الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الاستدعاء للتحقيق في فرع المنطقة بدمشق

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:30:21

من الأشياء الفارقة والمهمة التي حصلت معي في الجامعة، أظن أنها كانت في العام 2004، حيث كان هناك وجود طاغٍ للطلاب اللبنانيين من "حزب الله" و"حركة أمل". فجأة، بدأنا نرى 40 أو 50 طالباً وطالبة بهذا المظهر (اللباس الأسود للطالبات واللحى التي تدلّ على الالتزام للشباب)، يرتدون لباس "حزب الله". وفي ذلك اليوم، يبدو أنه صدر قرار لرفع مستوى القبول أو التبادل الثقافي لصالح "حزب الله" و"حركة أمل"، ومن يعرف كلية الطب في جامعة دمشق يعلم أننا كنا تجمعاً طبياً مكوناً من: كلية طب الأسنان، وكلية الصيدلة، وكلية الطب البشري. وأصبحنا نرى في كليتنا دفعة مكوّنة تقريباً من 40 طالب لحزب الله و15 طالب لحركة أمل، فأصبح المظهر واضحاً جداً في الكلية وبشكل ملحوظ، أصبحت نسبتهم أكثر من نسبتنا (نحن أهل حوران) في كلية الطب البشري. ويوجد أمر مميز في جامعة دمشق، وهو أنه عندما تصدر القائمة الأساسية للمقبولين في كلية الطب كانت تصدر وفيها 295 شخصاً تقريباً، ولكن عملياً عدد طلاب الدفعة 605، بمعنى أن القائمة الأساسية المقبولة على أساس مفاضلة التعليم العالي مؤلفة من 295، ولكن الدفعة تكون 605، فعلى ما يبدو أن هؤلاء منهم.

وفي إحدى المرات، كنت أجلس في مقهى في كلية الصيدلة، فتعرّفت على شاب، وهو عرّفني على شاب اسمه محمد باقر من حزب الله، فجلسنا في كلية الصيدلة في المقهى، ولم يكن ابن دُفعتنا، ربما يكون قد تأخّر سنتين في تخرجّه من الكلية، فتصادفنا معاً، حيث كنت في السنة الخامسة، وصرنا أصدقاء، حيث أصبح محمد باقر يتقصّد المجيء إليّ، وكان يأتي عندما أكون في مقصف للكلية، ويجلس بجانبي، وكنا نتكلم، وكان الكلام عادياً، ولم يكن يتدخّل في الموضوع الديني لا من قريب ولا من بعيد. وفي يوم من الأيام ، وكان قد قطعني محمد باقر وبشكل مفاجئ ولم يعد يتكلم معي أبداً، وفي أحد الأيام تكلم معي أخي، وقال لي: أين أنت؟ فقلت له: في المنزل، كنت قد استأجرت بيتاً في المزة، فقال لي: يوجد لديك استدعاء، جاء من فرع السويداء، ولكن أنت مطلوب، ولديك استدعاء في يوم الأربعاء الساعة 9 صباحاً في فرع المنطقة (مكتب الطلاب). فخفت، وكان أخي خائفاً، وسألني: ماذا حصل؟ وماذا فعلت؟ قلت لأخي: أعتقد أنني متخلّف عن الجيش، ربما يكون هذا السبب؛ لأنني لم أؤجّل بعد. فأنا قلت له ذلك، ولكنني خفت كثيراً. وفي يوم الأربعاء، لم يخطر في بالي موضوع محمد باقر أبداً، ولبست بدلتي وربطة العنق؛ حتى أدخل بشكل محترم، وذهبت إلى فرع المنطقة مقابل وزارة التعليم العالي، ودخلت، وعند الباب، قلت له: لدي مراجعة اليوم. طلبوا الهوية والهاتف، فأعطيتهم الهوية والهاتف، ثم دخلت، وكنت قد أخذت كل الاحتياطات، وقمت بحذف كل شيء من هاتفي، سواء كان له قيمة أم لا، أو كان رسالة حب أو غير ذلك، قمت بحذف كل شيء. وجاء شاب، وأخذني إلى الداخل، وكنت أمشي خلفه، فقال لي: أنا اسمي علي. ودخلنا من فرع المنطقة من الناحية الشمالية تقريباً، إذا دخلت من الباب الرئيسي إلى اليمين كان هناك باب جانبي وليس رئيسياً، ودخلنا من هذا الباب، ثم جاءنا ممر طويل، ثم أدخلوني إلى غرفة، ويوجد داخل الغرفة سريران من الحديد، ويوجد مكتب وكرسي ويقابله كرسي آخر، وجلست على الكرسي، وجلس علي، وقال لي: كيف حالك؟ فقلت: الحمد لله بخير. فقال: هل تشرب المتة (شاي عشبي)؟ فقلت له: نعم، أشرب. وأعطاني كأساً، وسكب لي من كأسه، فقال لي: هل تشرب السجائر؟ فأردت إخراج علبة سجائري فقال لي: لا، لأن "المتة" لا يُدخّن معها إلا السجائر الحمراء الطويلة. فأعطاني سيجارة حمراء، وقمت بشرب السيجارة، وارتحت قليلاً. وبعد قليل، ذهب علي، وجلب معه مجموعة أوراق، ووضعها أمامي، وذهب، فجاء شخص آخر، وكان لئيماً، فقال لي: من أنت؟ لماذا تجلس؟ من سمح لك بالجلوس؟ لماذا تشرب السجائر؟ ولمن هذا الكأس؟ فقلت له: كان هنا علي. فقال لي: تقول علي هكذا! يجب أن تقول: الرقيب علي. وكنت أجيب على أسئلة في مجموعة أوراق، لم يتركوا شيئاً إلا وسألوه: أنت، وأقاربك، وعن الشخص المعروف من أقاربي، وإذا تزوجت هل ستتزوج محجبة أم غير محجبة؟ أسئلة تفصيلية جداً، أظن أنني استغرقت في الإجابة على الأسئلة ساعة تقريباً. وعندما تكون أنت في هذا الظرف الصعب فتصيبك الحيرة في معرفة ماذا ينبغي عليك أن تكتب، [وتسأل نفسك]: هل أكتب هكذا أم هكذا؟ وهل أجيب هكذا أم هكذا؟ ولكن المهم أنني انتهيت، وأخذوا الأوراق.

بصراحة، أجبت على القسم الأكبر بشكل حقيقي، فأنا توجّهي علماني، ونوع الأسئلة التي يسألونها والقسم الكبير منها والمهم كان يخصّ الحالة الفكرية العقدية على الأغلب. وفي تلك الفترة، كنت في الأصل مرتبطاً ببنت علوية، ولكن من الأشياء الكاذبة -تخيلي إلى أين وصلت درجة الخوف لديّ- أنني كنت قد اشتريت لها خاتماً، وحتى أظهر بأنني منفتح جداً؛ أخذت الخاتم، ووضعته في إصبع يدي (الخنصر) وكان خاتماً للبنات، ولكن حالة الإرباك التي أعيشها جعلتني أضع الخاتم في إصبعي الخنصر. ولكن هناك أسئلة عن أقاربي، وعندما سُئلت: هل لديك أقارب معتقلون؟ بصراحة، لم أجب، ولم أخبرهم بأن سليمان الحريري كان معتقلاً؛ لأنه من "الإخوان المسلمين"، وكتبت: لا يوجد. وبعد قليل، جاء شخص، وكنت قد أنهيت الإجابة عليها، وأخذوها، جاؤوا بشخص، وكانوا قد أتوا به من الحدود، وكان معه ظرف مختوم بالشمع الأحمر، وعلى ما يبدو أن لديه مراجعة، وقاموا بضربه أمامي، وكانوا يصفعونه على خده من جانب واحد؛ حتى تورّم خده، وأصبح هناك عدم توازن بين طرفي وجهه، كانوا يضربونه على رقبته وكل ذلك قبل أن يفتحوا الظرف، فهو يجلس ومعه ظرفه، ولكنه يتعرّض للضرب في هذه الغرفة.

وبعد مرور ساعة أخرى، أخذوني إلى الغرفة التي بجانبنا، وجاء علي، فدخل، وألقى التحية، ودخلت أنا بعده، كان هناك مكتب، يجلس خلفه شخص، وكان هناك مقاعد، كان مكتباً فخماً، فقام الشخص الذي خلف المكتب، وألقى التحية عليّ قائلاً: كيف حالك يا دكتور، اجلس. وجلست، وطلب لي القهوة، وجاءت القهوة المرّة، وشربت، وأحسست أنني في حيرة من أمري، هل وضعي بخير أم لا؟ وتكلم هذا الضابط، وعندما تكلم -أصبحنا في السكن الجامعي نميّز [اللهجات]، فنحن أبناء الجنوب قد تختلط علينا لهجة أهل حماة وإدلب ولهجة الساحل- وعندما تكلم أدركت أنه إدلبي، فارتحت قليلاً. كان اسمه العميد زياد، هكذا أخبرني، فقال لي: هل تعرف لماذا تمّ استدعاؤك؟ فقلت له: لا أعرف. فقال: لا تنكر. فقلت له: صدقني لا أعرف. وصاح على العسكري، وقال: أنزلوه. وأخذوني، وأنزلوني، وفكّوا رباط حذائي وربطة عنقي، بمعنى أن الأمر جديّ، ثم أدخلوني إلى منفردة، فأنا استغربت، ولكنهم لم يضربوني أبداً. جلست أيضاً لمدة ساعة، وبعد قليل، فتحوا الباب، فقالوا: هل ستتكلم؟ فقلت لهم: فعلاً، لا أعرف لماذا أتيت، قولوا لي: ماذا تريدون؟ وأنا أجيبك. وأخرجني في نفس القبو إلى غرفة جانبية، وأعطاني رباط حذائي، وقال لي: ضعه. فوضعت رباط حذائي، ولبست ثيابي وربطة عنقي، ثم أخذوني إلى نفس العميد، فقال لي: ألا تعرف لماذا تمّ استدعاؤك؟ فقلت له: لا أعرف. فقال لي: هل شتمت السيد حسن نصر الله؟ فقلت له: لا، لم أشتمه. وقال: هل مزّقت صور السيد حسن نصر الله؟ وعندها خطرت في بالي حادثة، وتذكرت أنني مزّقت صورة لحسن نصر الله، حيث كنت قد خرجت من "كافيتيريا" كلية الصيدلة مساء، وكنت أريد أن أذهب إلى المغاسل، ومررت بما يشبه القبو صغير؛ حتى نصعد على الدرج، ووجدت صورة صغيرة فمزّقتها، وكان هناك شخص معي، ولا أعرف إذا كان هو المتورط أم لا، فقلت له: لا، أنا طوال حياتي لم أمزّق صورة. فقال لي: على كل حال صديقك كتب تقريراً بك (وشى بك). ولم أعرف من هو صديقي الذي فعل ذلك. فقال لي: هذا رقمي، أي معلومات تحصل معك -هذا هو الأسلوب الأمني- وهؤلاء هم مقاومة وتلك هي مصلحة الوطن... وأعطاني رقم هاتفه بالفعل، وهنا أخبرني اسمه، وقال لي: سجّل الاسم العميد زياد. وخرجت من عندهم في الساعة 4 مساءً، واعتذر علي مني، وقال: لقد أتعبناك، ولكن هذا هو الأسلوب المتبع. وقال لي علي: أنا مندوب السكن الجامعي، دعني أراك.

وبعد أسبوعين أو ثلاثة، وفي تلك الفترة كنت أسكن في المزة، وكنت أذهب إلى السكن الجامعي عندما نريد أن نجلس في "مقهى الأوركيد" حتى نرى أصدقاءنا. وفي أحد الأيام، دخلت إلى السكن الجامعي، فرأيت علي أمامي، وتبادلنا التحية، فقال لي: إلى أين أنت ذاهب؟ فقلت له: إلى الوحدة الأولى. فقال: وأنا كذلك. فقال: إلى أي طابق في الوحدة الأولى؟ فقلت له: إنني ذاهب إلى الطابق السادس، حيث يسكن صديقي هناك. فقال لي: وأنا كذلك ذاهب إلى الطابق السادس. وذهبنا إلى الوحدة الأولى، ودخل إلى غرفة صديقي أشرف من الساحل، ولكن أشرف صديقي، وهو لا يعرف بكل هذه الأمور، وبقيت حتى المساء، ثم دخلت إلى أشرف، وألقيت عليه التحية، فقلت له: لقد حدث معي كذا منذ فترة. فقال لي: إنهم سألوني عنك، وقلت لهم: إن الرجل جيد. هكذا قال لي أشرف بصراحة.

وفي أحد الأيام، بعد شهر تقريباً، كنت جالساً في مقهى العائدي في السكن الجامعي فدخل محمد باقر مساءً. وفي تلك الأيام، كان السوريون يحملون هواتفاً عادية، كان هاتفي من نوع فراشة، ودخل محمد باقر ومعه هاتف كبير، وجلس بجانبي، وقال: هل يمكنني أن أشرب معك القهوة؟ فقلت: تفضل. وذهبت حتى أطلب القهوة، ومن يعرف هذا المقهى يعلم أنك تطلب شيئاً ثم تعود إلى مكانك، وكنت أراقبه، فكان يقوم بتشغيل الهاتف، ويضعه على طرف الكتاب مقابلي، ورجعت، ووضعت القهوة، فقال لي: يا عبد الله، أنت تعرف من يمزّق صور السيد حسن نصر الله، وأنت تعرف من يتكلم علينا. فقلت له: اسمع يا محمد باقر، نحن في سورية الأسد، وهذا الكلام لا أسمح لك أن تقوله، وأنا كنت منتبهاً إلى هاتفه، فقد أصبح لدي يقين بأنه يتعمّد القيام بذلك معي، فأخذ هاتفه مباشرة، وذهب. وفي اليوم الثاني، اتصلت بالعميد زياد، وقلت له: يا سيادة العميد، إنني أريد أن أراك. وذهبت إليه، وقلت له: لقد جاؤوا، وكانوا يهددونني، وكان محمد باقر يقول لي: سنفصلك من الجامعة. وطبعاً، أنا كذبت، وبالغت في الوصف، وكنت مرتبكاً في تلك الفترة، والموضوع بالنسبة لي لم يعد أمراً عادياً. وفعلاً، كنت قلقاً، فلماذا يتمّ استدعائي إلى فرع أمن؟ وكذبت، فقال لي العميد: هذا الكلب مندوب فرع فلسطين سوف أؤدبه. وشربت القهوة، وقال لي: اذهب، وأي شيء يحدث معك أخبرني.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/14

الموضوع الرئیس

المتابعات الأمنية للناشطين قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/53-05/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2004

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حزب الله اللبناني

حزب الله اللبناني

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جامعة دمشق

جامعة دمشق

حركة أمل

حركة أمل

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

الشهادات المرتبطة