الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

دخول فصائل الجيش الحر إلى مخيم اليرموك ومقتل راتب النمر

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:35:03

ثاني يوم صباحًا قمنا بالتجهيز للعملية، وكانت العملية هي حالة سلمية عسكرية، وأعتقد أنه يوجد فيديوهات [لها]، وأعطت رسائل كثيرة للشباب الفلسطينيين، وكان المجتمع مسرورًا جدًا بدخولنا، وبقينا على محور العروبة نتفاوض مع حاجز لمدة ساعتين حتى ينسحب على مدخل المخيم من جهة العروبة، وحتى المفاوض كان منهم، وكان الشباب العسكر مرابطين للقنص أنه أي عنصر يحمل سلاح أو يتنقل من منطقة إلى أخرى بدون أن يضع الربطة يكون معاديًا، وكانت الفكرة ربطة يوجد لها استخدام لأكثر من موضوع، والذي هو منهم قمنا بإلباسه الربطة وأعطيناه مجموعة من الربطات وقلنا له: عندما تتوصّل معهم إلى اتفاق يجب أن تلبسهم الربطات ويكونوا هكذا آمنين ويذهبون إلى منازلهم، ولا نريد منهم شيئاً ولا نريد أن يسلّموا السلاح، لأن السلاح الموجود في يدهم فردي وقديم، وهو سلاح القيادة العامة لجبهة التحرير، وبقينا لمدة ساعتين نتفاوض معهم إلى أن انسحبوا بدون أي قتال.

ودخلنا من جهة العروبة إلى مخيم فلسطين، إلى أن وصلنا تقريبًا إلى شارع لوبية بدون أي معركة، فقط حدثت معركتان حيث بقيت مجموعة من الشبيحة للشبيح ماهر مزرزع متمترسين، وبقوا متمترسين فوق المستشفى، وأصرّوا على أن تحدث معركة، وطبعًا تمّ إخراجهم من المستشفى وهربوا.

وأيضًا معركة الخالصة وهي مقرّ أحمد جبريل، والمعركة لم تكن صعبة ولم تكن سهلة، وتمّ السيطرة على الخالصة، وتمّ إخراج قوات أحمد جبريل وسيطرة النظام، والنظام لم يكن موجودًا بشكل مباشر، من حدود المخيم ويلدا إلى مخفر المخيم قبل بلدية المخيم، أي [وصولاً] إلى شارع لوبية، وفي هذه المنطقة تمّ إخراج القوات.. الفكرة أننا كنا مرتبين أنه إذا تمت العملية في هذا اليوم فهي للوصول إلى ما بعد مخيم اليرموك، ولكن الذي حدث أنه كان يجب على فصائل الغوطة الشرقية أن تَدخل لتصل إلى المتحلق، ونحن ندخل من مخيم اليرموك.

لكن في ليلة الدخول إلى مخيم اليرموك في 16 كانون الأول 2012 اتصل بي أحد الأصدقاء وأنا كنت قد تعرّفت عليه في الثورة، فتكلم معي وقال لي: أنا أعرف أنك أنت الموجود مع الشباب كمفوّض سياسي، وأريد أن أطلب منك أن توقفوا المعركة، فالقطريون ينصحوننا ألا تكون المعركة بدخول دمشق، ويكفي أن تقطعوا الأوتوسترادات، وهذه لوحدها تجعل دمشق تسقط. فقلت له: الأمر متأخر، ولا يمكن أن ينجح. فقال لي: أنا أنصحكم لأنه يوجد ضغوطات أيضًا على الغوطة الشرقية حتى لا يقوموا بأي عمل، وأن يكتفوا بقطع الطرقات من جهة القابون وجوبر وألا يكون هناك دخول إلى دمشق.

فعندما سألت القادة قالوا لي إنهم متفقون معهم غدًا، ونحن ليس لنا تواصل مع قطر ولا مع غيرها. فقد كانت فصائل جنوب دمشق مختلفة قليلًا ويوجد استقلالية ولا يوجد تواصل مع دول أبدًا، ولا يوجد أحد منهم مخترق من أي دولة كفصائل. فقالوا إنهم متفقون والشباب جاهزون، ولدينا معلومات بهذا الخصوص.

ولكن عندما دخلنا للأسف لم تتحرك جماعة الغوطة الشرقية، وأحسسنا أننا تورّطنا في مخيم اليرموك، وكان يجب علينا أن نصل إلى المتحلق بالتوازي مع وصول الشباب إلى المتحلق، وبدأت العملية لدينا الساعة 7:30 صباحًا وعلى أساس أن تبدأ العملية لديهم أيضًا الساعة 7:30، ولكن للأسف تراجعوا عن العملية ولم يخبروا الشباب أنهم لن يتابعوا بالعملية، ونجح الضغط عليهم.

وبالفعل تبيّن فيما بعد أنهم لجأوا إلى قطع الأوتوستراد بالذهاب إلى القابون وأوتوستراد حمص- دمشق، الطريق الدولي.

نحن هنا كنا قد رتّبنا مع الشباب قبل دخولنا إلى المخيم أن يتولى الدكتور إياد الشهابي مع مجموعة من الأشخاص القياديين من الفصائل الفلسطينية الأخرى تنظيم لجان لإدارة شؤون المخيم. وللأسف لم يستطع الدكتور أن يتمّم هذا الأمر أيضًا، وبعد أن خرجت القيادة العامة من المخيم ودخلنا، ونحن لم ندخل إلى الأحياء طبعًا، بل دخلنا فقط إلى الطريق الرئيسي، أصبحت بعض الفصائل الفلسطينية تهجم على مكاتب بعضها البعض حتى تأخذ بثارات قديمة سابقة، وأصبح لديهم فرصة أكبر لإنعاش الخلافات القديمة للأسف، وكان من الصعب ضبطها، وحاولنا ضبطها في نفس اليوم وتمّ حل بعض المشاكل.

قمنا بزيارات أنا والدكتور إياد إلى أماكن المشاكل، وبقينا إلى الساعة 10 ليلًا حتى عدنا إلى المقر إلى يلدا حتى نستريح، وطبعًا لم نرتح لأنه حصلت معنا مشكلة جديدة، وهي أنه عندما تحررت الخالصة مقر القيادة العامة لأحمد جبريل تبيّن أنه يوجد في الخالصة مؤونة تكفي لمخيم اليرموك كاملًا، حيث وجد الشباب أنه يوجد مؤونة كبيرة ويوجد سلاح وذخيرة بشكل كبير في قبو الخالصة، حيث كانوا مستعدين بكافة أنواع الذخائر، فقرر الشباب -كون الفصائل لا تستطيع الآن سحب هذه المؤونة وهذه الذخائر وكانت أغلبها مؤونة غذائية- فقرروا أن يكلّفوا مجموعة سرية لتحمي الخالصة حتى اليوم الثاني. وعندما عدنا إلى المقرات في يلدا أرسلوا لنا خبرًا أن لواء الحجر الأسود هجم على الخالصة ويقوم بسحب جميع الموجودات فيه، فتوجّهنا مع جميع الشباب من يلدا إلى مقر الخالصة في مخيم اليرموك، وأنا ذهبت بسيارة كان نوعها كيا ريو لشخص اسمه أبو عبدو العاشق، وذهب الآخرون بسيارات أخرى كان معظمها سيارات جيب، ولكن كانت سيارتي نوع كيا ريو منخفضة على الأرض قليلًا. كان أبو عبدو العاشق من يلدا، وهو شخصية معروفة متدينة وله وضعه الخاص في يلدا، وهو قال لي: اِذهب بسيارتي أنا لن أذهب لأنني تعب، فأخذت سيارته. وأنا أذكر [تلك التفاصيل] حتى استشهد بها فيما بعد في حالة معينة. وعندما وصلنا إلى الخالصة، دخل القادة العسكريون حتى يُخرجوا لواء الحجر الأسود، وكان اللواء قد سحب على الأقل سيارتين من الذخيرة، وأنا دخلت إلى الخالصة إلى جميع المكاتب والطوابق وسحبت جميع المستندات والأوراق والوثائق الموجودة في الخالصة، والتي هي عبارة عن مجموعة من تقارير الاجتماعات الخاصة بهم سواء في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين جميعها، وقرأت مثلاً أن اجتماع في مخيم فلسطين قرر كذا وكذا، والذي لفت انتباهي -وهم كانوا قد قاموا بإخراج الكثير من الأوراق والملفات- ولكن أحد الملفات التي تركوها هي جداول بالأشخاص الذين استلموا سلاحاً في مخيم اليرموك، وأنا عندما انتبهت إلى هذه الجداول أخذتها فوراً، وبحثت في كل المكاتب إذا كان هناك نسخ أخرى، وجمعت تلك الأوراق وأخذتها معي، لأنني خفت أن تقع في أيدي جهة أخرى [وحينها يمكن أن] تتحوّل إلى ثارات، لأنه وجود هذه القوائم لمن استلم السلاح يمكن أن تتسبّب بفتنة بين المجتمع الفلسطيني، لأن الناس لا يعرفون من الذين استلموا السلاح، ويوجد أشخاص بالتأكيد استلموا سلاحاً أو مؤناً غذائية أو أموراً مالية أو انتسبت إلى تنظيمات لا تعرف الناس عنها، فأنا سحبت [تلك الوثائق] معي ونزلت لبينما انتهوا هم واتفقوا.

عندما قررنا أن نغادر بعد أن تمّ حلّ المشكلة كانت الساعة 1 ليلًا تقريباً، وكان النظام قد وصله خبر أننا في الخالصة، وقام بقصفنا بقذيفتَي هاون حول مقرّ الخالصة، وربط قناصًا على طرق شارع 15 الذي يكون بجانب الخالصة، وربط قناصًا من جهة القدم، وفي الأصل كان يوجد متاريس بيتونية موضوعة في محيط الخالصة، وكان يوجد مخرج واحد كطريق نظامي من طريق 15 أو يجب الصعود على رصيف عالٍ للنفاذ منها، ولكن سيارتي منخفضة فلم أستطع أن أنفذ من فوق الرصيف العالي، بينما نفذت السيارات الأخرى، وصعد بجانبي أبو أحمد صدّيق وهو أحد القياديين العسكريين، وقال لي: ليس لنا إلا أن نذهب من هنا، ويجب أن تكون حذرًا وسريعًا، وهو كان صديقًا لشخص اسمه راتب النمر، فلسطيني منشق عن أحمد جبريل وانضمّ لنا، فنادى لراتب وقال له: اصعد. فصعد راتب خلف أبو أحمد صدّيق، ونادى راتب لشخص اسمه تيسير كان مرافقًا له وصعد خلفي، ومشيت أنا في الطريق، وكان يجب أن أقطع مسافة 50 متر حتى ألتفّ بالسيارة، وعندما مشيت تمّ إطلاق 3 رصاصات تقريبًا على سيارتي من قبل القناصة، وبقيت مستمرًا في التقدم وقمت بالالتفاف، وبعد دقيقتين قال تيسير الذي كان خلفي: لا أعرف ماذا أصاب راتب؟ فتوقفنا ونزلنا، وإذ راتب النمر مصاب برصاصات في رأسه من الخلف، وقمت بإسعافه فورًا إلى مستشفى يلدا الميداني، وللأسف قال لي الأطباء: لا يوجد لدينا تصوير طبقي محوري ولا نستطيع أن نفعل أي شيء. فقلت لهم: ليس من المعقول أن يبقى هكذا وهو يموت. وكان يتألم بصراحة. فأرسلنا خبرًا مع أبو أحمد صدّيق إلى أصدقائه، وجاؤوا نقلوه إلى مستشفى آخر، ولكن لم يستطيعوا أن يفعلوا له شيئًا، وتوفي، استُشهد. طبعًا هذه الشهادة أحبّ جدًا أن أذكرها وأذكِّر بها وأن يعرفها جميع الناس، ففيما بعد كان يوجد إشاعات أن النازحين هم من قتلوا راتب النمر الفلسطيني أو اغتالوه في مخيم اليرموك، لذلك وجدت أنه من الواجب علي أن أذكر هذه الحادثة كوني أحد الشهود عليها.

في اليوم التالي، وعندما أصبح هناك نزاع على الذخيرة، تحوّل لواء الحجر الأسود إلى حالة سيئة في المنطقة، ولا يريد أن يتعامل معه أحد، ولا يوجد طريقة للتعامل معه، لأن الناس لديها همّ مواجهة النظام بشكل مباشر وليس مواجهة بعضها البعض. وبالرغم من ذلك قام لواء الحجر الأسود فيما بعد بالهجوم على المحكمة والسجن، وكان سيتسبّب بشجارات، وهنا أنا كنت قد خرجت من مخيم اليرموك لأن الوضع أصبح صعبًا جدًا، والفصائل لم تعد تستطيع أن تتقدم، ولم يعد لديها القدرة على الدخول إلى دمشق، وأصبح العمل ثابتًا [متوقفًا] داخل مخيم اليرموك.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/11/02

الموضوع الرئیس

تحرير مخيم اليرموك

كود الشهادة

SMI/OH/47-35/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

كانون الأول 2012

updatedAt

2024/05/04

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-يلدامحافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقيةمحافظة دمشق-مخيم اليرموك

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لواء الحجر الأسود

لواء الحجر الأسود

القيادة العامة لجبهة تحرير فلسطين

القيادة العامة لجبهة تحرير فلسطين

الشهادات المرتبطة