الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

دور النظام في دفع الثورة إلى التسلح

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:02:13

بانياس أيضًا تحرَّكت سريعًا بعد درعا، وصار لنا حضور وجهد في بانياس في مرحلة من المراحل، وكان أنس الشغري -الله يرده بالخير- على تواصل معنا. وتاريخيًا كانت لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان موجودة في بانياس، وكان لنا فرع قويٌّ في بانياس: بيت البيازي وبيت الشغري كانا موجودين، فكان التواصل سهلًا، وكل أحد منا كان جزءًا من حراك مجتمعي أو حقوقي أو ضمن لجان إحياء المجتمع المدني أو الجمعيات الحقوقية، فهناك رصيد سابق لنا قبل العام 2011. وبدأت الأمور ببانياس باتجاه دعم درعا ودعم الإصلاح والتغيير، وفي ذلك الوقت شعار إسقاط النظام لم يكن قد طغى بعد، ولم يكن موجودًا في بدايات الثورة. 

أتذكرَّ جيدًا هذا الموضوع وكنا على تواصل يومي، وأخبرنا الشباب أنه قد دخل الجيش والمخابرات، وبعد كم يوم صارت هناك ترتيبات وخرجوا، وفي ساحة بانياس ترك الجيش [سيارة] زيل عسكري يوجد فيها سلاح، واتصل شباب بانياس وأذكر قالوا: لقد انسحب الجيش. قلنا: عظيم. فقالوا: ولكن نسوا [سيارة] زيل [عسكري]، فقلنا: ماذا يعني نسوا زيل؟ فقالوا: زيل كلها صناديق خشب وبداخلها سلاح تركوها. فأحاط الشباب بسيارة السلاح التي نسيها الجيش وحموها، وبقيت 16 ساعة في الساحة، واتصلوا بالمحافظ والبلدية ثم بالأمن وشعبة التجنيد، وهم يقولون سنأتي، ولم يسمح الشباب لأحد بعد 16 ساعة أن يأخذ شيئًا من صناديق السلاح.

فالسلطة تعمَّدت ذلك، فلا أحد ينسى سيارة السلاح، وصوروها الشباب وكانت جديدة تلك الأسلحة، وأعتقد أن الجيش نفسه ليس لديه هذه الأسلحة ولا يعطونها للعساكر. وهذه واحدة من الأشياء التي كانت شبيهة بالصفعات لنا أو بسطل (دلو) ماء، بأنَّ النظام ليس لديه استعدادٌ للدفع باتجاه العنف والطائفية فقط، بل لديه استعداد للتسليح أيضًا. وباكرًا كانت كل حساباتنا التي كنا نعتقد أنها دقيقة، وجدنا أن النظام ممكن أن يصل إلى أبعد [مما كنا نعتقد]، وكل ما اعتبرنا أنَّ هذا أقذر شيء ممكن أن يفعله النظام، وجدنا أنَّ النظام لديه أقذر ليفعله، وكنا نقول: إنَّ النظام يدفع باتجاه العنف والعسكرة، فوجدنا أن النظام لديه استعداد لتسهيل التسليح هو بنفسه.

وصارت هذه الأمور في أكثر من مكان، وهذا الحادث بالنسبة لي كان فاقعًا، ولكن لاحقًا صارت [نفس الحادثة] في الموحسن ودرعا بشكل فردي، وفتح النظام تهريب السلاح، وأعرف شخصًا في القابون من بيت "البلوة"، وقال لي: إنَّ كمية السلاح التي أدخلناها وبعناها في تلك الفترة أفضل من أي فترة عشناها في حياتنا بأكملها. وكان يأتي السلاح من كل مكان ومن تركيا، وبعد أن فُتِحت الأمور في ليبيا أتى وفد كشَّاف ليبي من المجاهدين ودخل إلى الشمال من تركيا، وكانوا يستكشفون المنطقة وما هي إمكانات العمل المسلح، ومنهل باريش يتذكر تلك الحادثة أكثر مني، ونحن تابعناها وراقبناها. وسريعًا انفتحت البلد على كل شيء، وسريعًا كان واضحًا أنَّ النظام ليس لديه مشكلة، بل على العكس هو كان يدفع بهذا الاتجاه، وبهذا الخصوص.

وسريعًا بدأ يظهر بشكل واضح منطق "داخل وخارج" سورية، أي الناس والمعارضة والقيادات الذين هم داخل سورية، والذين هم خارج سورية، وأصبح واضحًا بالنسبة لنا أنَّ هناك جهات حتى لو أنَّها لا تقصد ذلك على أرضية متطرفة أو دينية أو عسكرية، لكنها ترى أنَّ العسكرة هي نقطة قوتها في مواجهتنا نحن الذين في الداخل ونعتبر أن رأسمالنا هي المظاهرة التي لا تحتاج لأحد. وأذكر أننا في إحدى المرات كنا نعمل على مظاهرة في ركن الدين، وتكلفتها 2000 ليرة سورية، لافتات وميكرفون وإذاعة وإلخ، فبقيت أردح (أنتقد ذلك) حوالي ربع ساعة، وكنت أقول: لماذا ألفا ليرة؟ يخرب بيتكم كل جمعة عندنا 100 مظاهرة، أليس لدينا يافطات من المرة السابقة، وأليس هناك أحد يخطط كلمتين على كرتونة مثلًا؟ وكانت بمثابة حدث جلل [هذه التكلفة الكبيرة بالنسبة لنا]، وقالوا لي الشباب: الله لا يوفقك بهدلتنا على مبلغ 2000 ليرة، وبقينا شهرين.. ثلاثة نشعر وكأننا قد أخطأنا بالرغم من كوننا جمعناها من بعضنا البعض. فبمواجهة أنَّ الحراك السلمي المدني لا يحتاج إلى الخارج، بدأ قسم من الذين في الخارج يشعر سريعًا أنه ليس له دور وغير قادر على أن يكون له حضور ووزن في هذه الثورة طالما هي بهذا الشكل (سلمية)، ولكن إذا ذهبت الثورة باتجاه العسكرة سيكون هو العامل الأهم والأقوى. وحقيقة في الأشهر الأولى النظام كان يقوم بورشات تدريب على العنف للشباب، ولا أنسى حين كنا نذهب ونقابل الناس حين يتمّ إطلاق سراحها، وحين كنا نقابل هؤلاء الشباب أول كلمة [يقولونها]، وبصدق بقدر ما سمعتها بشكل عفوي وصادق من ناس مختلفين ولا يوجد أي صلة بينهم، وكان الواحد منهم يقول: "أنا لدي استعداد أن أموت ولا اعتُقل مرة أخرى"، وإذا تذكرون في الشهور الأولى من الثورة لم تكن الاعتقالات طويلة المدى، فكان البعض يُعتقلون أسبوعين أو شهرًا أو أيامًا ويُطلق سراحهم، ولم نكن ننتبه أنه عبر تلك الاعتقالات كان النظام يقوم بورشات تدريب مكثّفة على العنف لهؤلاء الشباب المدنيين السلميين الذين لديهم مطالب وطنية ومطالب أخلاقية ومطالب عابرة للجانب الطائفي ووو... كان النظام يجري لهم ورشات تدريبية، ويأتي بهم ويذلّهم ويهينهم بقيمهم ومعتقداتهم ودينهم، ويمارس عليهم هذا التعذيب الذي لا يكسر -كما في الأعوام 2012 و2013 حيث أصبح التعذيب باتجاه التصفية والإنهاء- بل يمارس عليهم هذا التعذيب الذي لا يقتلك ولكن يشحنك بشحنة الغضب. فكان النظام بذلك يقوم بورشات تدريب لهؤلاء الشباب، فيأتي بهم إلى المعتقلات ويعيد تأهيلهم وتدريبهم، ثم يطلقهم. ولكَثرة ما سمعت هذه الكلمة من الناس، اليوم بإمكاني القول: إنَّ هذا العمل كان عملًا ممنهجًا من قبل النظام، وليس مجرد مسألة اعتقالات عشوائية، أو كما كنا نتخيل أنه لأن هذا النظام همجيٌّ فهو يعتقل بشكل عشوائي من له علاقة ومن ليس له علاقة. [وهذا اعتقاد خاطئ]، فالنظام كان يعتمد تلك الاعتقالات كجزء من أدوات الدفع باتجاه العنف والطائفية والعسكرة، فهكذا كان يقول الشباب المطلق سراحهم، وهذه الكلمة كانت تتكرر دائمًا: "أنا عندي استعداد أن أموت ولا اعتُقل مرة أخرى".

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/11

الموضوع الرئیس

تسلح الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/90-52/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/04/18

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-محافظة درعامحافظة دير الزور-موحسنمحافظة دمشق-القابونمحافظة طرطوس-مدينة بانياس

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

لجان التنسيق المحلية في سوريا

لجان التنسيق المحلية في سوريا

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية

الشهادات المرتبطة