طبعًا لو أردنا أن نتحدث عن شيء اسمه مظاهرات، لكنت اليوم تتحدث عن شيء اسمه عرس؛ بمعنى وكأنه اليوم شخص ينتظر خطيبته الذي يوجد بينه وبينها حواجز، ولم يتخيل في يوم من الأيام أن يلتقي بها، ولكن عند الخروج في أول مظاهرة تشعر بهذا الشعور فعلًا أنك التقيت بخطيبتك اليوم، وأعتقد هو شعور عظيم جدًا، وفي نهايات شهر آذار/ مارس على مستوى القرية خرج بعض الشباب وهتفوا، حتى انقطعت الماء في اليوم الثاني وهي بالعادة لا تنقطع ولكنها انقطعت بشكل طبيعي وليس بسبب المظاهرة، لم يسمع أحد بالمظاهرة ولم يصورها أحد، فأصبح بعض الناس يقولون لقد أحضرتم لنا البلاء بسبب هذه المظاهرة فقطعوا الماء.

بعدها في شهر نيسان/ أبريل لو تكلمنا عن شيء مهم جدًا بالنسبة لي، وممكن بالنسبة لكل السوريين وهو الشهيد "زهير الضاهر" -تقبله الله- من بلدة كفر عويد من جبل الزاوية، هو كان صديقًا يدرس معي في كلية الرياضة في مدينة حماة، وأحداث درعا مشتعلة وبانياس واللاذقية وحمص، يوجد حركة ويوجد أشخاص يُقتلون ويوجد اعتقالات ويوجد آهات وصرخات نساء ويوجد بكاء للأطفال، وكل السوريين الثائرين كان يوجد شيء يحركهم من الداخل، يومها كان عندنا حصة جمباز (رياضة) فدخلنا إلى الحصة، وفجأة حصل نقاش بين أستاذ من [مدينة] الرستن وزهير الظاهر، قال الأستاذ لزهير: أنتم سبب بلاء سورية، كل شيء من القرضاوي والعرعور، فزهير انتفض ولم يتحمل وقال: أنت كيف تتكلم وتشخصن الأمور بهذه الطريقة؟ ويقول له: الناس تُقتل وتذبح ولا تأتي بسيرة القرضاوي بهذه الطريقة، فتماسكوا (للعراك) فقمنا بفكهم وقلنا يا زهير نحن في مدينة حماة، وحماة لا يوجد فيها شيء أبدًا (مظاهرات) وممكن في أي لحظة يتصل على الأمن ويسحبونك من هنا من كلية الرياضة، وفعلًا جلسنا في مكان الاستراحة، وبعدها بقليل -وهذا موقف إيجابي من أساتذة الرياضة الموجودين وهم من مدينة حماة، جاؤوا إلى زهير -تقبله الله- وحتى أحدهم ربت على كتفه وقال له: لا عليك نحن معك، وطمأن زهير  بأنه أنت اليوم تعيش في مربع أمني فالشرطة العسكرية بجانبك، وممكن الثكنات القريبة أو مدينة حماة وهي معروفة بعد 1982كيف حولها، فكان حديث يذكر أن زهير انتفض في ذلك اليوم وأما بالنسبة لاستشهاد زهير فيوجد رواية أخرى.

بعدها أنا طبعًا أذهب وأعود إلى حماة بحكم قرب المسافة 55 كيلو مترًا، قلنا: ماذا يا شباب وما هو الحل، فيجب علينا أن نخرج، ليس من الصحيح أن نبقى جالسين، يعني يكفي فقد خرجوا في درعا وبانياس واللاذقية وحمص، ومناطق متفرقة ربما من جامع عثمان في دير الزور، وفي الحي أو المدينة الفلانية في ريف دمشق، يعني يوجد حركة حتى لو لم تكن قوية، وفعلًا ركبنا الدراجات النارية ونحن 16 شخصًا ونزلنا من جبل شحشبو باتجاه سهل الغاب إلى قرية الحواش، وبدأ الناس يخرجون ويوجد أشخاص يرمون الحجارة لأنه لا يعجبهم، وهم قلة قليلة جدًا، وأكملنا باتجاه (قرية) الحويجة وكذلك خرجت دراجات نارية وكثرت المظاهرة وأصبحت مظاهرة جيدة، ودخلنا باتجاه قرية الحويز، ودخلنا إلى شيء اسمه الحرية (حي) في القسم الغربي، فخرج مختار الحرية وهو يريد أن يمنع المظاهرة فتعرض للضرب، قد لا يكون مختار الحرية ولكن هو رجل ستيني.

وأذكر أن شابًا كان يلاحقه أخوه يريد أن يلتحق بالمظاهرة، وأخوه عمرة 16 سنة تقريبًا، وهو عمرة 20 أو أكثر قليلًا بما معناه: أنه لا تذهب، وركض وأمسكه وأعاده بأنه لا تشترك بالمظاهرة، وأكملنا المظاهرة ووصلنا إلى جسر الحويز مرة ثانية وإذ أبو فادي موجود، كان يعمل في الأمن العسكري، من إحدى قرى سهل الغاب من نهر البارد أو الحيدرية أو حورات عمورين، وكان موجودًا وكان بجانبه شخصان ويشيرون ويقولون، هؤلاء هم الذين يتظاهرون ويركبون على الدراجات النارية [ويقولون:] "حرية حرية" بل كانت حرية بحق وألم، "بالروح بالدم نفديك يا بانياس" و "بالروح بالدم نفديك يا حمص" و "بالروح بالدم نفديك يا درعا" أو ممكن ولا أتذكر إذا كانت حمص على الخريطة في الهتاف، ولكن الأكيد "بالروح بالدم نفديك يا درعا" و "بالروح بالدم نفديك يا بانياس" وقف أحد الأشخاص وقال "الشعب يريد إسقاط النظام" فقلنا له: انتظر يا حبيبي ما هذا "الشعب يريد إسقاط النظام"؟ فنحن متفقون جميع السوريين على "الحرية"، وفي يومها عنصر الأمن كان ينظر، أنه أنا الذي كنت أمشي إلى هذه القرى وكنت أرعد فيها ولا أحد يستطيع أن يتكلم معي، وكنت آخذ منهم حق البنزين 50 ليرة أو 100 ليرة أو 200 ليرة واليوم لا أحد يعبرني (يكترث بي) إذن والله لهو شيء عظيم، وفعلًا استمرينا في هذه المظاهرة.

كان يوجد مظاهرة بعدها تقريبًا لأنه بحكم بعد المسافة بين الغاب الشمالي والغاب الأوسط، وصلت بعدها بقليل مظاهرة من الغاب الشمالي، إذًا هنا تم الحراك وبدأت المظاهرات بشكل فعلي.