أنا بهاء الدين نجيب، مهندس مدني خريج جامعة دمشق، من مدينة الكسوة في ريف دمشق، مواليد 1984.

أنا كنت ناشطًا في الثورة السورية من بدايتها في شهر آذار عام 2011، طبعًا كنت ضمن تنسيقية مدينة الكسوة، في بداية الأمر، ثم أصبحت منسقًا للمجلس الثوري لمدينة الكسوة وما حولها، وأصبحت فيما بعد عضوًا مؤسسًا في اللقاء الوطني لقوى الثورة السورية الذي كان يعمل على معظم المحافظات السورية.

وأيضًا عملت في منطقة جنوب دمشق بعد تنظيم العمل المدني والعسكري بها في مخيم اليرموك ويلدا وببيلا، وكنت مفوضًا عن قوى الجيش الحر في التفاوض مع الفلسطينيين في تلك المرحلة في أواخر 2012، ثم انتقلت إلى تركيا في نيسان عام 2013 وأسست منظمة للتنمية السياسية تعمل مع الشباب السوري اسمها "منظمة نبني" ومقرها في غازي عنتاب، وبدأت أعمل في مناطق شمال سورية ضمن برامج المجتمع المدني، وأصبحت مدرّباً معتمداً بالتنمية الإدارية للمجالس المحلية وبرامج الحوكمة في سورية.

الكسوة طبعًا هي منطقة تقع إلى الجنوب الغربي من دمشق، تبعد تقريبًا 18 كم عن مركز العاصمة دمشق، ويوجد مجموعة قرى محيطة بالكسوة تقريبًا 20 قرية أيضًا هي تتفاوت أحجامها بين كبيرة وصغيرة، وأهمها مدينة أو بلدة زاكية التي تقع أيضًا جنوب غرب مدينة الكسوة، لأنها كتعداد سكاني أكبر شيء بعد مدينة الكسوة، وكامتداد جغرافي أيضًا كمساحة جغرافية تعتبر مساحة كبيرة توازي تقريبًا مساحة الكسوة، إضافة للتنوع الثقافي الموجود بها والتكوين الاقتصادي والمجتمعي في هذه البلدة.

طبعًا المجتمع في الكسوة يميل إلى المجتمع المحافظ تقريبًا لدرجة ما، والعلاقات الاجتماعية علاقات متينة مبنية على العلاقات العائلية وعلى الدين أكثر من الانفتاح، ويوجد حركة ثقافية كبيرة في الكسوة، وهي تتميز بوجود شهادات كثيرة كشهادات جامعية، ولكن تفتقر بشكل كبير إلى الشهادات العليا، وهذا يمكن أن يعود إلى الأسباب الاقتصادية، وأيضًا الطبيعة المحافظة لهذه المدينة، لم يكونوا يرسلون أبنائهم للدراسة في الخارج لأسباب منها الوضع الديني[المحافظ]، ومنها أيضًا القدرة الاقتصادية والمالية، لذلك كان يوجد عدد كبير حاصل على الشهادات الجامعية ولكن لا يوجد درجات عليا مثل الدكتوراه، وهي حالة كانت منغلقة قليلًا في فترة من الفترات كحالة اجتماعية، ولا تجد عندنا مثلًا في الكسوة فنانين كثيرًا ولا يوجد لدينا شخصيات مشهورة، كانت حالة منغلقة نوعًا ما.

يوجد بها عدد كبير من الحِرَف، وأهلها يعتمدون جدًا على الحِرَف، وكانت في فترة سابقة مشهورة بالزراعة، ولكن بعد فترة بعد أن خفّت المياه وجفّت في الكسوة بِيعت الكثير من الأراضي وتم تعمير مجموعة كبيرة من المعامل، فأصبح اعتماد الطبقة الوسطى على العمل في المعامل في منطقة الكسوة، وأصبحت الكسوة منطقة من أكثر المناطق في ريف دمشق بها معامل، وتحولت من الزراعة إلى الأمور الصناعية.

وهي مشهورة كمدينة بزراعة محصول الثوم، لذلك حتى الثوم في سورية كان يوصف الثوم الكسواني كأجود أنواع الثوم.

والبلد كان بها حركة اجتماعية مدنية بسيطة قبل الثورة السورية، وحتى في الثمانينات كان يوجد مجموعة أشخاص تنتمي إلى تنظيم الإخوان [المسلمين] أو ميولها أكثر إلى تنظيم الإخوان المسلمين، مجموعة الأشخاص سُجن معظمهم والآخرون نفوا إلى خارج البلد.

والذي حدث أن الحركة كانت أكثرها ثقافية ولم يكن يوجد حركة عسكرية في الكسوة في الثمانينات، والعمل كان سريًا جدًا، يعني كانوا يعقدون اجتماعات ويصدرون بيانات ويوزعون مناشير، سواء في الكسوة أو في القرى المحيطة بالكسوة أو في دمشق، فكان العمل فقط على هذا المستوى، ولكن العمل العسكري لم ينشط في المدينة في ذلك الوقت أبدًا، لأنه أصلًا مجموعة الأشخاص القائمين عليها كانوا جزءاً منهم مدرسين وصيادلة وأطباء، وكانت الحركة ثقافية أكثر، وطبعًا لم تنتشر في عموم الناس الحركة لأنها كانت سرية جدًا ولم يُكتب لها أن تكبر، أو لم يكن يوجد اهتمام من قيادات الحركة على ما أعتقد لتفعيل العمل بشكل كبير في هذه المنطقة.