مراجعات لأخطاء الماضي في الثورة وملامح سورية المستقبل
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:23:48:08
فقدت كلمة الاستقلال والقرار الوطني معناها ومرتسمها الحقيقي في الدول العربية، استشرى فيها التطرف والعنف والطائفية والإرهاب داخل هذه المجتمعات، تحول الإسلام إلى قضية خلافية بين المسلمين، بعضهم يُحاربه وبعضهم يحارب من أجله والبعض الآخر يُحارب باسمه من أجل مصالح أخرى، ومنهم من يجعله قميص عثمان يحتمي به، وآخرون ينشرون الخوف منه، بلاد الإسلام والبلاد التي حملت الإسلام كرسالة للعالم الآن يبدو الإسلام مشكلتها، هذا الوضع جعل المنطقة بكاملها في حالة توتر وعدم استقرار. في الوضع السوري هناك غياب للسوريين من الجانبين عن الفعل والتأثير في قضايا شعبهم ووطنهم، فلا النظام له دور وحضور في فريقه وحلفائه ولا المعارضة استطاعت أن تحتفظ على موقع التعاطف والدعم الذي أخذته في بداية الثورة، يوجد انعدام كامل للثقة الشعبية بهذه المؤسسات بالمؤسسات التمثيلية الرسمية للثورة، هناك تهتك للنظام ومؤسساته وتردي للأوضاع في مناطق النظام من جميع الجوانب لدرجة أنه لم يعد هناك مؤسسات للدولة حقيقية، صارت المليشيات تُدار بهذه العقلية حتى الحواجز ترفع علم البلد وتضع على الحاجز صورة بشار الأسد لكن تسمع حين تمر شتيمة بشار الأسد على الحاجز نفسه، انعدام للقرار السوري المستقل على الضفتين والقرارات هي للدول الداعمة والراعية والمحتلة.
واضح أنه لا حل عسكري للصراع وهذا قيل بعظمة لسان الدول كليًا، والآن تبين أكثر بعد انتهاء ظاهرة الفصائلية والعمل المسلح المتراجع، لكن لم يُفتح الباب بعد أمام الحل السياسي، يوجد تطاول للمؤثرات العربية بصراعاتها البينية وأزماتها على القضية السورية. السعودية لها دور فيما تفعله في الجزيرة مع العشائر، وقطر ما زالت من خلال تركيا وهي لها دور مع الآخر، المصريون يحاولون، دور الإمارات تبحث في أكثر من مكان حول المواضيع، لدينا هذا التطاول على القضايا السورية في الوقت الذي نجد فيه التبدد السوري حاصل بأقصى مداه. هناك تفشي حالة من الإحباط والتردد وانعدام الثقة وانعدام الجدوى واليأس عند السوريين هذا يشمل السوريين الموجودين في مناطق النظام وفي المناطق الأخرى، وكذلك في بلاد المهجر، بروز لمؤثرات الحاجة الاقتصادية على مختلف المستويات في الداخل والخارج لأن الوضع الاقتصادي في الداخل رديء جدًا، في المناطق المحررة أيضًا يخضع لنفس المعايير، وبدأت تُؤثر على المواقف السياسية للأشخاص في إطار الثورة والمؤسسات أيضاً. هناك تراجع للوضع الإنساني والدعم الإغاثي للاجئين خاصة بعد تفشي وباء كورونا، وغياب للصوت السوري الآخر الوطني الجامع المستقل والمسؤول، صوت لهيئة التنسيق تعرض عليه، صوت للائتلاف (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) يقولون بانسجام مع داعميه، صوت لهيئة التفاوض السورية من مقرها في الرياض مختلف أيضًا، صوت للـ "PYD" والمجموعات الأخرى في الجزيرة، لكن لا صوت لسوري باسم "الثورة السورية" ينال الثقة جامع للسوريين في معاناتهن في ظل بشار الأسد وفي ظل "PYD"، وفي ظل الميليشيات الأخرى، في كل مكان. وصول ظاهرة الفصائلية إلى نهايتها المحتومة ودون أسف عليها لأنه بالشكل الذي وُلدت فيه لا يمكن أن تكون بنت حياة وتصل للنتائج المرجوة، فشل مريع في إدارة المناطق المحررة من قبل الجميع، لا "PYD" بإشراف الأمريكان عندهم إدارة محترمة وعادلة ومرتاحين لها المواطنين في الجزيرة، ولا الحكومة المؤقتة للائتلاف بالإشراف التركي بعدما دخلت إلى المناطق في الداخل، وفي عفرين وفي أكثر من مكان لا يوجد رضا عن عملها، حتى بشار الأسد وحكومته نفس الشيء.
يوجد فشل ذريع في إدارة هذه المناطق، انكشاف لظاهرة الفساد والتخريب والارتكابات في فضاء الثورة ومؤسساتها، بدأ الكلام فيها علنًا، وبدأ بعض المنتفعين من الثورة يفتحون مشاريعهم الخاصة وخرجوا منها وبدأت تخرج المعلومات يمكن بعضها مبالغ فيه أو غير صحيح لكن أكيد بعضها صحيح.
أيضًا تراجع لإيقاع الإسلاموية وشعاراتها وخطابها وافتقادها لشيء من الموقع والدور لأن السوريين في مناطق المحرر يواجهوها وخاصة أمامهم "هيئة تحرير الشام" وصارت صدامات ليس فقط إعلامية، "هيئة تحرير الشام" قامت باغتيالات لبعض نشطاء الثورة ولكن الثورة قامت بمواجهات كبيرة معها ومع الفصائل المتطرفة الأخرى.
انخفاض لمنسوب التطرف القومي عند الجميع لصالح الوطنية السورية الآن لم يتكلم أحد عن انفصال كردستان أو إقليم كردستان الآن الحديث عن اللامركزية.
أيضًا من الجهة العربية التطرف الذي لم يرَ الكرد ولا قضيتهم، صار الكل معنيًا بحل القضايا وأن المكونات الأخرى وأنه حق المكونات لا يأتي من عددها من كبرها وصغرها جميع المكونات يجب أن تكون على نفس قاعدة الحقوق المتساوية بالإطار الدستوري.
تراجع لدور المال السياسي وانكشاف لنتائجه السلبية بالخاص والعام، ازدحام للنشاطات والمشاريع لتشكيل مرجعيات وطنية، يوجد فراغ كل الناس تحاول من أجل سد هذا الفراغ، ولكن حتى الآن لم يتم إحراز نجاح، محاولات عديدة في الغرف في اللقاءات الفيزيائية، في التشاور حتى الآن ما برز مشروع له أرض صلبة يمكن أن يُبنى عليه، لكن حتى الآن الكل معترف ومتعارف على وجود الفراغ وضرورة ملء هذا الفراغ، في صعود للخطاب الوطني عند الجميع حتى من الذي لا يستخدمه خلال فترات سابقة، لكن كلاميًا فقط، والاستمرار هو استمرار للنهج الأحادي وهذا أحد العوائق التي تعيق وصول هذه المحاولات العديدة إلى نتائج.
بروز لأهمية ودور ونشاط الجاليات في الخارج والسوريين خارج المؤسسة صار بروز لهذا النشاط مثلًا في الإطار القانوني في مراكز للمحاماة نشاطات لمؤسسات بناها السوريين بدأت تبرز بأدوار أكثر من المؤسسات التي عندها مكاتب قانونية وصرفت عليها مئات الآلاف من الدولارات، يعود الداخل السوري للفت الانتباه لأهميته ودوره خلال هذه المرحلة رغم أنه تقلصت مساحة المناطق المحررة، لكن ما زالت في كل يوم جمعة مصدر للرؤية الحقيقية للثورة إن كان بموقف من المشاريع المطلوبة المطروحة أو بموقف ضد "هيئة تحرير الشام" أو بموقف من الائتلاف والحكومة المؤقتة والمؤسسات.
ما زال صوت الثورة النقي يصدر من هناك، لذلك لفت الداخل النظر له من جهة ثانية لفت النظر إلى مجرياته مثل ما لفتت السويداء في المظاهرات الأخيرة، وتلفت درعا في أشكال المقاومة المسلحة التي تجري فيها المترافقة مع مظاهرات تبدأ بإسقاط النظام وبشار الأسد رغم هيمنة الوضع الروسي ونجاحه بمشروع مصالحات في درعا.
بروز أهمية التعامل الجدي مع ملف جرائم النظام ووضعها على طاولة العدالة الدولية ومن هنا برزت أهمية عمل المؤسسات القانونية السورية وأن هذا المجال له مفعول حين نرى قانون قيصر بجهود سوريين صار وقانون قيصر الآن يعمل ثقلًا ليس على السلطة السورية لا، الثقل الأساسي على الروس والإيرانيين وبعض الدول العربية التي من مسعاها وأهدافها إعادة تأهيل النظام، ووضع حد لذلك. أيضًا المرتكبين الذين تسربوا للخارج بدأوا يحسبون حسابًا وبدأت الإجراءات القانونية تُعطي أكلها، من هنا بدأت تلفت النظر على أنها بموازاة العمل السياسي يجب أن تستمر، في توجه عام نلاحظه بالأوساط الاجتماعية والشعبية السورية لرفض اللجنة الدستورية في الأساس لأن الدستور من مندرجات المرحلة الانتقالية، والسوريون خبراء بوضع الدساتير، الدستور السوري يجب أن يُوضع في الداخل ومن قبل السوريين وليس بإيحاءات دولية أو أممية، فلذلك هناك رفض لكل هذه المؤسسة ودورها وعملها، كذلك لهيئة التفاوض السورية التي ليس لها أي عمل غير إظهار نزاعاتها وكل منصة من المنصات تُعلن موقفها المتفارق مع الآخرين، ولم يعد لهذه الهيئة ناظم محدد لرؤيتها التفاوضية ومشروعها السياسي الذي ستفاوض من أجله لأنها تخلت عما فعلته الهيئة العليا للمفاوضات سابقًا خلال عامين من نشاطها.
الحل السياسي ما زال الناس يتكلمون فيه، وما أراه أنا ما زال معتمدًا على أساس بيان جنيف واحد والقرارات الدولية ذات العلاقة من الجمعية العامة ومن مجلس الأمن الدولي، لكن بدلالة القرار الوطني المستقل وضرورته. الحل السياسي دون أن يتوفر الحضور السوري صاحب الشيء التمثيلي والذي يحمل ثقة من السوريين ويتمتع بالقدرة على صيانة القرار الوطني السوري المستقل، لا يمكن أن تكون العملية السياسية عملية ناجحة والحل الذي يصدر عنها هو حل حقيقي ودائم. يحتاج العمل الوطني السوري بهذه المرحلة والاستحقاقات القادمة أمام قوى الثورة والمعارضة لوجود جهة وطنية مستقلة تتمسك بأهداف الثورة وتُقدم مقاربة وطنية صرفة للقضايا والمعالجات المقترحة بعيدًا عن الأيديولوجيات والمكونات الاجتماعية والانتماءات السياسية، أن تكون معبرةً عن الإرادة السورية والمصلحة الوطنية لسورية من خلال مجريات الأمور على الأرض، وفي العلاقات الإقليمية والدولية بإطار الحل السياسي والمفاوضات الجارية، وتكون معنية بإبداء رؤيتها للعملية السياسية بكافة مراحلها: مرحلة المفاوضات ومرحلة الانتقال السياسي والحالة النهائية لسورية المستقبل، الذي يقتضي وجود هذا الأمر، تنادي فيه ساحة الثورة وفعالياتها ونشطائها نراه باستمرار: أين أنتم؟ وأين الحالة السورية؟ المشاريع تبزغ لكن لم يولد بعد المشروع الذي يُمحض الثقة من قبل السوريين وتتطلب الظروف الحساسة والخطيرة التي تُحيط بقضية شعبنا ووطننا.
البلاد محتلة وساحة للصراع الإقليمي والدولي وتردي لأوضاع المؤسسات التمثيلية، اختلال بقاعدة القرار الوطني المستقل و الآن واضحة حالة انعدام الإرادة الدولية في مباشرة الحل قريبًا، كل جهة دولية مهتمة الآن بمعالجة قضاياها إن كانت انتخابية أو مشاكل سلطوية في الداخل أو مشاكل اقتصادية، المطلوب ببساطة لقاء وطني سوري يجمع نخبة من الشخصيات الوطنية والفعاليات السياسية والفكرية والثقافية من نشطاء الثورة والمعارضة في الداخل والخارج يكون بعيدًا عن أي شكل من أشكال المحاصصة وجهات التمثيل لأن عضو اللقاء عضو الكتلة الوطنية سيحمي الاستحقاق بذاته لأننا كسوريين نشطاء الثورة وسياسيين عندما تقابلنا في الثورة في عام 2011 كنا أسماء ورحبنا ببعضنا وكلنا على النية الحسنة وقبلنا بعضنا، الآن بعد تجربة تسع سنوات نحن لسنا أسماء، نحن سلوكيات، نحن مواقف، نحن أخطاء ونجاحات، لذلك أناس كثر تعاملنا معهم ولم يعودوا صالحين للعمل معهم وناس كانوا مهملين ومستبعدين من دائرة العمل أنا أعتقد أثبتوا أن لهم استحقاق ليكون لهم دور فيما يجري في بلدنا وخططها المستقبلية والهدف من هذه الكتلة ومن هذا التجمع الوطني كائنًا ما كان اسمه أن يُعيد السوريين بجميع مكوناتهم وانتماءاتهم ومواقعهم داخل البلاد وخارجها وفي مخيمات اللجوء وفي بلدان المهجر والاغتراب إلى قلب الصورة، الآن السوريون خارج الصورة وغير موجودين على الطاولة عندما يجري بحث قضيتهم وقضايا المنطقة الأخرى، السوريين الذين تبددت مواقعهم مطلوب أن يعودوا إلى قلب الصورة ليكون لهم رأي فيما يُقرر بشأن مستقبلهم ومستقبل بلدهم، هذا المولود المأمول غير معني بالتنافس أبدًا مع أي مؤسسة من المؤسسات الموجودة هو معني فقط بأن يُقدم موقف أن يُقدم رؤية للسوريين وإذا كانت هذه الرؤية منسجمة مع أهداف الثورة وحاجتها في هذه المرحلة سيلقى التأييد، وعندما يلقى التأييد سيكون ظله على الساحة مضمونًا، والاهتمام الدولي سيكون حاصلًا، لدينا مثال على ذلك عندما نشأ المجلس الوطني السوري نشأ المجلس الوطني السوري محدثًا فيه لكن عندما قالت الثورة: "المجلس الوطني يُمثلني" كان هو الممثل الوحيد لذلك ولم تتكرر هذه الواقعة مع كل المؤسسات الأخرى، يُؤمل إذا تمت ولادة هذا المشروع الوطني المستقل يمكن أن يحصل على هذا التأييد.
يوجد نزعات فردية وقصور لدينا كسوريين بالعمل الجماعي، نلتقي كأفراد وببساطة نتوافق لكن عندما نضع شيئًا أسود على أبيض يقتضي التزامات نرجع لـ "أنت فعلت أنت عملت"!! شيء أعتقد صار فيه تبدد وافتراق في الموقف من قضية الثورة، بعض الناس صاروا يعتقدون أن الثورة انهزمت ويعتقدون أن الدول وقرارها هو الذي يصنع سورية المستقبل، أنا اعتقادي الشخصي الثورة انتصرت وانتصار الثورة عندي من هذا الحراك الحر للسوريين في الداخل والخارج، السوريون ما عاد هناك قدرة لأحد أن يعيدهم إلى القفص قفص الصمت، الآن الصوت السوري الذي جاء يُجرب الداخل وما جرى مؤخرًا في السويداء هذا واحد من ثمرات الثورة، مساعيهم بمختلف المناطق والاجتهادات إن كانت أصابت أو نصيبها من الصواب قليل، هو جزء من مسار الثورة، أنا عندي ثورة نجحت في تحرير السوري وأعادت له الحرية والكرامة وما عادت هناك إمكانية أن يقبل بأقل منها، وأعتقد من يُفكر أن سورية ستستمر بالشكل الذي كانت فيه قبل آذار/ مارس 2011 هو واهم ومخطئ جدًا، لكن أمام الثورة هدف تحقيق هدفها بإسقاط النظام وإقامة النظام القادم في سورية المدني الديمقراطي التعددي، إقامة الدولة ككيان وطني لجميع السوريين وجميع مكوناتهم. فالثورة أنا بالنسبة لي قطعت مسار العودة لكن الآن أحد المعيقات المعيق هو الوضع الدولي الذي لم يصل لتفاهمات، لكن أحد المعيقات وهذه مسؤوليتنا نحن السوريين أننا لم نُشكل المشروع البديل بعد، المؤسسات الموجودة لا يمكن أن تشكل بارقة أمل لتكون بديلًا للنظام في تغييره، مسؤوليتنا كيف نستفيد من هذه المرحلة التي فيها عطالة فيها خمود بصوت السلاح والقتال وفيها بطء دولي في الوصول إلى التوافق، كيف يُنجز السوريون مشروع الحلم المشروع البديل لنظام الدولة التسلطية لآل الأسد والحزب الواحد كيف فعلًا نظهر إمكانية السوريين في أن يكونوا بديلًا حقيقيًا في دولة جديدة وفق قواعد الثورة وتُحقق في النهاية أهداف الثورة التي قاموا السوريون من أجلها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/30
الموضوع الرئیس
تراجع الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/56-73/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
عام
updatedAt
2024/11/15
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
المجلس الوطني السوري
الحكومة السورية المؤقتة
اللجنة الدستورية
هيئة تحرير الشام
حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)