الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

استدراج النشطاء واعتقالهم في مدينة جبلة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:48:05

حاول النظام أن يرسل المخبرين بشكل كبير جدًا إلى منطقة الدريبة، إما لتصفيتي أو لاعتقالي ودفع مبالغ كبيرة. والنظام في هذه الفترة، حاول أن يقوم باعتقالات كبيرة لأكثر الشباب المؤثرين في المظاهرات، وحاول كثيرًا أن يدخل من خلال علاقات بين الأصدقاء، سواءً كان سنيًا أو علويًا، وكان يوجد علاقة كبيرة جدًا، بين شباب مدينة جبلة من الطائفتين، وهنا آيات بركات -الذي هو من الموالين للنظام بقوة، ومن شبيحة النظام- استدرج علاء الفاعور إلى مكان خارج حي الصليبة، وخارج حي الدريبة، حتى يتم اعتقاله، وتم اعتقاله من قبل مفرزة الأمن العسكري، واتصل آيات -وأنا أتذكر ذلك لأنني كنت أعيش مع علاء- اتصل مع علاء فاعور، وقال له: أنا قريب منك، وأنا بالقرب من قصر الأفندي، وأنا أنتظرك لأن سيارتي تعطلت، وأحتاج إلى مساعدتك، -وعلاء يعمل ميكانيكيًّا- فأخذت علاء الحمية لمساعدة صديقه، فخرج واعتقله الأمن العسكري في هذا الوقت.

واعتقل علاء درويش بنفس الطريقة أيضًا عند سوق الصاغة، وحاولوا استدراجه إلى هذا المكان، واعتقله النظام، والأمن لم يكن يقتحم حي الدريبة، ولم يكن يدخل أبدًا إلى حي الدريبة، وربما كان لديهم خوف من شيء موجود هناك.

لم يكن يوجد سلاح في مدينة جبلة أبدًا، لأننا في مكان يحاول النظام قدر الإمكان، -كما ذكرت لك- منذ بداية المظاهرات، كان النظام يحاول إطلاق الرصاص حتى يخرج السلاح الموجود، ولكن لم يكن يوجد لدينا سلاح، وكان يوجد ديناميت (مادة شديدة الانفجار) للصيد، وهو فقط ديناميت صوتي، وهذا الديناميت كان يستخدمه الشباب فقط للحماية في حال محاولات الاقتحام، أو محاولات الاعتقال، وهذا الديناميت يصدر صوتًا كبيرًا جدًّا، مما يجعل الفزع يدب في قلوب النظام، وهذا كان مستخدمًا، وكان النظام يخاف منها كثيرًا، ويظن أنه يوجد شيء أكبر من ذلك في حي الدريبة.

ما كان يحصل في بانياس لم يكن يحصل عندنا، فبانياس لديها باع طويل مع النظام السوري في عام 1982، ومعظم أهالي مدينة بانياس إما نازحون أو مشردون في البلدان العربية منذ الثمانينيات و يوجد منهم معتقلون كثر، يعني إذا رأينا الفيديو، فسوف نشاهد الدعس على شباب البيضا في مدينة بانياس، ويقول لهم النظام: هل تريدون الحرية! ويدعس على رؤوسهم. ويوجد شخصيات معروفة، -وهي موجودة حاليًّا في هذا الوقت- حتى بانياس كانت محاصرةً بالكامل، وعندما كانت بانياس محاصرةً، كنا نرسل لها مساعدات غذائيةً، بقدر ما نستطيع، ونقوم بتحميل السيارات بالمواد الغذائية، ونرسلها إلى بانياس، ونحاول فك الحصار عنها، وكنا نستطيع ذلك.

كان يوجد تواصل مع شباب بانياس، وكنا دائمًا نعرف أخبار بعضنا، وما يحصل في المدينة، حتى إن شباب بانياس هم الذين أرسلوا لي جهاز الثريا (جهاز اتصال عبر الأقمار الصناعية)، حتى أتواصل مع القنوات في ذلك الوقت، يعني كان يوجد تعاون مع شباب بانياس.

في كل مظاهرة كنا نؤيد أي مدينة أو محافظة تخرج، وكنا ندعو باقي الطوائف والقوميات للخروج في أي مظاهرة مستقبلية.

في الأحداث التي كانت تحصل في مدينة جبلة، كان الإعلام ضعيفًا جدًا، وكان الإعلام بالنسبة لنا ظالمًا، فقد ظلمنا كثيرًا، وكان الشيخ عدنان العرعور في ذلك الوقت، هو أبرز الإعلاميين على الساحة السورية والعالم العربي، وكان يتحدث بطريقة تسمح لك بالتعبير عن أي شيء تريده، فتواصل معي الشيخ عدنان العرعور، من قبل أصدقاء كانوا معنا في الثورة، وقال: استعد اليوم على "قناة وصال"، وأنت اليوم سوف تخرج مع الشيخ عدنان العرعور الساعة 10:30 ليلًا تقريبًا، فأنا خفت، وأنا لا أقول بأنني كنت جريئًا، فأنا جريء، ولكن كان عندي خوف، صحيح أني كنت أقوم بتصوير المظاهرات، وإرسالها إلى القنوات، ولكن كان عندي خوف من شيء اسمه مداخلة.

قال لي: ماذا سوف يكون الاسم؟ فاتفقنا على عمر جبلاوي، وكان في كل محافظة عندما يريد أن يخرج ناطق إعلامي، كان يُسمى باسم المدينة التي هو فيها، مثل: التلاوي أو الدرعاوي أو الشامي أو الحمصي، وأنا اخترت اسم عمر الجبلاوي، أنا ومعي الشيخ ومع بعض الأصدقاء فاخترنا اسم عمر.

طبعًا في هذه الأثناء، كانت جبلة ممزقة بسبب الاعتقالات، وكان عندنا شهداء وجرحى، ويوجد حواجز في المدينة، وكل يوم لدينا اعتقالات في المدينة، وكان يوجد حالة رعب وخوف غير طبيعية.

اتفقنا على المداخلة، وأخذت نفسًا عميقًا، وجهزت ما سأقوله، وكتبته على ورقة، وعندما سمعت الشيخ عدنان العرعور، وأنني سوف أخرج في مداخلة، بدأت أرتجف بسبب خوفي؛ يعني أولًا بسبب رهبة التلفاز، ورهبة كوني أتحدث، وكل الناس يسمعونني، وعندي رهبة أخرى وهي أنه إذا سمعني النظام، ماذا سيحصل بعد هذه الحادثة، فكان عندي خوف ورعب غير طبيعي، ولكن الله ثبتني، ودخلت إلى المداخلة بكل جرأة وقوة، وفي وقتها انفعل الشيخ عدنان كثيرًا في هذه المداخلة، وهذا أعطى تأثيرًا كبيرًا جدًّا عن المدينة، ووصلت الرسالة بشكل قوي جدًّا، وبعد هذه المداخلة، بدأت كل القنوات تراسلني حتى أخرج في مداخلات عن المدينة.

بعد أول مداخلة جاءتني اتصالات كثيرة، وكل الاتصالات تشكرني، وأنا أحسست بأن الناس كانوا يرونني، والناس شاهدوا الرسالة التي وصلت من المدينة، لأنه لم يكن هناك أحد ينظر إلينا، يعني كان الشهداء والجرحى على الأراضي، والفيديوهات تنتشر، ولكن لا يوجد أية قناة تلفزيونية تنشر ما يحصل، فكانوا ينشرون المظاهرات فقط، ولكن ما كان يحصل من أحداث، ما يتم نشره كان قليلًا جدًّا.

وأكثر الوكالات الإعلامية التي تعاونت معنا هي "شبكة شام"، ولها فضل كبير جدًّا في مدينة جبلة كتغطية إعلامية.

في هذا الوقت أنا كنت حريصًا تمامًا، أن يخبر أهلي الأمن أنهم متبرئون مني تمامًا بالكامل، وفي عام 2011 كان يوجد تصويت لتعديل الدستور ، وأنا أرسلت أهلي قسرًا إلى المدرسة، حيث كانت تتم الانتخابات في المدارس، وقلت لهم: انتخبوا، ومن يسألكم عني، قولوا له: ابننا مغضوب عليه، وخرج عن مشورتنا، ونحن ليس لنا علاقة به، وأنا خرجت من منزل أهلي، لأنني لا يمكنني تعريضهم للخطر والمساءلة، وذهب والدي أيضًا إلى الأمن، وأخبرهم أن ابني خرج عن مشورتي، وأنا ليس لي علاقة بابني نهائيًّا، وإذا اعتقلتوه افعلوا به ما تريدون.

أنا كنت أداعب، وأقوم بحيل بسيطة مع رئيس مفرزة الأمن السياسي سامر سويدان، وكنت أتصل مع سامر سويدان، وأقول له: كيف حالك يا سيدي؟ فيقول: أهلًا وسهلًا، فأقول له: أنا أريد تسليم نفسي، فيقول: تعال وسلم نفسك، ما الذي يمنعك؟ فأقول له: ولكن يجب أن تعطيني الأمان، لأن عندي امتحان بكالوريا (شهادة علمية)، وأنا طبعًا انتهيت من البكالوريا، وكنت أحاول القيام بتأجيل عسكري، فيقول سامر سويدان: والله إذا صعدت إلى السماء، فسوف أعتقلك. وطبعًا أنا كنت أتحدث معه، وأنا في داخل جبلة، فأقول له: يا سيدي أنا ليس لي علاقة، وأنا مظلوم! وهو يقول: أنت مظلوم! بل أنت ظالم بلد. ويقول: والله لو ذهبت إلى السماء، فسوف أعتقلك، وقلت له: لا تقصر إن استطعت ذلك. وطبعًا أنا لا أعرف كيف كانت تأتيني الجرأة، كان يوجد أسباب كثيرة، للأشياء التي كنت أفعلها.

كان يوجد شباب موجودون في السعودية، كانوا يحاولون أخذ الفيديوهات مني، وكان يوجد شباب في مدينة جبلة، يأخذون الفيديوهات مني، ويرسلونها حتى نحفظها ضمن أرشيف لأجل المستقبل.

هنا كنا نحاول قدر الإمكان الوصول إلى القنوات، وبعد ذلك لم نعد نحتاج إلى وسيط مع القنوات؛ يعني كان يوجد وسطاء بيني وبين القنوات، من أجل إيصال هذه الرسالة، ولكن بعد فترة لم يعد هناك حاجة إلى وسيط.

عندما كنا في الدريبة طلب الأمن من المخبرين اعتقالي أو تصفيتي، وطبعًا أنا أعرف أشخاصًا -حتى الآن- متهمين بهذا الشيء، وكانوا للحظات سيقومون بتصفيتي في حي الدريبة، فخرجت واختبأت في زنزف، وزنزف هي قرية قبل قسطل مُعاف وكسب، وهي على الطريق بين قسطل معاف وكسب، وهي منطقة تركمانية، اختبأت فيها لمدة شهر كامل، وفي هذه الأثناء خففت وجودي في مدينة جبلة على الساحة، ولكنني كنت أذهب إلى مدينة جبلة، وأرتدي الجلباب والخمار، وأقوم بتصوير المظاهرات، وأرسل المقاطع إلى القنوات، ثم أعود وأختبئ في زنزف، وكان يوجد سيارة خاصة تأخذني، وأحيانًا لا أرتدي الجلباب والخمار، وأحيانًا أقوم بإفراغ هاتفي بشكل كامل من أي مظاهرات وأي شيء، وأذهب بشكل طبيعي بالباص إلى جبلة، ومن جبلة أذهب إلى الكراج، والنظام لا يتوقع أبدًا ولا يعرف أنني مختبئ في زنزف، وطبعًا لم أكن أحمل معي هويتي(البطاقة الشخصية) تحسبًا حتى لا يعرفوني مباشرةً، يعني يمكن أن يكون عندي فرصة للنجاة بالحديث، إذا لم تكن هويتي معي، فبقيت على هذه الحالة في زنزف لمدة شهر، وكنت أذهب كل يوم خميس وجمعة إلى المدينة، وأعود وأختبئ، وبعدها استقريت بشكل كامل في حي الدريبة وحي الصليبة.

أثناء وجودي في حي الدريبة، كان للشيخ عدنان العرعور متابعة كبيرة جدًّا من قبل الناس والمتظاهرين والثوار، وحتى النظام كان يتابع حلقة الشيخ عدنان العرعور أكثر من الثوار أنفسهم، وعندما يقول الشيخ اخرجوا واطرقوا على الطناجر، وكبروا من الشرفات، واجعلوا النظام يجن جنونه، هنا فعلًا خرجت المدينة عن بكرة أبيها، وبدأوا يطرقون على الطناجر.

طبعًا كل أحياء مدينة جبلة خرجت وكبرت، ولكن أنا أريد الحديث عن ما جرى في هذا اليوم تحديدًا، ففي هذا اليوم يوجد شاب اسمه أحمد عتال، خرج من منزله، وهو يردد: الله أكبر، وهو سعيد، وهو لا يعرف أن هناك من يترصد له في الخارج، وعند بناء سندس كان يوجد قناص، فخرج أحمد من بيته، وهو يقول: الله أكبر، فأصابه القناص بثلاث رصاصات: الرصاصة الأولى في القلب والثانية والثالثة في الفخذ. وكانت هذه اللحظات كانت صعبةً جدًّا بالنسبة لنا، يعني نحن لم نكن قادرين على إسعافه، ولا نستطيع مساعدته بشيء، وبقي ينزف حتى استُشهد.

في الفترة الأولى؛ كنا ندفن أغلب الشهداء في حي الفيض، ولم نكن نستطيع دفنهم في المقبرة الموجودة عند المجمع الحكومي؛ لأن المجمع الحكومي والأفرع الأمنية بالقرب من المقبرة المحيطة، واسمها المقبرة المحيطة لأنها محاطة بسور، ولم نكن نستطيع أن ندفن أي شهيد هناك، ويوجد شهداء استُشهدوا كانوا فقط يقومون بإصلاح خزان الماء، بسبب الرصاص العشوائي للنظام، فاستُشهدوا وهم يقومون بإصلاح خزانات الماء على أسطح المباني ومنهم رضوان جمعة.

أغلب شهدائنا كان يتم دفنهم في مقبرة في حي الفيض، وفي مقبرة بجانب مسجد أبي بكر، ولكن غالبًا كان يتم دفنهم في حي الفيض.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/15

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في جبلة

كود الشهادة

SMI/OH/36-08/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار 2011

updatedAt

2024/07/10

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-قسطل معافمحافظة طرطوس-البيضامحافظة طرطوس-مدينة بانياسمحافظة اللاذقية-حي الدريبة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة وصال

قناة وصال

شبكة شام الإخبارية

شبكة شام الإخبارية

مفرزة الأمن العسكري في جبلة

مفرزة الأمن العسكري في جبلة

مفرزة الأمن السياسي في جبلة

مفرزة الأمن السياسي في جبلة

الشهادات المرتبطة