الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مظاهرات الحجر الأسود والتحريض الطائفي للنظام

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:40:04

حصل مثلاً في آخر 2011 : أنني شاركت في مظاهرتين في الحجر الأسود، كانت المظاهرة تخرج من دوار المخفر الذي يؤدي إلى حي تشرين، وتذهب المظاهرة باتجاه مشحم عامر، طبعاً، يصلون إلى حدّ معين ولا يكملون.

وكانت هناك مظاهرات، شاركت بإحداها في حي تشرين؛ لأن الخالصة مقابلهم، نحن نتكلم عن الفترة الأولى، ولم يكن هناك مناطق محررة، مشحم عامر تقابله الخالصة التي لم تكن في البداية تتعامل مع المظاهرات، ولكنها كانت تسمح بمرور سهل لعناصر الأمن، وكان يحصل أحياناً إطلاق نار. هذا الأمر لا يمكننا أن نلوم الناس عليه؛ لأن الحجر الأسود أو المخيم أو التضامن هي بيئات، يعني نحن نتكلم عن البنى التي يسمونها: "الجَلَب" إدارياً في دمشق التي هي من كل قطب أغنية، فتجد النازح والفلسطيني والحوراني والحمصي والسني والعلوي والدرزي، فتجد كل هذا الخليط، وفجأة، ترى سلاحاً أبيض خرج في المظاهرة، كانت الإشكالية أنك تنسحب من هذه المظاهرة؛ لأنك تحسّ بأنها لا تعبر عنك، وأنا أقصد بالسلاح الأبيض أنه قد يكون موساً كبّاساً أو ما تسمى بالشنتيانة (سكين طويلة)، وهي تُلف على الخصر، ولكنها عملياً بالنسبة لأبناء هذه المناطق هي علامة الجدعنة (الشجاعة)، فالحالة في بدايتها تكون استعراضية، يعني هي حالة الجدعنة (الشجاعة) في هذه المناطق، تعني أنك مثلاً: في فلسطين، يقولون لك: ضرّيب موس (تحرّك الموس كما تريد) أو الشنتيانة (سكين طويلة) التي تلتف على الخصر والحرفية...، ولكنك تحسّ أن هذا من المؤكد لا يعبّر عني، حتى وإن كان هو علامة الجدعنة (الشجاعة) وإلى آخره، أو أحياناً يخرج خطاب طائفي عن سنة وعلوية، فأنا أفهم أنه في تلك الفترة كانت تخرج شائعات- وأكيد(حتماً) يكون النظام وراءها- بأن العلوية في شارع الأسد أو حي الأسد، كانوا يسمونه: "حي العلوية". عند دوار البوابة في القدم، يوجد حي بجانبها اسمه: "حي الأسد"، أو يسمونه: "شارع العلويين"، فكانت مثلاً: تخرج شائعة فجأة في الحجر الأسود أو في مخيم اليرموك، وأعتقد أن ذلك قد حدث في المخيم: إن العلويين هجموا عليكم بالسكاكين، والعلويون يريدون كذا، والعلويون يريدون كذا. فيقوم الناس بإخراج شنتياناتهم (سكاكين طويلة) والسكاكين، ويخرجون بشيء يشبه المظاهرة، وهي ليست مظاهرة، وإنما استعداد لهذا الهجوم الذي هو شائعة عن طريق عنصر أمن، يبثّها في وسط كهذا، ونحن نتكلم عن وسط الجلب، وهذا الوسط الجلب فيه ميزة أنني أمشي في الشارع، وقد أقول كلمة، ولكن لا أحد يعرف أنني أسكن هنا، أو أسكن في مكان آخر أو غريب أو قريب. فكانت هذه الشائعات تنتشر، وأدّت لانعكاسات في الهتافات. وفي النهاية، أنت تتكلم عن أشخاص تصلهم شائعة بأن هؤلاء قادمون إليكم وإلى منازلكم التي فيها أمهاتكم وزوجاتكم وأبنائكم.

أتذكر الشعارات في ذاتيتها، وكان فيها شيء عن لفظ علوي وسني، يعني يوجد فيها هاتان الكلمتان، ولا أذكر أنني سمعت: "على التابوت وعلى بيروت" (المسيحي على بيروت والعلوي عالتابوت). ولكن يوجد شيء علوي، يعني توجد هذه الكلمة أو سني وعلوي، ولا أذكر تماماً، ولكن في هذه المظاهرة على الأغلب، كنت أنا وعدنان حمدان، فانسحبنا منها.

مظاهرات الحجر الأسود بصراحة كانت كبيرة، وأنت لا يمكن أن تقول: إن هذه هي السمة العامة. ولكنك في مظاهرة يخرج فيها شخص، ويتكلم، يعني يجب أن تنتظر ثلاثة هتافات حتى يقول الناس خلفه الهتاف الرابع، فإذا قالوا فهذا يعني أن الناس يرددون الهتاف، وكانت أول ثلاثة هتافات لا يحسّ الناس بها؛ لأن أي صوت يأتي فأنت تلقائياً تردّد مرة ومرتين وثلاثة، حتى تستوعب ما يُقال. فانسحبنا أنا وعدنان، وتناقشنا بهذا الموضوع: أن هناك ماكينة للنظام تُخرج شائعات، فهو ينجح عملياً بتحقيق دعوة أن هذه الحالة طائفية أو هذه الدعوة في الثورة هي دعوة طائفية للقضاء على العلويين، والذي استفاد منها هو النظام لاحقاً في تجنيد كثير من الناس معه. مثلاً: في إحدى المرات، في آخر 2011 ، كنا جالسين في منزل الصناعة، وهو نفس المنزل الذي أذكره دائماً في منطقة الصناعة، في الحديقة 14 ، والمنزل للدكتور حسن حديد، كان قد أعطانا إياه، وكانت بناته يدرسن، وكانت صديقتنا نوار حديد تدرس طب أسنان، وكانت في سنة التخرج، وكانت أختها ريم تدرس صيدلة، و الصبايا قمن بمساعدتنا جداً سواء في المرور على حواجز أو في كثير من الأمور. وطبعاً، شاركن في المظاهرات وغيرها، فعملياً كان البيت مثل الملجأ لنا أنا ووائل سعد الدين، كان وائل ناشطاً، وقام بالكثير من التقارير "للعربية" أو لغيرها أو "للجزيرة"، وصور عدة أفلام مع الجيش الحر في "اللجاة" (أخرج وائل الفيلم الوثائقي "خطوط القلب الجنوبية").

في أحد الأيام، في الساعة 6 صباحاً، في الجنوب من حي الصناعة، كان هناك حي، لا أذكر اسمه، كان في جنوب الحديقة 14 [بالقرب] من مسبح النضال، كان هناك شارع يؤدي إلى حي، كانت عشوائيات أيضاً (جلب)، في أحد الأيام، في الساعة 6 صباحاً، كنا نائمين في المنزل، وبدأ الباب يُطرق، فتحنا، وكنا نظن أنهم الأمن، وفتحنا الباب فكانت ابنة عمهم، اسمها نسمة حديد (ابنة عم ريم ونوار) وكان وجهها أصفر مخطوفاً (شاحباً) ومرتعبة رعباً حقيقياً، وكانت تلهث، فأدخلناها، فدخلت، وجلست في الصالون، وقدّمنا لها الماء، وهي تقول: إن العلويين هجموا. وبعد قليل، ارتاحت، قلنا لها: ماذا حصل؟ قالت: لا أعرف، كنا نائمين، واستيقظنا على أصوات في الشارع، والناس ينزلون إلى الشوارع، فمنهم من ينزل ومعه سكينة، ومنهم من ينزل ومعه عصا، ويقولون: إن العلويين هجموا عليكم بالسكاكين، ويريدون أن يقتلوكم بهذا المعنى. و في تلك الفترة، كان هناك أمر، وأنا رأيتها عند دوّار البوابة، حيث كان النظام يعطي الشبيحة سيفاً، وتكون نهاية السيف عريضة، وأنا رأيتهم يحملونه في منتصف 2011 ، وكنا نريد أن نخرج في المظاهرة، ولكننا لم نستطع أن نصل إليها؛ لأنها حصلت في الأحياء، وهربنا بواسطة باص النقل الداخلي الذي يأتي إلى مخيم اليرموك، وعلى الأغلب الذي كان معي هو أحمد عزام، فجلسنا في الباص، وأصبحنا نرى الشبيحة الموجودين على الرصيف، وفعلاً، لم يكن شخصاً واحداً فقط، ويحمل هذه القطعة من السلاح، وإنما كانوا أكثر من شخص يحملون نفس القطعة ونفس الشكل ولها مقبض ونصل طوله لا يقل عن 40 سم، يبدأ رفيعاً، ثم يصبح عريضاً في آخره، وله زاوية، وهو عريض.

عندما كانت تحصل مثل هذه الشائعات، عندما جاءتنا نسمة [تقول]: إنهم يهجمون عليكم بالسيوف. فهم يقصدون هذه [الأداة]؛ لأنه اشتهر في تلك المناطق حمل الشبيحة لها، فجاءت نسمة مخطوفة (مذعورة)، ومن المؤّكد أن نسمة هي شخص غير طائفي، ولكنك تكون نائماُ، فتصحو فجأة على حالة جمعية، فالناس ينزلون إلى الشوارع، الناس الذين تعرفهم في حارتك، يعني الكبير والصغير والذي يفهم والذي لا يفهم والواعي وغير الواعي، نزلوا، وهم يحملون العصي والسكاكين، ويقولون: إن هؤلاء هجموا عليكم. فأنت لا يوجد أمامك حل إلا أن تصدق، فنسمة هربت، ولكنها جاءت مصدقة، ثم تكتشف أنها شائعة، ولكن كم كان أثرها [قوياً] على من استيقظ صباحاً، وأحسّ بهذا الكم الكبير من الخوف، أكيد(حتماً) ستترك أثراً، وإذا لم يكن أثراً على السلوك، ولكن التخوّف نفسه، والانتباه للآخر بأنه آخر.

في بداية الثورة، أنت تخرج في الشارع، والجميع يخرجون مع بعضهم، من كان ينتبه أن هذا سني أو علوي؟ كانت الفكرة أن الشعب يريد حرية، وكل شخص من حقه أن يعيش هذه الحرية، ولكن عندما يتسبّب لك النظام بتلك الرضوض النفسية؛ فإنه يجعلك تنتبه بأن معك آخر، وهذه الخطوة كانت ستؤدي لما بعدها عندما حُمل السلاح بشكل علني.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/23

الموضوع الرئیس

التحريض الطائفي

كود الشهادة

SMI/OH/53-24/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

منتصف وأواخر عام 2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-القدممحافظة ريف دمشق-الحجر الأسودمحافظة دمشق-الصناعة (المنطقة الصناعية)محافظة دمشق-مخيم اليرموكمحافظة دمشق-التضامنمحافظة دمشق-تشرين

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

قناة العربية

قناة العربية

الشهادات المرتبطة