الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النشاط السياسي الحزبي السري في سورية خلال حقبة الثمانينيات

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:35:24

اسمي حسن النيفي، من مواليد مدينة منبج 1963، وأحمل إجازةً في اللغة العربية من جامعة حلب، ومعتقل سابق لمدة 15 سنةً -من 1986 حتى 2001- وكان اعتقالي بسبب الانتماء إلى حزب البعث -جناح القيادة القومية، وكان يطلق عليه حزب بعث العراق، نشاطي السياسي كان في وقت مبكر؛ أي منذ المرحلة الثانوية، بقيت في جامعة حلب حتى وصلت إلى السنة الرابعة عام 1986، وفي 9 تشرين الثاني/أكتوبر 1986 اعتقلت، وليس السبب نتيجة مواجهة مع الأمن، وإنما اعتقل بعض الرفاق في مدينة أخرى، وبسبب أنه عندما يُعتقل شخص فإن الأمن يحاول أن يمسك بخيوط التنظيمات الأخرى. هناك مسألة؛ أنه لماذا كان انتمائي لحزب البعث التابع لجناح القيادة القومية؟ أستطيع أن أقول -بكل تأكيد- أن أبناء جيلي من جيل الستينيات ممن عملوا في السياسة في وقت مبكر؛ أي في المراحل الثانوية والجامعية، تحديد الخيارات أو الانتماء إلى حزب ما، أو اعتناق أفكار ما، أو اختيار أيديولوجيا ما، أعتقد لم يكن نتيجة خيار فكري مدروس، أو انتقاء فكري قائم على أساس معرفي، وإنما كانت هناك عوامل أخرى، وهذه العوامل تخص الجميع، ولا تخص القوميين وحدهم، وإنما حتى الإسلاميين أو الشيوعيين، وذلك لأن أي شخص منا في تلك المرحلة، لا يستطيع الزعم بأنه استطاع أن يحدد خياره نتيجة انتقاء معرفي ما، وإنما هناك مناخات عامة وهذه المناخات هي التي كانت تسهم في تحديد مسارات أي منا.

فمثلًا: المدن الكبرى كحلب ودمشق، كان فيها أجواء ربما النشاط الإسلامي فيها واضح، فمعظم انتماءاتها أو مناخاتها السياسية كانت تميل إلى الاتجاه الإسلامي، بينما أرياف مدينة دمشق وأرياف مدينة حلب والمنطقة الشرقية، كان الاتجاه العام هو نحو التيار القومي، بالإضافة إلى مدن الساحل السوري، كان لديهم النشاط الشيوعي الماركسي الواضح. إذًا هناك تموضعات للأيديولوجيا على الجغرافية السورية أصبحت واضحة المعالم؛ يعني مثلًا المدن كدمشق المدينة وحلب المدينة وإدلب المدينة وحماة المدينة، هذه للتيار الإسلامي- تيار الإخوان المسلمين- بينما مثلًا التيار الماركسي في الساحل السوري، أو مدن السلمية والسويداء، والتيار القومي في المناطق الشرقية من سورية، بالإضافة إلى أرياف دمشق وأرياف محافظة حلب، وهذا بالنسبة إلى المناخات، وهناك أيضًا أستطيع القول أنه يوجد عوامل سياسية أيضًا كانت ربما يكون لها أيضًا دور في تحديد الانتماء، وبالنسبة لي شخصيًّا، أنا أقول: إنه في تلك المرحلة، بأن المناخ العام في مدينة منبج وأريافها؛ أي في الريف الشرقي لمدينة حلب، كان هناك إرث للتيار القومي؛ للتيارات الناصرية تحديدًا، والبعثية المنحازة إلى جناح القيادة القومية. وكان هناك عامل سياسي محفز آنذاك، وهو الحرب العراقية الإيرانية، التي كان لها صدًى مدوٍّ، وذلك أن وصول الخميني إلى السلطة في عام 1979، كان له ردود فعل ربما مختلفة، والكثير -ربما من العرب والمسلمين- تفاءلوا بقدوم الخميني، واعتبروه أنه سيكون ظهيرًا لهم في مقاومة المد الصهيوني، ومقاومة المد الإمبريالي، وهناك أيضًا فئة وتيار من السوريين لم يروا ذلك فيه.

عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية كانت هناك المواقف قد تبلورت، ونظام دمشق -حافظ الأسد- آنذاك، انسحب تمامًا من المظلة العربية مما كان يسمى -أو يطلق عليه- جبهة الصمود والتصدي، ودخل تحت المظلة الإيرانية، واصطفاف المواقف، كان يجعلنا ننظر إلى حافظ الأسد بأنه قد استخدم شعارات حزب البعث للاستثمار فقط، ولكن ما يمارسه على أرض الواقع هو مباين كليًّا ومفارق للنهج القومي، وكنا نرى من أبناء جيلنا، أن العراق قوة بشرية وقوة عسكرية، وتموضع جغرافي يمكن أن يكون نواةً لنهضة عربية، وهكذا نحن -القوميين- كنا نفكر، ولم يكن الناس مشهورين؛ يعني الذين كانوا يدعون، أو رموز الحزب كانت الرموز التقليدية هي المعروفة، ولكن هذه الرموز التقليدية كلها استقالت من العمل، وكان العمل لجيل جديد تمامًا، وهذا الجيل الجديد لا يوجد فيه أسماء مشهورة، والأمر الذي أسهم في تغييب هذه الأسماء هو طبيعة العمل السري؛ يعني العمل السياسي آنذاك لا أحد يجهل بأنه كان على درجة كبيرة من الخطورة، يعني الذي يعمل في السياسة عليه أن يعمل في الظلام وفي السر، وكان واضحًا تمامًا بعد مرحلة الثمانينيات، أن نظام حافظ الأسد اتجه اتجاهًا دمويًّا جدًا، وردة الفعل تجاه الإخوان المسلمين، حيث كانت هناك مواجهة مسلحة بينهم وبين السلطة، ولكن ردة فعل السلطة لم تكن تطال الإخوان المسلمين وحدهم، بل طالت كل أطياف المعارضة، وأصبح النظام يبطش بطشًا وهو لا يعتقل فقط اعتقالًا، أو مجرد تضييق على الناشطين السياسيين، أو على أحزاب المعارضة، وإنما أصبح ينظر نظرة عداء لكل أحزاب المعارضة، فكانت ردة فعل النظام هي التي ألجات كل الأحزاب السياسية أن تعمل تقريبًا في الظلام، وهذا كان له انعكاس سلبي جدًّا على عمل المعارضة، يعني يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه لم تكن وسائل التواصل، فكان العمل بأساليب تقليدية جدًّا، كان مثلًا إيصال رسالة أو إيصال منشور من مكان إلى مكان، ربما يكلف (يستغرق) أحيانًا وقتًا طويلًا واحتياطات كبيرةً، وأحيانًا قد يتعرض أي شخص للاعتقال وتكون له نتائج كارثية.

أنا كنت في الصف الحادي عشر (الثانوية)، وأنا أعتقد بأن الأعمال أو النشاط الذي كانت تمارسه أحزاب المعارضة يكاد يكون متشابهًا، وخاصةً المعارضة السلمية -أي الأحزاب السياسية-، فهذه الأحزاب أولًا: ربما كل حزب أقصى ما يملك هو جريدة، وأقصى ما يملك أيضًا هو منشور يوزعه، أو بيان للجماهير وللناس، والبيان أيضًا يتم توزيعه بطريقة سرية جدًّا، وربما لا يتجاوز توزيعه مئات الأشخاص، أو بإمكان بعض أعضاء الحزب، أن يقوموا بإلصاق البيانات ليلًا بشكل سري على الجدران وفي الأماكن العامة، وهذا كنا ندفع ثمنه؛ يعني عندما كان الأمن في الصباح يرى المنشورات، تجده في اليوم الثاني يستنفر، ويعتقل بعض الناس الذين يشتبه بهم، ونحن نضطر للاختفاء، وربما الغياب لشهر أو أكثر حتى نتبين حقيقة الأمر، وهذه الظروف التي كانت تعمل فيها المعارضة هي ظروف صعبة في الحقيقة، وفرضها الواقع الأمني والواقع القمعي الذي كان يمارسه نظام الأسد، لذلك نرى الأثر الذي تركته أحزاب المعارضة، أو المنجز الذي أنجزته لا يوازي تضحياتها على الإطلاق، يعني الآن نسبة المعتقلين ما بين عام 1980 وعام 1990، كانت بعشرات الآلاف بغض النظر عن التصفيات الجسدية، والذين استُشهدوا والذين ماتوا، وعندما ترى هذه التضحيات، وترى المنجز الذي أنجزته المعارضة، بالرغم من أنه لا يوجد هناك تناسب على الإطلاق، والسبب في ذلك هو طبيعة العمل، والآليات التي كانت تتبعها المعارضة، وهي طبيعة تقليدية جدًّا، فنتيجة شدة القمع والخوف كان الحيز الذي تتحرك فيه هو حيز ضيق جدًّا، وهذا جعل أثرها محدودًا جدًّا، وفضلًا عن ذلك فإن العمل في الخفاء، والعمل في السر أكثر من اللازم، انعكس أيضًا على الجانب الفكري والجانب السياسي للمعارضة، ولم تكن تعمل في أفق مفتوح حتى تتمكن من الحوار والتلاقي -من نوع من التفاعل-، وإنما كان كل حزب أو كل تيار يعمل وكأنه في بلد مغاير للحزب الثاني.

أنا دخلت الجامعة عام 1983، وكنت آنذاك أمارس عملي الحزبي وعلى رأس عملي الحزبي، وطبعًا جامعة حلب كان يوجد فيها تشديد أمني شديد بعد عام 1980، والاجتياح كان في مرحلة الـثمانين، وبعد الثمانين الجيش لم يكن داخل المدينة، ولكن التشديد الأمني أمام كل الدوائر، حتى عندما ندخل إلى الجامعة كنا نخضع للتفتيش في المدينة الجامعية، بالإضافة إلى ذلك فعناصر المخابرات الذين ينتشرون في كل مكان في الجامعات، لذلك حافظنا على درجة من السرية وخاصةً من يُعتقل لا رجعة بعدها.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/18-01/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

ماقبل الثورة

updatedAt

2024/03/22

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

حزب الشعب الديمقراطي السوري

حزب الشعب الديمقراطي السوري

حزب العمل الشيوعي في سوريا

حزب العمل الشيوعي في سوريا

الشهادات المرتبطة