الاجتماعات مع المبعوثين الأمريكيين لبحث إدارة مدينة منبج
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:37:10
نحن توقعنا أن تكون هناك حرب على مدينة منبج، بين "داعش" وبين التحالف (بقيادة أميركا) بالتنسيق مع "قسد" (قوات سورية الديمقراطية)، ولكن كنا نرى أن أهلنا هناك؛ يعني هم معنيون بهذه الحرب، وسوف تدور فوق رؤوسهم، والأصوات العديدة التي بدأت تظهر من المدينة ومن أهلنا، أنه -يا أخي- أين هو صوتكم يا أهل منبج؟ ونحن فهمنا أن "قسد" و"داعش" يتقاتلون، ولكن أنتم أين صوتكم!، وهذه المدينة هي مدينتنا، ويجب أن يكون لنا صوت، وربما كان هذا هو الداعي لتشكيل الهيئة السياسية في مدينة منبج، وكان هدفنا من وراء تشكيلها هو أن تكون الصوت الناطق، وقد تشكلت في تركيا، وطبعًا هناك أشخاص أعضاء كانوا في الداخل، ولكن كنا نتكتم عليهم لأسباب أمنية، وكان عددهم تقريبًا -يعني كان عدد الهيئة العامة- حوالي 25 شخصًا، والمكتب التنفيذي كانوا 9 أشخاص، ومن جملتهم كان الأستاذ: أحمد الرحمو والأستاذ مصطفى العبد الله والدكتور إبراهيم الديبو والدكتور حسن خطاف وبيدان داما وعبد اللطيف نعسان ومنذر سلال وآخرون يعني، والدكتور عماد حنيظل، وكان عملنا إعلاميًّا بحتًا صراحة، لأن الهيئة السياسية يعني منذ أن تشكّلت كان هدفها الإعلام، والحديث في الإعلام، لأننا -نحن- لا نملك شيئًا على الأرض، وليس لنا تواصل مع أية جهة أخرى لا إقليمية ولا في الجيش الحر ولا.. أبدًا، وهذه الفصائل هي فصائل منبج، وكنا ننسق معها، ولكن هذه الفصائل لم تكن تملك شيئًا، وفصائل منبج اندمجت في التشكيلات الكبرى، ولكن عندما تشكّلت الهيئة السياسية، هذه الفصائل التي اندمجت طبعًا أعلنت تأييدها لنا.
مجلس منبج العسكري كيان اعتباري ومشكّل، ولا أحد يعترف به، يعني مثلًا الفيالق الكبرى أو التشكيلات العسكرية الكبرى، هي التي تتلقى الدعم مثلًا.
قبل تحرير المدينة، يعني ما تزال المعركة قائمةً، ونحن في بداية شهر آب/ أغسطس [2016]، التقينا مع المبعوث الأميركي -مبعوث الخارجية الأميركية آنذاك لسورية- السيد مايكل راتني، وبتاريخ 11 آب/ أغسطس [2016] التقينا في القنصلية الأميركية في غازي عينتاب، ولم نكن نعرف يعني ماذا يريد، وهو التقى معنا، وكان معي أخونا منذر السلال أعتقد، وقال لنا في البداية: بأن منبج تحررت من "داعش"، وبإمكانكم أنتم كحراك يعني وسكان منبج، أن تذهبوا الآن إلى هناك، وتكونوا مع "قسد" يدًا بيد ضمن "قسد" طبعًا، وأنا قلت له: إنه لا يوجد مشكلة وسنذهب، ولكن لدينا أيضًا شروط، ويجب أن نكون واضحين، وهو كان مستعجلًا، وكان يحضّنا ويقول: ماذا تريدون وما هي مستلزماتكم؟ ونحن مستعدون. وكانت غاية الأميركان هي شرعنة "قسد"، ويريدون أن يبينوا للرأي العام، أن هؤلاء سكان منبج وثوار منبج الآن في صفوف "قسد" فلا داعي، وأنا قلت له: إنه لا يوجد عندنا مشكلة في الذهاب، ولكن نحن لدينا 3 شروط، فقال: ما هي؟ قلت له: أولًا: تُدار المدينة بإدارة من أبناء مدينة منبج، ونرفض أي تدخل خارجي؛ يعني شخص من المجلس المحلي يكون من أبناء منبج -ولا يوجد عندنا مشكلة إذا كان كرديًّا أو تركمانيًّا أو أيًّا كان-، ولكن لا يجب أن يكون من خارج مدينة منبج -يعني يكون أصله من تركيا أو من إيران- هذا جانب، والجانب الآخر: نحن نرفض أي تغيير دستوري على منبج، يعني فيدرالية أو غيرها، هذا مرفوض، ومنبج تبقى هي منطقة تابعة لمحافظة حلب، وتابعة للدولة السورية، والجانب الثالث: أبناء منبج من الجيش الحر الذين قاتلوا "داعش" قبلكم، هؤلاء من حقهم أن يتواجدوا في مدينة منبج -بصفتهم العسكرية والمدنية-، وهنا الرجل أبدى انزعاجه الشديد، وقال لنا بالحرف الواحد (كلام حرفي دون أي تغيير) بما معناه: أنه إذا أردتم الذهاب، يجب عليكم أن تنخرطوا كليًّا في "قسد"، ولا تسألوا لماذا. وهكذا كان عرضهم يعني، وطبعًا نحن رفضنا أيضًا، وأكدت له، وقلت له: إنكم -أنتم- الآن لديكم القوة، وأخذتم البلد، وهذه البلد هي بلدنا، وأنتم اغتصبتموها مع "قسد"، ولكن نحن سنقاومكم.
كان يوجد تواصل مع الخارجية التركية، وطبعًا نحن أبلغنا الخارجية التركية، وقلنا لهم: هذا هو موقفنا. وطبعًا الخارجية التركية آنذاك -أو الحكومة التركية- لو كنا قد وافقنا على شرط مايكل راتني، لكانوا سحبوا البساط من تحت الحكومة التركية، وقالوا لهم: إن هؤلاء -هم أهالي منبج- موافقون، وأنتم ما هي حجتكم؟ وطبعًا كان موقف الخارجية التركية هو موقف ممتن، وقالوا لنا: نحن نشكركم على هذا الموقف. ولكن نحن لم نأخذ هذا الموقف من أجل الأتراك، ولا من أجل الخارجية التركية، وبصراحة هذا هو موقفنا الثابت، ولا يمكننا شرعنة الاحتلال، ولا أن نكون جنودًا عند جماعة قنديل أو غيره.
"قسد" أيضًا.. يبدو دائمًا أن سياسة الهيمنة والاحتلال تكون متشابهةً فعلًا، يعني أيضًا في الأشهر الأولى ربما كان جانب اللين، وجانب المرونة وجانب التودد للأهالي، وأصبحوا يرسلون لنا رسائل -يعني نحن النشطاء والثوار-، وتواصل مثلًا شرفان درويش، وقال لنا: عودوا إلى البلد، ولماذا خرجتم؟ وقال: إذا أردتم العمل في المجلس المحلي، فتعالوا إلى المجلس المحلي، ولكن دائمًا تحت راية "قسد" وظلها، وهم القوة، ولكنهم لا يملكون الشرعية؛ يعني كل الناس تعرفهم غرباء عن البلد، ولا يمثلون الوجه الثوري للبلد، ولا الوجه الحقيقي للبلد، وهم يملكون القوة، و"داعش" تملك القوة أيضًا، ولكنهم لا يملكون الشرعية، ولا يملكون الحق، وكانت معظم الوجوه الثورية هي خارج المدينة، فكانوا يريدون أن يحصلوا على الشرعية من خلال عودة هؤلاء الناس.
طبعًا يعني هم بعد الأشهر الثلاثة أو الأربعة، قاموا باستهداف بيوت الناشطين وأملاك الناشطين، كما قامت "داعش" بالذات، والتهمة كانت جاهزةً، وهي الانتماء إلى الجيش الحر أو عميل لتركيا، هذه هي التهم يعني.
كان هناك فوضى يعني، وخاصةً من يمسك السلاح، والمجلس العسكري له السلطة العليا، وخاصة ممن ينتمون - من غير السوريين من عناصر بي واي دي القياديين-، وهؤلاء يختارون البيت الذي يريدونه والمكان الذي يريدونه ويأخذونه، والحجة جاهزة.
أنا ذكرت أنه عندما تشكلت الهيئة السياسية، ولكن الهيئة السياسية استمرت إلى أقل من سنة، وتم حلها، بسبب أنها كانت تعمل على الجانب الإعلامي، وهي ليست حزبًا سياسيًّا، ولم تتلقَ الدعم يعني من أي طرف، ولم يعترف بها أحد، وهي عبارة عن نخوة أهل البلد كما نسميها، ونحن لسنا موجودين في الداخل يعني، ونحن كنا نتواصل مع الناس، ولكن أنت تطلب من الناس أن ينفذوا إضرابًا، أو أن يقوموا بتمرد أو ثورة شعبية داخل المدينة، ولكن يجب أن يكونوا مستندين إلى مشروع عسكري؛ يعني المظاهرات والاحتجاجات هذه تكون مقدِّمةً لمشروع ما أو لعمل ما، ولتحرير منبج، يعني لو طلبنا من الناس التظاهر والخروج في مظاهرات، ولكن هذا المشروع يحتاج إلى جيش ويحتاج إلى دعم، ونحن أين نوجد من هذا يعني، ثم إننا مدنيون؛ يعني لسنا عسكريين ولا قادة فصائل ولا قادة جيوش، ولا نمتلك أي امتياز أو نفوذ.
بعد اتفاق 4 حزيران/يونيو [2018] بين الأتراك والأميركيين، حصل لقاء بيننا وبين المبعوث الأميركي جيمس جفري، ونحن قابلناه أيضًا في القنصلية، وكان معي الأستاذ المحامي مصطفى العبد الله والأستاذ منذر سلال، وتحدث في البداية، وكان معه وفد يعني من 4 أشخاص أميركيين، وتحدث في البداية بأننا اتفقنا مع الجهة التركية على خارطة طريق، ونتمنى منكم -من أهالي منبج جميعًا- أن تتعاونوا للحفاظ على أمنكم وبلدكم، ونحن بدورنا أثنينا على هذا الطرح، وقلنا له: هذا ما نريده، وإن كنت تتحدث عن مشاكل داخل أهل منبج، فلا يوجد مشكلة، وأنا الآن لو أرى أي شخص ينتمي إلى جماعة "قسد"، وهو من أبناء بلدي، فأنا وهو سوف نذهب ونتغدى أو نتعشى سويةً، ولا يوجد عندنا مشكلة، ونحن مشكلتنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي جاء من خارج سورية من تركيا أو من إيران، حتى يحتل بلدنا، وإذا خرج هؤلاء فحتى أعضاء "قسد" المدنيون، هم أصدقاؤنا وأبناء بلدنا، ولا يوجد أية مشكلة معهم، وبالأصل يوجد بيننا إرث اجتماعي، ولا يمكننا التخلي عنه.
ثم سكت قليلًا، وقال: الآن ما الذي يزعجكم من "قسد" في منبج -من حزب الاتحاد الديمقراطي-؟ فقلنا له: هذا أولًا لا يجوز أن يأتي أعضاء في حزب، هو ليس سوري، يعني حزب "بي كي كي" -يعني الاتحاد الديمقراطي- هو تابع ل"بي كي كي"، و "بي كي كي" هو حزب تركي؛ يعني أعضاء من حزب تركي يأتون، وماذا يفعلون لدينا! وإذا كانت لديهم مشكلة مع تركيا، فليذهبوا ويصفوا مشكلتهم مع تركيا، ولماذا جاؤوا إلى بلدنا؟ ولماذا يحتلون ويروعون ويخيفون أهلنا؟ وهذا فضلًا عن سياسات التمييز العرقي، وهذه القضايا وهذه القصص، فنظر وقال بالحرف الواحد: ولكن الناس ساكتون الآن، بدلالة أن الأمر جيد لأن الناس ساكتون، فأنا صرخت فيه، وقلت له: نحن أصبح لنا 40 سنةً في ظل آل الأسد، والناس ساكتون، ولكن ليس لأنهم راضون، وفي النهاية انفجرت الناس، ثم عاد وسألنا سؤالًا، وقال: هل أنتم تستطيعون فعل شيء، أو تتخذون قرارًا دون التنسيق مع تركيا؟ فقلت له: نعم، وإذا أنا وأنت اتفقنا الآن، وإذا تكفلت بإخراج "قسد" (بي واي دي) والمسلحين منها والمدنيين، أنا الآن سأذهب معك إلى منبج دون مراجعة أحد، وقلت له: بالنسبة لموقفنا نحن نمد يدنا لكل من يساعدنا، يعني كما نتمنى أن تكون علاقتنا مع تركيا هي علاقة جيدة، أيضًا نتمنى أن تكون علاقتنا مع الولايات المتحدة علاقة جيدة، ونحن شعب نستجدي أو نطلب المساعدة، ونحن شعب منكوب، وكل من يساعدنا نحن نقف على مسافة واحدة، ولكنه لم يكن مرتاحًا في تلك الجلسة، وأنا قلت لزملائي عندما خرجنا: إنه جاء ليجس النبض، وأصلًا هو لن يكون صادقًا حتى مع الأتراك، وبالفعل اتفاقية 4 حزيران/يونيو [2018] بقيت حبرًا على ورق.
كان هناك تواصل من الأتراك، وكان يتوقع الأتراك أن يكون الأميركيون جادين في موضوع خارطة الطريق، وقالوا لنا: عليكم أنتم أهل مكة أدرى بشعابها، فجهزوا بما يتعلق بالمشاريع، التي تتعلق بالبنية التحتية والشكل الإداري، وفعلًا كانت لدينا ورشات عمل، استمرت إلى فترة شهور، يعني أنجزنا أكثر من ملف، يعني الملف القضائي وملف يتعلق بالتربية وملف بالشرطة وملف بالهيكلية الإدارية لمدينة منبج، ولكن نحن قدمنا أفكارًا ومشاريع، ولم نقدم أشخاصًا، يعني لم نختر أشخاصًا، ولكن كان همنا هو تقديم مشاريع وأفكار صحيحة، وأما موضوع الأشخاص فالأولوية قلنا لأهل الكفاءات، وأهل الكفاءات هم من جيل الشباب حصرًا، والأولوية لمن هم في الداخل، ونحن نقدم لهم هذه المشاريع وهذه الأفكار، ونقول لهم: أنتم أولى بالإدارة وتوليها.
عدد سكان منبج في آخر إحصائية عام 2004، كان حوالي 400 ألف تقريبًا ويزيد قليلًا، والآن في الحقيقة لا يوجد هناك إحصائية لأن الناس خرجت ودخلت، وأنا أقدر العدد 300 ألف تقريبًا.
على كل حال بالرغم من الواقع المأساوي الذي تمر به بلدنا سورية، وعلى الرغم من الأفق المظلم الذي أمامنا، وإن لم نربح المعركة عسكريًا، صحيح أن الثورة تعثرت، ولكن القضية حية، فالثورة السورية داخلها شيء اسمه قضية سورية، والقضية السورية حية لن تموت إن شاء الله.
معلومات الشهادة
الموضوع الرئیس
اللقاء مع مسؤوليين دوليينكود الشهادة
SMI/OH/18-15/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2016/01/01
updatedAt
2024/03/22
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-منطقة منبجشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
وزارة الخارجية التركية