الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

أحداث اليوم الثاني لمجزرة بانياس في أيار 2013

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:07:45:15

في اليوم الثاني، أصبح الصوت أقوى من بانياس، أو بالأحرى أقرب علينا نحن، وكانت هناك حارة اسمها رأس النبع، وهو حي من أحياء بانياس، ولكن نحن لا نعرف ما هو الوضع، وننتظر دورنا، ومتوقعون أن يكون قريباً علينا (منّا)، وكأن التركيز كان أكثر. وكان في "البيضا"، وقالوا: يوجد شخص كان في البراري اسمه مظهر. واشتهرت قصته كثيرًا، خرج من المجزرة فجن، وصار يمشي في البراري، وبعد فترة، رأوه حين عادوا إلى "البيضا"، فقتلوه، وبقيت جثته فترة، وحين رآه أهله لم يكن قد تآكل غير جزء من يده، وجثته مازالت على ما هي عليه، وخرج جدي في اليوم التالي؛ لأنَّهم هددوه بالقتل، وقال: "لحظة لحتى أتلقَّح على تختي". وقال لهم: اقتلوني. فلم يقتلوه، خرجوا.

في اليوم التالي، بعد ما أخرج الشباب من القرية، أحرق الشبيحة المنزل، وبيته صغير، وهو عبارة عن غرفة، وفي اليوم الثاني، مثلما قلت لك: عادوا، فإذا كانت هناك مسروقات (ممتلكات) سرقوها، وإذا كانت هناك جثث عبثوا بها، وإذا [خرج] أحد في وجوههم يقتلونه، وصار هناك حرق للبيوت التي لم تحترق.

أمَّا في بانياس، في وقتها كان لسلفتي أخت تعيش في رأس النبع، وكنت على تواصل معها، وكنت [أجلس] في بيت عمي أكثر من بيت خالي؛ لأنَّني أريد أن أعرف ما يحصل، ونحن كلنا نزلنا إلى الطابق الأول، وسلايفي كلهن كن في نفس البناء؛ لأننا سمعنا الصوت أقرب علينا، وأكملنا سماع أخبار ما يحصل، وكنا منتظرين، وقرأنا القرآن كله، وارتدينا كثيراً من الملابس، وكنا خائفين في أي لحظة أن يهجموا، ويذبحوا، وكل التفكير السائد عند كل النساء: يا رب يقتلوننا جميعاً ولا يبق أحد منا، أو يقتلوننا من بعيد قبل أن يذبحونا. لأنه كان أمراً صعباً جداً عليهم. وبعضهم قال: لو أنني كنت أعرف ذلك ما كنت خلّفت أولادي. لأن الأم أصعب أمر عليها أن ترى ابنها (يُقتل). وبعضهم يقولون: يا رب، يقتلونني قبلهم لأنني لا أستطيع أن أراهم يقتلون أمامي. حتى أن بعض النساء فكرت-مع الأسف- ليتني أقتل أولادي أحسن من أن يقتلوهم فأنا أرحم بهم. بصراحة، كان الموقف مرعباً جداً، وكلما اتصلت سلفتي بأختها كانت تسمعها تصرخ، وتقول: هل من أحد ينجينا؟ وأختها أيضاً نزلت إلى قبو، وبعد ذلك بسبب الحرائق، قالت لها: أنا سأختنق لأن القبو امتلأ بالدخان، وقالت لها: "أنا أسمع أصوات: الله سورية بشار وبس". وبعد قليل سمعت: "الله سورية بشار وبس". من بيت الجيران.

وبعد ذلك عرفت أنَّ هؤلاء الجيران الوحيدون الذين نجوا من الحارة؛ لأنَّهم حين دخل الشبيحة صاروا يهتفون لبشار حتى ينجوا، بعد ذلك صرنا نشم روائح، ونرى من النوافذ، ومنهم أسلافي وأولادهم، وأنا لا أتجرأ أبداً أن أخرج خارج الغرفة، ولا أتجرأ أن أرى، وكان صعباً أن أرى من الشباك أي شيء، وحتى إذا استطعت ألا أسمع..، وكان أكثر شيء يشغلني هو أبي، وهو كان وحيداً في تلك الفترة، أمي وإخوتي سافروا إلى تركيا، وبعضهم في المعتقل، وبعضهم محاصر، وعمي كان كبيراً في السن أيضاً، خفت عليه كثيراً في تلك اللحظة. المهم كان الأولاد يأتون من الطوابق الثانية، وكانوا يبكون وهم خائفون، يقولون : "رأينا البيوت تتهدم والدخنة طالعة (الدخان يتصاعد)"، وبدأنا نشم رائحة غريبة رائحة شياطة (احتراق)، وكنا قد سمعنا بشيء اسمه كيماوي، وفكرنا أنه كيماوي، واعتقدنا أن هذه رائحته، وبعد ذلك عرفنا أن هذه رائحة جثث وأشخاص يُحرقون. وإحدى القصص التي عرفتها فيما بعد، وأنا كنت أسأل عن ابن صفي، اسمه محمد زوزو -ليتقبله الله- كان قد خطب حديثاً، كنت أسأل عنه؛ لأنَّني أعرف أنه يعيش في رأس النبع، والذي حصل أن خطيبته أصيبت، وهو ركض بعد ما استطاع أن يدخل إلى المجزرة، ركض إلى خطيبته ليطمئن عليها، فكانت مصابة في كتفها ورجلها، وكانت هناك كثير من الإصابات من هذا النوع (كتف ورجل) لكن باتجاهين متعاكسين؛ حتى يبقى الشخص ينزف حتى يموت، ولا يموت فوراً، وطبعاً، لا يوجد إسعاف، وهو حضنها، وبقيت تنازع حتى توفيت في حضنه، وبعد فترة، اعُتقل، وبقي معتقلاً 3 سنوات، واستشهد تحت التعذيب، وصديقتي إيمان رجب استشهدت في المجزرة، وأخت سلفتي بما أنها كانت في القبو فلم يعرفوا بيتهم، وخرجت بعد المغرب، وذهبت إلى حارة ثانية، ولكن قالت لها: أنا أمشي بين أشخاص تخرج أرواحهم، لم أر أحداً ميتاً بشكل نهائي، كلهم ينازعون، ويموتون. هكذا كان الأشخاص الذين شاهدتهم في ذلك اليوم.وانتهى اليوم وما زلنا عايشين (أحياء).

وفي اليوم الثالث، أتى خبر بأنَّ لديكم مهلة لمن يريد الهرب، قبل الساعة 8 صباحاً. هنا الصوت تحوَّل لصوت أشخاص يهربون، من بينهم واحدة من سلايفي (سلفتي الثانية)، أنا لدي 7 سلايف، إحداهن أخذت أولادها وذهبت، وكان زوجها معتقلاً سابقاً، وكانت خائفة للغاية أن تتكرر التجربة (تجربة الفقد) وزوجها فيما بعد اعتقل بعد المجزرة بتهمة أنَّه هو ارتكب المجزرة، واستشهد تحت التعذيب، وفي يومها ذهبت باتجاه طرطوس، قالت لي: طلعت(ركبت) في باص، وهي متوقعة أن تكون لوحدها هاربة، والباص مليء بالناس، والطريق كله عبارة عن شاحنات محملة بالناس الهاربة، حتى وصلوا إلى حاجز عند بوابة طرطوس، ضحك عليهم، و قال لهم: "ارجعوا ارجعوا .. ارجعوا ما رح نعمل لكم شيء".

هناك أشخاص لم يقبلوا أن يرجعوا، بقوا على أطراف الشارع جالسين، وهناك أشخاص رجعوا، وهي من بينهم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/13

الموضوع الرئیس

مجزرة بانياسانتهاكات النظام في بانياس

كود الشهادة

SMI/OH/57-15/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار 2013

updatedAt

2024/06/04

المنطقة الجغرافية

محافظة طرطوس-مدينة بانياس

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة