الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الأنشطة الاجتماعية والدينية لحركة القبيسيات بعد تسلم بشار الأسد السلطة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:32:22

في هذه الفترة، كنت أول شخص من العائلة يدخل إلى المرحلة الإعدادية والثانوية، مدينة دوما هي مدينة محافظة، ومع ذلك كان فيها نسبة جيدة من المتعلمين، وفي عائلتي كان هناك بنات عم والدي يدرسن، ولكن عندما وصلن إلى الصف العاشر والتاسع قام رفعت الأسد في الثمانينات بفرض" قانون" نزع الحجاب داخل المدارس. وطبعًا، الحجاب شيء مقدس لدينا، ومن المؤكد أنه لا يوجد أستاذ يدخل إلى طالبات غير محجبات؛ فقام عم والدي بمنع بناته من ارتياد المدرسة. و عندما كنت في الصف العاشر كان لدينا مشكلة في العائلة من أجل موضوع المعسكر وإزالة (نزع) الحجاب، وسيكون هناك اختلاط، ولكن في السنة التي كنت فيها توفي حافظ الأسد، وبـمكرمة من بشار الأسد سمحوا لنا بارتداء الحجاب داخل المعسكر، وأنا نجوت من هذه القصة، وكان أهلي يبحثون عن حيلة، وقالوا: يجب أن أسجل في المدرسة الشرعية من أجل عدم خلع الحجاب، ثم يعيدونني إلى المدرسة العامة، وهذا يعني أننا كنا نريد أن نلتف على الوضع الموجود في هذا البلد من دون الرخص الشرعية، مثل: أن أزيل الحجاب من أجل الدراسة، ولكنني ضمنيًا لا أريد أن أزيل حجابي، وأنا متمسكة بحجابي عن عقيدة وإيمان بهذا الشيء، وسبحان الله! جاءت الظروف مناسبة لي، ومات حافظ الأسد؛ فسمحوا لنا بالحجاب. 

بقينا شهرين متوقفين [عن المتابعة] في رحلة "القبيسيات"، وهذا جعلني في شوق أكبر لآنستي والجلسة، ويمكنني أن أتذكر أنني حفظت القرآن الكريم في وقت قياسي، يعني خلال أربعة شهور حفظت القرآن بشكل كامل، وبدأت بمرحلة المعاناة، وهي مرحلة التجويد؛ لأنني كنت أحفظ بالقراءة العادية، وبدأ التجويد. ومع التجويد ذهبت إلى آنسة أخرى، وهذه الآنسة جعلتني أكره أن أحفظ القرآن، وتركت لدي ردة فعل عكسية عن التدين؛ لأن معاملتها صعبة. وأنا في الأساس إنسانة سريعة، ليس لدي هذا النمط البطيء لأحفظ، وأهدأ. ومع التجويد اضطررت إلى أن أغير من شخصيتي السريعة والنشيطة جدًا إلى شخصية أكثر هدوءًا. وفي هذه الفترة، كانت المدرسة بالنسبة لي هي النشاط رقم واحد، والأمر الثاني هو: التدين، وكانا متزامنين معًا. ومنذ صغري كان وقتي ممتلئًا بشكل كامل، وليس لدي وقت مثل باقي الأطفال، ومع ذلك أنهي ما عليّ من واجبات، ويبقى لدي طاقة زائدة، مثلًا: أمشي كثيرًا، وألعب كثيرًا، وكانت أغلب ألعابي صبيانية، فكنت إلى حدّ ما أعطي نموذجًا لبنت مختلفة في العائلة، وأنا أول بنت دخلت من كل العائلة إلى المدرسة، فكان المطلوب مني أن أكون نمطًا مختلفًا، بمعنى أنني سأكون قدوة لمن بعدي، وهذا الشيء لقنّته لي والدتي منذ صغري، فإما أن أكون نموذجًا ناجحًا ويتشجع الجميع أن يدرس بناته في العائلة مثلي، بمعنى آخر: إما أن أكون مجتهدة في مدرستي، وأحصل على العلامات المرتفعة، أو أترك المدرسة، وأتزوج، أو[كما كانوا يقولون لي]: نأخذك إلى الخياطة (بتتعلم مهنة) فكانت هذه الخيارات الثلاثة التي لدينا. 

والدتي كانت خائفة من أي فشل لي؛ لأنه سيكون فشلًا للعائلة ولها ولوالدي، فكانوا مهتمين بي جدًا في هذه الفترة. طبعًا، لم أسجل في معاهد، ولم أحضر دروسًا خصوصية بالرغم من تراجع التعليم في المدارس العامة في سوريا. 

لم يكن يوجد إمكانية مالية لهذا الأمر، وحصلت على شهادة التاسع، وحصلت على مجموع مرتفع، وتعمقت أكثر في الحركة القبيسية، وبدأت أتجاوز فيها المراحل، وأعرف أنني خلال فترة صغيرة أصبح اسمي متداولًا بين الآنسات الكبيرات، وبدأن يركزن عليّ في مهمات خاصة، مثلًا: أحيانًا، أكون مسؤولة عن الحفلة بشكل كامل، ومسؤولة عن تحضير هدايا الطالبات. وأذكر أول مرة ذهبت فيها إلى دمشق بمفردي من مدينة دوما، وهذا المشوار كنا نعتبره سفرًا، وسافرت وحدي في الصف العاشر، وهذا كان يعتبر إنجازًا كبيرًا، يعني فعلت شيئًا يعد خارقًا للطبيعة بالنسبة لبنت من مدينة دوما، تذهب بمفردها إلى دمشق، وتذهب إلى السوق للتسوق، وتعود. 

يمكنني أن أذكر أمرً مهمًا جدًا، وهو أنني مع" القبيسيات" تعززت شخصيتي القيادية كثيرًا، وفي مرحلة مبكرة استلمت أمورًا قياديّة في الحركة القبيسية، وهذا الشيء غيّر في شخصيتي. 

كنت في الصف الحادي عشر عندما أسسنا مركز التعلم المجتمعي التابع للجمعية الخيرية، واستلمت فيه منصب نائبة المديرة، وهذا المركز يعتمد على تعليم الأطفال الفقراء في المدينة، ومع أنني لازلت طالبة في الثانوي فكنت أعلم الأطفال الصغار. طبعًا، العمل مجاني تطوعي، وأصبح المركز يأخذ جزءًا مهمًا جدًا من وقتي، علمًا بأنني في هذه المرحلة كنت أحضر "للبكالوريا" (الشهادة الثانوية)، ومع ذلك كنت أعطيه الأولوية عن الشيء الخاص بي، وبالرغم من أن المعهد يأخذ من وقتي إلا أنني تابعت في المركز، وفي هذه السنة بدأت أصعد مراتب في الحلقات "القبيسية". 

أما عن الوضع في المدينة أو البلد بشكل عام، فقد كان هناك تديّن بشكل أكبر، وبدأ الالتزام الديني أكثر، ويوجد بنات بعيدات عن الالتزام الديني، ولكنّ المجتمع أصبح يطلب بنتًا ملتزمة دينيًا. أذكر أنه في تلك الفترة: من كان يريد أن يخطب لا يخطب إلا بنتًا ملتزمة دينيًا، ونحن كان لدينا شيء مميز في" القبيسيات"، وهو الرداء أو لباسنا العام، كنا جميعًا نضع الحجاب الأبيض، وكنا نربطه طبعًا، هذا في مرحلة الإسلام، وفي مرحلة الإيمان كانوا يضعون حجابات لونها أزرق غامق، وفي مرحلة الإحسان حجابًا كحليًا، وأنا كنت في مرحلة الإسلام، وكنت أضع حجابًا أبيض مربوطًا، و[أرتدي]معطفًا أسود أو كحليًا، ولم يكن طويلًا، كان قصيرًا، وهذا هو الرداء الخاص بنا. وفي هذه الفترة، كان يوجد بنات غير ملتزمات دينيًا، كنّ يلبسن هكذا حتى يظهر بأنهن ملتزمات دينيًا؛ لأن هذا اللباس أصبح الطابع الغالب على المدينة. 

بإمكاني أن أتذكر شيئًا خاصًا، وهذا الموضوع غير نظرتي للحركة النسائية، وهو أنه دائمًا يوجد قاعدة تقول: يا بنات، من يريد أن يخطب يجب أن ينظر أولًا إلى بنت الدين. طبعًا، حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: " تنكح المرأة لأربع لمالها، وجمالها، وحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" وفي تلك الفترة، وهذه الحادثة أثرت بي كثيرًا: كان أحد أولاد الآنسات الكبار يخطب، وهو ذو منصب ومكانة، ودلّ أشخاص الآنسة على بنات حلقتنا، وهناك تفاوت في الجمال بين البنات، والآنسة اختارت أجمل بنت في الحلقة، ودلت الآنسة الكبيرة عليها، وكانت آنستي تسألني عن هذه البنت، وقلت لها: إن هذه البنت حجابها ليس مثل حجابنا، وكانت تلبس تنورة قصيرة وجوارب شفافة، وهذا شيء مخالف لنا، وأنتِ قلت لنا في الدرس الماضي:" فاظفر بذات الدين تربت يداك". فكيف تدلين ابن الآنسة الكبيرة على هذه البنت؟ وكنت أناقش مباشرة، وهذا الشيء يدلّ على أنني قطعت شوطًا كبيرًا في الحركة القبيسية، وتجاوزت الكثير من حدودي، فقالت الآنسة: غدًا هذه البنت يهديها الله على يده، وتتدين. فقلت لها: وماذا لو أنها هدته، وهدت عائلته، وأخرجتهم جميعًا عن دينهم؟ وأذكر أن هذا النقاش خضته منذ صغري مع آنستي، وقلت لها: أنتِ قلتِ لنا كذا. لماذا لم تدليه على فلانة؟ وهي رفيقتي، وهي ليست جميلة، ولكنها ختمت القرآن، وكانت ستأخذ الإجازة، وكانت ملتزمة جدًا. لماذا لم تدليه على فلانة بدلًا من فلانة؟ مع أن فلانة كانت جميلة فقط، ووالدها منصبه كذا، وأمها منصبها كذا، وفلانة أقل جمالًا؛ فأنتِ تخالفين القاعدة التي قدمتها لي، لماذا سألتزم بشيء أنتِ لا تلتزمين به؟ وكان هذا أول نقاش حاد جدًا، وخضته في الحركة أمام الجميع، ولم أكن خائفة؛ لأنني لم أفعل شيئًا خاطئًا، أو أتجاوز حدودي، وإنما أناقش، وأنا مقتنعة بفكرتي، وبعدها أحرجت آنستي بموقف آخر بنفس الترتيب. 

عندما استلم بشار الأسد الحكم بدأنا "كقبيسيات" نعمل في العلن، ونتحرك بحرية، وفي وقتها كانت أول مرة أدخل فيها إلى مسجد زيد بن ثابت في دمشق، وبدأت الدورات المكثفة تكون بشكل علني للمواد الشرعية، فكان لدي في الشتاء المدرسة والدراسة والتزامي الخاص، وفي الصيف لدي دوراتي الشرعية التي يجب أن أحضرها، وبنفس الوقت لدي حلقة طالبات أقوم بتحفيظهن القرآن الكريم. وعندها أصبحت في سنّ مبكر مسؤولة عن أطفال، وعن تحفيظهم القرآن، وبنفس الوقت آخذ دروسًا.

 وكان الجميع في البلد ملتزمًا، ولديه حلقات، ويذهب، ويحفظ القرآن، حتى لو كان لا يطبق التعاليم، فهذا الشيء أصبح منتشرًا جدًا في دمشق وريفها، وإجمالًا أغلب البنات المتميزات في البلد كنّ "قبيسيات"، وأنا كشابة تبحث عن شيء متميز فإنني سأذهب إلى "القبيسيات"، لا أذهب إلى شيء آخر. ومنذ صغري عشت أمجاد القبيسيات، وكنت أذهب إلى الحفلات الخاصة، وكان لديّ الجلسات الخاصة التي أذهب إليها بالإضافة إلى أماكن أخرى.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/09/12

الموضوع الرئیس

النشاط قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/101-02/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل 2011

updatedAt

2024/03/22

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-منطقة دوما

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

القبيسيات 

القبيسيات 

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة