الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سعي النظام لزرع بذور الطائفية وتبديد الوحدة الوطنية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;11;27;24

الوضع الاجتماعي في بلدي [مدينة قطنا] والوضع السياسي أنا ألفته، وأعيش فيه، ومتأكد منه ومن حرارته، ولكن مفاجأتي الكبيرة بعد خروجي من هذا السجن الأول بجهود النظام ومساعيه الحثيثة لتخريب هذه العلاقة، واستغلال موضوع المظاهرات التي تخرج، وأنها تخرج من الجوامع؛ لإفساد العلاقة الاجتماعية مع المسيحيين ومع المساكن التي يوجد فيها أبناء الطائفة العلوية، ويوجد فيها الجهاز الأمني أيضًا. وفوجئت حين سلَّم عليَّ أصدقائي، حيث كان صديقي عمر يقول لي: سنقول لك أنَّنا لم نعايد هذه السنة في الكنيسة في عيد الفصح. فقلت له: لماذا؟ فقال: لأنَّنا حاولنا، وجمعنا بعضنا، وذهبنا لنعايد الخوري والطائفة [المسيحية] في الكنيسة كما اعتدنا في كل عيد، ووجدنا أن أسوار الكنيسة مغلقة، ووضعوا شبابًا يحملون عصيًا وأدوات للدفاع عن أنفسهم في أسوار الكنيسة كنوع من الحذر والتخويف مما يمكن أن يحصل، فلم نكن نريد أن نزيد تعقيد المشهد، وامتنعنا عن ذلك، وقلت له: من فعل ذلك؟ فقال: يبدو أنه الخوري. وكان الخبر مفاجئًا لي، ولا أتركه هكذا، وفورًا نزلت إلى الخوري، والأب فادي حداد هو خوري قطنا -رحمه الله- استُشهد، وهو صديق شخصي بالإضافة إلى أنَّه خوري الرعية، فهو صديقي الشخصي، فذهبت، وزرته في الكنيسة في مكتبه، فرحّب بي، وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث، ومن جملة ما سألته: أبونا، لماذا فعلتم ذلك في عيد الفصح؟! فقال لي: أنت تعرف يا أبا شادي أنَّ بناتنا في الكنيسة كيف يرتدين في عيد الفصح "مزلَّطين" (متبرجات)، وخفنا من شباب غرباء -والمقصود هو شباب المسلمين- أن يأتوا، ويحدثون مشاكل، وتحدث مشاكل فيما بينهم، فقلنا: من البداية سنمنع هذا الموضوع. فقلت له: أبونا، وهل المسلمون في الأسبوع الماضي جاؤوا إلى قطنا؟! والمسيحيون البارحة جاؤوا إلى البلد؟! هذه أول مرة يحدث هذا الشيء، وهل هذا أول فصح يكون المسلمون فيه؟! نحن نتكلم عن مئات السنوات، هل جرى سابقًا حادثة تبرر ذلك؟ فقال: لا، ولكنه نوع من الاحتياط. فقلت: أي احتياط يا أبونا؟! وقلت: هل أتى المسلمون وعايدوك كما جرت العادة؟ قال: لا، وافتقدت لهم. وقلت: كيف سيأتون إذا كنت قد وضعت سورًا للكنيسة، ووضعت حماية لها! فكيف سيأتون؟ ومعروف أنَّهم هم المستهدفون من هذه القضية. فقال: تعرف أنني أستطيع... فقلت له: يا أبونا، أنا لو كنت هنا سأذهب وأشتكي عليك، وأتهمك بأنَّك تقوم بأمن ذاتي، وهذا يعاقب عليه القانون، ولنفترض أنها ستقع حادثة، إذا وقعت الحادثة أليست هناك الشرطة [موجودة]، ألا يوجد جهاز أمن في البلد يستطيع إذا حصلت مشاكل أن يحل القضية؟! أنت تقوم بأمن ذاتي، وتقوم بشيء يصنع شرخًا بينك وبين المجتمع؟! [عاتبته] بكل قسوة، وأشرت له إلى مخاطر ما يفعله، وقلت: كيف كنت تقول في عيد الفطر والأضحى: لنذهب كي نعايد المسلمين في الجمعية؟! وتريد أن تضع جدرانًا بينك وبينهم! ولكثرة ما آلمته وعلا صوتي على الخوري، قال لي: من أجل الله يا أبا شادي ارحمنا، الأمن السياسي قال: اعملوا كذلك، وعملنا. وكانت [تلك] المفاجأة الثانية لي أنَّه ليس من قبيل السمعة والتهمة، نعم الأمن السياسي يعطي تعليمات وأوامر، ويرسم سيناريوهات لتبديد الوحدة الوطنية، ويضع إسفينًا بين القوى الاجتماعية، ويقوم بتخويفها من بعضها، والمثال في بلدي قطنا مثال ساطع من عشرات، بل مئات السنين، ونجاحه هنا خطير كثيرًا، وإذا كان في تلك البلد لديه هذه النسبة من النجاح، فكيف في البلدان الأخرى؟ 

وهذا المؤشّر حملته لأخبر أصدقائي وأهلي من المسلمين عن جوهره، وكان مفاجأة لهم أيضًا هذا السعي الحثيث من النظام، ونحن لازلنا في بواكير الثورة، لا زلنا في الشهر الأول من الثورة. وفي تلك اللحظة، استذكرت مع صديقي عمر واقعة حصلت قبل سنة من الثورة في عام 2010 ، وعمر صديقي من قطنا، وفي عيد المولد النبوي من عام 2010، عندما كنت ذاهبًا في بلدي (قطنا) مشوارًا لفت نظري أمام كنيسة الروم الأرثوزوكس حبال احتفالية من الأعلام والشعارات مربوطة من مدخل الكنيسة (صليب الكنيسة) إلى الجهة الأخرى من الشارع إلى البيوت بحبال، وهذه الحبال عادة توضع أمام المساجد في عيد المولد النبوي، وفيها تحية للرسول الكريم وبعض الآيات وهكذا، ولفت نظري أنه على غير العادة: لماذا يحتفل المسلمون بعيد المولد النبوي على باب الكنيسة؟! كان بالنسبة لي شيئًا غريبًا، ومسلمو بلدي (قطنا) بالذات! هذا لم يحصل سابقًا، ما الذي حصل؟ وقلت: ربما يكون خطأ، سأذهب لأرى أمام كنيسة السريان، فرأيت نفس المشهد: الأعلام من الطرف الأيمن للشارع إلى الطرف الأيسر على باب الكنيسة بمشهد لا ترتاح له، وذهبت إلى مسجد الغلاييني؛ لأرى مشاهد الاحتفال هناك، وفوجئت بأنه أمام الجامع لا توجد مظاهر احتفال أو أعلام، إذًا المسلمون ذهبوا للاحتفال بعيد المولد النبوي على أبواب الكنائس، كيف يحصل ذلك؟ ولماذا؟ بدون شك إن المشكلة الأكبر بالنسبة لي أنني أعرف مسلمي بلدي، فلماذا حصل هذا الخطأ؟ وفورًا، ذهبت إلى منزل صديقي عمر، وأنا غاضب قلت له: المسلمون لم يجدوا مكانًا يحتفلون فيه بعيد المولد النبوي غير أبواب الكنائس! هل معقول ما يحصل؟ إذا كان النظام يجتهد ليزرع الطائفية في بلدنا ومجتمعنا فهل نسهِّل له تلك العملية؟! كيف يتمّ ذلك؟ ولأنَّ عمر يعرف قال: اهدأ قليلًا، ولنذهب معًا بالسيارة. وفعلًا، ركبت إلى جانبه، وذهبنا إلى دمشق، أخذني إلى دمشق، إلى أحيائها القديمة، إلى باب سريجة وخرجنا منها إلى الميدان والسويقة، وإذا بنفس الأحبال ونفس الكلمات ونفس الترتيب أمام المساجد، فدُهِشت، وذهبنا إلى المسجد الآخر والساحة الأخرى نفسها، قال لي: الذي وضع هذه الحبال هنا هو الذي وضعها في قطنا وليس المسلمون في قطنا. وكانت بالنسبة لي دليل راحة كبيرًا، أكَّد ثقتي أنَّ بلدي ومدينتي لا يمكنها أن تفعل شيئًا من هذا القبيل، وأنَّ الأمن الذي كان يوزّع هذه الزينات على المساجد هو نفسه من قام بوضعها أمام الكنائس في قطنا. وعدت إلى أبونا فادي، وقلت له؛ إذا كان النظام بجهوده لم ينجح بوضع هذا الإسفين بيننا فنحن نعمل من أجل ذلك! لكن النظام كان مباشرة وراء الواقعتين هنا وهناك. 

الأب فادي تعرّض لعملية اختطاف من قبل جماعة النظام، حيث أخذوه؛ لأنَّه عرف من الآخرين، فقتلوه، وأخرجوه.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/22

الموضوع الرئیس

التحريض الطائفي

كود الشهادة

SMI/OH/56-24/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2010, 4-5/2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة ريف دمشق-مدينة قطنا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الأمن السياسي في قطنا

الأمن السياسي في قطنا

الشهادات المرتبطة