تشكيل الهيئة الطبية في وادي بردى عام 2012
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:07:34:22
بعد [الهجوم] عاد الناس إلى الضيعة (القرية) بداية شهر آذار/مارس، وطبعاً أحب أن أخبرك أنَّه في شهر شباط/ فبراير رغم أنَّ الضيعة (القرية) كانت شبه فاضية (فارغة)، وغالبية العوائل نزحت منها، ولكن المظاهرات لم تتوقف ولا جمعة، حتى الجمعة التي تلت المعركة دغري (مباشرةً) خرجت منها مظاهرة صغيرة ضمت العديد من شباب البلد، وكنت مشاركًا فيها. بداية شهر مارس/ آذار بدأت الناس ترجع إلى الضيعة (القرية)، وظهر أول تشكيل نظامي للجيش الحر عندنا في القرية، والذي كان اسمه "كتيبة شهداء معركة الكرامة"، والذي سُمِّي على اسم شهداء المعركة التي حصلت قبل شهر، وهذا التشكيل كان أول تشكيل تابع للجيش الحر بشكل نظامي عندنا في القرية، وتبعه عدة تشكيلات في المنطقة، طبعًا لماذا الناس اتجهت إلى خيار السلاح؟ لأنهم وجدوا أنَّ أول محاولة لدخول المنطقة كان فيها خيانة من قبل النظام ولم يفِ بعهوده نهائيًّا، وأحسَّ الشباب أنه انتهى بيننا وبين هذا النظام لا يوجد خيار ثالث: إما الموت وإما القتل، لا يوجد أي خيار.. خلال فترة 2012 حصل العديد من العمليات الأمنية، وصار أعمال روتينية يعني النظام يضرب قذائف هاون على القرية بشكل شبه يومي، أو حتى يعني نستطيع أن نقول أصبح مداومًا، وبعدها بفترة أصبح يضرب قنابل مضيئة في وادي بسيمة تنزل القذائف الفارغة بقلب القرية، وسقط عدة شهداء من خلال القذائف ومن خلال عمليات القنص.
أول ما صارت المعركة وصار عندنا جريحان مستوى الخطورة فيهم كانت عالية نوعًا ما، إصابات في البطن وكسور في العظام وجروح مفتوحة. فكان عندنا عجز كامل عن علاجهم، والمصابان هما: محمد صوان ومحمد دالاتي، فتم إسعاف هذين الشابين إلى المستشفى الميداني الذي كان موجودًا في المنطقة الوحيدة، الذي كان هو في مدينة الزبداني، وفي هذه الأثناء بعدما وصلوا إلى الزبداني وعملوا لهم العمليات، ثاني يوم بدأت الحملة العسكرية على مدينة الزبداني، واضطروا أن يأتوا بهم بعز البرد( بشدة)، وكانت تعرفون المنطقة أنها منطقة جبلية، فكانت الطرقات الجبلية مقطوعة بشكل شبه كامل بسبب الثلج المتراكم فيها، فجاؤوا بهم حملًا ومشيًا وعلى ظهر البغال، وأنزلوهم إلى الضيعة (القرية)، ووصل محمد صوان -الله يتقبله- إلى الضيعة يعني بوضع مأساوي، وكان وضعه الصحي سيئًا جدًّا، وكثير من الأشخاص قالوا: محمد لن يعيش أبدًا في تلك الفترة. ووصل إلى البيت وصارت تتوارد أنباء وأخبار: أنَّ الأمن سيقتحم، ويريد أن يدخل ويأخذ أُسر الشهداء، ويريد أن يعتقل الجرحى. فهنا والدي قال: نأتي بمحمد ونضعه عندنا في البيت، بما أنَّ والدي موظف وليس عليه تلك العين (غير مطلوب أمنيًا)، وكنا نعتبر البيت آمن نوعًا ما حسب المنظور البسيط لأهل القرى، بما أنَّ أبي كان موظفًا في الدولة وله مكانته الاجتماعية، فمن الممكن إذا صارت مداهمات أو شيء لن يقتربوا لعندنا إلى البيت، بينما محمد منزله متطرف، وكان محمد من بداية الثورة وهو محامٍ واعتُقل عدة مرات، فكان ممكنًا أن يشكل خطرًا عليه. وأثناء وجود محمد عندنا في البيت جاء الكثير من الأطباء من أبناء المنطقة، وكان بعض الممرضين فيجتمعون عندنا في البيت وأجروا له عدة عمليات، أذكر من الأطباء الذين كانوا موجودين الدكتور: جواد أبو حطب، جاء وأجرى يعني عملية لمحمد عندنا في المنزل، وكان أيضًا الدكتور: أبو أحمد يوسف من عين الفيجة، طبيب التخدير الذي اغتالته قوات النظام في أول يوم في الحملة الأخيرة على وادي بردى (كانون الثاني/ يناير 2017). وفي هذه الأثناء أنا كنت أعيش هذا الجو وأُجبِرت أن أشارك معهم؛ بدايةً أن أحمل لهم الإضاءة، وتعرف بعد المعركة كانت الكهرباء مقطوعة، وأساعدهم في تهدئة الجرح، وبعد فترة جعلوني أقوِّي قلبي قليلًا فأساعدهم في بعض الأمور البسيطة، ومن خلال تلك المجموعة التي اجتمعت بعد المعركة تشكلت النواة الأولى للهيئة الطبية بوادي بردى، والتي كانت عبارة عن بعض الشباب المتطوعين الذين خاضوا دورات طب طوارئ وبعض الإسعافات الأولية، وسلمونا بعض حقائب الإسعافات الأولية: قساطر (أداة تستخدم لفتح الوريد وإيصال المحلول الملحي لجسم المصاب)، خيطان، وبعض العدد الجراحية البسيطة كثيرًا مع معقمات وشاش. وشكّلنا تقريبًا في بسِّيمة ونحن كنا تقريبًا 6 أو 7 شباب، شكلت هذه المجموعة "الطبية في بسيمة"، وفي فترة قليلة، بين فترة المعركة وبداية شهر آذار/مارس 2012 صار عدة اجتماعات على مستوى الأطباء في المنطقة، وبعض المهتمين في الشأن الطبي منهم صيدلي ومنهم ممرض، وتشكل الجسم الذي أُطلق عليه وقتها اسم: "الهيئة الطبية في وادي بردى". وأصبح الأمر شبه منظم، طبعًا لم يستقر الأمر في الهيئة الطبية في وادي بردى لعدة أشهر بينما صار عندنا مستشفى ميداني ونقاط طبية في القرى، وبعد فترة صار هناك المركز الصحي في عين الخضرا وصار عندنا سيارة إسعاف وبعض الأجهزة.
من التحديات الكبيرة التي شهدتها المنطقة على الصعيد الإنساني وعلى الصعيد الطبي كانت نهاية 2012 وبداية 2013، والتي شهدت المنطقة خلالها حملة نزوح كبيرة من أهالي الغوطة وأهالي حمص والذين حاولوا أن يتوجهوا إلى وادي بردى؛ بما أنه كان مستقرًّا نوعًا ما، لا يوجد سلطة أمنية للنظام، لا يوجد أجهزة أمنية، لا يوجد تواجد عسكري، وفي نفس الوقت المنطقة هادئة لا يوجد قصف مستمر -فيها بعض قذائف الهاون وفيها عمليات القنص وفيها عدة أمور- ولكن لم تكن تعيش التصعيد التي كانت تعيشه مناطق الغوطة الشرقية وأحياء حمص في تلك الفترة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/02
الموضوع الرئیس
محافظة ريف دمشقالمواجهات العسكريةكود الشهادة
SMI/OH/147-04/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نهاية 2012 بداية 2013
updatedAt
2024/03/16
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-بسيمةمحافظة ريف دمشق-وادي بردىمحافظة ريف دمشق-عين الخضراءشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الهيئة الطبية في وادي بردى
كتيبة شهداء معركة الكرامة