الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مقتل غياث مطر تحت التعذيب

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:13:15

في شهر (أيار/ مايو) حصلت اجتماعات حتى نتفق على إدارة موحدة -لا أذكر أن الكل تكلم في [طرح موضوع] التنسيقية- أنا لم أكن موجودًا في الاجتماعات، ولكن كان يحيى ونبيل ومحمد قريطم وأصدقاء آخرون موجودين فيها، فحصل اتفاق على دائرة معينة فيها مجموعة [مسجد] أنس القديمة ورفاقنا، يوجد فيها شباب آخرون مثل محمود جنّح ومصطفى الخولي وغيرهم الذين هم طبقة العاملين؛ فهم إما رجال أعمال صغار عندهم ورشة خاصة بهم، أو يعملون في معمل لديهم ورشة خياطة أو محل، ولكن أريد أن أقول إنهم ليسوا مثقفين أو جامعيين، ولم يكن لديهم نشاط سياسي قبل الثورة، ولكنهم انخرطوا بشكل كبير في البداية، وكان يوجد لديهم درجة جيدة من الوعي في الأمر.

يوجد دوائر لا تنتهي مثلًا: مجموعة الجامعة مع بعضهم، ولكن عددهم تقريبًا 8 أو 9 أشخاص، كانوا يشاركون ولكن لا يوجد لديهم نشاط أكثر من ذلك.

كان يوجد بدايات خلاف -وهذا الأمر سمعته من شخص- حيث يوجد في داريا مسجد اسمه مسجد المصطفى، ويوجد [ضمنه] معهد تحفيظ القرآن، وكان أنشط مسجد في تلك الفترة، ويوجد مسجد آخر هو مسجد أنس نحن كنا فيه سابقًا، وتغيرت إدارته، أستطيع أن أقول: إن مسجد أنس والمصطفى هما أشهر أو أقوى مسجدين.

إدارة المعهد في مسجد المصطفى -بحسب ما أذكر- لم تشارك [في المظاهرات] بشكل واضح في البداية، وحتى البعض منهم سمعت بأنهم لم يكونوا مع المظاهرات، ويقولون: إن الموضوع قد يخرج عن السيطرة، والطلاب الذين هم [يمثلون] الصف الثاني والثالث في المسجد كان جميعهم مع الثورة، كانوا يشاركون في المظاهرات، وكان لهم دور بارز في الموضوع الإعلامي، التصوير، والإغاثة، ولاحقًا الطبي، وفي أحد الاجتماعات قال لي أحد الأشخاص: إنهم كانوا يريدون اختيار إدارة، وقال لهم يحيى: اختاروا شخصًا يمثلكم، فهم انزعجوا لأنهم كثيرون، وقرروا عمل شيء لوحدهم، وهذه المجموعة اتفقت مع الصفحة التي كان اسمها "تنسيقية داريا - الشعب يريد إسقاط النظام" فأصبح يوجد تنسيقية ثانية، فالتنسيق هو مزيج إعلامي وميداني على الأرض.

أنا لا أعرف نمط يحيى كثيرًا، وكيف كان يتعامل معهم، ولكن الذي أذكره أن الأمور إلى حد كبير كانت تمشي بسلاسة -ما عدا هذه المجموعة التي أصبحت فيما بعد تنسيقية- وهو طبيعة يحيى بأن الناس تحبه، وبنفس الوقت صلب عندما يأخذ موقفًا، ولكن بنفس الوقت تعامله لطيف جدًا، حتى لو اختلفوا في الرأي، فإنهم في نهاية الجلسة يخرجون أصحابًا وأحبابًا، فقد يكون هناك اختلاف كبير في الرأي، ويحيى ومحمد قريطم وأكثر من شخص كانوا يختلفون عني، فهم اجتماعيون في علاقاتهم؛ فهم كانوا أقدر على إدارة الموضوع.

ضمن المجموعة كان يحصل بعض الخلافات والحساسية، ولكن كل هذه الأمور ضمن حدود مقبولة جدًا.

أحيانًا، يحصل خلاف، مثلًا: لماذا يا أبو النور لم تتكلم لنا عن هذا الأمر؟ -أبو النور هو محمد قريطم- هو أيضًا دمه حامٍ (انفعالي)، فقد يكونوا قد قاموا بنشاط معين، أو قرروا شيئًا معينًا بدون إخبار البقية -وذلك حتى قبل أن تكون هناك تنسيقية- ونحن كنا قد اتفقنا على أن ننسق مع بعض؛ فيحاول أن يجد حجة أو مزحة حتى تستمر الأمور، ولكن من بعد شهر (حزيران/ يونيو) بات هناك تنسيقية نظامية، وفيما بعد أصبح يوجد القليل من التمايز بين "تنسيقية داريا" و [تنسيقية] "الشعب يريد إسقاط النظام- داريا"، وبرأيي الشخصي وبحسب اطلاعي، قد يكون هناك جوانب قليلة خافية، ولكن الصورة العامة، أنه لغاية شهر (آب/ أغسطس) (رمضان) لم تكن التنسيقية تحرك الحراك، وكان الحراك موجودًا في الأساس، ولكن كانت هناك محاولات لتنسيق المنظمين والفاعلين بشكل أكبر، وهم أغلبهم كانوا دائرة واحدة، ونحن جزء من هذه الدائرة التي هي مجموعة أنس القديمة، التي أصبحت تنسيقية اللجان لاحقًا.

تستطيع أن تقول إنه في تلك الفترة لم يكن يوجد انقسامات واضحة، وأذكر أنني سمعت هذا الأمر لاحقًا، أن بعض الأشخاص أخذوا يعقدون اجتماعات لتنسيق خروج مظاهرات من مسجد مختلف؛ لأن جماعة مسجد أنس " الأكرمجية" (عبد الأكرم السقا هو مشرف مسجد أنس) هم متصدرو المشهد الآن، وغدًا عندما يسقط النظام سوف يكون لهم دور أكبر، وسوف يأخذون الأمور باتجاه علماني، و تكلمنا سابقًا أن النهج الديني الذي كان موجودًا في مسجد أنس كان مختلفًا عن النهج التقليدي؛ وبالتالي كان يوجد أشخاص يطلقون عليه أحكامًا مختلفة بين أنه بدعة  وضلال بتدرجات مختلفة، وأنا عندما أتذكر الأمر[أشعر] أنه كان مؤسفًا ومضحكًا بنفس الوقت؛ كان مضحكًا لأن الكثير من الناس كانوا يأملون أن يسقط النظام قريبًا، وكانوا يفترضون- وهذا الأمر سمعته من أكثر من شخص- أن من يقود المظاهرة الآن سوف يكون عضوًا في البرلمان، والآخر سوف يكون وزيرًا، وكنت أشعر أن الموضوع ساذج أو بسيط جدًا، وبنفس الوقت كان الأمر مؤسفًا ؛ لأنه من تلك المرحلة بدأت " الإيديولوجيا" تدخل في الموضوع، وأنهم مثلًا: [كانوا يقولون]: لا نريد هؤلاء الأشخاص أن يتصدروا، وهذا الشيء لا أذكر بأنه كان له أثر ملموس في هذا الوقت المبكر، لكن هذه الأفكار مثلًا: أن نخرج بمظاهرة من مسجد آخر حتى لا يكونوا هم المتصدرون كانت مبكرة نسبيًا، كانت في صيف عام 2011، لكن في عام 2012 أصبحت واضحة وكان هناك سجالات عليها، ولكنها للأسف كانت مبكرة.

بعد أن تم اعتقال يحيى ومعن وغياث كانت صدمة، ولكن كانت الصدمة أكثر عندما استشهد غياث مطر- رحمه الله- بعد يومين أو ثلاثة أيام، الخبر كان بالفعل مثل صاعقة بالنسبة لنا، وكنت في دمشق، وأكثر من شخص كانوا هناك مثل: أسامة نصار، ويحيى، وبشار معضماني، كنا موجودين في دمشق في أماكن مختلفة، واجتمعنا في كفرسوسة في مكان، تشعر أنك غير قادر على استيعاب ما يجري، ولا يعرف ماذا تقول، وعلاقتي مع غياث مطر أصبحت قوية أثناء الثورة، التقيت به أول مرة ولم أكن أعرفه من يكون، والتقينا عدة أسابيع حتى عرفته، وهو كان من الشباب ودمه حامٍ كثيرًا، فكان يوجد عدة أشخاص منهم: غياث، ومجد خولاني، ومحمد عليان (أبو نضال) هؤلاء كانوا بارزين في الهتاف والقيادة، في الفترة الأولى لم يكن غياث سلميًا، ولا أريد أن أقول: إنه كان عكس ذلك، ولكنه لم يكن سلميًا، وقناعتي الشخصية أنه من خلال احتكاكه مع يحيى بشكل أساسي، وإسلام دباس، وغياث شربجي، أصبح لديه نفس سلمي بشكل أوضح وأكبر.

في فترة ما في رمضان أو حتى قبل رمضان بقليل، استأجروا منزلًا في الجسر الأبيض (شقة عند تقاطع الجسر الأبيض)، كان يجلس فيه غياث ومعن شربجي وغياث مطر ويحيى في بعض الأحيان، وذهبت إليهم مرة أو مرتين نمت هناك، كنت أشعر [أن عددنا كبيرًاجدًا]؛ حيث يوجد في المنزل 6 أو 7 شباب في نفس المنزل، وكنا نتقصد عندما ننزل ألا ننزل معًا، ويفترض أن أي بائع بسطة [على الرصيف] قد يكون مخبرًا، كنت أحب أن أذهب إليهم؛ لأن هناك أكثر من شخص، وكنا نلتقي مع بعض، وفي إحدى المرات، ذهبنا، وأفطرنا معًا في مطعم في دمشق، ولكنني لم أكن أشعر بالأمان كثيرًا، والمنزل كان فارغًا، ولكن كنا في فصل الصيف فلم يكن لدينا مشكلة، وأذكر أن كل شخص كان لديه" لاب توب"، وكنا نضع على" اللاب توب" وصلة؛ حتى تلتقط إشارة "الثري جي" من أجل الإنترنت (مودم صغير) ونتكلم عن موضوع الإشارة إذا كانت جيدة أو غير جيدة.

في إحدى المرات كنت أنا وغياث في البيت، لا يوجد شيء في البيت؛ فخرجنا حتى نشتري وسادة كي ننام عليها، فذهبنا ومشينا في أكثر من محل، وكنا ندردش سويًا أنا وهو عن ذكريات لطيفة، كانت مثل وداع، وهذه قبل آخر مرة أرى فيها غياثًا، في إحدى المرات ذهبت أنا وهو إلى البحصة كنت أريد أن أشتري" لاب توب" أو "هارد خارجي" أو "سي دي" أنا عندي "لاب توب" كبير؛ فقمت بشراء لاب توب صغير، حتى لا يلفت النظر؛ لأنه كان مجرد حمل "اللاب توب" يعدّ تهمة، وكنت أريد أن أشتري سواقة [قارئة] "سي دي" خارجية، وذهبت معه إلى [سوق] البحصة، والتقينا مع شباب كان يعرفهم، وهو كان يلعب كمال أجسام، وكان يشارك في بطولات، فهذا الشخص كان بعيدًا عنك قبل شهرين، وأصبح قريبًا الآن، وتعرف تفاصيل شخصية عنه، ومع الأسف بعد النصف الثاني من رمضان لم أشاهده حتى قبيل العيد، فكان النبأ صادمًا جدًا، لأكثر من درجة، لأنه شهيد تحت التعذيب وخاصة أنه كان معتقلًا منذ يومين فقط، وموضوع أن غياث نفسه كان قد بدأ يصبح رمزً ضمن داريا، وهو طبعه كان معروفًا لدى الأمن، مثلًا: مجد خولاني وإسلام دباس كانوا يتصلون أحيانًا بهم ويهددونهم، وكان من طبع غياث أن يرد عليهم ويشتمهم، وأما البقية مثل: مجد فقد كان يتكلم معهم، ولكن بطريقة عادية، فهو أصبح معروفًا، وكان اعتقاله مثل ضربة [موجعة] للمظاهرات، ونحن بدأنا نخاف على يحيى؛ لأنه قد يكون لاقى نفس المصير، ففي ذلك اليوم بدأنا نسأل: ماذا سوف نفعل؟ وأذكر أنه في ليلتها كانت أول مداخلة لي على القنوات (مداخلة صوتية) قبل ذلك كان التواصل على "الإيميلات" فقط، وإرسال المقاطع، ولكن في يومها قررت ذلك، وقبل ذلك كنت مترددًا في الموضوع، ولا أعتبره أولوية، ولكن الشخص [في مثل هذه الحالة] يشعر بأنه بدأ يفقد أصدقائه، فليحصل ما يحصل له.

نسقت مع نفس الشباب الذين أنسق معهم من أجل مداخلة على الجزيرة، والخبر كان معلنًا (خبر غياث) حتى في وقتها انتشر فيديو له ولجسمه، وكان يتم التشويش (التغبيش) عليه، وأنا في المكان المتواجد به كنت أريد أن أتكلم على الهاتف، كنت أستخدم أكثر من رقم، وحتمًا الهاتف سوف يكون مراقبًا، ولا أريد أن أتكلم من المنزل الذي أسكن فيه؛ حتى لا أكشف أصحابه، ولا يوجد مكان مناسب آخر، وفي وقتها لم يكن يوجد مكاتب إعلامية، فلا يوجد طريقة إلا أن أجد مكانًا عامًا، فذهبت إلى كلية الميكانيك، كان معهد الترجمة بالقرب من كلية الهندسة الميكانيكية في منطقه اسمها الصناعة، أعرف أن هناك شارعًا عريضًا "أوتوستراد"، وفي الليل لا يوجد هناك أحد تقريبًا، ولا يوجد حركة، ولم أجد حلًا آخر غير ذلك، مع أن هناك فرع أمن أو منطقة عسكرية، لا أعرف ماهي تمامًا، وأذكر أنني كنت أتكلم، وأنا أمشي بجانب جدار الثكنة، أو الفرع الأمني، و لكن كان الطريق عريضًا و الرصيف عريضًا، و إذا رأيت شخصًا قادمًا أمامي فإنني أذهب إلى جهة اليسار؛ حتى لا يسمعني، ولكن كانت المداخلة لبضع دقائق لم تكن لمدة طويلة، في وقتها استخدمت اسم ماهر الديراني، أو ماهر محمد، كنت أستخدم اسم ماهر على "السكايب"، وفي إحدى المرات، سألتني بنت: لماذا لا تغير الاسم؟ لأنه مثل ماهر الأسد، ولكنني سميت نفسي بشكل عفوي على السكايب ماهر، وبدون سبب. 

كانت المداخلة عن استشهاد غياث بالذات، وحتى أنهم عرّفوني: بأنني ماهر محمد صديق الشهيد غياث مطر، كان حديثًا عن نشاطه السلمي، وذكرت يحيى، وذكرت أنهم ناشطون وأنها مرحلة تصعيد بالقمع، ومن بعدها بدأت أجري مداخلات باسم ماهر الديراني بحسب ما أذكر، واستمر هذا الأمر إلى عدة أشهر، ولكنني أذكر أن هذه كانت أول مداخلة لي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

قتل تحت التعذيب

كود الشهادة

SMI/OH/34-12/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أب- أيلول 2011

updatedAt

2024/03/16

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام

تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

الشهادات المرتبطة