الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التعريف بحركة القبيسيات والانضمام لها

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:35:12

أنا بيان ريحان، من مدينة دوما، وُلِدت في الأول من (نيسان/ أبريل) 1986. كنت في بداية الثورة طالبة جغرافيا في جامعة دمشق، بالإضافة إلى أنني كنت أعمل مدرسة ومتطوعة في الجمعية الخيرية. 

أول حادثة أتذكرها بشكل جيد عندما كنت في الصف الثاني الابتدائي، وتزامن ذلك مع وفاة باسل الأسد، وأذكر أن معلمتنا التي كانت صعبة جدًا، وكانت تعنفنا، وتضربنا، أخرجتنا فجأة إلى باحة المدرسة، وطلبت منا أن نأخذ دفاترنا، وطلبت منا أن نكتب خلال حصة كاملة بيان تعزية، أو رسالة تعزية للسيد الرئيس حافظ الأسد بوفاة ابنه باسل الأسد.

 ولكن الأمر حصل فجأة، وأنا كنت في الصف الثاني، ولا أعرف باسل الأسد، ولا أعرف من هو حافظ الأسد، بمعنى: كل هذه الأمور ليست تهمني، وعدت إلى المنزل. وأتذكر حتى الآن أنه لم يعد هناك برامج للأطفال، كان هناك على التلفاز القرآن [الكريم] فقط، وتوقفت كل مظاهر الحياة؛ لأن باسل الأسد كان قد توفي. 

وفي هذه الفترة تضايقت جدًا، وأصبحت أشتم باسل الأسد وحافظ الأسد لسبب واحد، وهو: أنهم حرمونا من برامج الأطفال، فكان يومًا تعيسًا جدًا. وطبعًا، هذا الأمر امتد إلى أربعين يومًا، وهذه القصة كانت أكثر شيء محفور في ذاكرتي عن طفولتي. 

عندما بدأ يتغير مجرى حياتي كله كنت في الصف الخامس بالضبط، وكان مع بداية التزامي مع "القبيسيات". طبعًا، حركة النساء القبيسيات حركة دينية، وعقيدتهن هي العقيدة الصوفية الأشعرية، وكانت المدرسة مدعومة من قبل النظام بشكل غير مباشر. عندما التزمت مع القبيسيات كان لهن نظام معين، وكان التركيز على دمشق وريف دمشق من قبلهن. أسست هذه الحركة الحاجة منيرة القبيسي، وهي كانت أمّ الحركة، وكان هناك اعتماد على مناهج معينة في تعليم الدين الإسلامي، وكان هناك نظام كامل للقبيسيات، وهذا النظام يعتمد على ثلاثة مراحل هي: مرحلة الإسلام، ومرحلة الإيمان، ومرحلة الإحسان. 

مرحلة الإسلام هي المرحلة التي يكون فيها جميع المريدات يعني البنات اللاتي انضممن حديثًا إلى الحركة. طبعًا، كان التركيز على ضم البنات اللواتي يحققن شرطين فقط، بمعنى: إما أن تكون البنت من عائلة ذات منصب أو وجاهة، أو أهلها متعلمون (أمها دكتورة، أو والدها مهندس)، أو تكون حالتهم المادية ممتازة جدًا. والأمر الثاني: أن تكون البنت متميزة، ولديها القدرة على أن تكون رائدة من رائدات الحركة. 

أنا من عائلة متواضعة وبسيطة، وحالتنا المادية متوسطة، وأبي وأمي كانا يحلمان بأن يَرَيَاني ذات منصب معين في البلد، ووالدي بالذات كان لديه طموح كبير بأن أصبح معلمة، جميع الناس في تلك الفترة كانوا يتمنون أن يصبح أولادهم أطباء إلا والدي، كان لديه طموح بأن أدرّس أبناء بلدي. 

عندما كنت في الصف الخامس كنت متميزة جدًا في المدرسة، وكنت مشاغبة جدًا وكثيرة الحركة، وكان لدي بدايات" كاريزما " قيادية منذ صغري؛ وهذا الأمر لفت نظر معلمتي، وأرسلت لي خبرًا دونًا عن جميع بنات الصف، وقالت لي: أريدك في أمر. وكان هذا اليوم رائعًا بالنسبة لي؛ لأنني ذات حظوة، وأصبح لدي مكانة أتميز بها عن الجميع، ولم يُستدعَ من رفيقاتي أحد غيري، ودعتني لأنضم في البداية، وألتزم.

 وفي هذه الفترة إجمالًا، كان في البلد حركة التزام شديدة جدًا، وكان الالتزام عن معرفة وعلم وحب للتدين، وأصبح الدين ظاهرة كبيرة جدًا. ويوجد الكثيرات ممن كنّ سابقًا غير محجبات فتحجبن في هذه الفترة، ويوجد أشخاص لم يكن لهم علاقة بالدين فأصبحوا متدينين، وأصبح ذلك نوعًا من أنواع المظاهر الاجتماعية. وأنا أتكلم عن عام 1999 و1998، وفي هذه الفترة، عادت حركة التدين إلى البلد، وأستطيع أن أركز على بنات جيلي (جيل الثمانينات) فأغلبنا كان ملتزمًا دينيًا. 

 في الحركة القبيسية، وفي مرتبة الإسلام يوجد لدينا آنسات (معلمات)، وكل آنسة تضم مجموعة معينة من البنات، وينادونها: الخالة، وهؤلاء البنات يتبعن لهذه الآنسة فقط لا غير، وممنوع أن ينتقلوا إلى آنسة أخرى، ويكون هناك ولاء متتالٍ للآنسة، وهي مسؤولة عنك في كل شيء: روحيًا، وماديًا، ومعنويًا.

 وفي هذه الفترة، أذكر أنني كنت في الصف الخامس أو السادس، وأصبحت في الصف السابع، كان الجميع ملتزمًا تقريبًا. طبعًا، في هذه الفترة، وفي مرحلة مبكرة حفظت القرآن بسرعة، وكنت سريعة الحفظ، ولدي حركة سريعة، وبدأ تعلقي بالتاريخ في هذه الفترة، وأذكر في أول فحص لكتاب "رجال حول الرسول"؛ أخذت مائة من مائة في أول امتحان مباشرة، مع أنه كان معي بنات متفوقات أكثر مني، وأكبر مني سنًا، ولكن كنت الوحيدة التي حصلت على العلامة التامة من بين الجميع، وهذا الشيء وجّه الأنظار نحوي أكثر، وخاصة أنه كان لدي ولاء كامل للمجموعة، وكان التزامي كاملًا بالمطلق مع "القبيسيات". ومنذ صغري كنت أحافظ على صلاتي والحجاب والالتزام الديني. وفعلًا، كان لدي شيء يميزني عن الجميع، وهذا الشيء بدأ يعطيني نزعة داخلية، وعلى الرغم من ذلك، عندما كنت في الصف السابع كان عمي صبحي -رحمه الله- هو من الأشخاص الذين أثروا فيّ كثيرًا. 

كان عمي في لبنان، وعاد من لبنان، كان في معسكر الجامعة، وكانت أيام مجزرة قانا وكان معه كتاب "الإلياذة" و "الأوديسة"، وكان يخفيه في المكتبة، ولا أحد يراه، وكنت دائمًا أذهب إلى عمي، وأفتش في المكتبة، وأبحث عن شيء لأقرأه، فكان عمي لديه مجموعة من الكتب، كان عنده كتبًا لكارل ماركس، ولينين، ومذكرات أدولف هتلر، وكان لديه مجموعة متنوعة، بمعنى آخر: شيء لا يشبهنا أبدًا، و كنت فضولية، وأذكر أنني وجدت كتاب" الإلياذة والأوديسة"، وكنت صغيرة في السن (في الصف الخامس)، ولكن عمي منعني من القراءة، وعندما كنت في الصف السادس دخلت إلى عمي، وأخذت" الإلياذة والأوديسة"، وقرأته. "الإلياذة والأوديسة" التي لا تشبهنا أبدًا، كانت شيئًا آخر في هذا العالم، وبدأ التفكير، وإلى الآن أذكر كيف أن "أخيل" قُتل غدرًا، وكيف كان"هوميروس"، وهذه التفاصيل بقيت ببالي عن" الإلياذة" و "الأوديسة"، قرأتها في العطلة الصيفية عندما كنت في الصف السابع.

 وعندما دخلت إلى المدرسة في الصف السابع سألتنا معلمة اللغة العربية عن جملة، وضربت مثالًا عن" أخيل" بطل رواية" الإلياذة"؛ فتفاجأت المعلمة، وقالت لي: هل قرأت" الإلياذة"؟ فقلت لها: نعم، فقالت لي: من أين لك الكتاب؟ فقلت لها من عمي. فقالت لي: هل قرأتِ الرواية كاملة؟ فقلت لها: نعم قرأتها؛ فاستغربت المعلمة من أنني قرأت" الإلياذة" و"الأوديسة" في هذا العمر. وأذكر أنه كان مكتوبًا في آخر صفحة في الكتاب: "أساطير الحب والغرام عند الإغريق" هي الرواية الثالثة لـ "هوميروس"، فذهبت إلى عمي، وقلت له: متى ستذهب إلى لبنان؟ فقال لي: لماذا؟ فقلت له: أريد القسم الثالث من الرواية. وعندها أصبحت صديقة عمي، وهو بدأ يعطيني رؤيته للرواية، وكنا نتناقش حول أبعادها، علمًا بأنني كنت في هذه الفترة ملتزمة جدًا من الناحية الدينية، بمعنى أنه أصبح هناك تناقض في شخصيتي: من ناحية الالتزام الديني الكامل، ومن ناحية أخرى أنني أصبحت أناقش أشياء مخالفة للدين تمامًا، وهذا الشيء عزّز لديَّ روح التناقض بين الأشياء. 

وفي عام 2000 ، عندما توفي حافظ الأسد جاءتنا أوامر من الحركة فجأة بإيقاف كافة أنشطة "القبيسيات"، ومع وفاة حافظ الأسد تم التوقف شهرًا كاملًا، وفي الشهر الثاني، لم يعد هناك أنشطة أبدًا، وهذا الشيء جعلني في فترة زعزعة؛ لأنني كنت معتادة على شيء ما، وكنا ننتظر الجلسات، ولكن لا يمكننا أن نقوم بأي شيء؛ لأن حافظ الأسد مات، وهم خائفون من أي ردة فعل، ولكن نحن في الأساس نعمل بالسر، والعمل الذي نقوم به مخالف للدولة، ومخالف للنظام السائد، ونحن بعيدون عن أنظار الدولة، فقالوا: لا، لدينا تعليمات بالتوقف بشكل كامل.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/09/12

الموضوع الرئیس

النشاط قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/101-01/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

1990 - 2000

updatedAt

2024/03/22

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-منطقة دوما

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

القبيسيات 

القبيسيات 

الشهادات المرتبطة