر"، ولكن كنا قد وقعنا؛ لأنه لا يوجد أي حارات في اليمين أو اليسار، وكانت سيارتي مليئة بالمواد الطبية لإدخالها للغوطة من خلال الزواريب (الطرق الفرعية). وعندها كان هناك شخص بجانبي، فقلت له: أنت انزل، وأنا تورطت على كل حال. فقال: والله، لن أتركك، جئنا سوية ونرجع سوية. حاولت إقناعه ولم يقبل، وفي وقتها، كان الحاجز يُوقف السيارات، ويطلب أوراق السيارة، ويفتشونها، وبالنسبة لي، بمجرد أن نظر إلى داخل السيارة...، وكنت قد وضعت بعض المواد في المقعد الخلفي، فحدثت مشادة كلامية بين الحاجز وأحد الأشخاص، واشتدت زحمة السيارات، فقاموا بترك دفعة من السيارات تمشي، وكنا نحن من بين هذه السيارات التي مرت بفضل الله. سبحان الله! هناك مواقف أذكرها حتى الآن، كنا فيها قريبين كثيرًا من الموت وقريبين كثيرًا من أن نُعتقل ونختفي، ولكن الله سبحانه وتعالى كتب لنا عمرًا، وهذا ما حدث.

عندها بدأنا -بعد احتلال الجيش واقتحامه ونصب الحواجز- نجد ملاذًا، ونتخفى في المناطق وعند الأصدقاء والمعارف، وكان هناك من يقدم تسهيلات لتنقلنا، وندخل للغوطة، وندخل إلى بلدنا أيضًا من الزواريب (الطرق الفرعية) وبطريقة التخفي. وطبعًا، دام احتلال الجيش للمنطقة أشهرًا، وكانت الكتائب المعارضة قد تنامت، وبدأت تقوم بضربات المقاومة الشعبية، مثلًا: هناك حاجز، فيحدث إطلاق نار عليه ليلًا من دراجة نارية، ومثلًا: كانت هناك ثكنات للجيش منتشرة، وكانت هي عبارة عن محطات للشبيحة الذين يأتون للغوطة للمداهمة أيضًا، فتعرضت لضربات، والحقيقة أن هذه الموجة تصاعدت، وأصبح هناك تحرير بعض الثكنات التي كانت في المرج ومطار مرج السلطان، ثم بدأت تنشأ عند هؤلاء الشباب روح المنافسة بهذه الضربات، وحتى الآن كان المسيطر هو ما أسميه بالمناطقية الإيجابية، فكيف يكون ذلك؟ بمعنى أن الدوامنة ضربوا مكانًا، إذًا نحن يجب أن نضرب مكانً آخر، المجموعة الفلانية حوصرت فتفزع لها مناطق [أخرى]. هذه المناطقية وروح الفزعة هي التي كانت مسيطرة على الناس في عام 2011 ولمرحلة كبيرة من عام 2012، كانت قد صنعت معجزات.

بعد أن بقي الجيش 4 أو 5 شهور، وتحت وقع هذه الضربات التي أتحدث عنها من حركة مقاومة هنا وضرب ثكنة هناك وتحرير نقطة هنا، فجأة انسحب [الجيش] من الغوطة، ووصلنا إلى صيغة الغوطة المحررة، وعندها لم نعد خارجين من القبضة الأمنية فقط، بل خرجنا من العسكرية أيضًا، ولكن كانت هناك مرحلة أخرى تنتظرنا ولها تحدياتها، وخضنا تحدياتها بطريقتنا وبالإمكانيات المتاحة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/07/05

الموضوع الرئیس

اقتحام الغوطة الشرقيةواقع الغوطة الشرقية في العام 2011

كود الشهادة

SMI/OH/52-15/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011/01/01

updatedAt

2024/12/06

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مطار مرج السلطان العسكريمحافظة دمشق-شارع بغدادمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة ريف دمشق-منطقة المرجمحافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الشهادات المرتبطة